أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 858

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1957

برئاسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.

(96)
طعن رقم 33 سنة 26 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. اختصاص. استئناف. نظر دعوى نفقة أمام الدائرة الاستئنافية بالمجلس الملي العام. اختصاص محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف باستمرار النظر في الاستئناف بعد إلغاء المجالس الملية. القانون 462 لسنة 1955.
متى كان الحال في الدعوى المرفوعة بطلب نفقة شهرية أنها كانت منظورة أمام الدائرة الاستئنافية بالمجلس الملي العام ولم يكن قد تم الفصل فيها حتى 31 من ديسمبر سنة 1955 فإن المحكمة التي تختص باستمرار النظر فيها هي محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 462 لسنة 1955. فإذا كان الحكم قد استند إلى المادة الثامنة من هذا القانون بمقولة إنها تجعل الاختصاص في مثل هذه الدعوى للمحاكم الجزئية وإن استئنافها يكون أمام المحكمة الابتدائية فإن هذا الاستناد يكون خاطئاً ومخالفاً للقانون - على ما جرى به قضاء محكمة النقض [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام على ابنه المطعون عليه الثاني الدعوى رقم 128 سنة 1955 مجلس ملي فرعي الزقازيق لطائفة الأقباط الأرثوذكس وطلب إلزامه بأن يدفع له نفقة شهرية - وفي 7 من أكتوبر سنة 1955 قضى المجلس بإلزام المدعى عليه (المطعون عليه الثاني) بأن يدفع لوالده المدعي (المطعون عليه الأول) على سبيل النفقة مبلغ 75 قرشاً شهرياً ابتداء من أول أكتوبر سنة 1955 مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة. وقد استأنف المطعون عليه الثاني هذا الحكم أمام المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس الذي قرر تنفيذاً للقانون رقم 462 لسنة 1955 إحالة القضية إلى محكمة استئناف المنصورة التي أحالتها بدورها إلى محكمة الزقازيق الابتدائية للأحوال الشخصية بهيئة استئنافية. وفي 20 من مارس سنة 1956 قررت هذه المحكمة الأخيرة إعادة الدعوى إلى المرافعة وإحالتها إلى محكمة استئناف المنصورة وقيد بجدولها برقم 10 سنة 1956 (ملي أحوال شخصية). وفي 9 من يونيه سنة 1956 قضت محكمة استئناف المنصورة بقبول الاستئناف شكلاً وبعدم اختصاصها بنظره وإحالته إلى دائرة الأحوال الشخصية بهيئة بمحكمة الزقازيق الابتدائية.
وفي 23 من يونيه سنة 1956 قررت النيابة العامة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1956 حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها وطلبت إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية، فقررت دائرة الفحص إحالته إلى هذه الدائرة.
وفي 24 من نوفمبر سنة 1956 أمر السيد رئيس المحكمة بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما وحدد لهما مدة خمسة عشر يوماً لإيداع مذكرة بدفاعهما مشفوعة بالمستندات التي يريان تقديمها وحدّد للنيابة الواحد وعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها في الطعن. وتنفيذاً لهذا الأمر أعلن المطعون عليهما في 2 من يناير سنة 1957 و14 من مايو 1957 وانتهى الأجل المحدّد لهما دون أن يقدما مذكرات أو مستندات وقدمت النيابة مذكرة صممت فيها على ما تضمنته مذكرتها السابقة وأبدت رأيها أمام هذا الهيئة طالبة نقض الحكم وإحالة القضية إلى محكمة استئناف المنصورة.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة استئناف المنصورة وإحالته إلى دائرة الأحوال الشخصية بهيئة استئنافية بمحكمة الزقازيق الابتدائية استناداً إلى نص المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 قد خالف القانون - ذلك أن المادة الثانية من هذا القانون جعلت الاختصاص في هذه الحالة لمحكمة الاستئناف لا للمحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية أما المادة الثامنة سالفة الذكر فقد نظمت اختصاص المحاكم بنظر قضايا الأحوال الشخصية فبينت ما تنظره منها المحاكم الجزئية وما تنظره المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ابتداء من أول يناير سنة 1956، وليس فيما قضت به المادة الثامنة المشار إليها ما يخالف أحكام المادة الثانية التي تنص على أن جميع القضايا التي كانت منظورة أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية تحال إلى محكمة الاستئناف بغير نظر إلى موضوع القضايا أو نوعها.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما تثيره الطاعنة في سبب النعي على "أن المادة الثامنة من القانون رقم 462 لسنة 1955 تجعل الاختصاص في مثل هذه الدعوى للمحاكم الجزئية ومن ثم يكون استئنافها أمام المحاكم الابتدائية" وهذا الذي أقيم عليه الحكم على ما جرى به قضاء هذه المحكمة مخالف للقانون. ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 462 لسنة 1955 نصت على أنه "تلغى المحاكم الشرعية والمجالس الملية ابتداء من أول يناير سنة 1956 وتحال الدعاوى المنظورة أمامها لغاية 31 من ديسمبر سنة 1955 إلى المحاكم الوطنية لاستمرار النظر فيها وفقاً لقانون المرافعات" ثم نصت المادة الثانية منه على أنه "تحال الدعاوى التي تكون منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية إلى محكمة الاستئناف الوطنية التي تقع في دائرتها المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المستأنف". ويبين مما نصت عليه هاتان المادتان أن المشرع عنى بتنظيم قواعد الإحالة على المحاكم الوطنية تنظيماً مؤقتاً بالنسبة للقضايا التي تكون قد رفعت إلى المحاكم الشرعية والمجالس الملية قبل تاريخ إلغاء تلك الجهات وهو أول يناير سنة 1956 ولم يكن قد تم الفصل فيها حتى 31 من ديسمبر سنة 1955. فأوجب القانون إحالة القضايا التي من هذا النوع إلى محكمة الاستئناف إذا كانت الدعوى منظورة أمام المحكمة العليا الشرعية أو أمام الدائرة الاستئنافية بالمجالس الملية مما يستفاد منه أن المشرع قد صرف النظر عن الاختصاص المترتب على تقدير قيمة الدعوى بالنسبة إلى القضايا المحالة من المجلس الملي الاستئنافي - أما المنازعات التي تنشأ بعد تاريخ العمل بالإلغاء فقد تحدثت عنها المادة الثامنة من القانون 462 لسنة 1955 ووضعت قواعد الاختصاصات العامة والمنظمة لمسائل الأحوال الشخصية التي تنشأ بين المتخاصمين بعد التاريخ المذكور ثم بينت نوع المنازعات التي تختص بنظرها المحاكم الجزئية والمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. ولما كان الحال في خصوصية هذه الدعوى أنها كانت منظورة أمام الدائرة الاستئنافية بالمجلس الملي العام ولم يكن قد تم فصل فيها حتى 31 من ديسمبر سنة 1955 فإن المحكمة التي تختص باستمرار النظر فيها هي محكمة الاستئناف الواقع في دائرتها المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف أي محكمة استئناف المنصورة وفقاً لنص المادة الثانية من هذا القانون. أما استناد الحكم المطعون فيه إلى المادة الثامنة وقوله إنها تجعل الاختصاص في مثل هذه الدعوى للمحاكم الجزئية وأن استئنافها يكون أمام المحكمة الابتدائية فهو استناد خاطئ مخالف للقانون مخالفة تستوجب نقضه.


[(1)] تقرر هذا المبدأ أيضاً بالحكم الصادر في الطعن رقم 36 سنة 26 ق أحوال شخصية جلسة 12/ 12/ 1957. وكذلك بالحكم الصادر في الطعن رقم 34 سنة 26 ق أحوال شخصية جلسة 26/ 12/ 1957.