أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 305

جلسة 9 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر وفوزي أسعد وعبد الرحيم نافع وحسن غلاب.

(63)
الطعن رقم 2107 لسنة 51 القضائية

1 - قبض. تفتيش "الدفع ببطلان التفتيش". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مأمورو الضبط القضائي.
التفتيش المحظور قانوناً. ماهيته؟.
أحوال دخول المنازل. بيانها في المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية. ليس على سبيل الحصر. أثر ذلك؟
مثال لرد سائغ على دفع ببطلان القبض والتفتيش.
2 - دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة "حضور محامي مع المتهم". محاماة "حضور المحامي مع المتهم".
للمحامي أن يتولى واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة شرط ذلك؟
التعارض المخل بحق الدفاع. مناطه.
1 - لما كان من المقرر أن دخول المنازل، وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة في غير الأحوال المبينة في القانون ومن غير طلب المساعدة من الداخل وحالتي الغرق والحريق، إلا أن هذه الأحوال لم ترد على سبيل الحصر في المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية، بل أضاف النص إليها ما يشابها من الأحوال التي يكون أساسها قيام حالة الضرورة ومن شأنها تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر القبض عليه وإذ كانت محكمة الموضوع قد رأت في نطاق سلطتها التقديرية أن صدور تلك الأحكام الثلاثة ضد المتهم - يمثل حالة ضرورة تبيح تعقبه أو دخول منزله بقصد القبض عليه لتنفيذ تلك الأحكام، وكان تقديرها في ذلك سائغاً، فإنه لا تترتب عليها في هذا الخصوص، وإذ أطرح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما أثبته من توافر حالة الضرورة ضده التي تبيح دخول منزل الطاعن بمناسبة تنفيذ تلك الأحكام فصح بذلك دخول منزله للقبض عليه.
2 - لما كان قضاء النقض قد جرى على أن لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن وحده دون زوجته ارتكاب الفعل المكون للجريمة، وكان ثبوت الفعل المكون لهذه الجريمة في حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدى إلى تبرئة الآخر منها أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع، ما دام لم يبده بالفعل، فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن كلاً منهما أنكر التهمة تماماً ولم يلق أياً منهما الاتهام على الآخر، كما أن المحكمة لم تعول في إدانة الطاعن على أقوال زوجته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قالة الإخلال بحقه في الدفاع يكون في غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما بدائرة قسم ثان طنطا - محافظة الغربية - المتهمة الأولى أحرزت بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً المتهم الثاني (الطاعن) حاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما لمحكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 702/ 1 و43 و37/ 1، 38، 42 من قانون 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبندين 12، 60 من الجدول الملحق بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جواهر مخدرة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - فقد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وتفتيش مسكنه إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفاع قولاً منها بأن ذلك تم بمناسبة صدور ثلاثة أحكام غيابية في جنايات ضد الطاعن بعقوبات مقيدة للحرية، مما يجوز معه دخول منزله للقبض عليه، وما قاله الحكم من ذلك غير سديد لأن الطاعن لم يكن موجوداً في المنزل ولا في القرية حتى يستقيم القول بتفتيش منزله، كما لا يستقيم القول بإسناد الاتهام إليه رغم عدم وجوده، هذا وقد قام محام واحد بالمرافعة في الدعوى عن الطاعن وزوجته المتهمة الثانية رغم قيام التعارض بين مصالحهما في الدفاع الأمر الذي كان يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص للدفاع عنه. وكان ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير التحليل تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والضبط والتفتيش فإنه مردود بما هو ثابت من أن هناك ثلاث أحكام غيابية صدرت ضد المتهم الأول في جنايات منسوبة إليه بعقوبات مقيدة للحرية ومن ثم فالقبض عليه بمناسبة صدور تلك الأحكام جائز قانوناً وإذ جاز ضبطه والقبض عليه جاز دخول منزله لذلك الغرض ولا يكون هذا الإجراء موسوماً بسمة البطلان باعتباره إجراء تقتضيه ضرورة تنفيذ تلك الأحكام، وإذ أوجدت ظروف الدعوى المتهمة الثانية متلبسة بإحراز المواد المضبوطة قد جاء ضبطها نتيجة لتلبسها بتلك الجريمة". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم سائغ وصحيح في القانون ذلك بأن الثابت من مدوناته أن هناك ثلاثة أحكام غيابية صدرت ضد المتهم "الطاعن" في جنايات منسوبة إليه بعقوبات مقيدة للحرية، ومن ثم فإن القبض عليه بمناسبة تلك الأحكام يكون جائزاً قانوناً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن دخول المنازل، وإن كان محظوراً على رجال السلطة العامة في غير الأحوال المبينة في القانون ومن غير طلب المساعدة من الداخل وحالتي الغرق والحريق، إلا أن هذه الأحوال لم ترد على سبيل الحصر في المادة 45 من قانون الإجراءات الجنائية، بل أضاف النص إليها ما يشابهها من الأحوال التي يكون أساسها قيام حالة الضرورة ومن شأنها تعقب المتهم بقصد تنفيذ أمر القبض عليه وإذ كانت محكمة الموضوع قد رأت في نطاق سلطتها التقديرية أن صدور الأحكام الثلاثة ضد المتهم - يمثل حالة ضرورة - تبيح تعقبه أو دخول منزله بقصد القبض عليه لتنفيذ تلك الأحكام، وكان تقديرها في ذلك سائغاً، فإنه لا تثريب عليها في هذا الخصوص، وإذ أطرح الحكم الدفع ببطلان القبض والتفتيش بما أثبته من توافر حالة الضرورة ضده التي تبيح دخول منزل الطاعن بمناسبة تنفيذ تلك الأحكام فصح بذلك دخول منزله للقبض عليه، وما أورده، بعد ذلك من أسباب صحيحة يبرر تفتيش زوجة المتهم في المنزل لتوافر حالة التلبس في شأنها، فإن الحكم يكون براء من دعوى الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم، وكان قضاء النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع من أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة، ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن وحده دون زوجته ارتكاب الفعل المكون للجريمة، وكان ثبوت الفعل المكون لهذه الجريمة في حق أحدهما لم يكن من شأنه أن يؤدي إلى تبرئة الآخر منها أو يجعل إسناد التهمة شائعاً بينهما شيوعاً صريحاً أو ضمنياً، كما أن القضاء بإدانة أحدهما لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع وكان تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع، ما دام لم يبده بالفعل، فإن مصلحة كل منهما في الدفاع لا تكون متعارضة، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن كلاً منهما أنكر التهمة تماماً ولم يلق أياً منهما الاتهام على الآخر، كما أن المحكمة لم تعول في إدانة الطاعن على أقوال زوجته ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن من قالة الإخلال بحقه في الدفاع يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.