مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والعشرون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1983 إلى آخر فبراير سنة 1984) - صـ 415

(63)
جلسة 7 من يناير سنة 1984

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد وعبد الفتاح السيد بسيوني وحسن حسنين علي وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.

الطعن رقم 2819 لسنة 27 القضائية

مجلس الدولة - الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع - اختصاص.
المادة 66 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسبباً في المنازعات التي تنشأ بين الجهات العامة المشار إليها في النص ويكون لرأيها صفة الإلزام - هو البديل للاختصاص القضائي المنوط بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - حكمة ذلك - إذا كانت المنازعة ليست محض منازعة بين جهات عامة وإنما كان من بين أطرافها أحد الأفراد فإن نص المادة 66 المشار إليه لا يستبعد في هذه الحالة الاختصاص القضائي المقرر قانوناً للمحاكم - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق السادس من أغسطس سنة 1981 أودع الأستاذ فؤاد عبد المنعم نجم المحامي بصفته وكيلاً عن السيد المهندس مشهور أحمد مشهور بصفته رئيساً لمجلس إدارة هيئة قناة السويس قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2819 لسنة 27 القضائية ضد:
1 - السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
2 - السيد/ مراقب الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لمنطقة شمال القاهرة.
3 - السيد/ محمد عبد القادر حسين فريد، عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 9 من يونيه سنة 1981 في الدعوى رقم 906 لسنة 35 القضائية المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم الذي قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام الهيئة المدعية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم باختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم مع إلزامهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن قانوناً وعقبت هيئة مفوضي الدولة على الطعن بتقرير بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام رافعه بالمصروفات وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 4 من إبريل سنة 1983 ثم قررت الدائرة بجلسة 20 من يونيه 1983 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) وحددت لنظره أمامها جلسة 26 من نوفمبر سنة 1983، وفي هذه الجلسة وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 2/ 2/ 1981 أقامت هيئة قناة السويس الدعوى رقم 906 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد:
1 - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
2 - مراقب الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لمنطقة شمال القاهرة.
3 - محمد عبد القادر حسين فريد، طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والحكم أصلياً بعدم اختصاص اللجنة بنظر الطلب واحتياطياً بعدم قبول الطلب لتقديمه بعد الميعاد، ومن باب الاحتياط الكلي برفض الطلب مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات. وجاء في بيان الدعوى أنه بتاريخ 9/ 8/ 1954 التحق المطعون ضده الثالث بخدمة الشركة العالمية لقناة السويس البحرية واستمر في خدمة هيئة قناة السويس بعد التأميم حتى انتهت خدمته بالإحالة إلى المعاش في 31/ 12/ 1978 وقامت هيئة التأمينات الاجتماعية - مكتب هيئة قناة السويس التابع لمنطقة التأمينات الاجتماعية بالإسماعيلية - بربط المعاش المستحق للمذكور عن مدة خدمته على أساس متوسط أجره في السنتين الأخيرتين وقدره 146.500 مليمجـ فبلغ معاشه 99.600 مليمجـ شهرياً إلا أنه أقام الدعوى رقم 73 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً الحكم بأحقيته في إعادة تسوية معاشه على أساس مرتبه المقطوع مضافاً إليه 30% قيمة حوافز الجهود غير العادية باعتبارها حوافز إنتاج ولما تبين له أن دعواه غير مقبولة شكلاً لعدم قيامه بتقديم طلب قبل رفعها إلى منطقة التأمينات الاجتماعية المختصة بفض النزاع ودياً - قام بتقديم طلب إلى منطقة شمال القاهرة للتأمينات الاجتماعية بتاريخ 16/ 4/ 1980 متضمناً الطلبات المشار إليها وبتاريخ 7/ 1/ 1981 أخطرت هيئة قناة السويس بكتاب لجنة فحص المنازعات التابعة لمنطقة شمال القاهرة للتأمينات الاجتماعية رقم 70 المؤرخ 3/ 1/ 1981 الذي تضمن أن اللجنة المذكورة قد أصدرت قرارها الآتي:
أولاً: رفض الدفع بعدم اختصاص لجنة فحص المنازعات بمنطقة شمال القاهرة واختصاصها بنظر الطلب.
ثانياً: رفض الدفع بعدم قبول الطلب وقبوله.
ثالثاً: وفي موضوع الطلب بقبوله وأحقية مقدم الطلب في احتساب 30% من مرتبه حوافز إنتاج اعتباراً من تاريخ صدور قرار مجلس إدارة هيئة قناة السويس رقم 300 لسنة 1974...... ونعت الجهة الإدارية على هذا القرار بعدم اختصاص اللجنة التي أصدرته لأنه باطل لما اعتوره من عيب في الشكل ولمخالفته موضوعاً أحكام قانون التأمينات الاجتماعية فيما يتعلق بمدلول الأجر الذي يحسب المعاش على أساسه وبجلسة 19 من يونيه سنة 1981 أصدرت المحكمة حكمها موضوع الطعن الماثل قاضياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإلزام الهيئة المدعية المصروفات وأقامت حكمها على أن الدعوى المنظورة تعد منازعة بين هيئة قناة السويس والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية حول تطبيق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية على بعض العاملين في الهيئة الأولى وتحديد الأجر الذي يحسب على أساسه المعاش وفقاً لأحكام هذا القانون ولأن المادة 66 من قانون مجلس الدولة ناطت بالجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إبداء الرأي القانوني مسبباً في المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض ويكون رأيها ملزماً للجانبين ومن ثم تخرج المنازعة الماثلة من ولاية القضاء الإداري لتدخل في اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بالرغم من أن المنازعة أثيرت بمناسبة تسوية معاش أحد الأفراد (المدعى عليه الثالث).
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك لأسباب حاصلها أن اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع فيما يتعلق بإبداء الرأي في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها طبقاً للمادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ينحسر عند نظر الدعوى مثار الطعن التي تستهدف وقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري الصادر من لجنة فحص المنازعات التابعة لمنطقة شمال القاهرة للتأمينات الاجتماعية، فإلغاء القرارات الإدارية لا يكون إلا بارتياد طريق دعوى الإلغاء التي يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون سواه، وليست الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع من بين ما يتألف منه القسم القضائي بمجلس الدولة ولا يتبع أمامها الإجراءات التي رسمها قانون المرافعات ولا يحوز الرأي الذي تصدره في المنازعة رغم صفته الملزمة للجانبين حجية الأمر المقضى فيه إذ هو لا يرقى إلى مرتبة الأحكام على نحو ما قضت بذلك المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 17/ 1/ 1981 في الدعوى رقم 15 لسنة 1 ق - (تنازع اختصاص) ومن ناحية أخرى فإن القرار المطعون فيه وقد صدر استناداً إلى حكم المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي والقرار الوزاري رقم 360 لسنة 1976 في شأن تشكيل وإجراءات عمل لجان فحص المنازعات، وإن لم يكن قراراً صادراً من جهة إدارية ذات اختصاص قضائي مما يطعن فيه أمام محاكم مجلس الدولة طبقاً للبند (8) من المادة (10) من القانون رقم 47 لسنة 1972 المشار إليه فإنه يعتبر من القرارات الإدارية النهائية التي تندرج في اختصاص هذه المحاكم عملاً بالبند (5) من المادة 10 سالفة البيان، وليس للجمعية العمومية أي اختصاص في هذا الشأن كما أن القول بغير ذلك يتعارض مع نص المادة 68 من الدستور التي تحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة الطاعنة قد أقامت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه ضد كل من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية ومراقب الهيئة العامة المذكورة لمنطقة شمال القاهرة ومحمد عبد القادر حسين فريد الذي كان يعمل بالهيئة الطاعنة ثم أحيل إلى المعاش. وقد استهدفت الدعوى وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من لجنة فحص المنازعات في شأن تسوية معاش المذكور لما انطوى عليه من عيوب في الاختصاص والشكل والموضوع على الوجه المبين في صحيفة الدعوى واستناداً إلى أحكام المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 والقرار الوزاري رقم 360 لسنة 1976 في شأن تشكيل وإجراءات عمل لجان فحص المنازعات.
ومن حيث إن المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه تختص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بإبداء الرأي مسبباً في المسائل والموضوعات الآتية: ( أ )....... (ب)....... (جـ)....... (د) المنازعات التي تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض. ويكون رأي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في هذه المنازعات ملزماً للجانبين.
ومؤدى هذا النص أن يكون اختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في شأن منازعات الجهات العامة المشار إليها فيما بينها هو البديل للاختصاص القضائي المنوط بالمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها حيث اقتضت اعتبارات التنظيم الإداري للدولة والمصلحة العامة النأي بهذه المنازعات عن اختصاص القضاء لتحسم بالرأي الذي تصدره الجمعية العمومية فيها ويكون له صفة الإلزام، فإذا كانت المنازعة ليست محض منازعة بين جهات عامة وإنما كان من بين أطرافها أحد الأفراد فإن نص المادة 66 المشار إليه لا يستبعد في هذه الحالة الاختصاص القضائي المقرر قانوناً للمحاكم بنظر تلك المنازعة.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم لما كانت الدعوى مثار الطعن مقامة من هيئة قناة السويس ضد الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والمواطن محمد عبد القادر حسين فريد الذي صدر لصالحه القرار المطعون فيه فإن هذه المنازعة لا تعد من قبيل المنازعات المقصودة بنص المادة 66 من قانون مجلس الدولة ويظل للقضاء المختص ولايته في نظرها والفصل فيها.
ومن حيث إن القرار محل الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد صدر من اللجنة المشكلة بناء على قرار وزيرة التأمينات رقم 360 لسنة 1976 في شأن تشكيل وإجراءات عمل لجان فحص المنازعات استناداً إلى أحكام القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي الذي نص في الفقرة الأخيرة من المادة 128 على أن لكل من الهيئة المختصة وصاحب العمل الطعن في قرار اللجنة أمام المحكمة المختصة خلال الثلاثين يوماً التالية لصدوره وإلا صار الحساب نهائياً كما نص في المادة 157 على أن تنشأ بالهيئة المختصة لجان لفحص المنازعات الناشئة عند تطبيق أحكام هذا القانون ويصدر بتشكيلها وإجراءات عملها ومكافآت أعضائها قرار من الوزير المختص وعلى أصحاب الأعمال المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين وغيرهم قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع على اللجان المشار إليها لتسويته بالطرق الودية. ومع عدم الإخلال بأحكام المادة 128 لا يجوز رفع الدعوى قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب المشار إليه. ويبين من استقراء نصوص القرار الوزاري رقم 360 لسنة 1976 المشار إليه وتعديلاته أنه أضفى السمة الإدارية على تشكيل لجان فحص المنازعات فجعلها ثلاثية التشكيل برئاسة مدير الشئون القانونية وعضوية كل من...... مراقب عام الجهاز الفني المختص أو مدير البحوث ورئيس الجهاز المختص بالموضوع محل المنازعة فإذا كانت المنازعة ناشئة بسبب رفض طلب صرف تعويض البطالة أو وقف صرف هذا التعويض قبل انتهاء فترة الاستحقاق يضم لعضوية اللجنة مندوب عن كل من منطقة العمل المختصة والنقابة العامة التي ينتمي إليها المؤمن عليه صاحب موضوع النزاع مادة (1) وطبقاً للمادة (7) من هذا القرار تعتمد قرارات هذه اللجان من مدير عام الهيئة العامة للتأمين والمعاشات أو من يفوضه أو من مدير المنطقة المختص بحسب الأحوال وقد أجازت المادة (9) الطعن في قرارات اللجنة أمام المحكمة المختصة خلال الثلاثين يوماً التالية لصدور القرار وإلا أصبح الحساب نهائياً.
ومن حيث إنه وقد صدر القرار المطعون فيه بناء على أحكام هذه النصوص فإنه يندرج في عموم نص البند خامساً من المادة (10) من قانون مجلس الدولة التي ناطت بمحاكم مجلس الدولة دون غيرها الفصل في الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية ولا يمنع هذه المحاكم من مباشرة اختصاصها بنظر الطعن المقام بإلغاء هذا القرار نص المادة 66 من هذا القانون لما تقدم من أسباب.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد أخذ بنظر مغاير لما تقدم فإنه يكون قد جنح عن الصواب في تطبيق القانون وتأويله ويتعين من ثم القضاء إلغائه وباختصاص محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها وإبقاء الفصل في المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها وأبقت الفصل في المصروفات.