أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 4 - صـ 963

جلسة 30 من إبريل سنة 1953
(146)
القضيتان رقما 436 و452 سنة 21 قضائية

برياسة حضرة الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وحضور حضرات الأساتذة سليمان ثابت ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. إعلان تقرير الطعن. البطلان الذي ترتبه المادة 431 مرافعات. مقصور على عدم وصول الإعلان في الميعاد. خلو صورة الإعلان سهواً من تاريخ التقرير أو اسم الموظف الذي حرره. لا بطلان.
(ب) نقض. طعن. ميعاد الطعن. المطعون عليهما ملتزمان بالتضامن. رفع الطعن على أحدهما في الميعاد. جواز اختصام الثاني ولو بعد فوات الميعاد. المواد 379، 384، 428 مرافعات.
(ج) بيع. بيع المحاصيل المستقبلة قبل نباتها. صحته.
(د) بيع. حكم. تسبيبه. تقريره أن بيع المحصول المستقبل قبل نباته معلق على شرط وجوده. قضاؤه بإلزام البائع بالتعويض لإخلاله بالتزاماته وأنه كان من نتيجة هذا الإخلال هبوط مقدار المحصول الناتج. لا خطأ في القانون ولا تناقض.
1 - البطلان الذي تقرره المادة 431 من قانون المرافعات إنما ينصب - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على عدم حصول إعلان التقرير للمطعون عليه في الخمسة عشر يوماً التالية ليوم التقرير بالطعن في قلم كتاب المحكمة فكلما تحقق أن هذا الإعلان قد وصل فعلاً للمطعون عليه في الميعاد المذكور فالطعن صحيح شكلاً، أما كون الصورة قد خلت سهواً من تاريخ التقرير أو اسم الموظف الذي حرره فإن هذا لا يترتب عليه بطلان التقرير عملاً بالمادة 431 من قانون المرافعات.
2 - إنه وإن كان يبين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد أعلن من الطاعنة إلى المطعون عليه الأول وأن من شأن هذا الإعلان أن يجرى ميعاد الطعن في حقها كما يجريه في حق المعلن إليه المذكور وفقاً للفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات، وكانت الطاعنة قد قررت طعنها في الحكم بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات بالنسبة إلى المطعون عليه الأول إلا أنه لما كان الحكم قد صدر بإلزام المطعون عليهما بالتضامن فإنه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 384 مرافعات التي تنص على أنه في هذه الحالة - أي حالة التزام بالتضامن - "إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين ولو بعد فواته بالنسبة لهم" وكان طعن الطاعنة وهي محكوم عليها برفض بعض طلباتها قد رفع على المطعون عليه الثاني (المحكوم له) في الميعاد إذ لم يعلن إليه الحكم ولم يعلنه هو لما كان ذلك فإن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً يكون في غير محله.
3 - بيع المحاصيل المستقبلة قبل نباتها في ظل القانون المدني القديم صحيح، ذلك أنه لم يرد فيه نص بتحريمه كما جاء بالقانون المدني المختلط (م. 33) وقد قضى القانون المدني الجديد في المادة 131 منه على ما كان من خلاف في هذا الشأن بين القانونين الوطني والمختلط.
4 - متى كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تقل ببطلان التعاقد على بيع المحصول المستقبل بل قررت أن البيع المتنازع على تكييفه هو بيع معلق على شرط واقف هو وجود المبيع في المستقبل وأن هذا ليس معناه القول ببطلان التعاقد على محصول مستقبل وأنها إذا كانت قد ألزمت الطاعن بالتعويض الذي قضي عليه به فإن هذا كان على أساس ما استخلصته بالأدلة السائغة التي أوردتها من أنه هو وزميله المطعون عليه الثاني قد قصرا في القيام بما التزما به من تعهدات تضمنها العقد المبرم بين الطرفين، إذ لم يتبعا نصوص العقد فيما يتعلق بعملية الزراعة من تسميد وبذر التقاوي والري وتعليمات مهندس الشركة، وكان من أثر ذلك التقصير هبوط نسبة المحصول، فليس فيما قررته المحكمة أي تناقض أو مخالفة للقانون.


المحكمة

من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه حسبما يبين منه ومن سائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه في 9 من فبراير سنة 1946 أقامت شركة المأكولات المثلجة على عباس على حسين وآخر الدعوى 106 سنة 1946 كلي الجيزة تطالبهما بالتضامن بمبلغ 5085 جنيه تعويضاً لها لإخلالهما بما التزما به بموجب عقد الاتفاق المحرر بينها وبينهما في 20 من سبتمبر سنة 1943 وذلك لعدم توريدهما للشركة 101.7 طناً من البطاطس بسعر خمسين جنيهاً للطن الواحد وبعد أن أحالت محكمة الدرجة الأولى الدعوى على التحقيق قضت في 23 من ديسمبر سنة 1948 حضورياً لعباس على أبو حسين وغيابياً للآخر بإلزامهما متضامنين بمبلغ 4220 جنيه و550 مليم فاستأنف المحكوم عليه الأول (عباس) هذا الحكم وكذلك الحكم التمهيدي المشار إليه وقيد استئنافه برقم 507 سنة 66 ق القاهرة وفي 16 من يونيو سنة 1951 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع - أولاً - بتأييد الحكم التمهيدي - وثانياً - بتعديل الحكم القطعي وإلزام المستأنف (عباس) بأن يدفع إلى المستأنف عليها الأولى (شركة المأكولات مبلغ 2285 جنيه والمصروفات المناسبة عن الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما وبتأييده فيما عدا ذلك فقرر عباس على أبو حسين الطعن فيه بطريق النقض وقيد طعنه برقم 436 سنة 21 ق كما قررت شركة المأكولات الطعن فيه أيضاً بالنقض وقيد طعنها برقم 452 سنة 21 ق - وبجلسة 16 من إبريل سنة 1953 قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الأول لأنهما عن حكم واحد وبين الخصوم أنفسهم.
"عن الطعن رقم 436 سنة 21 ق":
من حيث إن الشركة المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن إعلان تقريره لم يذكر فيه تاريخ التقرير به في قلم كتاب محكمة النقض ولا اسم الموظف الذي حرره.
ومن حيث إن البطلان الذي تقرره المادة 431 من قانون المرافعات إنما ينصب على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على عدم حصول إعلان التقرير للمطعون عليه في الخمسة عشر يوماً التالية ليوم التقرير بالطعن في قلم كتاب المحكمة، فكلما تحقق أن هذا الإعلان قد وصل فعلاً للمطعون عليه في الميعاد المذكور فالطعن صحيح شكلاً، أما كون الصورة قد خلت سهواً من تاريخ التقرير أو اسم الموظف الذي حرره فإن هذا لا يترتب عليه بطلان التقرير عملاً بالمادة 431 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن الواقع في خصوص هذا الطعن أن التقرير به حصل في قلم الكتاب في 10 من ديسمبر سنة 1951 وأعلن إلى المطعون عليها الأولى في 13 من الشهر المذكور أي قبل الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ التقرير بقلم الكتاب ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً على غير أساس ومتعين الرفض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه بني على ثلاثة أسباب: حاصل أولها خطأ الحكم في تطبيق القانون، ذلك أن الطاعن تمسك بأن عقد البيع المبرم بينه وبين المطعون عليها الأولى هو بيع معلق على شرط واقف إذ هو مترتب على وجود محصول البطاطس في المستقبل بحيث إذا لم يوجد المبيع فلا يكون الالتزام إلا بتسليم ما ينتج من المحصول ولا يضمن الملتزم إلا ما وجد منه فعلاً فإذا التزم بتسليم مقدار معين من محصوله قبل زراعته كما هو الحال في الدعوى كان التزامه باطلاً وبالرغم من أن المحكمة أقرت هذا النظر إلا أنها لم تعمله على واقعة الدعوى بحجة أن العقد تضمن التزامات أخرى بجانب التزام الطاعن ببيع أشياء مستقبلة وهي جائزة قانوناً وأنه غير مشوب بما يفسد العقود وأنه بمقتضى هذه الالتزامات تعهد الطاعن بتوريد كمية البطاطس المتفق عليها، ومع أن هذا الذي قررته وأقامت عليه قضاءها بصحة العقد يدل على التناقض لأنه متى كان التزام الطاعن ببيع محصوله المستقبل باطلاً كان لا محل للقول بأن على الطاعن الوفاء بهذا الالتزام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "وحيث إنه وإن كان حكم بيع الأشياء المستقبلة على الرأي المعول عليه فقهاً وقضاء في ظل القانون المدني الأهلي القديم عندما تكون نية المتعاقدين منصرفة إلى التزام المشتري بالثمن في مقابل شيء محقق يتعادل مع الثمن - كما هو الحال في العقد موضوع هذه الدعوى فإن انعقاده يكون معلقاً على شرط موقف هو وجود المبيع في المستقبل إلا أن الحاصل في هذا العقد أنه لم يكن مقصوراً على مجرد بيع محصول مستقبل بل تضمن إلى جانب ذلك تعهد المستأنف (الطاعن) والمستأنف عليه الثاني (المطعون عليه الثاني) متضامنين بأن يزرعا تقاوي البطاطس التي التزم المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الأول) تسليمهما إياها وذلك في الأطيان المعينة في العقد وبالكيفية والشروط الموضحة فيه ومنها أن يسمدا تلك الزراعة بالسماد الكيماوي الذي التزم بتوريده إليهما مقابل ثمن حسب التسعيرة الرسمية وذلك بمقدار معين بالنسبة إلى كل فدان منها وأنهما يضمنان له أن لا يقل محصول تلك الأطيان الذي باعاه له جميعاً عن 120 طناً ويلتزمان في حالة نقصه عن هذا القدر بتعويضه عن ذلك بواقع 50 جنيهاً عن كل طن واتفقا معه على أن يكون له إذا تبين وقوع إهمال من جانبهما في مباشرة الزراعة بالشرط المشار إليها بالعقد وبعد إخطاره إياهما بخطاب موصى عليه أن يقوم بمعرفته بتكملة الزراعة بمصاريف على حسابهما وعلى هذا الأساس باعاه جميع محصول البطاطس الذي سينتج من تلك الزراعة بسعر 13 جنيه للطن لقاء المقدار المذكور وبسعر السوق فيما يزيد على ذلك - وهذه الالتزامات الأخرى التي التزم بها المستأنف وشريكه إلى جانب مجرد بيع المحصول المستقبل هي التزامات جائزة قانوناً ولها سببها المشروع فيما التزم به المستأنف عليه الأول من توريد التقاوي والسماد الكيماوي وعلى أساس ما التزماهما به من اتباع شروط مخصوصة في تلك الزراعة فكان ذلك للغرض المقصود من العقد وهو حصوله على هذا المقدار من البطاطس الذي قدر أنه ينتج من تلك الزراعة إذا زرعت بالكيفية المتفق عليها لتوريده للجهات التي تحتاج إليه - ولما كانت هذه الالتزامات غير مشوبة بما يفسد العقود قانوناً من أي وجه فهي ملزمة للمستأنف في حدودها ومن مقتضاها التزام البائع بتوريد كمية معينة من محصول البطاطس لا تقل عن 120 طناً من جميع الأطيان المبينة بالعقد وفي حالة توريد كمية أقل يستحيل التزامه العيني إلى التزام نقدي اتفق على تقديره الطرفان مقدماً وهو 50 جنيه عن كل طن" ثم قالت "إن الثابت من مجموع شهادة شهود الطرفين في التحقيق الذي أجري تنفيذاً لذلك الحكم أن المستأنف وشريكه لم يزرعا البطاطس إلا في 16 فداناً من الثلاثين فداناً المتفق على زراعته فيها وأنهما لم يتبعا في زراعة ذلك المقدار الشروط التي تعهدا بالتزامها فلم يزرعا التقاوي المسلمة إليهما بالنسبة المحددة وهي طن لكل فدان ولم يغرساها كاملة بل قطعا كلاً منها إلى قطعتين ولم يضعا فيها من السماد الكيماوي المسلم إليهما من المستأنف عليه الأول المقدار المعين لكل فدان ولم يقوما بتنقية الأرض من الحشائش كما هو مشترط بالعقد - وأن هذه المخالفات لشروط العقد كانت هي السبب في نقص المحصول عن النسبة المحددة لكل فدان وهي أربعة أطنان". ويبين من ذلك أن المحكمة لم تقل ببطلان التعاقد على بيع المحاصيل المستقبلة قبل نباتها لأن مثل هذا البيع صحيح في القانون المدني (القديم) الذي أبرم العقد تحت سلطانه - إذ لم يرد فيه نص بتحريمه كما جاء بالقانون المدني المختلط القديم (م 330) مدني - وقد قضى القانون المدني الجديد في المادة 131 منه على ما كان من خلاف في هذا الشأن بين القانونين الوطني والمختلط - فإذا كانت المحكمة قد قدرت أن البيع المتنازع على تكييفه هو بيع معلق على شرط واقف هو وجود المبيع في المستقبل، فليس معنى هذا أنها قررت بطلان التعاقد على محصول مستقبل وإذا كانت قد ألزمت الطاعن بالتعويض الذي قضت عليه به فإن هذا كان على أساس ما استخلصته بالأدلة السائغة التي أوردتها من أنه هو وزميله المطعون عليه الثاني قد قصرا في القيام بما التزما به من تعهدات تضمنها العقد المبرم بينهما، إذ لم يتبعا نصوص العقد فيما يتعلق بعملية الزراعة من تسميد وبذر التقاوي والري وتعليمات مهندسي الشركة، وكان من أثر ذلك التقصير هبوط نسبة المحصول - وليس فيما قررته المحكمة أي تناقض أو مخالفة للقانون.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن المحكمة إذ قررت أن المساحة التي زرعت كانت تحت إشراف الشركة وأن النقص فيها عما ورد بالعقد كان بناء على تنازل ضمني منها وهو عدم الاعتراض على عدم زراعة جميع المساحة وإذ قضت بالتعويض على أساس أن الناتج من المساحة التي كانت منزرعة أقل مما قدر لها فإن ما يصدق على المساحة يصدق على الزراعة والتسميد ما دام كل ذلك تحت إشراف الشركة أيضاً، ومع أن السبب في الإعفاء من نقص المساحة المزروعة كان يوجب الإعفاء أيضاً من فرق المحصول، إلا أن المحكمة لم تسوفي الحكم بين الحالتين مع اتحاد العلة فيهما مما يعيب الحكم ويبطله.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "إن الطرفين اقتصرا في تنفيذ العقد على المساحة المذكورة التي زرعت فعلاً تحت إشراف المستأنف عليه الأول (الشركة) وملاحظته طبقاً لشروط العقد وارتضيا ذلك فترتب على ذلك أن ضمان المستأنف (الطاعن) وشريكه مقدار المحصول الذي تعهدا بتوريده للمستأنف عليه الأول قد أصبح مقصوراً على ما يناسب المساحة التي اقتصروا عليها في تنفيذ العقد وهي 16 فداناً وذلك بالنسبة المحددة فيه لمحصول كل فدان وهي أربعة أطنان أي 64 طناً فقط. ولما كان المستأنف وشريكه قد وردا للمستأنف عليه الأول المحصول الناتج من تلك المساحة ومقداره 18.3 طناً فيكون العجز في المقدار الذي أصبح حتماً ضمانهما قاصراً عليه هو 45.7 طناً وهو ما يستحق عنه التعويض بالتضامن لأن سبب ذلك العجز راجع إلى مخالفتهما في زراعة تلك المساحة للشروط التي تعهدا في العقد باتباعها كما تقدم" ويتضح من ذلك أن المحكمة إذ لم تروجها لمساءلة الطاعن وزميله عن العجز في المساحة، بنت قضاءها في ذلك على أن تعديل المساحة المزروعة كان وليد اتفاق ضمني بين الطاعن والمطعون عليها الأولى على تعديل شروط العقد في خصوصه. أما فيما يختص بعجز محصول الستة عشر فداناً المزروعة فإنها أسست قضاءها على إخلال الطاعن وشريكه بشروط العقد إخلالاً لم يثبت للمحكمة أن الشركة أقرت الطاعن عليه، ومن ثم لا يكون هناك تناقض لاختلاف الحكم بين الحالتين.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الطاعن تمسك لدى محكمة الموضوع بأن الرابطة التي تربطه بالشركة المطعون عليها الأولى هي علاقة إيجارية وأن المطعون عليه الثاني هو ابن عم المطعون عليه الأول ويعمل في الشركة معه وأنه أفهم الطاعن بإمضائه على عقد الإيجار وأنه سيلتزم معه فيه بالاشتراك وستقوم الشركة بكافة الأعمال وأن ما ورد بالعقد مقصود به تأكيد الإيجار ومع ذلك فإن المحكمة لم تناقش هذا الدفاع ولم تحققه - كما أنه تمسك بأن ما نتج من العين المنزرعة هو كل ما سلمه من محصول واستند في ذلك إلى إيصالين من مندوبي الشركة يدلان على أنهما استلما جميع الناتج من الستة عشر فداناً التي كانت منزرعة وقد تأيد هذا الدفاع بما أدلى به الشهود الذين سمعتهم المحكمة وبالرغم من أن هذا الدفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن المحكمة أغفلته ولم ترد عليه.
ومن حيث إن هذا السبب فضلاً عما يكتنف بعض أجزائه من غموض وإبهام فإن القدر المستخلص منه لا يعدو أن يكون دفاعاً جديداً إذ لم يقدم الطاعن دليلاً رسمياً لهذه المحكمة على سبق التحدي به لدى محكمة الموضوع، ومن ثم يكون غير مقبول منه إثارته لأول مرة لدى هذه المحكمة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.
"عن الطعن رقم 452 سنة 21 ق":
ومن حيث إن النيابة العامة أبدت رأيها بعدم قبول هذا الطعن شكلاً لتقريره بعد الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه وإن كان يبين من أوراق الطعن رقم 436 سنة 21 ق المرفوع من المطعون عليه الأول عن نفس الحكم أن الحكم أعلن من الطاعنة إلى المطعون عليه المذكور في 10 من نوفمبر سنة 1951، وكان هذا الإعلان من شأنه أن يجري ميعاد الطعن في حق الطاعن كما يجريه في حق المعلن إليه المذكور وفقاً للفقرة الثانية من المادة 379 من قانون المرافعات، وكانت الطاعنة قد قررت طعنها في الحكم في 26 من ديسمبر سنة 1951 أي بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 428 مرافعات بالنسبة إلى المطعون عليه الأول، إلا أنه لما كان الحكم قد صدر بإلزام المطعون عليهما بالتضامن فإنه وفقاً للفقرة الثانية من المادة 384 مرافعات التي تنص على أنه في هذه الحالة - أي حالة التزام بالتضامن - "إذا رفع الطعن على أحد المحكوم لهم في الميعاد وجب اختصام الباقين و لو بعد فواته بالنسبة لهم". وكان طعن الطاعنة - وهي محكوم عليها برفض بعض طلباتها قد رفع على المطعون عليه الثاني (المحكوم له) في الميعاد إذ لم يعلن إليه الحكم ولم يعلنه هو - لما كان ذلك، فإن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً يكون في غير محله.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد يتحصل في أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أنه وإن كان العقد المحرر بين الطرفين في 20 من سبتمبر سنة 1943 قد انصب على زراعة 30 فداناً بتقاوي البطاطس المسلمة من الطاعن إلى المطعون عليهما، إلا أنهما تراضياً على الاكتفاء بزراعة 16 فداناً. وإذ رتب على ذلك مسئوليتهما على ما كان يجب أن ينتج من زراعة هذه الـ 16 فداناً فقط بواقع أربعة أطنان عن كل فدان، أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وخالف الثابت بالأوراق - كما أن الأدلة التي استخلص منها تراضي الطرفين على هذه الواقعة لا يمكن أن تؤدي عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها وذلك - أولاً - لأن العلاقة بين الطرفين كانت بالكتابة فلو قصد المتعاقدان تعديل الكمية الواجب على المطعون عليهما توريدها أو أي تعديل في المساحة الواجب زراعتها لتم هذا التعديل بالكتابة - وثانياً - أنه وإن أجيز بنفس العقد للشركة أن تعين مندوباً من قبلها للإشراف على الزراعة فليس معنى عدم استعمالها لهذه الرخصة ما يعتبر قبولاً من جهتها على ما ارتكبه المطعون عليهما من مخالفات لأحكام العقد المحرر بينهما - وثالثاً - أنه لا يمكن أن يستخلص من أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة - كما ذهب إليه الحكم - تراضي الطرفين على الاكتفاء بزراعة 16 فداناً بل على العكس فإنها إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الشركة الطاعنة متمسكة بشروط العقد - ورابعاً - أن الإقرار الموقع عليه من مندوب الشركة في 23 من يناير سنة 1944 لا يفيد أن الشركة قد تراضت مع المطعون عليه الأول على الاكتفاء بزراعة 16 فداناً فقط - بل كل ما تفيده عبارته أنه حضر تقليع زراعة البطاطس القائمة على 16 فداناً وأنه استلم الناتج منها - وخامساً - أن استدلال الحكم بالقرينة المستمدة من تراخي الطاعنة في اتخاذ الإجراءات قبل المطعون عليهما حتى 22 من يونيه سنة 1945 بعد استلام البطاطس بما يقرب من سنتين على واقعة التراضي على الاكتفاء بزراعة الـ 16 فداناً هو استدلال غير صحيح طالما أن حق الطاعنة في رفع الدعوى لم يسقط بعد - وسادساً - أنه لو كان هناك ثمة اتفاق صريح أو ضمني على تعديل المساحة لما تردد المطعون عليه الأول في التمسك به في كافة مراحل التقاضي.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من عدم إشارة الطاعنة في الإنذار الموجه منها إلى المطعون عليهما في 22 من نوفمبر سنة 1945 - بعد استلام المحصول بمدة تقرب من السنتين إلى أن المتعاقدين معها أخلا بالتزاماتهما بقصر الزراعة على ستة عشر فداناً ومن الأدلة الأخرى التي أوردتها مكملة لما استنتجته من هذا الإنذار الصادر من الطاعنة. استخلصت من ذلك كله أن قصر الزراعة على ستة عشر فداناً إنما كان وليد اتفاق ضمني بين الطرفين - ولما كان هذا الذي استخلصته لا يخالف الثابت بالأوراق فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة. ومن ثم يتعين رفض هذا الطعن.