مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والثلاثون (من أول أكتوبر سنة 1980 إلى آخر سبتمبر سنة 1981) - صـ 50

(فتوى رقم 247 بتاريخ 19/ 3/ 1981 ملف رقم 86/ 6/ 254)
(37)
جلسة 24 من ديسمبر سنة 1980

تعويض - قانون - سريانه.
قاعدة الأثر الفوري أو المباشر للقانون الجديد وعدم رجعيته - أثر ذلك.
إن القانون الواجب التطبيق في شأن التعويض عن إصابات العمل هو القانون المعمول به وقت ثبوت العجز المتخلف عن الإصابة - أساس ذلك - أثره - تطبيق.
إن المشرع قد قرر حق العامل في التعويض عن إصابات العمل, لا يرتب الحق في التعويض على مجرد وقوع الإصابة وإنما يجعله رهيناً بتخلف عجز عنها, وهو يغاير في مقدار التعويض بحسب نسبة العجز وآثاره ومن ثم فالواقعة القانونية التي يعتد بها مناطاً لاستحقاق التعويض هي ثبوت العجز المتخلف عن إصابة عمل، أما الإصابة ذاتها فلا تعدو في منطق تلك النصوص أن تكون واقعة مادية لا يرتب المشرع أثراً على مجرد حدوثها, وإنما يرتب هذا الأثر على تكامل الواقعة المنشئة للالتزام التي يلزم لقيامها توافر عنصري الإصابة والعجز معاً.
وينطوي هذا النظر, على تطبيق سليم لفكرة تنازع القوانين من حيث الزمان التي تقوم على قاعدة الأثر الفوري أو المباشر للقانون الجديد وعدم رجعيته بما يمس حقوقاً ومراكز نشأت واكتملت في ظل قانون سابق، فيحكم كل قانون الوقائع أو المراكز القانونية التي اكتملت في ظله, ولا يجوز أن تمتد أحكام قانون قديم لتحكم وقائع ومراكز اكتملت في ظل العمل بقانون لاحق كما لا يجوز, إذا ما صدر قانون جديد أن يرجع أثره إلى الماضي ليحكم مراكز أنتجت آثارها وفقاً لأحكام قانون قديم, وترتيباً على ذلك فإن المركز القانوني الذاتي وهو نشوء الحق في التعويض لا يتحقق إلا إذا اكتملت الواقعة القانونية الشرطية التي نص عليها المشرع وجعل منها مناطاً لتوافر هذا المركز بعنصريها وقوع الإصابة وتخلف عجز عنها, كما يتفق هذا المنحى وطبائع الأشياء, فالإصابة قد ينجم عنها عجز حالة وقوعها مباشرة فتتعاصر الإصابة والعجز في وقت الحدوث، وقد لا يتحقق هذا التعاصر فيتراخى ظهور العجز فترة من الزمن, وأحكام القانون تشمل الحالتين معاً وبالتالي لا يسوغ إغفال العنصر الزمني وما قد يطرأ فيه على الأحكام القانونية السارية من تغيير, والقول بأن الواقعة التي يعتد بها هي الإصابة بحيث يرد العجز الناشئ عنها إلى وقت حدوثها خلافاً لمنطق النصوص التي تجعل الواقعة القانونية التي ترتب الحق في التعويض هي الإصابة التي ينجم عنها عجز معين سواء حدث هذا العجز وقت حدوث الإصابة أم حدث بعد ذلك بسببها.