أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 523

جلسة 19 من فبراير سنة 1953
(77)
القضية رقم 129 سنة 21 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) نقض. إعلان الطعن. يكون لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم. تعيين محل مختار في ورقة إعلان الحكم يعتبر قرينة قانونية على أن المطعون عليه قبل إعلانه بالطعن في هذا المحل ولو لم يصرح بذلك. لا يهم أن يكون المحامي الذي عين مكتبه مقرراً أم غير مقرر أمام محكمة النقض. لا تعارض بين حكمي المادتين 380، 460 أو المادتين 83، 380 من قانون المرافعات في هذا الخصوص.
(ب) ضرائب. شرط استحقاق ضريبة الأرباح التجارية. وجوب قيام المنشأة في مصر ومزاولتها أعمالاً تجارية أو صناعية. في حالة قيام المنشاة في الخارج يجب أن يكون لها ممثلون في مصر خاضعون لأوامرها فإذا لم يكن لها ممثلون أن تقوم في مصر بعمليات تجارية تتسم بصفة الاعتياد. مثال. منشأة قائمة في الخارج وليس لها ممثلون ولا نشاط تجاري في مصر. قيامها بعملية تجارية واحدة في مصر. عدم خضوع هذه العملية لضريبة الأرباح التجارية. المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939.
1 - إن المادة 380 من قانون المرافعات صريحة في النص على أن يكون الإعلان بالطعن لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم لما في تعيين هذا المحل من الدلالة على رغبة معلن الحكم في قيام المحل المختار مقام موطنه الأصلي في إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن فيه. وليس ثمت تعارض بين حكمي المادتين 380، 460 أو المادتين 83، 380 من قانون المرافعات لأن عبارة "في درجة التقاضي الموكل هو فيها" الواردة في المادة 83 قد أضيفت بقصد بيان أن الطعن في الحكم الذي يصدر في الدعوى لا يصح إعلانه في محل وكيل من يراد توجيه الطعن إليه اعتباراً بأن هذه الوكالة تعد منتهية بصدور الحكم في الدعوى، إلا إذا اتخذ المحكوم له هذا المحل في ورقة إعلان الحكم، كما هو الحال في الدعوى، فعندئذ يصح إعلانه فيه بالطعن في الحكم اعتباراً بأن اتخاذه ذلك المحل قرينة قانونية على أنه قابل لإعلانه بالطعن فيه وتقوم هذه القرينة ولو لم يصرح المطعون عليه بذلك ولا يهم بعد أن يكون المحامي الذي عين مكتبه مقرراً أم غير مقرر أمام محكمة النقض.
2 - إن المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 إذ نصت على أن "تستحق الضريبة على أرباح كل منشأه مشتغلة في مصر" فإنها تستلزم قيام المنشأة في مصر ومزاولتها أعمالاً تجارية أو صناعية وفي حالة قيام المنشأة في الخارج أن يكون لها ممثلون في مصر خاضعون لأوامرها فإذا لم يكن لها ممثلون أن تقوم في مصر بنشاط تجاري أي عمليات تجارية تتسم بصفة الاعتياد. وإذن فمتى كان ذلك كله غير متوافر في العملية المفردة التي قامت بها المطعون عليها الأولى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم خضوعها لضريبة الأرباح التجارية لم يخالف القانون، أما قول الطاعنة بأن نشاط المطعون عليها الأولى يعتبر مستمراً لاعتيادها شراء القطن من مصر وتصديره إلى الخارج فمردود بأن المقصود بالنشاط المستمر هو النشاط الذي يكون في ذاته خاضعاً للضريبة وهو غير متوافر في هذه الدعوى إذ اقتصر نشاط المطعون عليها الأولى الذي حقق لها أرباحاً في مصر على عملية واحدة.


الوقائع

في يوم 5 من إبريل سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 2 من يناير سنة 1951 في الاستئناف رقم 121 سنة 5 ق تجاري وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية المختلطة في 25 من مايو سنة 1949 في القضية رقم 714 سنة 74 ق تجاري كلي الإسكندرية ورفضها وإلزام المطعون عليها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 9 من إبريل سنة 1951 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 24 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن. وفي 14 من مايو سنة 1951 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها أصلياً القضاء ببطلان الطعن شكلاً لبطلان إعلان تقريره واحتياطياً رفض الطعن موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 29 منه أودعت الطاعنة مذكرة بالرد. وفي 13 من يونيه سنة 1951 أودعت المطعون عليها الأولى مذكرة بملاحظاتها على الرد. ولم يقدم المطعون عليهما الأخيران دفاعاً.
وفي 24 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات.
وفي 5 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاميا الطاعنة والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنة والمطعون عليها الأولى والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن المطعون عليها الأولى دفعت ببطلان الطعن استناداً إلى أن التقرير به لم يعلن إليها في موطنها الأصلي بل أعلن إليها في المحل المختار المبين في ورقة إعلان الحكم رغم أنه ليس في ورقة الإعلان المذكورة ما يستدل منه على أن ذكر الموطن المختار كان الغرض من تعيينه محلاً مختاراً لتعلن فيه المطعون عليها الأولى بإجراءات النقض، ورغم أن المحامي الذي عين مكتبه ليس مقرراً أمام محكمة النقض، ولا يمكن أن يستفاد من أعمال المطعون عليها الأولى لما أوجبته المادة 460 من قانون المرافعات بتعيين محل مختار في ورقة إعلان الحكم - نزولاً منها عن حقها في أن تعلن في موطنها الأصلي خصوصاً وأن الطعن بالنقض مستقل عن إجراءات الدعوى الموضوعية، وتقضي المادة 83 من قانون المرافعات بأنه بمجرد صدور التوكيل من أحد الخصوم يكون موطن وكيله معتبراً في "إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى في درجة التقاضي الموكل هو فيها" ولا يمكن التوفيق بين هذه المادة والمادة 380 من قانون المرافعات إلا بتفسير المادة الأخيرة بأن المقصود بعبارة "الموطن المختار المبين في ورقة الحكم" الواردة فيها هو أن يذكر في ورقة إعلان الحكم أن اختيار الموطن المختار هو بقصد أن تعلن فيه إجراءات الطعن بالنقض، وما لم يذكر ذلك صراحة فإن هذا المحل لا يعتبر محلاً مختاراً للإعلان بالنقض.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله لأن المادة 380 من قانون المرافعات صريحة في النص على أن يكون الإعلان بالطعن لنفس الخصم أو في موطنه الأصلي أو المختار المبين في ورقة إعلان الحكم لما في تعيين هذا المحل من الدلالة على رغبة معلن الحكم في قيام المحل المختار مقام موطنه الأصلي في إعلان الأوراق الخاصة بالحكم ومنها الطعن فيه. وليس ثمت تعارض بين حكمي المادتين 380، 460 أو المادتين 83، 380 من قانون المرافعات لأن عبارة "في درجة التقاضي الموكل هو فيها" الواردة في المادة 83 قد أضيفت بقصد بيان أن الطعن في الحكم الذي يصدر في الدعوى لا يصح إعلانه في محل وكيل من يراد توجيه الطعن إليه اعتباراً بأن هذه الوكالة تعد منتهية بصدور الحكم في الدعوى إلا إذا اتخذ المحكوم له هذا المحل في ورقة إعلان الحكم، كما هو الحال في هذه الدعوى، فعندئذ يصح إعلانه فيه بالطعن في الحكم اعتباراً بأن اتخاذه ذلك المحل قرينة قانونية على أنه قابل لإعلانه بالطعن فيه وتقوم هذه القرينة ولو لم يصرح بذلك ولا يهم بعد أن يكون المحامي الذي عين مكتبه مقرراً أم غير مقرر أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائعه كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه في 12 من أكتوبر سنة 1946 اشترت شركة وود التجارية - المطعون عليها الأولى - 300 بالة قطن من شركة الأقطان التجارية - المطعون عليها الثانية - واستلمت من المبيع مائة بالة، أما الباقي فإنها نظراً لارتفاع الأسعار باعته بدورها لشركة الأقطان في 4 من فبراير سنة 1948 وحققت من ذلك ربحاً مقداره 3429 جنيهاً أرادت تحويله لمقرها في الخارج فطلبت منها مراقبة النقد - المطعون عليها الثالثة - أن تدفع إلى مصلحة الضرائب - الطاعنة - الضريبة المستحقة على هذه الأرباح فرفضت وأقامت الدعوى رقم 714 سنة 74 ق الإسكندرية المختلطة في 24 من يناير سنة 1949 وطلبت الحكم بأن ما حققته من أرباح بسبب إعادة بيع القطن السابق لها شراؤه لا يخضع للضريبة المقررة على الأرباح التجارية أو غيرها. وفي 25 من مايو سنة 1949 حكمت المحكمة للمطعون عليها الأولى بطلباتها. فاستأنفت الطاعنة الحكم وقيد استئنافها برقم 121 سنة 5 ق استئناف الإسكندرية. وفي 2 من يناير سنة 1950 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضي بعدم سريان الضريبة على الأرباح التي حققتها المطعون عليها الأولى بمقولة إنه يشترط لتطبيق المادة 33 من القانون 14 سنة 1939 أن يكون للمطعون عليها الأولى مركز أو فرع في مصر أو أن يكون لها بها نشاط تجاري مستمر، مع أن المادة 33 لا تستلزم سوى مجرد اشتغال الشركة ولو بعملية واحدة. ولو سلم جدلاً بصحة ما ذهب إليه الحكم في خصوص شرط الاستمرار فإنه أخطأ في فهم معناه ذلك بأن للمطعون عليها الأولى نشاطاً مستمراً في مصر. والعبرة بمجموع النشاط لا بمفرداته.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جاء بالحكم المطعون فيه من "أن المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على أنه تستحق الضريبة على الأرباح على كل منشأة مشتغلة في مصر ومفاد هذا النص يستلزم لكي تصبح الضريبة المستحقة الأداء توافر ركنين: الركن الأول أن تكون هناك منشأة والركن الثاني أن تكون مشتغلة في مصر. وأن هذين الركنين غير متوافرين في الشركة المستأنف عليها (المطعون عليها الأولى) لأنه ليس لها منشأة مشتغلة في مصر ولأن مركز عملها ونشاطها في شنغهاي وما صفقة شراء القطن التي قامت بها في مصر إلا صفقة منفردة وليست لها صفة مستديمة وقد استقر الرأي فقهاً وقضاء على عدم إخضاع الصفقات المنفردة للضريبة في مثل هذه الأحوال". وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك بأن المادة 33 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وقد نصت على أن "تستحق الضريبة على أرباح كل منشأة مشتغلة في مصر". فإنها تستلزم قيام المنشأة في مصر ومزاولتها أعمالاً تجارية أو صناعية وفي حالة قيام المنشأة في الخارج أن يكون لها ممثلون في مصر خاضعون لأوامرها فإذا لم يكن لها ممثلون أن تقوم في مصر بنشاط تجاري أي عمليات تجارية تتسم بصفة الاعتياد وذلك كله غير متوافر في العملية المفردة التي قامت بها المطعون عليها الأولى. أما قول الطاعنة بأن نشاط المطعون عليها الأولى يعتبر مستمراً لاعتيادها شراء القطن من مصر وتصديره إلى الخارج فمردود بأن المقصود بالنشاط المستمر هو النشاط الذي يكون في ذاته خاضعاً للضريبة وهو غير متوافر في هذه الدعوى إذ اقتصر نشاط الشركة الذي حقق لها أرباحاً في مصر على عملية واحدة.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.