أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 988

جلسة 21 من إبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي؛ وسعد الشاذلي؛ وحسن مهران حسن؛ والدكتور عبد الرحمن عياد.

(188)
الطعن رقم 311 لسنة 42 ق "أحوال شخصية"

(1) استئناف. إيجار "إيجار الأماكن". دعوى "قيمة الدعوى" حكم.
دعوى تحديد أجرة الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية. غير قابلة لتقدير قيمتها. علة ذلك. جواز استئناف الحكم الصادر فيها.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
تكييف التعديلات في العين المؤجرة بأنها جوهرية. تكييف قانوني يستند إلى تقدير الواقع التعديلات التي يجريها المالك بقصد تسهيل استغلال المبنى القديم دون تغيير في أجزائه الأساسية عدم اعتبارها إنشاءات جديدة.
1 - متى كانت الدعوى الحالية يدور النزاع فيها حول تحديد الأجرة القانونية للعين المؤجرة، وكان الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى المقررة قانوناً يعتبر باطلاً، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كانت الدعوى بطلب صحة أو إبطال عقد مستمر، فإن قيمتها تقدر باعتبار مجموع المقابل النقدي عن مدة العقد كلها، وكان عقد الإيجار موضوع النزاع بعد انتهاء مدته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد امتد تلقائياً إلى مدة غير محدودة طبقاً لأحكام قوانين إيجار الأماكن، فمن ثم يكون المقابل النقدي لهذه المدة غير محددة، وتكون الدعوى غير قابلة لتقدير قيمتها وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكليف التعديلات التي تجرى في العين المؤجرة بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو أنها بسيطة لا تحدث به هذا الأثر إنما هو تكييف قانوني يستند إلى تقدير الواقع. وإذا كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن التعديلات ليست جوهرية حتى أن الدكان الأصلي أنشئ قبل أول يناير سنة 1944 وكانت له ثلاثة أبواب وأنه سنة 1946 قسم إلى ثلاثة حوانيت صغيرة خصص لكل منها باب مستقل واقتطعت شقة صغيرة من جزئه الخلفي وأن هذه التعديلات كانت بسبب موقع العقار وبعده عن العمران آنذاك، ولا تعدو كونها إقامة حائطين داخل الدكان الكبير بين الأبواب الثلاثة ولم يكن من شأنها إفادة المؤجر منها إذ أن أجرة الدكان الكبير عند إنشائه كانت ثلاثين جنيهاً شهرياً وأصبحت أجرة الحوانيت الثلاثة والشقة الخلفية لا تتجاوز مبلغ 20 جنيهاً و544 مليم وأضاف الحكم أنه إذ تعذر على الخبير تعيين أجرة الأساس في شهر إبريل سنة 1941 لأن المنطقة التي تقع بها عين النزاع كانت صحراء جرداء وقت إنشائها فيتعين اعتماد الأجرة المتفق عليها عند التعاقد، وكان يبين من هذا الذي استخلصه الحكم أنه أحاط بحقيقة التعديلات التي تمت بالدكان الأصلي ولم يغفل وجود الشقة الصغيرة عند تحدثه عنها، وكان لا يدخل ضمن الإنشاءات الجديدة التعديلات التي يجريها المالك لتسهيل استغلال المبنى القديم مما لا تصحبه تغييرات في أجزائه الأساسية، وكان ما قرره في هذا الشأن استخلاصاً سائغاً في حدود سلطته الموضوعية بالنظر لما جرى بالعين محل النزاع - الدكان - دون سواها باعتبار أنها هي التي يعتد في نطاقها بما أدخل عليها من تعديلات، فإن النعي عليه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 858 لسنة 1966 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه يطلب تخفيض الأجرة الشهرية للعين المبينة بصحيفة الدعوى إلى 3 جنيه و640 مليم. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1958 استأجر من المطعون عليه الدكان رقم 2 الملحق بالعقار رقم 70 شارع عثمان بن عفان بمصر الجديدة بأجرة شهرية قدرها سبعة جنيهات، وإذ أنشئ هذا الدكان سنة 1947 ولم يقم المطعون عليه بتخفيض أجرته طبقاً للقوانين أرقام 199 لسنة 1952، 169 لسنة 1961، 7 لسنة 1965 فقد أقام دعواه بطلبه سالف البيان، حكمت المحكمة في 31/ 5/ 1966 بندب أحد الخبراء لبيان تاريخ إنشاء العين المؤجرة وإعدادها للتأجير وأجرتها القانونية في هذا التاريخ أو أجرة المثل، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 31/ 1/ 1967، 18/ 4/ 1967، 13/ 6/ 1967 بإعادة المأمورية إليه لبيان ما إذا كانت التعديلات التي أجريت بالطابق الذي توجد به العين المؤجرة جوهرية غيرت من طبيعته وطريقة استعماله وأثرت في قيمته الإيجارية تأثيراً محسوساً مع بيان الأجرة في شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل، وبعد أن قدم الخبير تقاريره حكمت في 30/ 2/ 1970 بتخفيض الأجرة المتفق عليها بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1958 إلى مبلغ 5 جنيه و525 مليم على أن يصير المبلغ 4 جنيه و420 مليم اعتباراً من 1/ 3/ 1965. استأنف المطعون عليه هذا الحكم طالباً إلغاء ورفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 1024 لسنة 87 ق. مدني القاهرة، وبتاريخ 4/ 4/ 1972 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن عقد الإيجار امتد طبقاً للتشريع الاستثنائي بقوة القانون ولمدة غير معينة، في حين أن الإيجار انعقد لفترة معينة وتجدد لمدد أخرى لعدم حصول تنبيه من أحد الطرفين فيكون بقاء الطاعن في العين المؤجرة إعمالاً لامتداد اتفاقي وتقدر الدعوى بقيمة الأجرة خلال الفترة التي امتد إليها العقد وهي لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الدعوى الحالية يدور النزاع فيها حول تحديد الأجرة القانونية للعين المؤجرة، وكان الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى المقررة قانوناً يعتبر باطلاً، وكانت المادة 37/ 8 من قانون المرافعات تقضي بأنه إذا كانت الدعوى بطلب صحة أو إبطال عقد مستمر فإن قيمتها تقدر باعتبار مجموع التعامل النقدي عن مدة العقد كلها، وكان عقد الإيجار موضوع النزاع بعد انتهاء مدته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد امتد تلقائياً إلى مدة غير محدودة طبقاً لأحكام قوانين إيجار الأماكن، فمن ثم يكون المقابل النقدي لهذه المدة غير محدد، وتكون الدعوى غير قابلة لتقدير قيمتها وبالتالي تعتبر قيمتها زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً طبقاً للمادة 41 من قانون المرافعات، ويكون الحكم الصادر فيها جائزاً استئنافه. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن التعديل الذي أجراه المطعون عليه في الدكان الأصلي لا يعتبر تعديلاً جوهرياً لأنه اقتصر على تقسيمه إلى ثلاثة دكاكين وأنه تعذر تحديد أجرة المثل في شهر إبريل سنة 1941 بما يتعين معه اعتماد الأجرة المتفق عليها، في حين أن الثابت من تقرير الخبير أنه في سنة 1946 قسم الدكان الأصلي الكبير إلى ثلاثة دكاكين خصص لكل منها باب مستقل وتحول الجزء الداخلي منه إلى شقة من غرفتين وصالة ودورة مياه، فتكون هذه التعديلات جوهرية لم تقتصر على تقسيم الدكان الأصلي إلى ثلاثة حوانيت وإنما شملت أيضاً إنشاء شقة جديدة معدة للسكنى أغفل الحكم الإشارة إليها، وقد ترتب على هذه التعديلات تغيير في طبيعة العين المؤجرة واستغلالها وطريقة استعمالها بما يؤدي إلى اعتبار الدكان موضوع النزاع في حكم المشيد في سنة 1946 فتنسحب عليه أحكام القانون رقم 199 لسنة 1952 وما تلاه من قوانين، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف التعديلات التي تجرى في العين المؤجرة بأنها جوهرية تغير من طبيعة المبنى وتجعله في حكم المنشأ في تاريخها أو أنها بسيطة لا تحدث به هذا الأثر إنما هو تكييف قانوني يستند إلى تقدير الواقع، ولما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بأن التعديلات ليست جوهرية على أن الدكان الأصلي أنشئ قبل أول يناير سنة 1944 وكانت له ثلاثة أبواب وأنه في سنة 1946 قسم إلى ثلاثة حوانيت صغيرة خصص لكل منها باب مستقل. واقتطعت شقة صغيرة من جزئه الخلفي، وأن هذه التعديلات كانت بسبب موقع العقار وبعده عن العمران آنذاك، ولا تعدو كونها إقامة حائطين داخل الدكان الكبير بين الأبواب الثلاثة ولم يكن من شأنها إفادة المؤجر منها إذ أن أجرة الدكان الكبير عند إنشائه كانت ثلاثين جنيهاً شهرياً وأصبحت أجرة الحوانيت الثلاثة والشقة الخلفية لا تتجاوز مبلغ 20 ج و544 م، وأضاف الحكم أنه إذ تعذر على الخبير تعيين أجرة الأساس في شهر إبريل سنة 1941 لأن المنطقة التي تقع بها عين النزاع كانت صحراء جرداء وقت إنشائها فيتعين اعتماد الأجرة المتفق عليها عند التعاقد، وكان يبين من هذا الذي استخلصه الحكم أنه أحاط بحقيقة التعديلات التي تمت بالدكان الأصلي ولم يغفل وجود الشقة الصغيرة عند تحدثه عنها وكان لا يدخل ضمن الإنشاءات الجديدة التعديلات التي يجريها المالك لتسهيل استغلال المبني القديم لا تصحبه تغييرات في أجزائه الأساسية، وكان ما قرره في هذا الشأن استخلاصاً سائغاً في حدود سلطته الموضوعية بالنظر لما جرى بالعين محل النزاع دون سواها باعتبار أنها هي التي يعتد في نطاقها بما أدخل عليها من تعديلات، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع مخالفة رأي الخبير في النتيجة التي انتهى إليها لأن رأيه لا يخرج عن كونه دليلاً في الدعوى من حقها تقديره دون معقب عليها في ذلك طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.