مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 609

جلسة 2 فبراير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(345)
القضية رقم 522 سنة 12 القضائية

نصب. إذن دفع. متى يعدّ شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 ع ؟

(المادة 337 ع)

إن إذن الدفع متى كان مستوفياً لجميع الشروط الشكلية التي يتطلب القانون توافرها في الشيك بمعناه الصحيح فهو يعدّ شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات ولو كان تاريخ إصداره قد أخر وأثبت فيه على غير الواقع ما دام هو بذاته، حسب الثابت فيه، مستحقاً للأداء بمجرّد الاطلاع، شأن النقود التي يوفي بها الناس ما عليهم، وليس فيه ما ينبئ المطلع عليه بأنه في حقيقته لم يكن إلا أداة ائتمان. وإذن فإصدار مثل هذا الإذن من غير أن يكون له رصيد قائم معاقب عليه قانوناً.


المحكمة

وحيث إن الطاعن يتمسك في طعنه بأن الواقعة التي أدين من أجلها لا يعاقب القانون عليها. ذلك لأن ما وصفه الحكم بأنه شيك وأدانه من أجل إصداره إنما كان سند استدانة لأجل، فهو بذلك لم يكن شيكاً بمعناه الحقيقي المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات.
وحيث إن إذن الدفع متى كان مستوفياً لجميع الشروط الشكلية التي يتطلب القانون توافرها في الشيك يعدّ شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات ولو كان تاريخ إصداره قد أخر وأثبت فيه على غير الحقيقة ما دام هو بذاته حسب الثابت فيه مستحقاً للأداء بمجرّد الاطلاع، شأن النقود التي يوفي بها الناس ما عليهم، وليس فيه ما ينبئ المطلع عليه بأنه في حقيقته ليس إلا أداة ائتمان.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر غيابياً بإدانة الطاعن ذكر أن "المدعية بالحق المدني رفعت الدعوى مباشرة للمحكمة وطلبت محاكمة المتهم بالمادتين 336 و337 عقوبات لأنه أعطاها بسوء نية شيكاً على بنك مصر بمبلغ 12 جنيهاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وحيث إنه ثابت من ورقة الشيك المقدّمة أنه محرّر بتاريخ 10 إبريل سنة 1940 على بنك مصر لأمر السيدة برلنتي جرجس بمبلغ 12 جنيهاً من حساب المتهم محمد حسن عطية رقم 31416 وموقع عليه بإمضائه، وظاهر من إفادة البنك المرفقة به أنه قدّم للدفع في 11 إبريل سنة 1940 فرد مؤشراً عليه بالرجوع للساحب. وحيث إن المتهم بدأ بإنكار صدور الشيك منه وقرّر أنه مزوّر عليه، فأجلت القضية لجلسة أخرى لسماع الشهود، فعاد المتهم يعترف بصحة الشيك وبصدوره منه وتمسك بأن له رصيداً في البنك يفي بقيمته، فأجلت المحكمة القضية بناءً على طلبه ليقدّم شهادة من البنك برصيده في يومي 10 و11 إبريل غير أنه تخلف عن الحضور في الجلسة التالية. وحيث إنه ظاهر مما تقدّم أن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة عليه ويتعين معاقبته عليها بالمادتين 336 و337 عقوبات". وفي المعارضة قالت المحكمة في قضائها "إن المتهم المعارض يدفع بعدم قيام الجريمة لأن الشيك موضوع التهمة لا تتوافر فيه شرائط الشيك القانونية لأن تاريخ دفعه لا يطابق تاريخ سحبه، والشيك الذي يؤخر تاريخ دفعه ليس شيكاً بحكم القانون وإنما هو مجرّد وعد بالدفع فلا يقع من أعطاه تحت طائلة العقاب إذا تبين عدم وجود رصيد يقابله. وحيث إن تقديم الشيك أي ذكر تاريخ الإصدار على غير الحقيقة لا يرفع عن الورقة صفة الشيك، ويسري على الساحب حكم المادة 337 عقوبات متى ثبت سوء نيته وأنه سحبه دون أن يكون له مقابل في تاريخ الإصدار الحقيقي. فإن تقديم تاريخ الشيك واقعة لا تؤثر في صحته حتى لو علم المستفيد بأن الساحب ليس له في وقت إصدار الشيك مقابل وفاءً لدى المسحوب عليه وأنه اعتمد في قبول الشيك على قدرة الساحب في إيجاد هذا المقابل في اليوم المحدّد للوفاء أي في التاريخ الثابت في الشيك. ذلك لأن الشيك بطبيعته ورقة مستحقة الوفاء في وقت إصداره الحقيقي فهو أداة نقدية تغني عن استعمال النقود وليس أداة ائتمان. والواقع أن الساحب إذا أراد أن يحصل على ائتمان من المستفيد ففي مقدوره أن يحرّر كمبيالة صريحة لا أن يلجأ إلى الشيك وهو إنما يلجأ إليه في الغالب لاقتناص ثقة دائنه وإيهامه بكفايته المالية، وأنه من الطبقة الاجتماعية التي تتعامل بالشيكات. وحيث إن المتهم لا ينازع في أن الشيك الذي أعطاه لم يكن يقابله رصيد في بنك مصر لا في تاريخ إصداره الحقيقي ولا في التاريخ الذي وضع عليه (10 إبريل سنة 1940). وقد تبين هذا الأمر الأخير فوق ذلك من خطاب بنك مصر للنيابة بتاريخ 22 يناير سنة 1941 إذ جاء فيه أن المتهم لم يكن له أي مبلغ في البنك في يومي 10 و11 إبريل سنة 1940 وأن هذا هو سبب رفض الشيك المسحوب منه.
وحيث إنه يبين من ذلك أن التهمة الموجهة إلى المتهم ثابتة، وأن الحكم الغيابي المعارض فيه قد أصاب في إدانته بشأنها ويتعين تأييده من هذه الوجهة مع تعديل العقوبة والاكتفاء بالغرامة نظراً لما تبين من أن المتهم قد سدّد قيمة الشيك إلى المجني عليها. وقد أثبت ذلك محاميها بجلسة 3 أكتوبر سنة 1940 وقرّر بأنها تنازلت عن دعواها المدنية".
وحيث إنه يتضح مما تقدّم أن الحكم المطعون فيه لم يخطئ في شيء مما يدّعيه الطاعن إذ ما دام إذن الدفع الذي سحبه مستحق الأداء لدى الاطلاع على حسب ما هو ثابت به ذاته فإن القانون يعاقب عليه إذا ما أصدر بغير أن يكون له رصيد قائم.