أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 4 - صـ 565

جلسة 26 من فبراير سنة 1953
(86)
القضية رقم 426 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمد زكي شرف المستشارين.
( أ ) تزوير. حكم. تسبيبه. تقريره أن الأوراق المقدمة للمضاهاة لم يحصل اعتراض عليها من الطاعن وأنه ورد ضمن أدلة التزوير أن الشخص المنسوب إليه كتابة الورقة المطعون فيها لم يكتبها ولم يوقع عليها ولذا شملت المضاهاة ما ورد بهذا الدليل وأن خط كاتب الورقة وإمضاءه في الأوراق التي قدمها الطاعن للمضاهاة يخالفان الخط والإمضاء في الورقة المطعون فيها مما يجيز للمحكمة أن تحكم بالتزوير دون مضاهاة. لا مخالفة فيما قرره الحكم للقانون ولا يشوبه بطلان في الإجراءات.
(ب) تزوير. خبير. حكم. تسبيبه. أخذه بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى. في ذلك الرد الضمني الكافي على طلب ندب خبير مرجح وعلى التقرير الاستشاري.
1 - متى كان الحكم إذ قضى بتزوير العقد المطعون فيه قد قرر أن الخبير المنتدب في الدعوى أجرى المضاهاة على الأوراق الرسمية والعرفية المقدمة وأنه لم يحصل اعتراض عليها من الطاعن، وأن محكمة أول درجة قد قبلت دليلي التزوير وكلفت الخبير بتحقيقهما ويتضمن الدليل الثاني منهما أن الشخص المنسوب إليه كتابة العقد لم يكتبه ولم يوقع عليه بإمضائه ولهذا شملت المضاهاة ما ورد بهذا الدليل، وأن من بين الأوراق المقدمة من الطاعن لإجراء المضاهاة عليه عقدين تبين من الاطلاع عليهما ومضاهاتهما على العقد المطعون فيه أن كتابة صلبه والإمضاء الموقع بها عليه من كاتبه تختلفان عن خطه وإمضائه بالعقدين المشار إليهما مما حدا بالمحكمة أن تقرر أن ذلك وحده يكفي لأن تحكم من تلقاء نفسها بتزوير العقد عملاً بالمادة 290 مرافعات، فإن هذا الذي استخلصته المحكمة هو استخلاص سليم لا مخالفة فيه للقانون ولا يشوبه بطلان في الإجراءات.
2 - متى كان الحكم إذ قضى بتزوير العقد المطعون فيه أقام قضاءه على استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمله أخذاً بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، فإن في هذا الرد الضمني الكافي على طلب ندب خبير مرجح وعلى تقرير الخبير الاستشاري.


الوقائع

في يوم أول ديسمبر سنة 1951 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف أسيوط الصادر في 22 من إبريل سنة 1951 في الاستئناف رقم 70 سنة 24 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 8 من ديسمبر سنة 1951 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن، وفي 19 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم يقدم المطعون عليهم دفاعاً.
وفي 24 من يوليه سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وفي 12 من فبراير سنة 1953 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامي الطاعن والنيابة العامة على ما جاء بمذكرتيهما. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يستفاد من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى المدنية رقم 366 لسنة 1943 محكمة سوهاج الابتدائية على إخوته المطعون عليهم بطلب تثبيت ملكيته إلى 13 ف و19 ط و6 س و14 ط و20 س و5 ف المبيعة إليه من والده محمد مصطفى حسن وجده مصطفى حسن بموجب عقد البيع المؤرخ في 15 من مارس سنة 1914 والمسجل بطريق الإيداع بقلم الرهون في 26 من أغسطس سنة 1939 فطعن المدعى عليهم في هذا العقد بالتزوير وأوقفت الدعوى الأصلية وأعلنت أدلته في 17 من مارس سنة 1946، وفي 8 من مارس سنة 1948 قضت المحكمة بقبول دليلين منها وهما يتضمنان أن بصمتي ختمي البائعين الموقع بهما على العقد تختلفان عن بصمتيهما الصحيحتين وأن المداد الذي كتب به لا يتفق مع التاريخ الموضوع عليه في سنة 1914 وأن إسكندر بولص المنسوب إليه كتابته والموقع عليه كشاهد يختلف خطه عن خط العقد، فندبت المحكمة خبيراً من قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي لتحقيق دليلي التزوير السالف ذكرهما بإجراء المضاهاة على وثيقة زواج رسمية محررة في 22/ 6/ 1924 وعقد إيجار محرر في 13/ 11/ 1925 وعلى أوراق المضاهاة الأخرى التي يقدمها طرفا الخصومة للتحقيق من صحة العقد أو عدم صحته ولبيان ما إذا كان قد كتب في تاريخ تحريره أم أنه كتب بعد ذلك. وقدم الخبير المنتدب تقريراً انتهى فيه إلى أن الورقة التي حرر عليها العقد لونها أبيض من وجهيها وغير متآكلة من مواضع الثني منها وخالية من الاصفرار الذي يلازم الأوراق القديمة وأن المداد الذي كتبت به الورقة لونه أزرق حديث ويعطي تفاعلات كيماوية لا تتناسب مع التاريخ الموضوعي في العقد أي سنة 1914 وأن عباراتها لم تكتب بخط إسكندر بولص المنسوب إليها كتابتها. وفي 23 من أكتوبر سنة 1948 قضت المحكمة برد وبطلان عقد البيع المطعون فيه أخذاً بما ثبت من تقرير الخبير. فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 70 لسنة 24 ق محكمة استئناف أسيوط التي قضت في 24 من إبريل سنة 1951 بتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والبطلان في الإجراءات ذلك بأنه أخذ بتقرير الخبير المنتدب الذي أجرى عملية المضاهاة على أوراق عرفية سلمت إليه من الخصوم دون أن يتحقق من صحتها ودون أن يكون معترفاً بها مخالفاً في ذلك المادة 261 من قانون المرافعات "القديم" المنطبق على واقعة الدعوى. كما أنه أجرى مضاهاة خط كاتب العقد إسكندر بولص على خط العقد مع أن الحكم التمهيدي الصادر في 8/ 3/ 1947 لم يكلفه ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم الابتدائي الذي أخذ به الحكم المطعون فيه من أن الخبير المنتدب أجرى المضاهاة على الأوراق الرسمية والعرفية المقدمة وأنه لم يحصل اعتراض عليها من الطاعن وبما قرره الحكم المطعون فيه من أن محكمة أول درجة قبلت دليلي التزوير السالف ذكرهما وكلفت الخبير المنتدب تحقيقهما ويتضمن الدليل الثاني منهما أن إسكندر بولص لم يكتب العقد ولم يوقع عليه بإمضائه ولهذا اشتملت المضاهاة ما ورد بهذا الدليل. أما فيما يختص بأوراق المضاهاة فقد عرض وكيل المطعون عليه أوراقاً رسمية محررة بخط إسكندر بولص وسلمها إلى الخبير ولم يعترض عليها الطاعن وكان من بين الأوراق التي قدمها الطاعن إلى محكمة الاستئناف لتجرى عليها المضاهاة عقدان مؤرخان في 17/ 2/ 1949 تبين من الاطلاع عليهما ومضاهاتهما على العقد المطعون فيه أن كتابة صلبه والإمضاء الموقع بها عليه من إسكندر بولص تختلفان عن خطه وإمضائه بالعقدين المشار إليهما مما حدا بالمحكمة أن تقرر أن ذلك وحده يكفي لأن تحكم من تلقاء نفسها بتزوير العقد عملاً بالمادة 290 مرافعات. وهذا الذي استخلصه الحكم هو استخلاص سليم لا مخالفة فيه للقانون ولا بطلان فيه في الإجراءات.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم قصوره في التسبيب من ثلاث أوجه الأول إذ لم ترد المحكمة على دفاع الطاعن بأن ما قرره الخبير المنتدب من حداثة حالة الورقة المطعون فيها والمداد الذي كتبت به لا يتفق مع إيداعها بدار الحفظ بالمحكمة المختلطة من زمن بعيد في سنة 1939. والوجه الثاني - إذ لم ترد على ما تمسك به الطاعن من طلب خبير آخر للترجيح بين تقرير الخبير المنتدب وتقرير الخبير الاستشاري. والوجه الثالث - إذ أخذت بتقرير الخبير المنتدب وأطرحت تقرير الخبير الاستشاري دون أن ترد رداً سائغاً على ما ورد به من أسباب منها أن المطعون في توقيعه كان يستعمل أكثر من ختم فعدم انطباق بصمة الختم المنسوبة إليه بالعقد على البصمات المنسوبة إليه في أوراق المضاهاة لا يدل في ذاته على التزوير وأن ما قاله الحكم رداً على هذا الدفاع هو قول يشوبه القصور.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود بما قرره الحكم أخذاً بتقرير الخبير المنتدب من أن الحبر المحرر به العقد لونه أزرق ويعطي تفاعلات كيمائية لا تتناسب مع التاريخ المعطى للعقد في سنة 1914 وأنه لو كان صحيحاً ومحرراً في سنة 1914 لظهرت عليه آثار القدم نتيجة تداوله بين أيدي حامليه في مدى خمس وعشرين سنة إلى أن أودع بقلم الرهون في 26 من أغسطس سنة 1939 ولكنه لم يظهر عليه شيء من الاستعمال يتفق مع تداوله هذه المدة الطويلة الأمر الذي يدل على تزويره ويؤيده ما انتهى إليه الخبير المنتدب من أن لون ورق العقد وحداثة الحبر المحرر به ينفيان أنه حرر في التاريخ الموضوع عليه - وهذا الذي قرره الحكم هو استخلاص موضوعي سائغ يكفي لحمله وفيه الرد الضمني على طلب ندب خبير مرجح وعلى تقرير الخبير الاستشاري. أما ما أثاره الطاعن في سبب طعنه عدا ذلك فهو لا يخرج عن كونه جدلاً في تقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن في غير محله ويتعين رفضه.