أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 8 - صـ 863

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1957

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد الواحد علي، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(97)
طعن رقم 209 سنة 23 ق

( أ ) تأمين بحري. نقل بحري. قانون. النزاع الخاص بالتأمين البحري. خضوعه لقانون التجارة البحري دون معاهدة بروكسل الصادر في 25 من أغسطس سنة 1924 بشأن النقل البحري.
(ب) تقادم. تأمين بحري. نقض "أسباب قانونية يخالطها واقع". رفع الدعوى بطلب التأمين البحري عن تلف بضاعة بسبب احتراقها بعد تفريغها في الصنادل. دفعها بالسقوط طبقاً للمادتين: 27 و275 تجاري بحري تأسيساً على أن الدعوى لم ترفع إلا بعد حوالي عشرة شهور من تاريخ انتهاء المفاوضة. عدم بحث تاريخ انقطاع المفاوضة في الحكم وتحقيق وقوعه بصورة جازمة مستمدة من أوراق الدعوى. عدم اعتبار تلك العناصر واضحة أمام محكمة النقض.
1 - إن معاهدة بروكسل الصادرة في 25 من أغسطس سنة 1924 والتي وافقت عليها مصر بالقانون رقم 18 لسنة 1940 وأصدرت مرسوماً بنفاذها في 31 من يناير سنة 1944 - هذه المعاهدة خاصة بمسائل النقل البحري وأحكامه ولا شأن لها بالتأمين البحري، والقانون الواجب التطبيق في النزاع الخاص بهذا التأمين هو قانون التجارة البحري.
2 - متى تبين أن الدعوى رفعت بطلب قيمة التأمين البحري المستحق عن تلف البضاعة بسبب احترافها بعد تفريغها في الصنادل فدفعها المؤمن لديه بعدم قبولها طبقاً لنص المادتين 274 و275 تجاري بحري لعدم الاحتجاج خلال ثمان وأربعين ساعة من استلام البضاعة ورفع الدعوى في 31 يوماً من تاريخ الاحتجاج وأن الدعوى لم ترفع إلا بعد حوالي عشرة شهور من تاريخ انتهاء المفاوضة - وكان الحكم لم يعن ببحث تاريخ انقطاع المفاوضة وتحقيق وقوعه بصورة جازمة صريحة مستمدة من أوراق الدعوى وهي واقعة لها أهميتها كشرط أساسي من شروط تقادم الدعوى وسقوطها المستفاد من نص المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري وكذلك من معاهدة بروكسل الصادرة في 25 من أغسطس سنة 1924 - فإن ذلك مما يعجز محكمة النقض عن الفصل في الدفع لعدم وضوح تلك العناصر أمامها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى شرائطه القانونية.
ومن حيث إن الوقائع تخلص - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن - في أن الشركة المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1572 سنة 1949 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعنة طلب فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 4140 ج و248 م والفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد وأسس هذه المطالبة بأنها اشترت 550 طناً من الجوت من أرتيريا بالصومال الإيطالي تسليم ميناء السويس وقد تم شحن البضاعة من ميناء كيسيمايو في 20/ 1/ 1947 على الباخرة فيلهو. وفي 27/ 1/ 1947 قامت الشركة المطعون عليها بالتأمين على هذه البضاعة لدى الشركة الطاعنة بموجب بوليصتي تأمين مؤرختين 27/ 1/ 1947 تضمنتا قيمة البضاعة ووزنها ونوعها بأنها جوت موضوع في بالات معينة العدد والعلامات كما نص على سريان هذا التأمين ابتداء من 21/ 1/ 1947. وبتاريخ 13/ 2/ 1947 شب حريق في صندلين من الصنادل المعدة لنقل البضائع من الباخرة إلى الرصيف في ميناء السويس فغرق الصندلان وتلف جانب كبير من البضاعة بسبب الحريق والغرق فأخطرت الشركة المطعون عليها الشركة الطاعنة بالحادث يوم 14/ 2/ 1947 وعاين مندوب شركة التأمين الطاعنة وقدم تقريراً عن الحادث في 3/ 5/ 1947، وقد أخطرت الشركة المطعون عليها الشركة الطاعنة بهذا التقرير في 21/ 5/ 1947 وطلبت إليها سداد قيمة التأمين المستحق ومقداره 4246 جنيه إنجليزي و8 شان و6 بنس حسب تقدير الخبير واتبعت ذلك بخطاب آخر في 1/ 10/ 1947 ردت عليه الطاعنة في 6/ 10/ 1947 بأنها بانتظار بعض المستندات والبيانات من وكيلها باريتريا لمعالجة الموضوع دون إبطاء ثم تبودلت مكاتبات آخرها خطاب من الطاعنة مؤرخ 3/ 4/ 1948 تشير فيه إلى أنها اتصلت بمركزها الرئيسي وتأمل وصول رده حتى يمكن النظر في الأمر ولانقطاع المكاتبات بعد ذلك اضطرت المطعون عليها لرفع دعواها بطلباتها المتقدمة. فدفعت الطاعنة بعدم قبولها طبقاً لنص المادتين 274 و275 تجاري بحري لعدم الاحتجاج خلال 48 ساعة من استلام البضاعة ورفع الدعوى في 31 يوماً من تاريخ الاحتجاج وأن المفاوضة بين الطرفين انتهت في 3/ 4/ 1948 ولم ترفع الدعوى إلا في 22/ 2/ 1949، وأن الإخطار بخطاب عادي لا يغني شيئاً. وبتاريخ 28/ 4/ 1951 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدفع وبقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المطعون عليها بالمصروفات والأتعاب. فاستأنفت المطعون عليها الحكم وقيد استئنافها برقم 394 سنة 7 ق إسكندرية طالبة الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بطلباتها، كما استأنفته الطاعنة فرعياً طالبة إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والحكم بقبول الدفع وبتاريخ 5/ 5/ 1953 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وبتأييد الحكم فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الشركة الطاعنة بطلبات المطعون عليها. فقررت الشركة الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقد عرض الطعن على دائرة فحص المطعون بجلسة 13 من مارس سنة 1957 فقررت إحالته على هذه الدائرة.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المذكور في السبب الأول مخالفة الحكمين الابتدائي والاستئنافي المؤيد له حكم المادتين 274 و257 من قانون التجارة البحري وللمادة الأولى فقرة (هـ) من معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن ذلك أن نطاق النقل البحري ينتهي بمجرد تفريغ البضاعة من السفينة على الصنادل، فالدعاوى الناشئة عن الحوادث الحاصلة عن هذا التفريغ بواسطة الصنادل تخضع للمواعيد المقررة في المادتين 274 و275 تجاري بحري وهي 31 يوماً من تاريخ الاحتجاج وانقطاع المفاوضات بين الطرفين.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه يبين أنه في صدد رفض الاستئناف الفرعي وتأييد حكم محكمة أول درجة في رفض الدفع وبقبول الدعوى قد أقام قضاءه على "أن المهلة التي حددتها المادتان 274 و275 من قانون التجارة البحري لرفع الدعوى خلال 31 يوماً للمطالبة عن العجز أو التلف ضد الناقل أو المؤمن فإن أحكام هاتين المادتين قد تعدلتا في حدود ما ورد في معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن والتي وافقت عليها الحكومة المصرية بالقانون رقم 18 لسنة 1940 وأصبحت نافذة المفعول من 29 من مايو سنة 1944 - وتقضي الفقرة السادسة من المادة الثالثة من تلك المعاهدة بأنه في جميع الأحوال ترتفع عن الناقل والسفينة كل مسئولية ناشئة عن الهلاك أو التلف إذا لم ترفع الدعوى في خلال سنة من تسلم البضاعة أو من التاريخ الذي كان ينبغي تسلمها فيه - وحيث إن أحكام المعاهدة في هذا الصدد في تحديد المسئولية بين الشاحن ومتعهد النقل تنطبق أيضاً على العلاقة بين المؤمن والمؤمن لديه في حالات التأمين البحري لأن هذا التأمين يغطي حوادث العجز وتلف البضاعة أثناء النقل البحري" وانتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار المهلة الواجب رفع الدعوى خلالها ضد المؤمن لديه هي سنة. ولما كان يبين من مراجعة معاهدة بروكسل الصادرة في 25 من أغسطس سنة 1924 والتي وافقت عليها مصر بالقانون رقم 18 لسنة 1940 وأصدرت مرسوماً بنفاذها في 31 من يناير سنة 1944 أنها خاصة بمسائل النقل وأحكامه ولا شأن لها بالتأمين فيكون قول الحكم المطعون فيه بسريانها على التأمين "لأن هذا التأمين يغطي حوادث العجز وتلف البضاعة أثناء النقل البحري"، هو قول لا سند له ويكون قانون التجارة البحري الذي تحدث في مادتيه 274 و275 عن التأمين البحري هو الواجب التطبيق في هذا النزاع ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه.
ولما كان الحكم المطعون فيه إذ طبق نصوص معاهدة بروكسل في خصوص تقادم الدعوى قرر "وقد كان آخر خطابات إخوان ريكسي إلى شركة الجوت في 13/ 4/ 1948 ينبئونها فيه أنهم في انتظار تعليمات المركز الرئيسي فإذا ما رفعت شركة الجوت دعواها في 22 من فبراير سنة 1949 يكون هذا الإجراء قد وقع خلال السنة التي حددتها معاهدة بروكسل" وهذا الذي قرره الحكم في شأن انقطاع المفاوضة باعتبارها مبدأ لسريان ميعاد السنة التي أجراها على واقعة النزاع إنما كان مجرد استطراد لتثبيت الدعامة الأساسية التي أقيم عليها في هذا الشأن دون أن يعني ببحث تاريخ انقطاع المفاوضة وتحقيق وقوعه بصورة جازمة صريحة مستمدة من أوراق الدعوى وهي واقعة لها أهميتها كشرط أساسي من شروط تقادم الدعوى وسقوطها المستفاد من نص المادتين 274 و275 من قانون التجارة البحري ومن معاهدة بروكسل ذاتها - لما كان ذلك، وكانت تلك العناصر الواقعية غير واضحة أمام هذه المحكمة في أسباب الحكم المطعون فيه لإمكان الفصل في الدفع فيتعين لذلك إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها على هذا الأساس.