مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الرابع (عن المدة من 2 نوفمبر سنة 1936 لغاية 30 أكتوبر سنة 1939) - صـ 480

جلسة 6 مارس سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(356)
القضية رقم 631 سنة 9 القضائية

قاضي الإحالة. الجنايات التي يجوز له إحالتها إلى محكمة الجنح. الجنايات التي أقصى عقوبتها الأشغال الشاقة المؤقتة. جناية عقوبتها الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة. لا يجوز إحالتها إلى محكمة الجنح.
(قانون 19 أكتوبر سنة 1925)
إن سلطة قاضي الإحالة في تقديم الجنايات إلى محكمة الجنح طبقاً لقانون 19 أكتوبر سنة 1925 مقيدة بأن يكون أقصى العقوبة المقرّرة في القانون للجناية الأشغال الشاقة المؤقتة. فإذا كانت العقوبة هي "الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة" امتنع على قاضي الإحالة أن يقدّمها إلى محكمة الجنح ووجب عليه إحالتها إلى محكمة الجنايات، لأن الخيار بين العقوبتين المقرّرتين في القانون للجناية الواحدة من عمل المحكمة المنوط بها توقيع العقوبة، وهذا يستلزم بقاء الاختصاص بنظر مثل هذه الجناية لمحكمة الجنايات.


المحكمة

وحيث إن مبنى طعن النيابة هو أن المادة الأولى من قانون 19 أكتوبر سنة 1925 بينت ما يجوز لقاضي الإحالة إحالته من الجنايات على محكمة الجنح واستثنت من ذلك الجنايات التي يجوز فيها الحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وجنايات الصحف. ولما كانت الجريمة المسندة للطاعن مما يدخل في هذا الاستثناء لكونها معاقباً عليها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، فلا يجوز إحالتها على محكمة الجنح. ولهذا يكون قرار غرفة المشورة المطعون فيه مخالفاً للقانون.
وحيث إن المادة الأولى من قانون التجنيح الصادر في 19 أكتوبر سنة 1925 خوّلت لقاضي الإحالة في حالات خاصة أن يصدر أمراً بإحالة الدعوى إلى القاضي الجزئي بدلاً من تقديمها إلى محكمة الجنايات إلا أنها قضت في الوقت نفسه بعدم جواز ذلك حيث يكون الفعل جناية أو شروعاً في جناية معاقباً عليه بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة.
ومن حيث إنه يؤخذ من هذا النص أن القانون أجاز لقاضي الإحالة تجنيح الجنايات المعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وحرّم عليه هذا الحق في الجنايات التي عقوبتها أشدّ. فإذا كانت العقوبة التي قررها القانون للجناية هي الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة امتنع التجنيح، لأن الاختيار بين هاتين العقوبتين المقررتين للجناية الواحدة من حق محكمة الموضوع المنوط بها توقيع العقوبة - الأمر الذي يستلزم بقاء الاختصاص في نظر تلك الجناية لمحكمة الجنايات. أما قاضي الإحالة فليس له سوى تجنيح الجنايات بإحالتها إلى القاضي الجزئي في ظروف معينة هي اقترانها بعذري صغر السنّ والدفاع الشرعي أو لظروف مخففة من شأنها تبرير عقوبة الجنحة. وذلك بشرط أن يكون أقصى العقوبة المقررة للجناية الأشغال الشاقة المؤقتة. وإذ كان هذا الحق مقرّراً لقاضي الإحالة في دائرة معينة رسم القانون حدودها فلا يسوغ التوسع فيه.
وحيث إنه ينبني على ذلك أنه متى كان القانون قد أجاز الحكم في الجريمة بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة امتنع التجنيح لأن في الأخذ به خروجاً عن نص القانون وتوسعاً يتنافى مع قصد الشارع.
وحيث إنه لا يغير من النظر المتقدّم أنه في اليوم الذي صدر فيه قانون التجنيح عدّلت بعض نصوص قانون العقوبات بشأن جريمتي الحريق والسرقة المقترنة ببعض الظروف (المادتين 217 و272 عقوبات قديم المقابلتين للمادتين 252 و315 عقوبات جديد) وجعلت العقوبة لكل منهما الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة بعد أن كانت الأشغال الشاقة المؤبدة فقط. وذلك لأن التشريع الذي صاحب قانون التجنيح يرمى في مجموعه إلى جعل بعض العقوبات مرنة في يد القضاء، ولم يقصد به أن يتناول التجنيح الجرائم التي يجوز الحكم فيها قانوناً بالأشغال الشاقة المؤبدة، ولأنه ليس في هذا التشريع ولا في المذكرة الإيضاحية له ما يستدعي الخروج على صريح نص قانون التجنيح.
وحيث إن قرار غرفة المشورة المطعون فيه صدر بتأييد قرار قاضي الإحالة الذي قضى بتجنيح الجريمة المسندة للمتهم وهي جناية القتل العمد. ولما كانت هذه الجريمة يجوز الحكم فيها قانوناً بالأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 234 عقوبات، فما كان يجوز تجنيحها بإحالتها على القاضي الجزئي. ولذا يكون القرار المطعون فيه أخطأ في تأويل القانون ويتعين إذاً نقضه.