أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 924

جلسة 23 من إبريل سنة 1953
(138)
القضية رقم 351 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) بيع بضاعة مشحونة على ظهر سفينة. مسئولية. تعويض. حكم. تسبيبه. تقريره أن القول بتعليق البيع بسفينة معينة على شرط وصول البضاعة سالمة لا يؤثر في التزام البائع بوجوب شحن البضاعة. تقريره أن البائع مسئول عن عدم شحن البضاعة سواء كان ذلك راجعاً إلى فعله شخصياً أم إلى فعل ربان السفينة - لا خطأ.
(ب) نقض. طعن. سبب جديد. القول بأن التعاقد هو بيع بالعربون. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) تعويض. بيع. حكم. تسبيبه. تأسيس قضائه بالتعويض لعدم تسليم المبيع على أسباب سائغة. النعي عليه بمخالفة القانون لقضائه بالتعويض على خلاف التسعير الجبري. عدم تقديم ما يدل على أن التعويض المحكوم به مخالف للتسعير الجبري. النعي على غير أساس.
1 - متى كان الحكم إذ بنى مسئولية الطاعن عن التعويض لعدم تنفيذ التزامه بتسليم المبيع على أن القول بتعليق البيع بسفينة معينة على شرط وصول البضاعة سالمة لا يؤثر في التزام البائع بشحن البضاعة فإذا لم تشحن البضاعة أصلاً كما هو الحال في الدعوى اعتبر البائع مقصراً سواء أكان عدم شحنها راجعاً إلى فعله شخصياً أم إلى فعل الغير المتعاقد معه، فإن هذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه لا خطأ فيه.
2 - إذا كان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن حقيقة التعاقد بينه وبين المطعون عليها كان بيعاً بالعربون فلا يقبل منه التمسك بهذا الوجه لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - إذا كانت المحكمة قد استدلت في حدود سلطتها الموضوعية بالمستندات التي أشارت إليها في أسباب حكمها على أن أسعار الشاي لم تكن في هبوط في الوقت المحدد لتسليم المقدار المبيع من الطاعن وأن الشهادة التي قدمها هذا الأخير والموقعة من أحد التجار هي شهادة مجاملة لا تطمئن إليها وأن الطرفين لم يقدما شهادة رسمية من أسعار الشاي في السوق وعن مقدار ما يجنيه تجاره من ربح وانتهت من ذلك إلى تقدير التعويض المستحق للشركة المشترية التي لم تتسلم الشاي المبيع على أساس ربح تجاري معقول حددته بعشرين في المائة من قيمة الصفقة، فإن المحكمة تكون قد أسست قضاءها بالتعويض على أسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها. ويكون في غير محله النعي عليها بأنها قضت بالتعويض على أساس يختلف عن التسعير الجبري للشاي متى كان الطاعن لم يقدم دليلاً على أن ما قضى به من تعويض يختلف عن التسعير الجبري الذي كان مفروضاً على أسعار الشاي وقت انعقاد الصفقة.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه في 6 من نوفمبر سنة 1946 اشترى جابر عبد الحميد الشريدي الطاعن - من شركة تريدنج كمباني ليمتد 25 ألف ليرة شاي سيف بور سعيد "ترانسيت عمان وشرق الأردن" بسعر 42 بنسا لليرة والشحن من سنغافورة خلال شهر من تاريخه ودفع 20% من أصل الثمن والباقي مقابل تسليم أوراق الشحن وذلك بواسطة ريمون خوري. وفي 27 من نوفمبر سنة 1946 باع الطاعن لشركة ورده وكباب - المطعون عليها - 25 ألف ليرة شاي بسعر 48 بنسا لليرة معبأة في صناديقها الأصلية والتسليم بميناء بور سعيد ترانسيت شرقي الأردن والبضاعة على ظهر الباخرة مارينا واستلم من الثمن 500 جنيه والباقي يدفع مقابل تقديم الفواتير بالإسكندرية - ووصلت الباخرة مارينا ميناء بور سعيد في 22 من ديسمبر سنة 1946 ولكن الطاعن لم يقدم بتسليم الشاي المبيع فكتب إليه محامي المطعون عليها كتاباً - موصى عليه في 31 من يناير سنة 1947 يكلفه بتقديم البوالس حتى تستلم المطعون عليها الشاي وتدفع باقي الثمن. وفي 23 من مارس سنة 1947 أقامت المطعون عليها الدعوى رقم 242 سنة 1947 كلي دمنهور بصحيفة كلفت فيها الطاعن بالوفاء وطلبت فيها فسخ العقد ورد العربون ومقدار 500 جنيه والحكم لها بتعويض مقداره 1440 جنيه مقابل الربح الذي فاتها بنسبة 30% من قيمة البضاعة. وفي 24 من مايو سنة 1947 حكمت المحكمة غيابياً بفسخ عقد الاتفاق وإلزام الطاعن أن يدفع للشركة 1940 جنيه والمصروفات. فعارض الطاعن في هذا الحكم - وفي 30 من أكتوبر سنة 1948 حكمت المحكمة بتأييد الحكم فيما قضى به من الفسخ ومن إلزام الطاعن بتعويض مقداره 1440 جنيه وبإلغائه فيما يختص بمبلغ العربون مقداره 500 جنيه. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 60 تجاري سنة 5 قضائية استئناف الإسكندرية وفي 14 من مايو سنة 1950 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليها 960 جنيه فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلزام الطاعن بالتعويض بمقولة إنه للأخذ بأحكام البيع بسفينة معينة يشترط أن تكون البضاعة شحنت فعلاً فإذا لم تشحن اعتبر البائع مقصراً في الوفاء ولا تبرأ ذمته إلا إذا قدم الدليل على عذره من قوة قاهرة أو نحوها. مع أنه في البيع بسفينة معينة تبرأ ذمة البائع لا في حالة استحالة التنفيذ بقوة قاهرة فحسب بل أيضاً في حالة ما إذا وضعت البضاعة تحت تصرف الباخرة في ميناء الشحن ولم يتم الشحن بفعل الربان. ولو تحققت المحكمة من ذلك لبان لها أن عدم الشحن راجع إلى فعل الربان لسبب لا شأن لإرادة الطاعن فيه.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول إذ لم يقدم الطاعن ما يثبت أنه سبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بالتعويض على الطاعن ولم يقم وزناً لاستحالة قيامه بتنفيذ التزامه من أي مصدر آخر بسبب أن الشاي لم يكن حر التداول في مصر. وليس يبرر قضاءه في هذا الخصوص قوله إن المطعون عليها لم تطلب تنفيذ العقد مع التعويض وإنما طلبت فسخه ذلك أن التعويض لا يستحق في الحالتين إلا إذا كان عدم الوفاء راجعاً إلى فعل البائع فإذا تبين أن الطاعن كان في استحالة مادية تحول بينه وبين تنفيذ الالتزام سواء بسبب عدم وصول البضاعة على الباخرة أو بسبب نظام حصص الاستيراد الذي فرضته وزارة التموين على تجارة الشاي كان واجباً إعفاؤه من التضمينات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة بنت مسئولية الطاعن عن التعويض على أن القول بتعليق البيع بسفينة معينة على شرط وصول البضاعة سالمة لا يؤثر في التزام البائع بشحن البضاعة فإذا لم تشحن البضاعة أصلاً كما هو الحال في الدعوى اعتبر البائع مقصراً سواء أكان عدم شحنها راجعاًً إلى فعله شخصياً أم إلى فعل المتعاقد معه وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه لا خطأ فيه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بالتعويض على الطاعن مع أن مسئوليته في حالة عدم تنفيذ العقد تكون مقصورة على رد العربون وقد رده فعلاً ومع أن نية الطرفين كانت واضحة في اعتبار الـ 500 التي دفعت وقت التعاقد عربوناً.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن حقيقة التعاقد بينه وبين المطعون عليها كان بيعاً بالعربون فلا يقبل منه التمسك بهذا الوجه لأول مرة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بالتعويض على أساس يختلف عن التسعير الجبري الذي كان مفروضاً على أسعار الشاي وقت انعقاد الصفقة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة استدلت في حدود سلطتها الموضوعية بالمستندات التي أشارت إليها في أسباب حكمها على أن أسعار الشاي لم تكن في هبوط وقت وصول الباخرة مارينا في 22 من ديسمبر سنة 1946 وأن الشهادة المقدمة من الطاعن والموقعة من الفريد سلامة هي شهادة مجاملة لا تطمئن المحكمة إليها وأن الطرفين لم يقدما شهادة رسمية عن أسعار الشاي سواء في سوق شرق الأردن أو في مصر وعن مقدار ما يجنيه تجاره من ربح وانتهت من ذلك إلى تقدير التعويض على أساس ربح تجاري معقول حددته بعشرين في المائة من قيمة الصفقة ومن ذلك يبين أن المحكمة أسست قضاءها بالتعويض على أسباب تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم ولم يقدم الطاعن دليلاً على أن ما قضى به الحكم من تعويض يختلف عن التسعير الجبري الذي كان مفروضاً على أسعار الشاي وقت انعقاد الصفقة.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.