أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 736

جلسة 23 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى وعثمان حسين عبد الله ومحمود عثمان درويش وزكي الصاوي صالح.

(145)
الطعن رقم 170 لسنة 42 القضائية

(1) نقض "المصلحة في الطعن". حجز.
تحقق المصلحة في الطعن بالنقض. مثال في حجز.
(2) اختصاص "اختصاص نوعي". تنفيذ.
قاضي التنفيذ. اختصاصه نوعياً بنظر جميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها فيما عدا ما استثنى بنص خاص. م 275 مرافعات.
(3) اختصاص "اختصاص نوعي". نظام عام.
الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها. من النظام العام. م 109 مرافعات. الحكم الصادر في الموضوع. يعد مشتملاً حتماً على قضاء ضمني في شأن الاختصاص.
(4) اختصاص "اختصاص نوعي". تنفيذ. حجز.
طلب إلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله إعمالاً للمادة/ 343 مرافعات. منازعة موضوع متعلقة بالتنفيذ. اختصاص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في هذه المنازعة.
(5) اختصاص "مسائل عامة". نقض "الحكم في الطعن".
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. اقتصار محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص وتعيين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة عند الاقتضاء م 269/ 1 مرافعات.
1 - إن الطاعن - وزير التموين بصفته - وقد ألزمه الحكم المطعون فيه بالمبلغ المحكوم به جزاء على عدم إعطاء شهادة تقوم مقام التقرير بما في الذمة فضلاً عن مصروفات الدعوى، ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، فإن مصلحته في الطعن في الحكم تكون قائمة.
2 - مفاد نص المادة 275 من قانون المرافعات - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو أن المشرع استحدث نظام قاضي التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة به سواء أكانت منازعات موضوعية أم وقتية وسواء أكانت من الخصوم أم من الغير، كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص.
3 - تنص المادة 109 من قانون المرافعات على أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى ومؤدى ذلك أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام، ولذا فإن مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني في شأن الاختصاص.
4 - إذ كان الثابت أن المطعون عليه - الحاجز - أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله إعمالاً لنص المادة 343 من قانون المرافعات، فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ، ويختص بها قاضي التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 سالفة الذكر، وتخرج عن اختصاص المحكمة الابتدائية النوعي، مما كان يتعين معه أن تقضي هذه المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولو لم يدفع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الاختصاص وأن تحيل الدعوى إلى قاضي التنفيذ اتباعاً لنص الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون المرافعات، وإذ هي قضت في موضوع النزاع مجاوزة اختصاصها، وأيدها الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
5 - تنص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفته قواعد الاختصاص، تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص، وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، وإذ كان الاستئناف صالحاً للفصل فيه، ولما سلف من ثبوت أن الحكم قد خالف قواعد الاختصاص النوعي - فإنه يتعين إلغاء الحكم - المستأنف والحكم بعدم اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى وباختصاص قاضي التنفيذ بمحكمة القاهرة الابتدائية بنظرها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2397 سنة 1970 مدني القاهرة الابتدائية ضد وزير التموين بصفته طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 928 جنيهاً والفوائد القانونية، وقال بياناً لدعواه إنه وقع في 7/ 8/ 1968 حجز ما للدين لدى الغير تحت يد الطاعن بمبلغ 900 جنيه المستحقة له ضد السيدة أرملة المرحوم..... عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر، وذلك لأن مورث المحجوز عليهم كان قد عهد إليه بالدفاع عنه في القضية رقم 1994 سنة 1953 مدني القاهرة الابتدائية المرفوعة منه ضد وزير التموين نظير أتعاب قدرها 600 ج دفع منها وقت تحرير التوكيل 100 جنيه واتفق على دفع الباقي وقدره 500 جنيه عند الحكم في تلك القضية لصالح المورث، وبعد أن حكم له ابتدائياً بمبلغ 35339 جنيهاً و142 مليماً اتفق معه ورثته على أن يحضر عنهم أمام محكمة الاستئناف مقابل أتعاب قدرها 400 جنيه تدفع بالكامل عند صدور الحكم لصالحهم، ثم قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف فاستصدر أمر الأداء رقم 528 سنة 1968 من محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام هؤلاء الورثة بأن يؤدوا له مبلغ 900 جنيه والمصاريف وبصحة الحجز الموقع تحت يد الطاعن في 7/ 8/ 1968، وإذا أرسل المطعون عليه إلى الطاعن في 6/ 10/ 1968 خطاباً يطلب فيه إعطاءه شهادة تقوم مقام التقرير بما في الذمة عملاً بالمادة 562 من قانون المرافعات السابق ولم يرد على هذا الطلب، وهو ما يجيز الحكم له على الطاعن بالمبلغ المحجوز من أجله تطبيقاً لنص المادة 343 من قانون المرافعات القائم الذي رفعت الدعوى في ظله فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. وبتاريخ 30/ 1/ 1971 حكمت المحكمة للمطعون عليه بالمبلغ المطلوب والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من 15/ 3/ 1970 حتى الوفاء. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1174 سنة 88 ق مدني القاهرة. وبجلسة 29/ 2/ 1972 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا تاريخ بدء سريان الفوائد المحكوم بها فقد جعلته 30/ 3/ 1970 بدلاً من 15/ 3/ 1970. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن لانعدام المصلحة وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم للسببين الأول والرابع، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من المطعون عليه أن مدينيه يداينون الطاعن بمبلغ 35339 جنيهاً و143 مليماً بحكم نهائي وأن وفاء الطاعن بأتعاب المحاماة المحكوم بها للمطعون عليه إنما يكون خصماً مما في ذمته هؤلاء المدينين، وهو ما تنعدم معه مصلحة الطاعن في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن الطاعن وقد ألزمه الحكم المطعون فيه بالمبلغ المحكوم به جزاء على عدم إعطاء شهادة تقوم مقام التقرير بما في الذمة فضلاً عن مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي، فإن مصلحته في الطعن في الحكم تكون قائمة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الدعوى وقد رفعت بالتطبيق لنص المادة 343 من قانون المرافعات فإنها تكون منازعة في التنفيذ يختص بها قاضي التنفيذ إعمالاً لنص المادة 275 من هذا القانون، وإذ غفلت المحكمة الابتدائية عن ذلك وقضت في موضوع الدعوى فإنها تكون قد خالفت القانون في شأن قواعد الاختصاص النوعي وهي من النظام العام ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد وقع في نفس المخالفة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المادة 275 من قانون المرافعات إذ تنص على إنه "يختص قاضي التنفيذ دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كانت قيمتها، كما يختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، ويفصل قاضي التنفيذ في منازعات التنفيذ الوقتية بصفته قاضياً للأمور المستعجلة"، وكان مفاد هذا النص وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية هو أن المشرع استحدث نظام قاضي التنفيذ بهدف جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة به سواء كانت منازعات موضوعية أم وقتية وسواء كانت من الخصوم أم من الغير، كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية، مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها، وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص، ولما كانت المادة 109 من قانون المرافعات تنص على أن "الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها أو بسبب نوع الدعوى أو قيمتها تحكم به المحكمة من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى"، فإن مؤدى ذلك أن الاختصاص بسبب نوع الدعوى أو قيمتها من النظام العام ولذا فإن مسألة الاختصاص بالنسبة لنوع الدعوى تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً حتماً على قضاء ضمني في شأن الاختصاص، ولما كان الثابت أن المطعون عليه أقام دعواه أمام محكمة القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المحجوز لديه بالدين المحجوز من أجله إعمالاً لنص المادة 343 من قانون المرافعات فإن الدعوى بهذه المثابة تعتبر منازعة موضوعية متعلقة بالتنفيذ ويختص بها قاضي التنفيذ دون غيره عملاً بنص المادة 275 سالفة الذكر وتخرج عن اختصاص المحكمة الابتدائية النوعي مما كان يتعين معه أن تقضي هذه المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ولو لم يدفع أحد أطراف الخصومة أمامها بعدم الاختصاص، وأن تحيل الدعوى إلى قاضي التنفيذ اتباعاً لنص الفقرة الأولى من المادة 110 من قانون المرافعات فيما تنص عليه من أن "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية....." وإذ هي قضت في موضوع النزاع مجاوزة اختصاصها وأيدها الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة، وإذ كان الاستئناف صالحاً للفصل فيه، ولما سلف فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية بنظر الدعوى وباختصاص قاضي التنفيذ بمحكمة القاهرة الابتدائية بنظرها.