أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 23 - صـ 205

جلسة 17 من فبراير سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

(32)
الطعن رقم 66 لسنة 37 القضائية

( أ ) تزوير. "التوقيع على بياض". إثبات. "الإثبات بالبينة".
تغيير الحقيقة في الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها. نوع من خيانة الأمانة كأصل. وقوع التغيير ممن حصل على الورقة خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة خلاف التسليم الاختياري. تزوير يجوز إثباته بكافة الطرق.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "ما يعد قصوراً". تزوير.
تمسك الطاعنة في تقرير الادعاء بالتزوير ومذكرة شواهده بأن السند المطعون فيه سلم بعد توقيعه من مورثها على بياض لزوج المطعون عليها وشقيقيه لكتابة طلب لإحدى الجهات الحكومية. وأن المطعون عليها استحصلت على ورقته وملأت فراغها بتزوير صلب السند. إغفال المحكمة الرد على ذلك أو الاستجابة إلى طلب إعادة المأمورية للخبير لتحقيقه أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته بالبينة. قصور وإخلال بحق الدفاع.
1 - الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، إلا أنه إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة، أو نتيجة غش أو طرق احتيالية، أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري، فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - يخرج عن هذا الأصل، ويعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق.
2 - إذا كانت الطاعنة قد تمسكت في تقرير الادعاء بالتزوير والمذكرة المعلنة بشواهده أمام محكمة الاستئناف بأن السند المطعون فيه لم يصدر من مورثها ومزور عليه صلباً وتوقيعاً، كما تمسكت بأن ورقة السند لم تسلم أصلاً إلى المطعون عليها، وإنما سلمت بعد توقيع المورث على بياض إلى زوجها وشقيقه، وهم محل ثقة المورث الذي استأمنهم على كتابة طلب باسمه لتقديمه لإحدى الجهات الحكومية، وأن المطعون عليها استطاعت الحصول على هذه الورقة وملأت الفراغ بتزوير صلب السند - بعد التوقيع عليها - بمداد مختلف وبطريقة غير منتظمة، وطلبت الطاعنة في دفاعها أمام محكمة الاستئناف إعادة المأمورية للخبير لاستكمال النقص في مأموريته بتحقيق هذا الشق من دفاعها، كما طلبت إلى جانب ذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته بالبينة، وكانت محكمة الاستئناف إذ قررت الأخذ بتقرير الخبير لم تقطع برأيها في هذا الشق من دفاع الطاعنة ولم تستجب إلى طلب إعادة المأمورية للخبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق ولم ترد عليه في حكمها، ولم تتعرض لبحث مستنداتها المقدمة في خصوصه، فإن الحكم يكون قد أغفل دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيدة عين الحياة توفيق محمد أبو شادي استصدرت بتاريخ 10/ 8/ 1962 من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية أمر أداء ضد السيدة زبيدة عطية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها قصر المرحوم أبو العلا عبد الباقي شريف وضد عبد العال سعد الدين أبو العلا يقضي بأن يدفعا لها من تركة مورثهما المرحوم أبو العلا عبد الباقي شريف مبلغ 3500 جنيه والفوائد بواقع 7% سنوياً من تاريخ إعلان الأمر حتى السداد، وذلك بناءً على أنه قيمة سند إذني موقع عليه من المدين ومؤرخ 27/ 2/ 1958 وثابت التاريخ في 20/ 12/ 1959 ومستحق السداد وقت الطلب، وتظلمت السيد زبيدة عطية من هذا الأمر بالدعوى رقم 3377 سنة 1965 مدني كلي القاهرة طالبة إلغاءه، تأسيساً على أن السند مزور ومعدوم السبب وقررت بالطعن فيه بالتزوير وأعلنت شواهد التزوير. وبتاريخ 15/ 12/ 1962 حكمت المحكمة بقبول التظلم شكلاً وبقبول شواهد التزوير، ثم عادت وبتاريخ 30/ 4/ 1963 فحكمت في موضوع التزوير بعدم قبوله لعدم إنتاجه وفي موضوع التظلم بإلغاء الأمر مع إلزام المتظلم ضدها بمصروفاته وبمبلغ 300 جنيه أتعاباً للمحاماة، وأسست قضاءها بذلك على أن المتظلم ضدها قررت أثناء مناقشتها في الجلسة بأنها سلمت المورث قيمة السند على سبيل الاشتراك للاتجار في المحاصيل الزراعية، فلا يكون لها الحق في المطالبة بقيمة السند بفرض صحته إلا بعد تصفية أعمال الشركة ويكون الدين غير حال الأداء وغير معين المقدار، وبذلك لا تتوافر فيه الشروط اللازمة لصدور أمر الأداء، واستأنفت المتظلم ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم بتأييد الأمر، وقيد الاستئناف برقم 436 سنة 80 قضائية، وبتاريخ 25/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لفحص السند المطعون فيه، وبيان ما إذا كان التوقيع المنسوب إلى المدين مزوراً أم لا وما إذا كان صلب السند قد حرر محل كتابة أخرى أزيلت بطريقة مادية، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 7/ 12/ 1966 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتأييد أمر الأداء مع إلزام المستأنف عليها بالمصروفات عن الدرجتين ومبلغ 500 جنيه مقابل أتعاب المحاماة وتغريمها 25 جنيه للخزانة. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على الرأي الذي أبدته في مذكرتها برفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعنة تمسكت في مذكرة شواهد التزوير وفي دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن السند المطعون فيه لم يصدر من مورثها وأن التوقيع المنسوب إليه على هذا السند مزور وأن صلبه حرر محل كتابة أصلية كانت على الورقة وأزيلت بطريق ما، كما تمسكت بأن ورقة السند لم تسلم أصلاً إلى المطعون عليها، وإنما سلمت على بياض وهي ورقة مدموغة إلى زوجها وأخويه وكانوا محل ثقة المورث الذي عهد إليهم بكتابة طلب على الورقة وتقديمها إلى إحدى الجهات الحكومية، واستطاعت المطعون عليها الحصول عليها واستغلال الفراغ في تزوير صلب السند، وأن الطاعنة قد طلبت من محكمة الاستئناف إعادة المأمورية للخبير أو مناقشته في مشاهداته التي لاحظها على كتابة صلب السند وتاريخه، كما طلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الورقة - بفرض صحة توقيع مورثها - حررت أصلاً على بياض، وأن صلبها كتب بمداد مختلف بعد هذا التوقيع وبطريقة غير منتظمة لملء الفراغ الذي كان موجوداً فوقه، وأن الشاهد الذي وقع على السند لا وجود له ولم يحضر تحريره ووضع اسمه فوق ختم مصلحة الشهر العقاري بإثبات التاريخ اللاحق لتحريره، كما أن الأستاذ أحمد الخواجه المحامي الذي وقع على السند قد نسب إليه تحريره، إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالأخذ بتقرير الخبير الذي اقتصرت مأموريته على فحص التزوير المادي في السند ورفض الاستجابة إلى طلب إعادة المأمورية للخبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاع الطاعنة، كما لم يرد على المستندات التي قدمتها للتدليل على أن المطعون عليها لا تملك القدرة على إقراض المبلغ الثابت بقيمة السند وهو من الحكم قصور وإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف أصدرت بتاريخ 25/ 3/ 1965 حكماً قبل الفصل في الموضوع بندب قسم أبحاث التزييف بمصلحة الطب الشرعي لفحص السند المطعون فيه، وبيان ما إذا كان صلب السند قد حرر محل كتابة أخرى أزيلت وما إذا كان التوقيع المنسوب إلى مورث الطاعنة مزوراً أم لا، ويبين من الرجوع إلى تقرير الخبير المودعة صورته الرسمية بملف الطعن أن الخبير أثبت في فحصه للسند موضوع الطعن أنه عبارة عن ورقة دمغة على اتساع عرض حال من فئة الخمسين مليماً وكتبت بالركن الأيسر العلوي منه عبارة (محرر - بمعرفتي - أحمد الخواجه المحامي) وأن ختم شعار الجمهورية الخاص بالشهر العقاري وضع أسفل توقيع الشاهد، وانتهى الخبير في تقريره إلى أن التوقيع على السند صحيح وصادر من يد صاحبه المرحوم أبو العلا عبد الباقي الشريف، وأن ورقة السند قد سلمت في كل أجزائها من عمليات المحو بأية وسيلة، وكتابات هذا السند تلقائية ولم تسبقها كتابات أخرى مزالة أو ممحاة، كذلك بالرجوع إلى تقرير الادعاء بالتزوير والمذكرة المعلنة بشواهده يبين أن الطاعنة تمسكت بأن السند المطعون فيه لم يصدر من مورثها ومزور عليه صلباً وتوقيعاً، كما تمسكت بأن ورقة السند لم تسلم أصلاً إلى المطعون عليها وإنما سلمت بعد توقيع المورث على بياض إلى زوجها وشقيقيه وهم محل ثقة المورث الذي استأمنهم على كتابة طلب باسمه لتقديمه لإحدى الجهات الحكومية وأن المطعون عليها استطاعت الحصول على هذه الورقة وملأت الفراغ بتزوير صلب السند بعد التوقيع عليها بمداد مختلف وبطريقة غير منتظمة، وطلبت الطاعنة في دفاعها أمام محكمة الاستئناف إعادة المأمورية للخبير لاستكمال النقص في مأموريته بتحقيق هذا الشق من دفاعها، كما طلبت إلى جانب ذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباته بالبينة. وإذ كانت محكمة الاستئناف في حكمها الصادر بندب الخبير قد حددت مأموريته في تحقيق التوقيع على السند بإجراء المضاهاة وفي كتابة صلبه مكان كتابة أخرى أزيلت منه، وقام الخبير المنتدب بمباشرة المأمورية في هذه الحدود ولم يتعرض لتحقيق ادعاء الطاعنة بكتابة صلب السند في ورقة كانت موقعة على بياض، وكان الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، إلا أنه إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يخرج عن هذا الأصل، ويعد تغيير الحقيقية فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق، إذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف إذ قررت الأخذ بتقرير الخبير لم تقطع برأيها في هذا الشق من دفاع الطاعنة، ولم تستجب إلى طلب إعادة المأمورية للخبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق ولم ترد عليه في حكمها، ولم تتعرض لبحث مستنداتها المقدمة في خصوصه، فإن الحكم يكون قد أغفل دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح أن يتغير وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور والإخلال بحق الدفاع ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


[(1)] نقض 22/ 1/ 1970 مجموعة المكتب الفني. س 21. ص 174.
ونقض 16/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني. س 18. ص 665.
ونقض 16/ 6/ 1966 مجموعة المكتب الفني. س 17 ص 1399.