أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 27 - صـ 1024

جلسة 28 من إبريل سنة 1976

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وحسن مهران، ومحمد الباجوري.

(195)
الطعن رقم 30 لسنة 44 ق "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. نيابة عامة. حكم "تسبيبه".
اعتبار النيابة العامة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحاكم الجزئية. عدم تقيد المحكمة برأي النيابة. إغفالها مناقشة هذا الرأي مؤداه إطراحها له.
(2)، (3)، (4) أحوال شخصية "الطلاق".
(2) تعليق الطلاق الذي لا يقصد به سوى التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه، اعتباره في معنى اليمين ولا يقع به طلاق.
(3) الطلاق، شرطه، وقوعه باللفظ الصريح دون حاجة إلى نية الطلاق.
(4) الطلاق حق للزوج وحده؛ حضور الزوجة أو رضاها به ليس شرطاً لإيقاعه.
1 - لئن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة طرفاً أصلياً في دعاوى الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحكمة الجزئية، إلا أن الرأي الذي تبديه النيابة على ضوء ما تستبينه من وقائع الدعوى ومدى تفسيرها للقانون لا تتقيد به المحكمة، فلها أن تأخذ به أو أن تطرحه ولا يعد أخذها برأي النيابة اعتماداً عليه في قضائها، إذ كان ذلك، فإنه لا محل للنعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يناقش ذلك الرأي لأن إغفاله يحمل على أنه لم يرى الأخذ به.
2 - مفاد نص المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية أن المشرع - أخذاً برأي بعض المتقدمين من الحنفية - ارتأى أن تعليق الطلاق إن أريد به التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه، وقائله يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه كان في معنى اليمين ولا يقع به طلاق.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط فيما يقع به الطلاق أن يصدر ممن يملكه ما يفيد رفع القيد الثابت بالزواج الصحيح بلفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه حالاً بالطلاق البائن أو مآلاً بالطلاق الرجعي إذا لم تعقبه الرجعة أثناء العدة، على أن يصادف محلاً لوقوعه، ويقع الطلاق باللفظ الصريح قضاء وديانة دون حاجة إلى نية الطلاق، ومن ثم فإن لفظ الطلاق الصريح الصادر من الطاعن بالإشهاد - أمام المأذون - والذي ورد منجزاً غير معلق يقع به الطلاق طبقاً للنصوص الفقهية باعتباره منبت الصلة بما يسوقه الطاعن من أن نيته انصرفت إلى إثبات طلاق معلق على شرط وقر في ذهنه تحققه.
4 - لا يشترط لإيقاع الطلاق حضور الزوجة لأن الشارع جعله حقاً للزوج يستقل بإيقاعه من غير توقف على رضاها به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 39 سنة 1972 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة أسوان الابتدائية طالباً الحكم بتعديل وصف طلاقه للمطعون عليها الموثق بالإشهار المؤرخ 21/ 7/ 1971 من طلاق بائن بينونة كبرى إلى طلاق رجعي وإثبات مراجعته لها في 21/ 9/ 1971، وقال شرحاً للدعوى إن أوقع على زوجته المطعون عليها طلاقاً معلقاً بأن قال لها "إذا ذهبت إلى منزل شقيقك فأنت طالق" ثم نمى إلى علمه أنها ذهبت إلى منزل شقيقها فوقر في ظنه أن الطلاق قد وقع وأنه الطلاق الثالث فتوجه إلى المأذون وأثبت في إشهار رسمي هذا الطلاق المكمل للثلاث، وإذا تبين له بعد ذلك أن المطعون عليها لم تذهب إلى منزل شقيقها وأن الطلاق المعلن لم يصادف محلاً فقد راجع زوجته وأقام الدعوى للحكم بما سلف بيانه، وفي 24/ 3/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدعوى وبالتفريق بين الطاعن والمطعون عليها استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2 لسنة 1973 أحوال شخصية نفس مأمورية أسوان طالباً القضاء له بطلباته وبتاريخ 26/ 6/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأيد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن النيابة تقدمت أمام محكمة الاستئناف بمذكرة خالفت فيها رأيها الذي أبدته أمام محكمة أول درجة والذي أخذ به الحكم الابتدائي ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه أسقط الرد عليها، واتخذ من أسباب الحكم الابتدائي دعامة لقضائه رغم اعتماده على مذكرة النيابة الأولى أمام محكمة أول درجة بحيث أصبحت هذه الأسباب لا تتفق مع الرأي الجديد الذي طرحته النيابة أمام محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه بعد صدور القانون رقم 628 لسنة 1955 أصبحت النيابة طرفاً أصلياً في قضايا الأحوال الشخصية التي لا تختص بها المحكمة الجزئية. إلا أن الرأي الذي تبديه النيابة على ضوء ما تستبينه من وقائع الدعوى ومدى تفسيرها للقانون لا تتقيد به المحكمة فلها أن تأخذ به أو أن تطرحه ولا يعد أخذها برأي النيابة اعتماداً عليه في قضائها، لما كان ذلك فإنه لا محل للنعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يناقش ذلك الرأي لأن إغفاله يحمل على أنه لم ير الأخذ به، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم اعتد بالطلاق الذي أثبته بالإشهاد أمام المأذون، اعتبره طلاقاً جديداً في حين أنه لم يكن إلا إثباتاً للطلاق المعلق الذي ظن أنه وقع دون أن تنصرف نيته إلى إنشاء طلاق جديد، خاصة وأن الزوجة لم تكن حاضرة مجلسه حتى يصح القول أنه وجه إليها طلاقاً جديداً، لا يتصور عقلاً حصوله وإلا كان بمثابة طلاق رابع، وإذ كان الطلاق لا يقع بناء على الإشهاد الذي يقتصر على إثباته، وكان القول باعتبار الإشهاد منشئاً لواقعة الطلاق يخرج به عن طبيعته فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان النص في المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية على أنه "ولا يقع الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير" يدل على أن المشرع - أخذاً برأي بعض المتقدمين من الحنفية - ارتأى أن تعليق الطلاق إن أريد به التخويف أو الحمل على فعل شيء أو تركه، وقائله يكره حصول الطلاق ولا وطر له فيه كان في معنى اليمين ولا يقع به طلاق إلا أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أوقع طلاق المطعون عليها طبقاً للثابت بالإشهاد أمام المأذون في 21/ 7/ 1971 بقوله "زوجتي ومدخولتي.... الغائبة عن المجلس طالق مني.... وإن هذا الطلاق هو المكمل للثلاث لسبقه بطلقتين مقيدتين" وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط فيما يقع به الطلاق أن يصدر ممن يملكه ما يفيد رفع القيد الثابت بالزواج الصحيح بلفظ الطلاق أو ما يقوم مقامه إلا بالطلاق البائن أو بالطلاق الرجعي إذا لم تعقبه الرجعة أثناء العدة، على أن يصادف محلاً لوقوعه ويقع الطلاق باللفظ الصريح قضاء وديانة دون حاجة إلى نية الطلاق، فإن لفظ الطلاق الصريح الصادر من الطاعن بالإشهاد على النحو السالف والذي ورد منجزاً غير معلق يقع به الطلاق طبقاً للنصوص الفقهية سالفة الذكر، باعتباره منبت الصلة بما يسوقه الطاعن من أن نيته انصرفت إلى إثبات طلاق معلق على شرط وقر في ذهنه تحققه، لما كان ذلك وكان لا يشترط لإيقاع الطلاق حضور الزوجة لأن الشارع جعله حقاً للزوج يستقل بإيقاعه من غير تعقب على رضاها به، وإذ ساير الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بطلاق الطاعن للمطعون عليها طبقاً للثابت بالإشهاد فإنه لا يكون قد تنكب نهج الشرع الإسلامي ويكون النعي على غير أساس وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.