مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد المدنية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الثاني (عن المدة من 5 نوفمبر سنة 1936م لغاية 26 أكتوبر سنة 1939م) - صـ 281

جلسة 17 فبراير سنة 1938

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وحامد فهمي بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

(95)
القضية رقم 62 سنة 7 القضائية

نقض وإبرام. متى تتصل محكمة النقض بالطعون المرفوعة لها؟ تقرير بالطعن. عدم إيداع الطاعن بقلم الكتاب صورة تقرير الطعن المعلنة إلى خصومه. اعتبار الطعن كأنه لم يكن. (المواد 15 - 28 من قانون محكمة النقض)
إن المادة السابعة عشرة من قانون محكمة النقض إذ نصت على وجوب إعلان التقرير بالطعن إلى جميع الخصوم الذين وجه الطعن ضدّهم في ظرف الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن وإلا كان الطعن باطلاً فليس المراد من نصها وجوب صدور حكم بهذا البطلان إلا إذا كان أمره موضوع خصومة بين الطاعن وخصمه. وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان تقرير الطعن قد أعلن، وحضر الطاعن وفتح إجراءات التحضير بإيداع ورقة الإعلان ومذكرة بدفاعه متضمنة طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه موضوعاً، ثم دفع خصمه ردّاً عليه بعدم صحة هذا الإعلان أو بعدم حصوله في الميعاد. في هذه الصورة يكون الطعن قد مرّ في جميع مراحل التحضير والتحقيق، فيحدّد رئيس المحكمة الجلسة التي ينظر بها لتحكم المحكمة في الطعن من حيث الشكل والموضوع. أما إذا كان الطاعن قد قرّر بالطعن وانقضت الخمسة عشر يوماً التالية لتاريخ التقرير ولم يودع في قلم الكتاب أصل ورقة الإعلان في الميعاد فطعنه يعتبر كأنه لم يكن. ذلك بأن المفهوم من نصوص المواد 15 وما يليها لغاية المادة 28 من قانون محكمة النقض أن هذه المحكمة لا تتصل بالطعون بمجرّد التقرير بها في قلم الكتاب فيكون لمن قرّر بالطعن ولخصمه أن يكلف أيهما الآخر بالحضور أمام المحكمة للمرافعة ويكون للمحكمة أن تحكم بشطب الطعن عند غياب الطرفين أو ببطلان المرافعة إذا طعن المدّعى عليه في غيبة الطاعن كما يحصل مثل ذلك أمام محاكم الموضوع العادية؛ بل هي إنما تتصل بالطعن بإيداع الطاعن في قلم الكتاب صورة تقرير الطعن المعلنة إلى خصومه. ثم بعد مروره في مراحل التحضير والتحقيق الكتابي وإيداع الأوراق والمستندات وتبادل المذكرات بقلم الكتاب تحكم فيه المحكمة بموجب الأوراق الكتابية بحضور محامي الخصوم أو بغير حضورهم.


الوقائع

عرض قلم الكتاب ملف هذا الطعن على سعادة رئيس هذه المحكمة مبيناً له أن الأستاذ عباس فضلي بصفته وكيلاً عن الدكتور سلامة عوض قرّر بقلم الكتاب بتاريخ 13 يوليه سنة 1937 أنه يطعن في الحكم الصادر من محكمة استئناف مصر بتاريخ 9 مايو سنة 1937 في القضيتين المدنيتين رقم 1057 و1167 سنة 53 قضائية المعلن لموكله بتاريخ 15 يونيه سنة 1937، وأنه تسلم من قلم الكتاب في 14 يوليه سنة 1937 صورة من هذا التقرير ليعلنها لخصومه فمضت المواعيد القانونية المحدّدة لإيداع الأوراق والمستندات والمذكرات من طرفي الخصومة، وأنه في 7 ديسمبر سنة 1937 قدم الدكتور الطاعن طلباً لرئيس المحكمة قال فيه: "إنه سبق أن رفع طعناً مدنياً رقم 62 سنة 7 قضائية ضد الست ماري أسعد عبد الشهيد، وإنه طرأت بعد ذلك ظروف اضطرته لعدم الاستمرار في الدعوى لذا يرجو التفضل بالتنبيه إلى تسوية الرسوم وصرف ما يتبقى منها له من الأمانة والكفالة". عرض قلم الكتاب ملف هذه القضية على رئيس المحكمة مبيناً له ما ذكر فأشار عليه بتقديمه إلى المحكمة لتبدي رأيها فيه فأرسله للنيابة فأعادته بمذكرة منها طالبة فيها الحكم بعدم قبول الطعن وإلزام الطاعن بالمصاريف ومصادرة الكفالة.


المحكمة

من حيث إن الأصل أنه يجوز للطاعن بطريق النقض أن يترك طعنه في أية مرحلة كانت من مراحله إما بعد تقريره بقلم الكتاب وذلك بعدم أخذ صورة منه لإعلانها لخصمه أو بعدم إعلان هذه الصورة بعد أخذها وإما بعد إعلان صورة التقرير للخصم. فإن حصل الترك بعد هذا الإعلان وإيداع أصل ورقته بقلم الكتاب فعلى التارك أن يدوّن الترك في ورقة مستقلة يودعها بملف القضية أو في مذكرته الأولى أو في مذكرته الثانية أو يثبته بمحضر الجلسة، وللخصم عندئذٍ أن يعارض في هذا الترك إذا تعلقت له ببقاء الطعن ونظر موضوعه مصلحة حقه، وللمحكمة أن تقضي في هذا النزاع عند قيامه بما تراه مستهدية في ذلك بحكم المادة 306 من قانون المرافعات (راجع فقرة 316 من كتاب النقض في المواد المدنية والتجارية). أما الترك الحاصل بعدم إعلان التقرير للخصم في الميعاد أو بعدم إيداع أصل ورقة الإعلان في الميعاد كذلك فإن عدم السير به في مراحل تحضير الطعون وتحقيقها المشار إليها في المادة 15 وما بعدها لغاية المادة 28 من قانون إنشاء محكمة النقض يجعل هذا الطعن المتروك كأن لم يكن بغير حاجة إلى عرضه مباشرة على المحكمة. ذلك بأن المفهوم من نصوص هذه المواد أن محكمة النقض لا تتصل بالطعون بمجرّد تقريرها بقلم الكتاب فيكون لمن قرر الطعن ولخصمه أن يكلف أيهما الآخر بالحضور أمام المحكمة للمرافعة ويكون للمحكمة أن تحكم بشطب الطعن عند غياب الطرفين أو ببطلان المرافعة إذا طلبه المدعى عليه في غيبة الطاعن كما يحصل مثل ذلك أمام المحاكم العادية، بل تتصل محكمة النقض بالطعن بمجرّد إيداع الطاعن صورة تقرير الطعن المعلنة إلى خصومه بقلم الكتاب، وبعد مروره في مراحل التحضير والتحقيق الكتابي وإيداع الأوراق والمستندات وتبادل المذكرات بقلم الكتاب تحكم فيه المحكمة بموجب الأوراق الكتابية بحضور محامي الخصوم أو بغير حضورهم.
وحيث إن الواضح من مذكرة قلم الكتاب أن الطاعن قد حضر لديه بعد انقضاء المواعيد المعطاة له ولخصمه لتحضير الطعن وتحقيقه بقلم الكتاب معلناً أنه ترك طعنه ولا رغبة له في السير فيه وطالباً صرف الكفالة وما بقي له من أمانة المصاريف بعد تسويتها واقتضاء قلم الكتاب ما يستحقه منها.
وحيث إن الظاهر أن قلم الكتاب قد تحرّج أن يؤشر على أصل تقرير الطعن المحفوظ لديه بما جدّ فيه متوهماً أن المادة السابعة عشرة من قانون النقض إذ نصت على بطلان الطعن الذي لم يعلنه صاحبه لخصمه في الخمسة عشر يوماً التالية لتقرير الطعن توجب عليه عرض الأمر على المحكمة لتصدر له حكماً بذلك، مع أن استصدار هذا الحكم لا يكون واجباً إلا إذا كان بطلان الطعن وعدم بطلانه محل خصومة بين الطاعن وخصمه، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان قد أعلن ووقع الخلاف على صحة إعلانه في الميعاد وحضر الطاعن وفتح إجراءات التحضير بإيداع ورقة الإعلان ومذكرة بدفاعه متضمنة طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعون فيه موضوعاً، ثم دفع خصمه بعدم صحة هذا الإعلان أو بعدم حصوله في الميعاد. ففي هذه الصور يمر الطعن في جميع مراحل التحضير والتحقيق ويحدّد رئيس المحكمة الجلسة التي ينظر بها لتحكم المحكمة في قبول الطعن شكلاً وموضوعاً.
وحيث إنه يبين مما تقدّم أنه ما كان لقلم الكتاب أن يعرض هذا الطعن على المحكمة بعد أن انغلق باب تحقيقه بين طرفيه بانتهاء المواعيد القانونية وانقطعت الخصومة عليه.
ومن أجل ذلك قررت غرفة المشورة بإعادة ملف القضية لقلم الكتاب للتأشير منه على أصل الطعن الموجود به بحفظه وبتسوية المصاريف المستحقة لقلم الكتاب بغير احتساب رسوم ما على هذه الإجراءات التي اتخذها قلم الكتاب بما في ذلك مصاريف هذا القرار.