أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 8 - صـ 189

جلسة 28 من فبراير سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم المستشارين.

(23)
القضية رقم 110 سنة 23 القضائية

( أ ) استئناف. أحكام يجوز استئنافها. اختصاص. قانون. دعوى قيمتها تقل عن 250 جنيهاً رفعت أمام المحكمة الابتدائية في ظل قانون المرافعات القديم وأصدرت فيها قبل الفصل في الموضوع أحكاماً غير منهية للخصومة كلها أو بعضها وذلك قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات الجديد. وجوب إحالتها إلى المحكمة الجزئية بعد العمل بالقانون الجديد. عدم القضاء بذلك والحكم في الموضوع. جواز استئناف القضاء الضمني بالاختصاص في هذه الحالة.
(ب) اختصاص. اختصاص فرعي. تعلقه بالنظام العام. أثر ذلك.
(ج) نقض. حالة الطعن ببطلان الحكم. حكم "تسبيبه". النعي على الحكم بمخالفة الثابت بالأوراق التي أودعها الطاعن ملف الطعن. عدم تقديم هذه الأوراق إلى محكمة الموضوع. اعتبار الطعن خلواً من الدليل.
1 - إذا كانت الدعوى التي رفعت أمام المحكمة الابتدائية في ظل قانون المرافعات الملغى لا تتجاوز قيمتها 250 جنيهاً وكانت الأحكام التي أصدرتها تلك المحكمة فيها قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات الجديد سابقة على الفصل في الموضوع وغير منهية للخصومة كلها أو بعضها فإنه يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة المواد الجزئية طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات فإذا لم تقض المحكمة الابتدائية بذلك وقضت في موضوع الدعوى فإن حكمها الضمني باختصاصها بالدعوى خلاف القانون يكون جائز الاستئناف طبقاً للمادة 401 من قانون المرافعات.
2 - الاختصاص بحسب نوع القضية أو قيمتها قد أصبح وفقاً للمادة 134 من قانون المرافعات الجديد متعلقاً بالنظام العام فلا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافه ويجوز الدفع به في أية حالة تكون عليها الدعوى ويجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها.
3 - متى كان يبين من الاطلاع على المستندات التي أودعها الطاعن ملف الطعن أنه ليس من بينها ما أشار إليه الحكم المطعون فيه ولم يقدم الطاعن ما يفيد أن هذه المستندات سبق أن قدمت لمحكمة الموضوع فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت بهذه الأوراق يكون خلواً من الدليل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع ضد الطاعنين والمطعون عليها الثانية الدعوى رقم 119 سنة 1946 كلي مصر بطلب تثبيت ملكيته للدكان المبين بصحيفة الدعوى ومنع تعرض الطاعنين بصفتهما له والتسليم - وفي 10/ 6/ 1946 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء المهندسين لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة ثم قضت في 28/ 12/ 1946 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع اليد. وفي 7/ 3/ 1949 حكمت بالانتقال إلى محل النزاع لتطبيق المستندات بحضور الخبير الحكومي والخبير الاستشاري ثم حكمت في 12/ 12/ 1949 بندب الخبير الهندسي شفيق رزق للمعاينة وتطبيق المستندات على الطبيعة وأخيراً قضت بتاريخ
19/ 2/ 1951 بتثبيت ملكية المطعون عليه الأول إلى الدكان الموضح الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة الطاعنين بصفتهما له والتسليم مع إلزامهما بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف الطاعنان هذا الحكم بالقضية رقم 252 سنة 68 ق لدى محكمة استئناف القاهرة، ودفع المطعون عليه الأول بعدم جواز الاستئناف بمقولة إن الحكم المستأنف انتهائي لأن قيمة الدعوى أقل من 250 جنيهاً - وبتاريخ 7/ 3/ 1953 قضت المحكمة بقبول الدفع وبعدم جواز الاستئناف وإلزام الطاعنين بالمصروفات و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة فقرر الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وأبدت النيابة العامة رأيها بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أحدهما في أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر التسبيب وأغفل دفاعاً جوهرياً الطاعنين ذلك أنهما تمسكا لدى محكمة الاستئناف بأن قيمة الدكان موضوع النزاع تبلغ 360 جنيهاً وفقاً لربط عوائد سنة 1934، 424 جنيهاً وفقاً لعوائد سنة 1950 وقدما مستخرجات رسمية تثبت تقرير هذه العوائد على العين المتنازع عليها إلا أن الحكم قرر أن العوائد الواردة بهذه المستندات هي عن المنزل بأكمله وأن تقدير قيمة الدكان وهو جزء من المنزل بمبلغ 160 جنيهاً هو تقدير صحيح فيكون الحكم قد خالف الثابت بالأوراق ولم يرد على دفاع الطاعنين مما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه خلو من الدليل ذلك أن الطاعنين لم يقدما ما يفيد أن المستندات التي أودعاها ملف الطعن سبق أن قدمت لمحكمة الموضوع، ويبين من الاطلاع على هذه المستندات أنه ليس من بينها ما أشار إليه الحكم المطعون فيه من قسائم العوائد الدالة على أن مجموعها 2.5 جنيه في السنة الواحدة والتي استدل منها على أن تقدير قيمة الدكان موضوع الدعوى بمبلغ 160 جنيهاً مطابق للحقيقة.
وحيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أسس قضاءه بعدم جواز الاستئناف على أن الدعوى وقد بلغت قيمتها 160 جنيهاً تدخل في الاختصاص النهائي للمحكمة الابتدائية طبقاً للمادة 51 من قانون المرافعات، في حين أن ما نصت عليه هذه المادة من أن حكم المحكمة الابتدائية يكون نهائياً إذ لم تتجاوز قيمة الدعوى 250 جنيهاً مشروط بأن تكون الدعوى داخلة أصلاً في اختصاص هذه المحكمة، أما هذه الدعوى فهي من اختصاص المحكمة الجزئية طبقاً للمادة 45 من قانون المرافعات وكان يتعين إحالتها إلى تلك المحكمة عملاً بالمادة 4/ 1 من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات وكانت الإحالة واجبة من تلقاء نفس المحكمة لاتصالها بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الدعوى - وهي من الدعاوى العقارية التي لا تتجاوز قيمتها 250 جنيهاً على ما قطع به الحكم المطعون فيه بأسباب موضوعية لا وجه للطعن عليها - قد أصبحت داخلة في اختصاص المحكمة الجزئية طبقاً للمادة 45 من قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 المعمول به ابتداء من 15/ 10/ 1949 - وأنه وإن كانت هذه الدعوى قد رفعت قبل العمل بهذا القانون في ظل قانون المرافعات الملغي الذي كانت بموجبه من اختصاص المحكمة الابتدائية إلا أن المادة الأولى من قانون المرافعات الجديد نصت على أنه "تسري قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ويستثنى من ذلك القوانين المعدلة للاختصاص متى كان تاريخ العمل بها بعد إقفال باب المرافعة في الدعوى..." كما نصت المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات على حكم وقتي في شأن الدعاوى التي تعدل اختصاصها النوعي بموجب هذا القانون، إذ قالت: "على المحاكم الابتدائية أن تحيل بدون رسوم ومن تلقاء نفسها ما يوجد لديها من دعاوى أصبحت من اختصاص قاضي محكمة المواد الجزئية بمقتضى أحكام هذا القانون، وذلك بالحالة التي تكون عليها... ولا تسري أحكام الفقرة السابقة على الدعاوى المحكوم فيها حضورياً أو غيابياً أو الدعاوى المؤجلة للنطق بالحكم بل تبقى خاضعة لأحكام النصوص القديمة" ومفاد ذلك أن تنتقل الدعوى من ولاية قانون المرافعات القديم إلى ولاية القانون الجديد، وتحال حتماً من المحكمة الابتدائية إلى المحكمة الجزئية التي أصبحت من اختصاصها إلا في الأحوال التي استثناها المشرع وهي أن تكون الدعوى مؤجلة للنطق بالحكم أو تكون قد حكم فيها حضورياً أو غيابياً قبل تاريخ العمل بالقانون الجديد أي أن يكون قد فصل في شيء من موضوع الخصومة المترددة فيها. ومن ثم فلا يمنع من الإحالة إلى محكمة المواد الجزئية أن تكون المحكمة الابتدائية قد أصدرت في الدعوى التي تعدل اختصاصها بها حكماً قبل الفصل في موضوعها لا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ولا يحول دون هذه الإحالة أن لا يكون الطاعنان قد تمسكا بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى ذلك أن الاختصاص بحسب نوع القضية أو قيمتها قد أصبح وفقاً للمادة 134 من قانون المرافعات الجديد متعلقاً بالنظام العام لا يجوز للخصوم الاتفاق على خلافه ويجوز الدفع به في أية حالة تكون عليها الدعوى، ويجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى تقل قيمتها عن 250 جنيهاً وأنها مما يدخل في اختصاص محكمة المواد الجزئية وأن الأحكام التي أصدرتها المحكمة الابتدائية فيها قبل تاريخ العمل بقانون المرافعات الجديد سابقة على الفصل في الموضوع وغير منهية للخصومة كلها أو بعضها فإنه كان يتعين إحالة الدعوى إلى محكمة المواد الجزئية طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 77 لسنة 1949 بإصدار قانون المرافعات وإذ لم تقض المحكمة الابتدائية بذلك فإن حكمها الضمني باختصاصها بالدعوى على خلاف القانون يكون جائز الاستئناف طبقاً للمادة 401 من قانون المرافعات التي نصت على أن الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص بالإحالة إلى محكمة أخرى يجوز استئنافها مهما تكن قيمة الدعوى". والحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف تأسيساً على أن قيمة الدعوى تقل عن 250 جنيهاً وأن الحكم المستأنف نهائي يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه ويتعين لذلك نقضه والحكم في موضوع الاستئناف.