مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 478

جلسة 6 مارس سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(355)
القضية رقم 626 سنة 9 القضائية

بلاغ كاذب. القصد الجنائي في هذه الجريمة. متى يتوافر؟ وجوب إيراد الوقائع التي يستخلص منها توافره.
(المادتان 263 و264 ع = 304 و305)
إن نص المادتين 263 و264 من قانون العقوبات القديم المقابلتين للمادتين 304 و305 من قانون العقوبات الحالي صريح في أنه يشترط لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني سيء القصد عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها، وأن يكون أيضاً قد أقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ عنه. ولذلك يجب أن يعنى الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه المذكورين وبإيراد الوقائع التي استخلص منها توافره. فإذا اقتصر الحكم على بيان كذب الوقائع المبلغ بها، وعلى ذكر ما يفيد علم المبلغ بكذب إحداها، فهذا لا يكفي وحده لإثبات توافر القصد الجنائي كما عرّفه القانون، بل يجب أن يعرض الحكم أيضاً لعنصر هام من عناصر هذا القصد وهو إثبات الغرض السيء الذي رمى المبلغ إلى تحقيقه من وراء البلاغ الكاذب الذي قدّمه. وفي إغفال الحكم ذلك قصور يعيبه ويوجب نقضه.


المحكمة

وحيث إن مبنى الوجه الأوّل من وجهي الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ أدان الطاعن مع أن القانون لا يعاقب على الواقعة التي أثبتها عليه. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن البلاغ الذي قدّم منه لم يكن مقروناً بسوء القصد، وهذا ينفي توافر الجريمة التي أدين فيها. على أن الحكم نفسه لم يبين وجود هذا الركن مما يعتبر قصوراً يعيبه.
وحيث إنه يشترط، طبقاً لصريح نص القانون في المادتين 263 و264 من قانون العقوبات القديم المقابلتين للمادتين 304 و305 من قانون العقوبات الحالي، لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الجاني سيء القصد عالماً بكذب الوقائع التي بلغ عنها، وأن يكون أيضاً قد أقدم على تقديم البلاغ منتوياً السوء والإضرار بمن بلغ عنه. ولذلك يجب أن يعنى الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة ببيان هذا القصد بعنصريه حسبما يتطلبه القانون وبإيراد الوقائع التي استخلص منها توافره.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أدان الطاعن في جريمة تبليغه هو وآخر كذباً في حق المدّعين بالحق المدني، وأنه بعد أن بيّن واقعة تقديم البلاغ من الطاعن وزميله إلى البوليس وكذب واقعة سرقة النقود التي نسباها إلى المدّعين اكتفى بالقول إنه "لو اقتصر المتهمان (الطاعن وزميله) على القول باستيلاء المتهمين (أي المجني عليهم في هذه الدعوى) على المبلغ الحقيقي لكان لهما العذر في هذا. أما وقد بالغا في مقدار المبلغ كما كذبا أيضاً فيما نسباه إلى المدّعين بأنهم دخلوا المنزل بغير رضاء وموافقة أصحابه مع أن الثابت من مناقشة المتهمين وشقيقة الأوّل وكريمة الثاني في التحقيق أن الدخول كان برضاء منهم جميعاً".
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعن الذي قضى بإدانته، وأنه وإن ذكر ما يفيد علم الطاعن بكذب إحدى الوقائع التي نسبها في بلاغه للمدّعين بالحق المدني، وهي واقعة انتهاك حرمة المنزل بغير رضاء منه، إلا أن ذلك لا يكفي وحده لتوافر القصد الجنائي حسبما عرفه القانون، بل كان الواجب أن يعرض الحكم أيضاً لعنصر هام من عناصر هذا القصد وهو إثبات الغاية السيئة التي رمى الطاعن إلى تحقيقها من وراء البلاغ الكاذب الذي قدّمه. وفي إغفال الحكم ذلك قصور يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدّم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وذلك بغير حاجة لبحث الوجه الثاني من أوجه الطعن.