أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 351

جلسة 13 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار وهاشم محمد قراعه وصفوت خالد مؤمن ومحمد نبيل رياض.

(70)
الطعن رقم 5537 لسنة 51 القضائية

1 - استئناف. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- عدم تمسك الطاعن. أمام محكمة ثاني درجة. بطلب إعادة التحليل المبدى منه أمام محكمة أول درجة. اعتباره متنازلاً عنه. أساس ذلك وأثره؟
2 - دعوى جنائية. نيابة عامة "سلطتها في رفع الدعوى".
صدور كتاب دوري من مكتب النائب العام يدعو أعضاء النيابة العامة إلى طلب تأجيل قضية معينة إلى أجل معين لا يقيد النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية.
1 - من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن تمسك أمامها بطلب إعادة تحليل عينة الدقيق المحفوظة بالمطحن مما يعد تنازلاً عن الطلب الذي أبداه أمام محكمة أول درجة، فإنه لا يجوز للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي موجباً لإجرائه.
2 - من المقرر أن القانون لم يضع قيوداً على حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية فهي صاحبة الحق في رفعها وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ومتى رفعت الدعوى على هذه الصورة فإن المحكمة تصبح وقد اتصلت بها ملزمة بالفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافره على هدي ما تستلهمه في تكوين عقيدتها من شتى الأدلة بالعناصر غير مقيدة بطلبات النيابة الشفوية أو المكتوبة إذ ليس لها من حق لدى القضاء سوى إبداء طلبات في الدعوى إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من أن النيابة قدمته للمحاكمة بالمخالفة للكتاب الدوري الصادر من مكتب النائب العام والذي يدعو فيه أعضاء النيابة إلى طلب تأجيل هذه القضايا إلى أجل معين لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو صاحب مطحن والمدير المسئول عنه أنتج دقيقاً غير مطابق للمواصفات، وطلبت عقابه بالمواد 1، 4، 5، 7 و56 و57 و58 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 المعدل بالقانون رقم 90 لسنة 1957. ومحكمة جنح طهطا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وتغريمه مبلغ مائة جنيه وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ والمصادرة فاستأنف ومحكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة إنتاج دقيق غير مطابق للمواصفات المقررة قانوناً قد خالف القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن النسب المحددة قانوناً لإنتاج الدقيق إنما تنصرف إلى الأقماح السليمة وأن الدقيق الذي أخذت منه العينة منتج من أقماح بعضها مستورد فرنسي به نسب عالية من الشائب وبعضها الآخر مصري مصاب حشرياً وطلب إلى المحكمة أن تأمر بإعادة تحليل العينة بيد أنها رفضت إجابته إلى هذا الطلب، كما دانه الحكم بتلك الجريمة بصفته مديراً للمطحن على خلاف ما يقضي به المنشور رقم 8 لسنة 1971 الصادر من وزارة التموين من تحرير المحاضر عن هذه العينات ضد المشرفين عن الإنتاج، هذا إلى أن النيابة العامة قدمت الطاعن إلى المحاكمة بجلسة 31 من مارس سنة 1979 خلافاً لما يقضى به الكتاب الدوري رقم 8 لسنة 1979 الصادر من مكتب النائب العام والذي يطلب إلى أعضاء النيابة تأجيل هذه القضايا إلى شهر أكتوبر سنة 1979، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة ثاني درجة إنما تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق وهي لا تجري من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن تمسك أمامها بطلب إعادة تحليل عينة الدقيق المحفوظة بالمطحن مما يعد تنازلاً عن الطلب الذي أبداه أمام محكمة أول درجة، فإنه لا يجوز للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي موجباً لإجرائه، هذا إلى أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بهذا الشأن وأطرحه في قوله: "وحيث إن المحكمة لا ترى موجباً لإجابة المتهم إلى طلبه بإعادة التحليل للعينة المناظرة خاصة وإذ كان من البديهي أنه منذ أخذت العينة بتاريخ 21/ 5/ 1975 وهو ما يقارب الأربعة سنوات ما قد يجعلها فاسدة حالياً ومصابة بالحشرات" وكان هذا الذي رد به الحكم على طلب الطاعن سائغاً في خصوص هذه الدعوى لما هو معلوم لدى الكافة من أن الدقيق يفسد بمرور الوقت، فإن منعى الطاعن بهذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان قرار وزير التموين رقم 90 لسنة 1957 المعدل بشأن استخراج الدقيق وصناعة الخبز قد أناط - بما نص عليه في المادة الأولى منه - بأصحاب المطاحن المسئولين عن إدارتها إنتاج الدقيق طبقاً للمواصفات المحددة فيها كما ألزمهم - طبقاً لما ورد بالمادة الثانية من ذات القرار - بتنقية الحبوب قبل طحنها من المواد الغريبة الضارة بالصحة، وإذ لم يمار الطاعن فيما أثبته الحكم في حقه من أنه المسئول عن إدارة المطحن فإن ما يثيره بوجه الطعن من أنه قدم للمحاكمة على خلاف ما يقضى به المنشور الصادر من وزارة التموين بتحرير المحاضر عن عينات الدقيق ضد المشرف على الإنتاج بالمطحن لا يكون سديداً، ذلك أنه ليس من شأن هذا المنشور أن ينسخ أحكام القرار الوزاري سالف الذكر أو أن يعدل فيها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يضع قيوداً على حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية فهي صاحبة الحق في رفعها وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون، ومتى رفعت الدعوى على هذه الصورة فإن المحكمة تصبح وقد اتصلت بها ملزمة بالفصل فيها على ضوء ما تستظهره من توافر أركان الجريمة أو عدم توافرها على هدي ما تستلهمه في تكوين عقيدتها من شتى الأدلة والعناصر غير مقيدة بطلبات النيابة الشفوية أو المكتوبة إذ ليس لها من حق لدى القضاء سوى إبداء طلباتها في الدعوى إن شاء أخذ بها وإن شاء رفضها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من أن النيابة العامة قدمته للمحاكمة بالمخالفة للكتاب الدوري الصادر من مكتب النائب العام والذي يدعو فيه أعضاء النيابة إلى طلب تأجيل هذه القضايا إلى أجل معين لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.