أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 25 - صـ 520

جلسة 18 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار محمود العمراوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد، وعبد العليم الدهشان، ومصطفى سليم، ومحمد صالح أبو راس.

(84)
الطعن رقم 67 لسنة 39 القضائية

(1) و(2) نقض. "أثر نقض الحكم". إيجار "إيجار الأماكن".
(1) النقض الكلي. ماهيته. مثال بشأن إيجار الأماكن.
(2) نقض الحكم كلياً. أثره. عودة الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض. وإلغاء الأحكام اللاحقة المؤسسة عليه ولو لم يشر إليها أثناء نظر الطعن.
(3)، (4) إيجار. "إيجار الأماكن". صلح. نظام عام. عقد "عيوب الرضا". الإكراه". حكم. "تسبيب الحكم".
(3) الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة المقررة بالقانون رقم 121 لسنة 1947 بطلانه بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام سواء ورد في العقد أو أثناء سريانه.
(4) الحكم ببطلان الاتفاق على زيادة الأجرة لمخالفته للنظام العام. لا محل لمناقشة وجود أو عدم وجود إكراه يشوب هذا الاتفاق. تحدث الحكم عن وجود إكراه. تزيد يستقيم بدونه.
1 - إذ كان يبين من حكم النقض رقم 173 لسنة 28 ق أنه قضى بنقض الحكم رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة وإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تأييد أمر الأداء - وإلغاء هذا الأمر وبعدم اختصاص قاضي محكمة الجيزة الجزئية بإصداره تأسيساً على أن المنازعة القائمة بين الطرفين على مشروعية الزيادة في الأجرة التي تضمنها عقد الصلح المؤرخ 12/ 1/ 1956 تعتبر منازعة إيجارية ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 وتستلزم تطبيق نصوصه، مما يدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 15 من ذلك القانون، فإن هذا النقض يكون نقضاً كلياً إذ ألغى الحكم كله.
2 - يترتب على نقض الحكم نقضاً كلياً أن تعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، كما يترتب عليه إلغاء الأحكام اللاحقة التي كان ذلك الحكم أساساً لها، ويقع هذا الإلغاء بحكم القانون وبغير حاجة إلى حكم آخر يقضي به حتى ولو كان لم يشر إلى الأحكام اللاحقة أثناء نظر الطعن.
3 - المستفاد من نصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة المقررة بهذا القانون يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام ويستوي أن يكون الاتفاق على هذا الزيادة قد ورد في عقد الإيجار أو أثناء سريانه وانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى - في صحيح القانون - إلى بطلان الاتفاق على زيادة الأجرة لمخالفته للنظام العام، فلا يكون هناك ثمة محل لمناقشة وجود أو عدم وجود إكراه يشوب هذا الاتفاق، وما قاله الحكم من وجود هذا الإكراه لا يعدو أن يكون من قبيل التزيد الذي يقوم الحكم بدونه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بمقتضى عقد مؤرخ 11/ 10/ 1942 استأجر مورث المطعون ضدهم من مورث الطاعنين الدور الأول الأرضي والبدروم بالمنزل رقم 9 بشارع قاسم بالدقي بأجرة شهرية مقدارها 17 جنيه، وقد أقام الطاعنون الدعوى رقم 438 سنة 1955 مدني إيجارات الجيزة على مورث المطعون ضدهم بطلب إخلاء العين المؤجرة للهدم وإعادة البناء بشكل أوسع، وقد انتهت هذه الدعوى بصلح أثبتته المحكمة في محضر الجلسة التزم مورث المطعون ضدهم بمقتضاه برفع الأجرة إلى 30 جنيهاً شهرياً مقابل تنازل الطاعنين عن طلب الإخلاء والاكتفاء بإقامة طابقين على العقار القائم، وإذ امتنع المطعون ضدهم عن دفع الزيادة التي أضيفت إلى الأجرة الأصلية بمقتضى عقد الصلح المذكور، فقد استصدر الطاعنون ضدهم أمر أداء بالفرق وتظلم المطعون ضدهم من هذا الأمر بالدعوى رقم 242 لسنة 1957 مدني بند الجيزة وقضى برفض هذا التظلم وتأييد أمر الأداء فاستأنفوا هذا الحكم بالاستئناف رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة وقضى برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وطعن المطعون ضدهم بطريق النقض، وقيد طعنهم رقم 173 لسنة 28 ق - وبتاريخ 14/ 3/ 1963 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وقضت في الاستئناف رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تأييد أمر الأداء وإلغاء هذا الأمر وبعدم اختصاص قاضي محكمة الجيزة الجزئية بإصداره وكان مورث المطعون ضدهم قد أقام الدعوى رقم 1207 لسنة 1958 مدني كلي الجيزة على الطاعنين بطلب الحكم ببطلان زيادة الأجرة وجعلها 17 جنيهاً شهرياً وبتاريخ 18/ 2/ 1960 قضت المحكمة برفض هذه الدعوى تأسيساً على أن الحكم رقم 279 لسنة 1957 مستأنف الجيزة قد بحث عقد الصلح الذي رفع الأجرة إلى 30 جنيه شهرياً وقضى بصحته وحاز قوة الأمر المقضي مما لا تجوز معه إقامة دعوى بتخفيض هذه الأجرة على خلافه - وبعد ذلك أقام الطاعنون الدعوى رقم 104 لسنة 1965 إيجارات الجيزة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة للتأخير في دفع الأجرة المنصوص عليها في عقد الصلح وبتاريخ 27/ 12/ 1965 قضت المحكمة لهم بطلباتهم تأسيساً على أنه قضى نهائياً في الدعوى رقم 1207 لسنة 1958 كلي القاهرة برفض دعوى بطلان زيادة الأجرة وأن هذا الحكم قد حسم النزاع القائم بين الطرفين على تحديد الأجرة وأنه يمتنع معه على المطعون ضدهم العودة إلى المنازعة في قيمتها من جديد واستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 269 لسنة 83 ق وبتاريخ 29/ 12/ 1968 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من ثلاثة أوجه وفي بيان الوجه الأول يقول الطاعنون أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن حكم النقض رقم 173 لسنة 38 ق قضى بنقض الحكم رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة - وإلغاء أمر الأداء وأنه يترتب على نقض هذا الحكم نقض الحكم رقم 1207 لسنة 1958 مدني كلي الجيزة المؤسس عليه عملاً بالمادة 26 من القانون رقم 57 لسنة 1959 ويرى الطاعنون أن هذا الذي استند إليه الحكم المطعون فيه ينطوي عليه مخالفة للقانون لأن النقض جزئياً لا يتسع لما رتبه الحكم المطعون فيه عليه من آثار وإنما يقتصر أثره على ما تناوله سبب الطعن المقبول وهو القضاء بعدم اختصاص القاضي الجزئي بإصدار أمر الأداء بالمبالغ التي كانت مثار نزاع في الدعوى ولا يتناول الحكم رقم 1207 لسنة 1958 - مدني كلي الجيزة الذي قضى برفض طلب بطلان الزيادة في الأجرة وحاز قوة الأمر المقضي كما أنه لا توجد أي رابطة بين هذا الحكم وبين الحكم المنقوض رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة وعلى ذلك فإنه ما كان للحكم المطعون فيه أن يعود إلى بحث ماهية الصلح الذي رفع الأجرة حتى بدعوى مخالفته للنظام العام لأن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام وفي بيان الوجه الثاني يقول الطاعنون أن الحكم أخطأ إذ أقام قضاءه على أن تحديد القانون رقم 121 لسنة 1947 للأجرة يعتبر من مسائل النظام العام التي لا يجوز الاتفاق على ما يخالفها سواء كان ذلك وقت العقد أو أثناء سريان ذلك أن الأمر المتعلق بالنظام العام والذي لا يجوز، وفقاً للمادة الرابعة من هذا القانون الاتفاق على مخالفته هو الاتفاق على زيادة الأجرة في عقد الإيجار أما الاتفاق اللاحق فهو أمر جائز وإذ كان عقد الصلح الذي زيدت الأجرة بمقتضاه قد تم بعد العقد وتضمن نزول كل طرف عن جزء من ادعائه فإنه يكون صحيحاً ولا مخالفة فيه للنظام العام. وأضاف الطاعنون في الوجه الثالث أن الحكم حاول النيل من عقد الصلح فذهب إلى القول بوجود إكراه يعيب إرادة مورث المطعون ضدهم إلا أن ما ساقه في هذا الصدد لا يكفي لحمل قضائه إذا لم يفصح الحكم عن نوع الإكراه الذي وقع على المورث.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بأنه يبين من الحكم رقم 1207 لسنة 1958 مدني كلي الجيزة أنه أسس قضاءه برفض دعوى بطلان الزيادة في الأجرة على أن عقد الصلح المؤرخ 12/ 1/ 1956 والذي زيدت الأجرة بمقتضاه قد قضى بصحته في الدعوى رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة وإذ يبين من حكم النقض رقم 173 لسنة 28 ق أنه قضى بنقض الحكم رقم 279 لسنة 1957 مدني مستأنف الجيزة وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تأييد أمر الأداء وإلغاء هذا الأمر وبعدم اختصاص قاضي محكمة الجيزة الجزئية بإصداره تأسيساً على أن المنازعة القائمة بين الطرفين على مشروعية الزيادة في الأجرة التي تضمنها عقد الصلح المؤرخ 12/ 1/ 1956 تعتبر منازعة إيجارية ناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 وتستلزم تطبيق نصوصه مما يدخل في اختصاص المحكمة الابتدائية عملاً بالمادة 15 من ذلك القانون، مما مفاده أن النقض كان كلياً إذا ألغى الحكم كله ويترتب على هذا النقض أن تعود الخصومة ويعود الخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدارها لحكم المنقوض كما يترتب عليه إلغاء الأحكام اللاحقة التي كان ذلك الحكم أساساً لها ويقع هذا الإلغاء بحكم القانون وبغير حاجة إلى حكم آخر يقضي به حتى ولو كان لم يشر إلى الأحكام اللاحقة أثناء نظر الطعن. لما كان ذلك فإن الخلاف القائم بين الطرفين على مشروعية الزيادة في الأجرة التي وردت بعقد الصلح المؤرخ 12/ 1/ 1956 لا يكون قد حسم قبل رفع الدعوى الحالية بطلب إخلاء المطعون ضدهم من العين المؤجرة للتأخير في دفع تلك الزيادة في الأجرة ويكون لهم أن ينازعوا في مشروعيتها وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في أمر مشروعية هذه الزيادة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون والنعي بالوجه الثاني مردود بأن المستفاد من نصوص القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الاتفاق على الأجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة المقررة بهذا القانون يقع باطلاً بطلاناً لتعلقه بالنظام العام ويستوي أن يكون الاتفاق على هذا الزيادة قد ورد في عقد الإيجار أو أثناء سريانه - وانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر حين عرض لعقد الصلح المؤرخ 12/ 1/ 1956 والذي تضمن زيادة الأجرة عن الأجرة القانونية المنصوص عليها في عقد الإيجار وانتهى إلى بطلان هذه الزيادة ورتب على ذلك رفض دعوى الإخلاء بعد أن ثبت له أن المطعون ضدهم لم يتخلفوا عن الوفاء للطاعنين بالأجرة القانونية فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن النعي بالوجه الثالث غير منتج ولا جدوى منه ذلك أنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه في صحيح القانون وعلى ما سلف بيانه إلى بطلان الاتفاق على زيادة الأجرة لمخالفته للنظام العام، فلا يكون هناك ثمة محل لمناقشة وجود أو عدم وجود إكراه يشوب هذا الاتفاق وما قاله الحكم من وجود هذا الإكراه لا يعدو أن يكون من قبل التزيد الذي يقوم الحكم بدونه. لما كان ما تقدم فإن النعي برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.