أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 1227

جلسة 8 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم والبشري الشوربجي وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.

(170)
الطعن رقم 5189 لسنة 68 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم لأسباب. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده". محكمة النقض "سلطتها".
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد أساس ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض الشاهد في بعض التفاصيل. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص من أقوال بما لا تناقض فيه.
(5) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال لمحكمة الموضوع تقدى صحته وقيمته في الإثبات والأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيق والواقع.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان الاعتراف للإكراه.
(6) خطف. جريمة "أركانها". إكراه. إثبات "بوجه عام".
جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
(7) وقاع. جريمة. "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
ركن القوة في جريمة الوقاع. توافره بارتكاب الفعل ضد إرادة المجني عليه وبغير رضاها.
استخلاص حصول الإكراه. موضوعي.
(8) خطف. وقاع. ظروف مشددة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ظرف الاقتران بين جريمتي الخطف والوقاع المنصوص عليها في المادة 90 عقوبات. يناط تحققه؟
كفاية ارتكابهما في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير الرابط الزمنية. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار ركن القصد الجنائي وظرف الاقتران في جريمة خطف أنثى ووقاعها بغير رضاها.
(9) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره.
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم في الميعاد إلا أن لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كانت النيابة العامة. وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة...... ومؤشر عليها بتاريخي....، .... انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه - ..... وشهرته..... وذلك دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه أنه روع فيه عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها من تلقاء نفسها وتتبين من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
3 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - ولم يورد من تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد اعتنق صورة واحدة للواقعة، وأورد مؤدى أدلة الثبوت - بغير تناقض - بما يتفق وهذا التصور فإن الحكم يكون قد سلم من التناقض من التسبيب.
5 - لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، ولما كانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف المحكوم عليه بالإعدام في تحقيقات النيابة لما ارتأته من أنه يطابق الواقع الذي استظهرته من التقرير الطبي الشرعي وأيدته أقوال شهود الإثبات، ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عنه طواعية واختياراً فإنه يكون قد سلم من الخطأ في هذا الصدد.
6 - من المقرر أن جريمة خطف الأنثى بالتحيل والإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من العقوبات المستبدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بانتزاع هذه الأنثى وإبعادها عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال فعل من أفعال الغش والإيهام من شأنه خداع المجني عليها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها.
7 - من المقرر أن ركن القوة في جناية المواقعة التي يتحقق باقترانها بجريمة الخطف الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 290 من قانون العقوبات يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليه سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك ما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه.
8 - لما كان من المقرر أن ظرف الاقتران الذي نصت عليه المادة 290 عقوبات يكفي لتحقيقه أن يثبت الحكم قيام المصاحبة الزمنية بين جريمتي الخطف والمواقعة بأن تكونا قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن ولا يشترط وقوعهما في مكان واحد وتقدير هذه الرابطة الزمنية مما تستقل به محكمة الموضوع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة. وكان ما أثبته بمدوناته كافياً للتدليل على إسهام المحكوم عليه في ارتكابه الواقعة قد أصاب صحيح القانون بصفته فاعلاً أصلياً فيها، كما أثبت عليه في تدليل سائغ أن المحكوم عليه بالإعدام - لم يتمكن من مواقعة المجني عليها إلا تحت التهديد بما يتوافر به جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها في حقه بكافة أركانها بما فيها ركن القوة واستظهر وقوع الخطف والمواقعة في فترة زمنية قصيرة بما يتحقق به اقتران هاتين الجريمتين فإن ما أثبته الحكم من ذلك ما يكفي لإدانة المحكوم عليه طبقاً لنص المادة 290 من قانون العقوبات.
9 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
10 - لما كان الحكم المعروض الصادر بإعدام المحكوم عليه...... قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دانه بهما - وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه واستظهر في حقه أركان جريمتي خطف أنثى بالإكراه ووقاعها بغير رضاها وظرف الاقتران على ما هما معرفتان به في القانون كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فيتعين لذلك قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1).... (طاعن وشهرته "سيد علام" (2).... وشهرته "سيد الغضبان". (3)..... وشهرته "أشرف علام". بأنهم أولاً: خطفوا وآخر مجهول بالإكراه نيرمين...... بأن استوقفها المتهمان الأول والثاني حال سيرها وأخرى بالطريق العام وأشهرا في وجهها أسلحة بيضاء "مطواة" قرن غزال وسنجة" وجذباها داخل سيارة أجرة رفقتهم يقودها المتهم المجهول ومنعها المتهمان الثالث والثاني من الاستغاثة والمقاومة بالتعدي عليها ضرباً دون إحداث إصابات بها وتوجهوا بها إلى مكان قصى عن أعين ذويها "منطقة زراعية نائية" وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالف الذكر واقع المتهم الأول المجني عليها المخطوفة كرهاً عنها بأن أكرهها على خلع ملابسها مهدداً إياها بالأسلحة البيضاء آنفة الذكر وطرحها أرضاً وجثم فوقها وأولج قضيبه في فرجها حتى أمنى بها حال وجود المتهمين الآخرين بمحل الواقعة لمؤازرته وتعضيده الأمر المعاقب عليه بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات. ثانياً: شرعوا وآخر مجهول في خطف داليا.....
بالإكراه بأن استوقفها المتهمان الأول والثاني حال سيرها والمجني عليها الأولى بالطريق العام وأشهرا في وجهها أسلحة بيضاء "مطواة، أسلحة"، وجذبها المتهم الثاني نحو السيارة سالفة الذكر يقودها المتهم المجهول ويستقلها الثالث وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو استغاثة المجني عليها بالمارة. ثالثاً: المتهمان الأول والثاني أحرزا سلاحين أبيضين "مطواة قرن غزال وسنجة" بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الجيزة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إرسال أوراق القضية لفضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1، 46/ 2، 290 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1،5 مكرر/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبندين العاشر والحادي عشر من الجدول رقم واحد المرفق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم..... وشهرته "سيد... (الطاعن) بالإعدام. ثانياً: بمعاقبة كل من سعيد.... وشهرته سعيد" وأشرف وشهرته أشرف..... بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثالثاً: بمصادرة الأسلحة البيضاء المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها في القضية..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بنى عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن النيابة العامة. وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على محكمة النقض عملاً بالمادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة..... ومؤشر عليها بتاريخي.....، ..... انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض فيما قضى به حضورياً من إعدام المحكوم عليه - ..... - وشهرته...... وذلك دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه أنه روع فيه عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها من تلقاء نفسها وتتبين من تلقاء نفسها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ومن حيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله "من حيث إن واقعات الدعوى كما تطمئن إليها المحكمة مستخلصة من الاطلاع على أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تخلص في أنه في مساء يوم.... وأثناء سير كل من..... وشقيقتها..... خلف سور نادي الزمالك دفعهما إلى داخل السيارة تحت التهديد باستعمال سلاح أبيض وقد استطاعا دفع الأولى دون الثانية التي استطاعت الهرب حيث اصطحبوا الأولى إلى منطقة زراعات وقام أحدهما بتهديدها بمطواة وحسر عنها ملابسها ثم قام بمواقعتها في موضع العفة منها مما تسبب عنه حدوث نزف لها وتمزق بغشاء البكارة ولم يكتف بذلك بل قام بإعادة الكرة من الخلف محدثاً بها جروحاً بدبرها وبعد أن فرغ من فعلته ألقوا بها في إحدى سيارات الأجرة حيث أبلغت بالحادث وقد كشفت تحريات الشرطة أن كلاً من سيد.... وشهرته..... وسعيد.... وشهرته.... وأشرف.... هم مرتكبي الحادث حيث تم ضبطهم وأقروا في التحقيقات بأنهم كانوا يجلسون في إحدى الحدائق عندما حضر سائق تاكسي صديق لهم وعندما شاهدوا المجني عليهما تسيران في أحد الشوارع خلف نادي الزمالك فقد اتفقوا على خطفهما وعندئذ أسرعوا خلفهما بالسيارة الأجرة ونزل الأول والثاني منها وقد استطاعا دفع إحداهما إلى داخل السيارة تحت التهديد بمطواة وسنجة كانت مع الأخير وانطلقوا بها إلى منطقة زراعية حيث نزل الأول سيد..... ومعه المجني عليها ودخل الباقون داخل السيارة مع فتاة أخرى ثم قام بخلع ملابسها كما قامت هي بخلع الباقي وطرحها أرضاًَ وبعد أن فرغ من مواقعتها من الأمام أتاها من الخلف ثم قاموا بصرفها في إحدى السيارات الأجرة". وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذا النحو أدلة استمدها من أقوال المجني عليهما.... و.... و..... وما جاء باعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة وما أثبته تقرير الطب الشرعي ومعاينة النيابة العامة التصويرية لمكان الحادث - وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما تبين من الاطلاع على المفردات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الصحيح في الأوراق هذا فضلاً عن أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، وكان تناقض الشاهد في بعض التفاصيل بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - ولم يورد من تلك التفصيلات أو يستند إليها في تكوين عقيدته، وإذ كان ذلك وكان الحكم قد اعتنق صورة واحدة للواقعة - على نحو ما سلف -، وأورد مؤدى أدلة الثبوت - بغير تناقض - بما يتفق وهذا التصور فإن الحكم يكون قد سلم من التناقض من التسبيب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، ولما كانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف المحكوم عليه بالإعدام في تحقيقات النيابة لما ارتأته من أنه يطابق الواقع الذي استظهرته من التقرير الطبي الشرعي وأيدته أقوال شهود الإثبات، ومن خلوه مما يشوبه وصدوره عنه طواعية واختياراً فإنه يكون قد سلم من الخطأ في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المعروض قد رد على الدفاع بانتفاء القصد الجنائي لدى المحكوم عليه بالإعدام في قوله "وحيث إنه لما كان ذلك، وكان المتهمون قد اتجهت إرادتهم عندما شاهدوا المجني عليهما تسيران في الطريق إلى القيام باصطحابهما معهم لكي يقضوا معهما وطرا حيث نزل المتهمان الأول والثاني من السيارة وطلبا منهما أن يركبا معهم فقد رفضتا ذلك ولما لم يجد ذلك قاما بتهديدهما بسلاح أبيض "مطواة وسنجة". وقاما بانتزاع المجني عليها من الطريق ووضعها في السيارة عنوة وتحت التهديد بالسلاحين سالفي الذكر ودون أن يفلحا مع الأخرى التي لاذت بالفرار وهي تستغيث ومن ثم فإن ما فعله المتهمون من انتزاع لإحدى المجني عليهما من مكان سيرهما في الطريق ووضعها في السيارة وما ترتب على ذلك من تقييد لحريتها ما يتحقق به معنى الخطف والذي اقترن بالإكراه متمثلاً في التهديد بالسلاح الأبيض ومع ما في ذلك من بث الرعب في نفسها، لما كان ذلك، وكان الغرض من قيام المتهمين بخطف المجني عليها هو مواقعتها حتى إذا اطمئنوا إلى مكان يمارسون فيه فعلتهم فقد أوقفوا السيارة وقام المتهم الأول سيد..... باصطحاب المجني عليها إلى داخل زراعة القمح حيث كان الوقت مظلماً ثم هددها بسلاح أبيض وخلع عنها ملابسها وقامت هي تحت وطأة الفزع والخوف من خلع باقيها ثم جثم فوقها قاصداً بذلك مواقعتها فأولج قضيبه من موضع العفة وإذ فرغ من ذلك وبعد أن سالت منها الدماء كرر فعلته في دبرها وقد كشف عن ذلك كله ما ثبت من تقرير الطبيب الشرعي الموقع على المجني عليها...... وجود تمزق حديث متكدم بغشاء البكارة يشير إلى تلك الواقعة فضلاً عن وجود جروح إشعاعية في دبرها ومن ثم فإن كل ذلك ما يتحقق به معنى مواقعة أنثى كرهاً عنها بالقوة والتي تمثلت في ما قد صاحب ذلك من تهديد باستعمال السلاح الأبيض وذلك منذ واقعة الاختطاف وحتى المواقعة على نحو ما تقدم ومن ثم كانت المنازعة من قبل الدفاع قولاً بانتفاء القصد الجنائي في واقعة الخطف وقولاً مرة أخرى بتوافر الرضا أمر يلفظه واقع الدعوى ومادياتها على نحو ما تقدم إذ كيف يكون الرضا مع انتزاع إنسان من مكان سيره في الطريق وتقييد حريته وكيف يكون الرضا في دفع المجني عليها إلى مكان مظلم داخل الزراعات وكل ذلك تحت وطأة التهديد بالسلاح". لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى بالتحيل والإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من العقوبات المستبدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بانتزاع هذه الأنثى وإبعادها عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال فعل من أفعال الغش والإيهام من شأنه خداع المجني عليها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها وكان القضاء قد استقر على أن ركن القوة في جناية المواقعة التي يتحقق باقترانها بجريمة الخطف الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 290 من قانون العقوبات يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليه سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك ما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه، أما ظرف الاقتران الذي نصت عليه المادة 290 عقوبات آنفة الذكر فيكفي لتحقيقه أن يثبت الحكم قيام المصاحبة الزمنية بين جريمتي الخطف والمواقعة بأن تكونا قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن ولا يشترط وقوعهما في مكان واحد وتقدير هذه الرابطة الزمنية مما تستقل به محكمة الموضوع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة. وكان ما أثبته بمدوناته كافياً للتدليل على إسهام المحكوم عليه في ارتكابه الواقعة قد أصاب صحيح القانون بصفته فاعلاً أصلياً فيها، كما أثبت عليه في تدليل سائغ أن المحكوم عليه بالإعدام - لم يتمكن من مواقعة المجني عليها إلا تحت التهديد بما يتوافر به جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها في حقه بكافة أركانها بما فيها ركن القوة واستظهر وقوع الخطف والمواقعة في فترة زمنية قصيرة بما يتحقق به اقتران هاتين الجريمتين فإن ما أثبته الحكم من ذلك ما يكفي لإدانة المحكوم عليه - سالف الذكر - طبقاً لنص المادة 290 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم وكان الحكم المعروض الصادر بإعدام المحكوم عليه...... قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دانه بهما - وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها على ما سلف بيانه واستظهر في حقه أركان جريمتي خطف أنثى بالإكراه ووقاعها بغير رضاها وظرف الاقتران على ما هما معرفتان به في القانون كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام وصدوره بإجماع آراء أعضاء المحكمة وقد خلا الحكم من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فيتعين لذلك قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.