أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 287

جلسة 2 مارس سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد ضياء عبد الرازق عيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين:، سعد حسين بدر، الدكتور علي فاضل حسن نائبي رئيس المحكمة، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

(63)
الطعن رقم 1287 لسنة 50 القضائية

(1، 2، 3) عمل "العاملون بشركات القطاع العام" "إدارات قانونية""ترقية": "سلطة جهة العمل". التزام "التزام بعمل".
1 - تحديد الاشتراطات اللازمة لشغل إحدى وظائف الإدارة القانونية قبل 6/ 8/ 1977. مناطه. ما ورد في شأنها بجدول توصيف الوظائف، نفاذاً للمادتين 1، 2 من القانون 61 لسنة 1971، دون اشتراطات شغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المنصوص عليها بالقانون 47 لسنة 1973. علة ذلك.
2 - ترقية العاملين بشركات القطاع العام إلى المستويين الأول والثاني. أساسها الاختيار بحسب الكفاءة. اختصاص جهة العمل بوضع ضوابط ومعايير الترقية. م 8 ق 61 لسنة 1971. سلطة جهة العمل في تقدير كفاية العامل لا يحدها إلا عيب إساءة استعمال السلطة.
3 - حكم القاضي، قيامه مقام التنفيذ العيني في الالتزام بعمل. شرطه.
(4) نقض "السبب المفتقر للدليل"
التزام الطاعن بتقديم الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن في المواعيد المحددة قانوناً.
1 - لما كانت حركة الترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا بالفئة الثانية بالشركة الطاعنة صدرت بتاريخ 31/ 12/ 1976 وكان قرار وزير العدل رقم 1785 لسنة 1977 بقواعد وإجراءات إعداد واعتماد الهياكل الوظيفية وجداول توصيف الوظائف الخاصة بالإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها لم يعمل به إلا من تاريخ نشره الحاصل في 6/ 8/ 1977 فإن مؤدى ذلك أن المناط في تحديد الاشتراطات اللازمة لشغل هذه الوظيفة يكون بما ورد في شأنها بجدول توصيف الوظائف المعمول به وقت إجراء حركة الترقية نفاذاً لنص المادتين الأولى والثانية من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 دون تلك الواردة في شأن اشتراطات شغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه.
2 - مفاد المادة الثامنة من القانون رقم 61 لسنة 1971 - الواجب التطبيق على واقعة الترقية موضوع الدعوى - أن المشرع وإن جعل الترقية إلى وظائف المستويين الأول والثاني من الملاءمات التي تترخص جهة العمل بالاختيار فيها على أساس الكفاية، إلا أنه لم يجعل حقها في هذا الشأن طليقاً تمارسه كيف تشاء، وإنما حدده بالضوابط والمعايير التي يضعها مجلس الإدارة ويراها لازمة للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية بالإضافة إلى تقرير كفاية العامل واجتيازه بنجاح برامج التدريب التي تتيحها الوحدة الاقتصادية باعتبارهما عنصرين أساسيين في الاختيار، فإذا خرج قرار جهة العمل عن هذه الحدود في الاختيار، أو تنكبت به وجه المصلحة العامة التي يجب أن تتغياها إلى باعث آخر لا يمت لها بصلة كان قرارها معيباً بإساءة استعمال السلطة وتخضع في ذلك لرقابة القضاء.
3 - من المقرر أنه في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني متى سمحت بهذا طبيعة الالتزام.
4 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض، أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 36 لسنة 1977 عمال كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة طالبة الحكم بأحقيتها في الترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا في الفئة الثانية وإلزامها أن تدفع لها 1000 جنيهاً تعويضاً عن الأضرار التي أصابتها من جراء تخطيها في الترقية، وقالت بياناً لدعواها أنها من العاملين لدى الطاعنة في وظيفة مدير إدارة القضايا والفتاوى بالفئة الثالثة، وإذ قامت الأخيرة بتعديل فئة هذه الوظيفة بجعلها من وظائف الفئة الثانية ثم أصدرت في تاريخ 31/ 12/ 1976 قرار بترقية زميل لها إلى هذه الوظيفة بفئتها المعدلة وحرمتها دون وجه حق من الترقية إليها رغم إنها تفوقه في الخبرة والكفاية وتسبقه في التخرج وأقدمية شغل الفئة الثالثة، فقد أقامت الدعوى بالطلبات أنفة البيان، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 17/ 4/ 1979 بأحقية المطعون ضدها في الترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا من الفئة الثانية اعتباراً من 31/ 12/ 1976 وألزمت الطاعنة أن تدفع لها مبلغ 24 جنيهاً وما يستجد بواقع جنيه واحداً شهرياً اعتباراً من 1/ 1/ 1979 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 825 لسنة 96 ق، وبتاريخ 26/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيه التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب حاصل النعي بالأسباب الأول والثاني والثالث والسادس منها أن المادة الثامنة من القانون رقم 61 لسنة 1971 لا تجيز الترقية إلا لوظيفة خالية بالهيكل التنظيمي للشركة، وقد باتت وظيفة مدير إدارة القضايا مشغولة بترقية المقارن به إليها بما لا يخول القضاء التدخل في اختصاص جهة الإدارة للحكم بأحقية المطعون ضدها في الترقية إلى هذه الوظيفة، كما أن شغل المقارن به الوظيفة كان يقتضي - وبافتراض ثبوت انحرافها بالسلطة - الاقتصار على الحكم للمطعون ضدها بالتعويض لاستحالة التنفيذ العيني علاوة على أن مطالبة الأخير بهذه الوظيفة - وهي تقابل وظيفة مدير إدارة قانونية الوارد بنص المادة 13 من القانون رقم 47 لسنة 1973 والواجبة التطبيق على واقعة الدعوى - يستلزم وفقاً لهذا النص القيد أمام محكمة النقض لمدة سنتين أو القيد أمام محاكم الاستئناف وانقضاء أربع عشرة سنة على الإشغال بالمحاماة وهو ما لم يتوافر في جانب المطعون ضدها طبقاً لشهادة نقابة المحامين التي قدمتها للتدليل على استيفاء المذكورة لمدة الاشتغال بالمحاماة وتفوق المقارن بها عنها في هذا الخصوص، ومع أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف إلى أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه، مما يعيبه - فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - بالقصور والتسبيب، وحاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن مجلس إدارة الشركة اتخذ قرار الترقية بالتصويت وأن مفاد ذلك أن المفاضلة بين المطعون ضدها والمقارن به تمت على أساس عدد الأصوات دون مراعاة إبداء أسباب المفاضلة أو أن التصويت كان مستنداً إلى مصلحة العمل وأن الإجراء جاء على غير مقتضى القانون ويعد انحرافاً بالسلطة، في حين أن قرار الترقية الذي اتخذه المجلس بالتصويت كان مرجعه مصلحة العمل ولم يكن المجلس في حاجة إلى إثبات عناصر الاختيار والمفاضلة وإيراد أسبابها في محضر جلسته لكثرة هذه العناصر وتعددها، مما يجعل الحكم معيباً كذلك بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود، ذلك أنه لما كانت الطاعنة قد أصدرت حركة الترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا بالفئة الثانية بتاريخ 31/ 12/ 1976، وكان قرار وزير العدل رقم 1785 لسنة 1977 بقواعد وإجراءات إعداد واعتماد الهياكل الوظيفية وجداول توصيف الوظائف الخاصة بالإدارات القانونية الخاضعة للقانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها لم يعمل به إلا من تاريخ نشره الحاصل في 6/ 8/ 1977، فإن مؤدى ذلك أن المناط في تحديد الاشتراطات اللازمة لشغل هذه الوظيفة يكون بما ورد في شأنها بجدول توصيف الوظائف المعمول به وقت إجراء حركة الترقية نفاذاً لنص المادتين الأولى والثانية من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 دون تلك الواردة في شأن اشتراطات شغل الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 47 لسنة 1973 المشار إليه، لما كان ذلك، وكانت المادة الثامنة من القانون رقم 61 لسنة 1971 - الواجب التطبيق على واقعة الترقية موضوع الدعوى - تنص على أنه "لا تجوز الترقية إلا لوظيفة خالية بالهيكل التنظيمي للمؤسسة أو الوحدة الاقتصادية وفي الوظيفة الأعلى مباشرة وبشرط أن يكون المرشح للترقية مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة، وتكون الترقية إلى وظائف المستوى الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاية. ويشترط في الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلاً على تقدير جيد على الأقل في التقرير الدوري عن السنتين الأخيرتين على أن تكون درجة التقرير واجتيازه بنجاح برامج التدريب التي تتيحها الوحدة الاقتصادية عنصران أساسيان في الاختيار. ويضع مجلس الإدارة الضوابط والمعايير اللازمة للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية" مما مفاده أن المشرع وإن جعل الترقية إلى وظائف المستويين الأول والثاني من الملاءمات التي تترخص جهة العمل بالاختيار فيها على أساس الكفاية إلا أنه لم يجعل حقها في هذا الشأن طليقاً تمارسه كيف تشاء وإنما حدده بالضوابط والمعايير التي يضعها مجلس الإدارة ويراها لازمة للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية بالإضافة إلى درجة تقرير كفاية العامل واجتيازه بنجاح برامج التدريب التي تتيحها الوحدة الاقتصادية باعتبارهما عنصرين أساسيين في الاختيار، فإذا خرج قرار جهة العمل عن هذه الحدود في الاختيار أو تنكبت به وجه المصلحة العامة التي يجب أن تتغياها إلى باعث آخر لا يمت لها بصلة كان قرارها معيباً بإساءة استعمال السلطة وتخضع في ذلك لرقابة القضاء، لما كان ما تقدم، وكان الثابت بمدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون في أنه عّول على ما جاء بتقرير الخبير من أن الطاعنة لم تضع ضوابط ومعايير للترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا بالفئة الثانية، وإن شروط شغل هذه الوظيفة هي الحصول على ليسانس الحقوق وخبرة لا تقل عن إحدى عشرة سنة في مجال العمل القانوني وإن المطعون ضدها كانت تشغل هذه الوظيفة قبل إعادة تقييمها ورفع فئتها إلى الثانية بينما كان المقارن به يشغل وظيفة مدير الأمن وأنهما حصلا على تقارير كفاية عن عامي 1975 و1976 بمرتبة جيد وفاقته في درجة التقرير عن السنة الأخيرة وفي مدة العمل القانوني إذ تبلغ 21 يوم، 11 شهر، 17 سنة في حين تبلغ مدته في ذات العمل 9 يوم، 10 شهر، 14 سنة، كما تسبقه في تاريخ الحصول على المؤهل، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله أن "الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة الشركة المستأنفة لم يضع الضوابط اللازمة للترقية في هذا المجال بالنسبة لحركة الترقية التي أجرتها.... في 31/ 12/ 1976 بما يتعين معه إعمال سبيل المفاضلة بين المستأنف ضدها والمقارن به والتي تفضل عليه حسب الثابت من تقرير الخبير والأوراق في مدة الخدمة والخبرة وتقارير الكفاية ما دام أن الشركة المستأنفة لم تقدم ما يدل على أن صالح العمل والمصلحة العامة اقتضت تخطي المستأنف ضدها في الترقية وترقية من تتقدمه في هذه المدة" وقوله أن "الشركة المستأنفة قد رشحت المستأنف ضدها مع المقارن به لهذه الوظيفة وكان البادي في الأوراق أن القرار قد اتخذ بالتصويت عليه بما مفاده أن المفاضلة بين الاثنين كانت على أساس عدد الأصوات المؤيدة دون أن يراعى في ذلك إبداء الأسباب لهذه المفاضلة أو أن التصويت كان مستنداً إلى مصلحة العمل والصالح العام فإن مثل هذا الأمر وعلى غير مقتضى القانون يكون نوعاً من الانحراف بالسلطة نحو ترجيح شخص على آخر دون إبراز ذلك" وكان الذي أورده الحكم صحيحاً في القانون كافياً لحمل قضائه ويسوغ النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور والفساد في الاستدلال يكون في غير محله، ولا يغير من ذلك تحدي الطاعنة بأن شغل المقارن به للوظيفة المطالب بها كان يقتضي الاقتصار على الحكم للمطعون ضدها بالتعويض لاستحالة التنفيذ العيني ذلك لأنه في الالتزام بعمل يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني متى سمحت بهذا طبيعة الالتزام.
وحيث إن حاصل النعي على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع التفاته عن الدفاع الذي أبدته الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بشأن تقرير الخبير إذ تمسكت بخطئه في حساب مدة الخبرة اللازمة للترقية إلى وظيفة مدير إدارة القضايا بالفئة الثانية بأن أورى أنها إحدى عشرة سنة طبقاً لجدول توصيف وظائف الشركة، في حين أنها أربع عشرة سنة طبقاً لهذا الجدول، كما خلط الحكم بين مدة الخدمة ومدة الخبرة لأن خدمة المطعون ضدها وإن جاوزت الأربع عشرة سنة إلا أن خبرتها في العمل القانوني تقل عن هذه المدة، مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض، أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون وكانت الطاعنة لم تقدم رفق طعنها صورة رسمية من تقرير الخبير حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.