أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 20 - صـ 1159

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1969

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وحسين زاكي.

(179)
الطعن رقم 193 لسنة 35 القضائية

وصية. "الدفع بعدم سماع الدعوى". دعوى. حكم. "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". نقض.
اشتراط وجود الأوراق المشار إليها في المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 لا يتصل بإثبات صحة الدعوى سواء من حيث الشكل أو من جهة الموضوع. لا أثر لذلك على أصل الحق ولا يتصل بموضوعه. حكمه قاصر على مجرد سماع أو عدم سماع الدعوى.
الحكم برفض الدفع بعدم سماع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع بدعوى أنه يخفي وصية. حكم. لا تنتهي به الخصوم المرددة بين الطرفين ولا يجوز الطعن فيه بالنقض على استقلال.
إذ نصت المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 بياناً لصيغة الوصية على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع القولي عنها بعد وفاة الموصي في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى، وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك، تدل على ما ذكر أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع القولي عنها مصدقاً على توقيع الموصي عليها" فقد دلت بذلك على أن المقصود من اشتراط وجود الأوراق المشار إليها لا يتصل بإثبات صحة الدعوى سواء من حيث الشكل أو من جهة الموضوع وإنما قصد به مجرد التحقيق مبدئياً من أن الدعوى تستند إلى ما يدل على صحتها وذلك تحرزاً من التلفيق والتصنع وهو مما لا أثر له على أصل الحق ولا يتصل بموضوعه وحكمه قاصر على مجرد سماع أو عدم سماع الدعوى. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم سماع الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع تأسيساً على أن الشروط التي أوردتها المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1949 إنما ينصرف إلى الوصية الصريحة لا إلى الوصية المستترة بعقد آخر ،فإن هذا الحكم لم تنته به الخصومة المرددة بين الطرفين وهي صحة ونفاذ عقد البيع وما زال النزاع بشأنه مطروحاً على المحكمة لم تفصل فيه بعد، ومن ثم يكون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض على استقلال غير جائز أياً كان سببه ووجه الرأي فيه [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بمقتضى عقدين مؤرخين 18 مايو سنة 1956 باعت السيدة أمينة أحمد صبح والدة طرفي الخصومة ومورثتهم إلى كل من بنتيها ثريا وفردوس كريمتي إبراهيم منتصر 12 ف و19 ط و16 س واحتفظت لنفسها بحق الانتفاع مدى حياتها وتعهدت المشتريتان بعدم التصرف ما دامت البائعة على قيد الحياة، وإثر وفاة البائعة أقامت المشتريتان - المطعون عليهما الأولى والثانية - الدعويين رقمي 3651 و3652 سنة 1958 مدني القاهرة الابتدائية ضد باقي الورثة وهما آتية إبراهيم عبد المنعم - الطاعنة - وأخوها أحمد - المطعون عليه الأخير - ولدي المرحوم إبراهيم عبد المنعم، وطلبت كلتاهما الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها. دفعت الطاعنة وأخوها أحمد المطعون عليه الأخير بعدم سماع الدعوى بالعقدين المشار إليهما لأنهما غير محررين بخط المورثة طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية. وبتاريخ 16/ 5/ 1960 - وبعد ضم الدعويين - حكمت المحكمة بندب خبير لتقدير الأعيان والعقارات والأموال المخلفة عن المرحومة السيدة أمينة أحمد صبح وتقدير قيمتها وقت الوفاة وبيان ما إذا كانت قيمة الأطيان موضوع العقدين المؤرخين 18 مايو سنة 1956 تجاوزت ثلث تركة السيدة المذكورة أم أنها في حدود الثلث. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 1168 سنة 77 قضائية. وبتاريخ 19/ 2/ 1962 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف لأن الحكم سابق على الفصل في الموضوع ولا يجوز الطعن فيه استقلالاً. وأثناء نظر الاستئناف كانت محكمة الدرجة الأولى قد حكمت بجلسة 3/ 10/ 1960 بوقف السير في الدعوى بناء على اتفاق الطرفين لمدة ستة أشهر إلى أن يفصل في الاستئناف. وبتاريخ 22/ 5/ 1961 حكمت المحكمة باعتبار المطعون عليهما الأولى والثانية تاركتين لدعواهما لتعجيلهما بعد الميعاد، وقبل أن يصدر الحكم الأخير كانت المطعون عليهما المذكورتان قد رفعتا الدعوى الحالية التي قيدت برقم 2127 سنة 1961 القاهرة الابتدائية بطلب إعادة ندب الخبير السابق ندبه في القضيتين 3651 و3652 سنة 1958 لأداء ذات المأمورية وصممت الطاعنة والمطعون عليه الأخير على الدفع بعدم جواز سماع الدعوى إعمالاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 بشأن الوصية. وبتاريخ 26 يونيو سنة 1961 حكمت المحكمة بندب ذات الخبير لأداء المأمورية المعهود إليه بها بالحكم الصادر في 16 مايو سنة 1960 في الدعويين 3651 و3652 سنة 1958، وبعد أن قدم الخبير تقريره وبتاريخ 5/ 3/ 1962 حكمت المحكمة (أولاً) في الدعوى 3651 سنة 1958 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 5/ 1956 باعتباره ساتراً لوصية والصادر من المرحومة الست أمينة صبح إلى المدعية ببيعها 12 ف و19 ط و16 س (ثانياً) وفي الدعوى 3652 سنة 1958 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 18/ 5/ 1956 باعتباره ساتراً لوصية والصادر من المرحومة الست أمينة صبح إلى المدعية ببيعها 12 ف و19 ط و16 س. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعويين وصممت على الدفع بعدم سماع الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1139 سنة 79 قضائية. وبتاريخ 19/ 10/ 1965 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لتحديد أعيان تركة المورثة السيدة أمينة أحمد صبح وتقدير قيمتها وقت وفاتها سنة 1958 وتحديد قيمة الأطيان المتصرف فيها إلى المطعون عليهما الأولى والثانية في هذا التاريخ وبيان ما إذا كانت هذه الأطيان تدخل في حدود ثلث التركة أو تتجاوز هذا الثلث. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز الطعن وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعن وأصرت بالجلسة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ أجاز سماع الدعوى على أساس أن نص المادة الثانية من القانون رقم 71 لسنة 1946 إنما ينصرف إلى الوصية الصريحة لا إلى الوصية المستورة بعقد آخر لا يكون قد فصل في الموضوع ولا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها بل هو مجرد إيذان بسماع الدعوى مما لا يجوز الطعن فيه على استقلال طبقاً للمادة 378 من قانون المرافعات السابق.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه وقد نصت المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 بياناً لصيغة الوصية على أنه "تنعقد الوصية بالعبارة أو بالكتابة فإذا كان الموصي عاجزاً عنها انعقدت الوصية بإشارته المفهمة، ولا تسمع عند الإنكار دعوى الوصية أو الرجوع القولي عنها بعد وفاة الموصي في الحوادث السابقة على سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية إلا إذا وجدت أوراق خالية من شبهة التصنع تدل على صحة الدعوى، وأما الحوادث الواقعة من سنة ألف وتسعمائة وإحدى عشر الإفرنجية فلا تسمع فيها دعوى ما ذكر بعد وفاة الموصي إلا إذا وجدت أوراق رسمية أو مكتوبة جميعها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك تدل على ما ذكر أو كانت ورقة الوصية أو الرجوع القولي عنها مصدقاً على توقيع الموصي عليها"، فقد دلت بذلك على أن المقصود من اشتراط وجود الأوراق المشار إليها لا يتصل بإثبات صحة الدعوى سواء من جهة الشكل أو من جهة الموضوع وإنما قصد به مجرد التحقق مبدئياً من أن الدعوى تستند إلى ما يدل على صحتها وذلك تحرزاً من التلفيق والتصنع وهو مما لا أثر له على أصل الحق ولا يتصل بموضوعه وحكمه قاصر على مجرد سماع أو عدم سماع الدعوى. لما كان ذلك، وكانت المادة 378 من قانون المرافعات السابق قد نصت على أنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وكان الحكم المطعون فيه فيما خلص إليه من رفض الدفع بعدم سماع الدعوى تأسيساً على أن الشروط التي أوردتها المادة الثانية من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 إنما تنصرف إلى الوصية الصريحة لا إلى الوصية المستترة بعقد آخر، لم تنته به الخصومة المرددة بين الطرفين وهي صحة ونفاذ عقدي البيع موضوعها وما زال النزاع بشأنهما مطروحاً على المحكمة لم تفصل فيه أو في جزء منه بعد، فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض على استقلال وأياً كان سببه ووجه الرأي فيه يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير جائز.


[(1)] نقض 12/ 2/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 306.