أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 515

جلسة 26 من فبراير سنة 1976

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي. وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، عز الدين الحسيني، عبد العال السيد، محمدي الخولي.

(106)
الطعن رقم 370 لسنة 41 القضائية

(1) تزوير "إثبات التزوير" إثبات. حكم.
محكمة الموضوع غير مقيدة بدليل معين في إثبات التزوير أو نفيه. قيام حكمها بتزوير السند على قرائن متساندة يكمل بعضها بعضاً. عدم جواز مناقشة كل منها على حدة للتدليل على عدم كفايتها في ذاتها للإثبات.
(2) دعوى. "سبب الدعوى". استئناف. "الطلبات الجديدة". عقد "الشرط الفاسخ الصريح".
طلب فسخ البيع مع التعويض. الاستناد أمام محكمة الاستئناف إلى تحقق الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد. اعتبار ذلك سبباً جديداً وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي.
(3) عقد "الشرط الفاسخ الصريح". محكمة الموضوع. نقض.
عدم اشتراط القانون ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح. استخلاص محكمة الموضوع هذا المعنى استخلاصاً موضوعياً سائغاً تحتمله عبارة العقد وتؤدي إليه. لا سبيل لمحكمة النقض عليها في ذلك.
(4) عقد "الشرط الفاسخ الصريح". التزام. تزوير.
المشتري بعقد اشتمل على الشرط الفاسخ الصريح. لا يجديه التحدي بأنه لا يعد مقصراً في الوفاء بالتزامه بدفع باقي الثمن قبل الحكم برد وبطلان السند الذي استدل به على دفع هذا الباقي.
1 - متى كان يبين أن محكمة الاستئناف قد اعتمدت في تكوين عقيدتها بتزوير السند المطعون فيه على قرائن متساندة، يكمل بعضها بعضاً، ولها أصل ثابت بالأوراق وتؤدي في مجموعها إلى ما انتهت إليه، وكان من غير الجائز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة بدليل معين في إثبات التزوير أو نفيه، ويجوز لها أن تستخلص وقوعه من الوقائع المطروحة أمامها. وما تكشف لها من ملابسات توقيع السند المطعون فيه ولا يعتبر أخذها بدليل معين منها دون دليل آخر لم تطمئن إليه من قبيل الفساد في الاستدلال، وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه سائغة وتكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
2 - متى كان المطعون عليهم قد أقاموا دعواهم الفرعية أمام محكمة الدرجة الأولى بطلب فسخ البيع مع التعويض، وكانت المادة 235/ 2 من قانون المرافعات - المادة 411 من قانون المرافعات السابق - قد أجازت للخصوم في الاستئناف - مع بقاء الطلب الأصلي على حالة - تغيير سببه والإضافة إليه، فإن استناد المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف في طلب الحكم بالفسخ والتعويض إلى تحقيق الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد، يعتبر سبباً جديداً وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي لبقاء هذا الطلب على حالة حسبما كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى.
3 - نص الشرط الوارد في البند الرابع من العقد على أنه "إذا تأخر الطرف الثاني - المشتري - عن.... يكون البائع بالخيار بين أن يطلب تنفيذ هذا البيع وطلب باقي الثمن مع فوائده أو بين أن يعتبر هذا البيع بحكم القانون وبلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار مفسوخاً بسبب خطأ وعلى مسئولية المشتري الذي يلزم بدفع مبلغ وقدره مائتا جنيه كتعويض، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون للبائع الحق في احتساب المبلغ المدفوع وهو مائتا جنيه قيمة العربون كحق مكتسب له" يفيد اتفاق الطرفين على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه في حالة تأخر المشتري عن الوفاء بباقي الثمن وفوائده في الميعاد ويتضمن الآثار المترتبة على الفسخ. وإذ كان القانون لا يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص هذا المعنى بقوله إن "نية المتعاقدين قد اتجهت عند تحرير العقد إلى اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخلال المستأنف عليه بوفاء الثمن وفوائده في الميعاد المحدد وإلى اعتبار مبلغ المائتي جنيه المدفوع كتعويض عن الفسخ" وهو استخلاص موضوعي سائغ تحتمله عبارة العقد وتؤدي إليه، فإنه لا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في هذا التفسير الذي لا مخالفة فيه للقانون.
4 - لا يجدي الطاعن تحديه بحجية الأوراق العرفية في الإثبات، وبأنه لا يعد مقصراً في الوفاء بالتزامه - بدفع باقي ثمن العقار المبيع - قبل الحكم برد وبطلان السند المدعي بتزويره - والذي استدل به على دفع هذا الباقي - ذلك أنه لا يستطيع أن يتوقى الفسخ تنفيذاً لالتزامه قبل صدور حكم نهائي بالفسخ سواء كان حسن النية أو سيئها، كما هو الشأن في حالة خلو العقد من الشرط الفاسخ الصريح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهم الدعوى 1483/ 1962 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم عليهم متضامنين بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 27/ 10/ 1961 وقال في بيانها إنه اشترى منهم بموجب هذا العقد كامل أرض وبناء العقار الموضحة حدوده ومعالمه بالصحيفة مقابل ثمن إجمالي قدره "4500 ج" دفع منه مائتي جنيه عند التوقيع على العقد ثم 2800 ج بإيصال مؤرخ 7/ 11/ 1961 صادر من المطعون عليه الأول على أن يدفع الباقي وقدره 1500 ج عند التوقيع على العقد النهائي ولكن المطعون عليهم امتنعوا عن توقيع هذا العقد بحجة استحقاقهم 4300 ج من باقي الثمن. وإذ كان هذا الزعم على غير أساس فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة مبدياً استعداده لدفع الباقي من الثمن وقدره 1500 ج. أنكر المطعون عليه الأول توقيعه على الإيصال المؤرخ 7/ 11/ 1961 وأودع الطاعن خزينة المحكمة مبلغ 1500 ج رفض المطعون عليهم قبوله وأقاموا ضد الطاعن دعوى فرعية بطلب الحكم بفسخ عقد البيع وإلزامه بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. وبعد أن ندبت المحكمة خبيرين في الدعوى حكمت في 28/ 5/ 1964 برفض الادعاء بالإنكار وبصحة توقيع المطعون عليه الأول وحددت جلسة لنظر الموضوع، فقرر المطعون عليه الأول بالطعن على الإيصال بالتزوير وبتاريخ 30/ 6/ 1964 حكمت المحكمة بعدم قبول هذا الادعاء وبصحة ونفاذ عقد البيع ورفضت الدعوى الفرعية. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 582/ 20 ق إسكندرية طالبين إلغاءه والحكم في الدعوى الأصلية برفضها وفي الدعوى الفرعية بفسخ العقد والتعويض وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى عادت وأحالتها إلى التحقيق ثم حكمت في 19/ 5/ 1970 برد وبطلان السند وبجلسة 18/ 11/ 1970 عرض الطاعن على المطعون عليهم مبلغ 2800 ج ولما رفضوا قبوله أودعه خزينة المحكمة على ذمتهم. وبتاريخ 28/ 2/ 1971 حكمت المحكمة في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بفسخ عقد البيع وإلزام الطاعن بتعويض مقداره مائتا جنيه طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول منهما النعي على الحكم الصادر في 19/ 5/ 1970 برد وبطلان السند، بالبطلان ومخالفة القانون من وجهين (أولهما) خطأ الاستدلال على تزوير السند بأقوال شهود المطعون عليه الأول بغير اطلاعهم على السند المطعون فيه حتى تكون شهادتهم منصبة عليه أو على ما أمر حكم الإحالة على التحقيق بإثباته وهو أن المطعون عليه الأول قد وقع على السند بحسبانه ورقة من أوراق شهر العقد (وثانيهما) الاستناد إلى إقرار صادر من....، مع أن هذا الإقرار - وهو ليس بشهادة شاهد أو إقرار من أحد الخصوم - لا يعد دليلاً.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه قد أورد في هذا الخصوص قوله "إن القرائن على ثبوت تزوير الإقرار المؤرخ في 7/ 11/ 1961 تزويراً معنوياً متعددة وقاطعة على حصول التزوير وتخلص هذه القرائن في الآتي: أولاً - إن المشتري لم يدفع عند تحرير العقد الابتدائي في 27/ 10/ 1961 سوى مبلغ 200 جنيه بصفة عربون ونص في العقد على أن يدفع باقي الثمن وهو مبلغ 4300 جنيه عند التوقيع على العقد النهائي وفي مدة غايتها ثلاثة شهور فلم يكن ثمة داع لأن يتعجل المشتري وبعد عشرة أيام فقط من تحرير العقد الابتدائي ودفع مبلغ العربون ويسرع بسداد مبلغ 2800 جنيه التي شملها الإقرار المطعون عليها...... ثانياً - أنه ليس من محض الصدفة أن يتفق تاريخ الإقرار المطعون عليه مع تاريخ تقديم طلب الشهر العقاري رقم 6346 وهو 7/ 11/ 1961 بل إن ذلك كان مقصوداً ومبيتاً حتى يسهل دس الإقرار المذكور مع أوراق الشهر العقاري للتوقيع عليه من البائع على أنه من بين تلك الأوراق وحتى لا يرتاب هذا الأخير في مضمون تلك الورقة يؤكد ذلك ما قرره شاهد المستأنف عليه (الطاعن) المدعو...... عند سؤاله بجلسة التحقيق.... ثالثاً - أنه مما يؤكد عدم صحة الإقرار المطعون عليه وتزويره أن الذي حرره شخص يدعى...... كان يعمل بمكتب المحاسب...... وهو نفسه الذي حرر عقد البيع وقدم طلب الشهر العقاري. ذلك أن هذا الكتاب أعطى إقرارين متناقضين على واقعة واحدة مصدق عليهما بمكتب توثيق الإسكندرية أحدهما للبائع بتاريخ 3/ 4/ 1968 أقر فيه..... بأن الإقرار المؤرخ في 7/ 11/ 1961 مزور وأنه دس على المستأنف بين أوراق الشهر العقاري للتوقيع عليه على أنه من بينها وأنه لم ير سداد أي مبلغ من المشتري للبائع وأن المستأنف وقع على هذا الإقرار دون يقرأه. والثاني للمشتري بتاريخ 29/ 7/ 1968 وفيه يقر.... ذاته بأن السند المؤرخ في 7/ 11/ 1961.... صادر من المستأنف الذي لم يوقع عليه إلا بعد أن تأكد بمضمونه وبما ذكر فيه بعد تلاوته عليه وأنه استلم مبلغ 2800 ج من المشتري عند التوقيع على هذا السند. على أن المحكمة تطمئن لما جاء في الإقرار الأول الذي أعطاه.... للمستأنف... لأن هذا الإقرار هو الذي يتفق مع منطق الحوادث في الدعوى ومع أقوال الشهود بجلسة التحقيق، كما تطرح المحكمة إقرار..... الثاني الذي أعطاه للمستأنف عليه لأنه يتناقض مع إقراره الصريح الأول من ناحية ومن ناحية أخرى لا يطمئن وجدانها إلى ما جاء فيه.... رابعاً - أن المحكمة لا تطمئن لأقوال شاهد المستأنف عليه الوحيد وجاره وصديقه الذي صحبه في كل المراحل التي مر بها العقد والإقرار المطعون عليه ووقع عليهما كشاهد.... وخامساً - أن المحكمة تطمئن (وبيقين) إلى أقوال شهود المستأنف الذين سمعوا بجلسة التحقيق والأولان منهما حضرا واقعة توقيع المستأنف على الإقرار وقد أكدا في هذا الخصوص وفي صراحة تامة أنه وقع على الأوراق التي قدمها له المشتري..... على أنها خاصة بالشهر العقاري وأنه لم يقبض شيئاً في المجلس الذي تم فيه التوقيع على الأوراق المذكورة..... سادساً - قدم المستأنف إقراراً رسمياً مؤيداً باليمين أمام موثق العقود الرسمية بأثينا بتاريخ 11/ 12/ 1969 يقر فيه المحاسب... بأن بيع العقار من المستأنف للمستأنف عليه كان بواسطة مكتبه وأمامه في 27/ 10/ 1961 ووقع على العقد كل من البائع والمشتري وسكرتيره.... وصديق للمشتري وأن الذي قام بالإجراءات اللازمة للتوثيق هو..... وأن التوقيع على طلبات الشهر لم تتم في حضوره أو بمكتبه..... وأنه لم يحدث أن دفع المشتري للبائع أي مبلغ في مكتبه أو في حضوره سوى مبلغ العربون وقدره 200 ج والمحكمة تطمئن إلى ما جاء في هذا الإقرار في جملته لأنه يتفق مع أقوال الشهود الذين سمعتهم المحكمة بجلسة التحقيق وحيث إنه متى كان الأمر كذلك وكانت القرائن السالفة الذكر تؤكد حصول تزوير معنوي في الإقرار المؤرخ في 7/ 11/ 1961 المطعون عليه على التفصيل السابق بيانه فإن المحكمة تقضي برده وبطلانه" - ومن ذلك يبين أن محكمة الاستئناف قد اعتمدت في تكوين عقيدتها بتزوير السند المطعون فيه على قرائن متساندة يكمل بعضها بعضاً ولها أصل ثابت بالأوراق وتؤدي في مجموعها إلى ما انتهت إليه. وإذ كان من غير الجائز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، وكانت محكمة الموضوع غير مقيدة بدليل معين في إثبات التزوير أو نفيه، ويجوز لها أن تستخلص وقوعه من الوقائع المطروحة أمامها وما تكشف لها من ملابسات توقيع السند المطعون فيه ولا يعتبر أخذها بدليل معين منها دون دليل آخر لم تطمئن إليه من قبيل الفساد في الاستدلال إذ كان ذلك وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه سائغة وتكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى في سببي الطعن على الحكم الصادر في 28/ 2/ 1971 القصور في التسبيب والخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليهم أقاموا دعواهم الفرعية أمام الدرجة الأولى بطلب إيقاع الفسخ بحكم منشئ استناداً إلى النص العام الوارد في القانون وبتعويض يتم تقديره لهم طبقاً للقواعد العامة، ولكنهم عادوا وطرحوا دعواهم أمام محكمة الاستئناف بطلب تقرير وقوع الفسخ طبقاً لشرط صريح فاسخ وبتعويض اتفاقي مقدر في العقد غير خاضع لتقدير القضاء وبالرغم من تمسك الطاعن بعدم قبول الدعوى على هذا الأساس الجديد باعتباره من قبيل الطلبات الجديدة التي لا يجوز إبداؤها لأول مرة أمام الدرجة الثانية، فإن الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفع وقضى بقبول الدعوى وفصل فيها فجاء قاصر البيان مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المطعون عليهم قد أقاموا دعواهم الفرعية أمام محكمة الدرجة الأولى بطلب فسخ البيع مع التعويض، ولما كانت المادة 235/ 3 من قانون المرافعات - المادة 411 من قانون المرافعات السابق - قد أجازت للخصوم في الاستئناف - مع بقاء الطلب الأصلي على حاله - تغيير سببه والإضافة إليه، فإن استناد المطعون عليهم أمام محكمة الاستئناف في طلب الحكم بالفسخ وبالتعويض إلى تحقق الشرط الصريح الفاسخ الوارد بالعقد، يعتبر سبباً جديداً وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي لبقاء هذا الطلب على حاله حسبما كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى في بقية السبب الثاني على الحكم المتقدم مخالفة القانون من وجهين (أولهما) أنه بالرغم من أن النص في العقد على أن يكون مفسوخاً بحكم القانون لا بقوة الاتفاق قد جاء واضحاً في الدلالة على ما قصده المتعاقدان منه، فإن الحكم قد انحرف عن هذا العقد الواضح وابتدع للعقد تفسيراً من عنده واستظهر منه شرطاً صريحاً فاسخاً مخالفاً بذلك ما هو مقرر في القانون من أن العقد شريعة المتعاقدين (وثانيهما) أن الحكم إذ اعتبره متخلفاً عن الوفاء بالتزامه من قبل رفع الدعوى ورتب على ذلك اعتبار العقد منفسخاً بإرادة الطرفين، يكون قد أهدر القاعدة القانونية المقررة لاحترام الأوراق العرفية واعتبارها حجة حتى يقضي بردها وبطلانها ذلك أنه لا يعتبر مقصراً وبيده سند الوفاء حتى يقضي برده وبطلانه، كما لا يعتبر مقصراً إذا أوفى بالتزامه فور الحكم برد وبطلان هذا السند.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود ذلك أن نص الشرط الوارد في البند الرابع من العقد حسبما يؤخذ من مدونات الحكم قد جرى بأنه "إذا تأخر الطرف الثاني (المشتري) عن إتمام إجراءاته الخاصة بتسجيل العقد النهائي بالشهر العقاري بالإسكندرية في هذه المدة الموضحة بالعقد يستحق عليه حالاً الباقي من الثمن وتجرى فوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ استحقاقه في 26/ 1/ 1962 حتى تمام السداد بحكم القانون بلا حاجة إلى تنبيه أو إنذار وفي هذه الحالة يكون البائع بالصفة الموضحة عالية بالخيار بين أن يطلب تنفيذ هذا البيع وطلب باقي الثمن مع فوائده أو بين أن يعتبر هذا البيع بحكم القانون وبلا حاجة إلى تنبيه أو إنذاراً مفسوخاً بسبب خطأ وعلى مسئولية المشتري الذي يلزم بدفع مبلغ وقدره 200 جنيه كتعويض وفي هذه الحالة الأخيرة يكون للبائع الحق في احتساب المبلغ المدفوع وهو 200 جنيه قيمة العربون كحق مكتسب له". وهو نص يفيد اتفاق الطرفين على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه في حالة تأخر المشتري عن الوفاء بباقي الثمن وفوائده في الميعاد ويتضمن الآثار المترتبة على هذا الفسخ. إذ كان ذلك وكان القانون لا يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص هذا المعنى بقوله إن "نية المتعاقدين قد اتجهت عند تحرير العقد إلى اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه عند إخلال المستأنف عليه بوفاء الثمن وفوائده في الميعاد المحدد وإلى اعتبار مبلغ مائتي جنيه المدفوع لتعويض عن الفسخ" وهو استخلاص موضوعي سائغ تحتمله عبارة العقد وتؤدي إليه، فإنه لا سبيل لمحكمة النقض على محكمة الموضوع في التفسير الذي لا مخالفة فيه للقانون. ولا يجدي الطاعن بعد ذلك تحديه بحجية الأوراق العرفية في الإثبات وبأنه لا يعد مقصراً في الوفاء بالتزامه قبل الحكم برد وبطلان السند المدعي بتزويره ذلك أنه لا يستطيع أن يتوقى الفسخ بتنفيذ التزامه قبل صدور حكم نهائي بالفسخ سواء كان حسن النية أو سيئها كما هو الشأن في حالة خلو العقد من الشرط الفاسخ الصريح.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.