أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 26 - صـ 942

جلسة 8 من مايو سنة 1975

برياسة السيد المستشار الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صفاء الدين، وعز الدين الحسيني، وعبد العال السيد، وحافظ رفقي.

(181)
الطعن رقم 255 لسنة 39 القضائية

(1) دعوى "سبب الدعوى". مسئولية. تضامن. التزام.
إقامة الدعوى بالتعويض عن الخطأ العقدي. غير مانع من بناء الحكم على خطأ تقصيري. انتهاء الحكم إلى إعمال أحكام المسئولية التقصيرية في حق الطاعنين. القضاء عليهما متضامنين بالتعويض دون إعذار سابق. لا خطأ.
(2) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن". مسئولية.
استناد الحكم في القضاء بالتعويض إلى أحكام المسئولية التقصيرية. النعي عليه فيما قرره من العدول عما ورد بعقد الإيجار بشأن كيفية تقدير التعويض عن الزراعة. غير منتج.
1 - استناد الخصم إلى الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة من أن تبني حكمها على خطأ تقصيري متى استبان لها توافر هذا الخطأ عند تنفيذ العقد. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استبان من تقرير الخبير أن الطاعنين قد ارتكبا خطأ تقصيرياً بإتلافهم غراس المطعون عليهم مما تكون معه تلك الأعمال قد تجاوزت الإخلال بالالتزام التعاقدي. فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إعمال أحكام المسئولية التقصيرية، وقضى بإلزامهما متضامنين بالتعويض بغير إعذار سابق ودون اعتداد بما اتفق عليه الطرفان بعقود الإيجار، لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه [(1)].
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية وقضى للمطعون عليهم بالتعويض مراعياً ما أصابهم من ضرر نتيجة إتلاف الزراعة القائمة قبل نضجها وانتفاعهم بها، فإن النعي عليه - فيما قرره من أن الطاعنين عدلا عما ورد بعقد الإيجار المبرم بين الطرفين بشأن كيفية تقدير التعويض عن الزراعة، وأنه لا محل لمنازعتهما في الفترة التي حددها الخبير لغصبهما أرض النزاع استناداً إلى ما ورد بمذكرتهما من أن تلك المدة هي....... - يكون غير منتج ولا جدوى منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 730 سنة 1966 مدني كلي إسكندرية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بصفتهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ 3000 ج على أن يكون للمدعى الأول (المطعون عليه الأول) مبلغ 2000 ج ولكل من المدعيين الثاني والثالث (المطعون عليهما الثاني والثالث) مبلغ 500 ج - وقالوا بياناً للدعوى إنهم يستأجروا من المدعى عليه الأول (الطاعن الأول) عدة مساحات مختلفة من الأراضي الزراعية وأن المدعى عليهما تعرضا لهم ومنعا حيازتهم لها بالقوة وأحدثا تلفاً بالأرض الزراعية على النحو الذي أثبته الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 2726 سنة 1965 مستعجل إسكندرية ولحقهم من جراء ذلك ضرر جسيم ومن ثم فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم. وفي 19/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان مقدار ما يستأجره كل من المدعيين على حدة، وما كان بها من أشجار وغراس ومن قام بغرسها وما أصابها من تلف أو إزالة وتقدير التعويض المناسب لذلك شاملاً ما لحق كلاً منهم من خسارة وما فاته من كسب بما في ذلك تكاليف إعادة الأرض إلى ما كانت عليه قبل استيلاء مؤسسة الدواجن عليها وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة في 23/ 1/ 1968 بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) متضامنين بأن يدفعا للمدعي الأول مبلغ 300 ج وللثاني 150 ج وللثالث 200 ج. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 265 سنة 24 ق وبتاريخ 4/ 3/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهما بالتعويض دون سبق إعذارهما مع أن التعويض ناشئ عن إخلال بالتزام تعاقدي تحكمه عقود الإيجار المبرمة بين الطرفين كما خالف الحكم البند الثاني عشر من هذه العقود والذي يحدد أسس تقدير التعويض عند استيلاء الطاعنة الأولى على العين المؤجرة فضلاً عن قضائه بإلزامهما بالتعويض بالتضامن دون سند من اتفاق أو قانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان استناد المطعون عليهم إلى الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة من أن تبني حكمها على خطأ تقصيري متى استبان لها توافر هذا الخطأ عند تنفيذ العقد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استبان من تقرير الخبير أن الطاعنين قد ارتكبا خطأ تقصيرياً بإتلافهم غراس المطعون عليهم مما تكون معه تلك الأعمال قد تجاوزت الإخلال بالالتزام التعاقدي، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى إعمال أحكام المسئولية التقصيرية وقضى بإلزامهما متضامنين بالتعويض بغير إعذار سابق ودون اعتداد بما اتفق عليه الطرفان بعقود الإيجار لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق من وجهين أولهما أن الحكم المطعون فيه استبعد حكم البند الثاني عشر من عقود الإيجار على أساس أنه يبين من صحيفة الاستئناف أن الطاعنين غير متمسكين بهذا الشرط بصرفهم للمطعون عليهم تعويضاً عن استيلائهما على الأرض موضوع النزاع دون إشارة إلى أن هذا التعويض قاصر على الزراعة مما يكونان معه قد عدلا على هذا الاتفاق مع أن ذلك يخالف الثابت بالأوراق ذلك أنهما تقدما لمحكمة أول درجة بحافظة مستندات تضمنت ثلاثة محاضر معاينة وتقييم للمزروعات التزما فيها في تقدير التعويض حكم البند الثاني عشر من عقود الإيجار فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه معيب بالفساد في الاستدلال ذلك أن العبارة التي وردت بالسبب الثاني من أسباب صحيفة الاستئناف والتي استند إليها الحكم فيما قرره من عدول الطاعنين عن الاتفاق لا تفيد هذا العدول كما أنهما تمسكا في مذكرتهما المقدمة بجلسة 4/ 3/ 1969 بإعمال البند الثاني عشر من عقود الإيجار. وثانيهما أن المحكمة ذهبت إلى أنه لا محل لمنازعة المستأنفين في الفترة التي حددها الخبير لغصبهما أرض النزاع استناداً إلى ما ورد بمذكرتهما رقم/ 7 أمام محكمة أول درجة من أن تلك المدة هي من 12/ 11/ 1964 حتى 17/ 10/ 1965 - في حين أن ذلك يخالف ما قرره المطعون عليهم في صحيفة افتتاح الدعوى وفي مذكرتهما المقدمة لمحكمة أول درجة من أن التعرض بدأ في شهر فبراير سنة 1965 - فضلاً عن أن ما جاء بمذكرة الطاعنة لمحكمة أول درجة لا يعدو أن يكون بياناً لواقعة مادية يملك من صدر منه تصحيحه وقد قاما بتصحيح هذا الخطأ في المذكرة المقدمة منهما لمحكمة الاستئناف.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض استناداً إلى أحكام المسئولية التقصيرية وقضى للمطعون عليهم بالتعويض مراعياً ما أصابهم من ضرر نتيجة إتلاف الزراعة القائمة قبل نضجها وانتفاعهم بها، فإن النعي عليه بهذين الوجهين غير منتج ولا جدوى منه.


[(1)] نقض 27/ 1/ 1966 مجموعة المكتب الفني السنة 17 ص 182.