مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 11

جلسة 20 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.

(9)
القضية رقم 1690 سنة 9 القضائية

اختلاس أشياء محجوزة. حجز تحفظي. دعوى تثبيت الحجز. الحكم فيها بإبطال المرافعة. تجديدها. الحكم بتثبيت الحجز. تصرف المدعى عليه في الشيء المحجوز. جريمة اختلاس. أثر الحكم بإبطال المرافعة. لا يتناول محضر الحجز. الدفع بأن دعوى تثبيت الحجز قد جدّدت بعد الميعاد. محل الاحتجاج به. الدعوى المجدّدة. عدم إبدائه فيها. الحكم بصحة الحجز قبل وقوع الاختلاس. التمسك بهذا الدفع. لا يجدي.
إذا أوقع المؤجر حجزاً تحفظياً على زراعة المستأجر وفاء لما هو مستحق له من الأجرة وكلفه الحضور أمام المحكمة ليسمع الحكم بإلزامه بدفع الأجرة وتثبيت الحجز، ثم تخلف الحاجز عن الحضور، فطلب المحجوز عليه الحكم بإبطال المرافعة فأجابته المحكمة إلى ذلك، ثم جدّد الحاجز دعواه فحكمت له المحكمة بإلزام المدعى عليه بالأجرة وتثبيت الحجز التحفظي وجعله حجزاً تنفيذياً، فإن تصرف المدعى عليه بعد ذلك في الشيء المحجوز يعدّ اختلاساً له. والقول بأن جريمة الاختلاس لا قوام لها في هذه الحالة لأن الحكم الذي صدر بإبطال المرافعة ينسحب على الحجز فيهدمه قول غير صحيح. إذ بطلان المرافعة مقصور أثره على دعوى صحة الحجز وصحيفتها ولا يتعدّاها إلى محضر الحجز. وكل ما كان للمدعى عليه أن يتمسك به هو أن دعوى تثبيت الحجز قد جدّدت بعد الميعاد المحدّد لرفعها في القانون (المادة 676 مرافعات) ولو أن ذلك سببه الدعوى التي انتهت بالحكم بإبطال المرافعة. ولكن هذا الدفع يجب أن يكون إبداؤه في الدعوى المدنية المجدّدة، فإذا هو لم يبدِ فيها وانتهت بالحكم بصحة الحجز قبل وقوع الاختلاس فإنه لا محل للتمسك به بعد ذلك.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن المجني عليه في 4 أكتوبر سنة 1936 حجز على زراعة الطاعن ومواشيه حجزاً تحفظياً وفاءً لإيجار استحق له عليه وكلفه بالحضور أمام محكمة السنبلاوين بجلسة 21 ديسمبر سنة 1936 ليسمع الحكم بإلزامه بدفع الإيجار وتثبيت الحجز وجعله تنفيذياً، وأنه لتخلف المدعي الحاجز عن الحضور في ذلك اليوم طلب المدعى عليه (الطاعن) الحكم بإبطال المرافعة فأجابته المحكمة على ذلك، وأنه في 4 يناير سنة 1937 جدّد المدعي دعواه هذه المحكوم فيها بإبطال المرافعة فحكمت المحكمة بتاريخ 21 يونيه 1937 بإلزام المدعى عليه بالأجرة وتثبيت الحجز التحفظي وجعله حجزاً تنفيذياً. ويقول الطاعن إن النيابة العامة قد أقامت عليه وعلى الحارس دعوى تبديد الأشياء المحجوز عليها على أساس قيام الحجز التحفظي، وإنه قد دفع التهمة بأن صدور الحكم بإبطال المرافعة في دعوى الدين من شأنه أن يهدم الحجز من أساسه ويجعله كأن لم يكن، وإن محكمة الموضوع حين اعتمدت في إدانته على الحكم الصادر بالدين وتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً قد خالفت ما لحكم إبطال المرافعة من الآثار القانونية من جهة وعوّلت على حكم خاطئ لصدوره بتثبيت حجز غير قائم قانوناً من جهة أخرى.
وحيث إن محكمة الموضوع بعد أن دوّنت في حكمها ما ثبت لها من وقائع الدعوى على ما سبق ذكره، وأن الحاضر عن المتهم قد قرّر أن الحكم الصادر بالدين وتثبيت الحجز التحفظي وفسخ عقد الإيجار والتسليم قد أيدته المحكمة الاستئنافية وأصبح نهائياً، وأن المحضر قد ذهب يوم 21 أغسطس سنة 1937 لبيع الأشياء المحجوز عليها فلم يجدها ولم يجد الحارس المعين لحراستها، وبعد أن لخصت ما دافع به المتهم من أن صدور حكم إبطال المرافعة يهدم كل ما تم في الدعوى من الإجراءات ومن ضمنها الحجز قالت المحكمة بعد ذلك:
"وحيث إن هذا الدفع ربما كان على شيء من الوجاهة لو أن المتهم كان قد تقدّم به إلى المحكمة المدنية فرفضت تثبيت الحجز، أما وقد صدر حكم نهائي بتثبيت الحجز يعتمد على قيام الحجز من الابتداء، فجريمة اختلاس الأشياء المحجوزة معاقب عليها بصرف النظر عن صحة الحجز أو عدم صحته ما دام القضاء لم يحكم ببطلانه قبل وقوع الاختلاس. هذا فضلاً عن أن المتهم لم يذكر في التحقيقات مطلقاً أنه بدّد الأشياء المحجوز عليها في الفترة الواقعة بين الحكم بإبطال المرافعة وبين الحكم بتثبيت الحجز بل كان دفاعه منصباً على أن الأشياء المحجوز عليها قد استلمها الحارس. وثابت من الشكوى الإدارية رقم 496 إداري سنة 1937 السنبلاوين أن المتهم الثاني (الطاعن) قرّر أن الأشياء المحجوز عليها موجودة عنده ولم تبدّد، وأنه مستعد لتقديمها يوم البيع. كما أثبت المحقق أن المتهم الأوّل (الحارس) قرر كما قرر الثاني".
وحيث إنه يبين من هذا الذي نقل عن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه بأسبابه أن محكمة الموضوع قد ألمت بما يشكو منه الطاعن في طعنه، وأجادت الرد عليه، فإنه بحسبها أن تستظهر أن الحجز التحفظي قد حكم بصحته وبتثبيته، وأن الاختلاس قد وقع من الطاعن بعد ذلك الحكم ليستقيم قضاؤها قانوناً بإدانة الطاعن باختلاس المحجوز عليه. أما ما يقول به الطاعن من أن حكم إبطال المرافعة ينسحب على الحجز فغير صحيح. لأن أثر بطلان المرافعة مقصور على دعوى صحة الحجز وصحيفتها دون محضر الحجز، فإن كان يقصد من تعلله أن إبطال المرافعة قد انبنى عليه أن تكون دعوى تثبيت الحجز المجدّدة قد رفعت بعد الميعاد المحدّد لذلك قانوناً بالمادة 676 مرافعات، فإن هذا قد كان محل الاحتجاج به تلك الدعوى المدنية المجدّدة، فأما والطاعن لم يبده فيها وقد انتهت بالحكم بصحة الحجز واكتسب الحكم قوّة الشيء المحكوم به قبل وقوع الاختلاس، فإن كل ما يتعلل به من ذلك الآن لا يلتفت إليه.