أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1490

جلسة 30 من يونيه سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وابراهيم الجافى، وعباس حلمى عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

(207)
الطعن رقم 359 لسنة 31 القضائية

( ا ) حكم. "الطعن فى الأحكام". "القبول المانع من الطعن". نقض.
القبول المانع من الطعن. شرطه أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق فى الطعن فيه. تنفيذ الحكم الانتهائى لا يدل على الرضا به، وكذلك نزول الطاعن عن طلب وقف التنفيذ.
(ب) فوائده. "فوائد الثمن". بيع. "التزامات المشترى".
المادة 330 مدنى تقضى بأن ليس للبائع حق فى فوائد الثمن فى حالة عدم الاتفاق عليها إلا بعد تكليفه المشترى رسميا أو إذا كان البيع ينتج ثمرات - من تاريخ التسليم - سريان الفوائد فى كل حالة يستولى فيها المشترى على الثمرات ولو لم يتم تسليم المبيع فعلا. عدم جواز الجمع فى الانتفاع بين المبيع والثمن.
1 - يشترط فى القبول المانع من الطعن فى الحكم أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق فى الطعن فيه ومن ثم فإن تنفيذ المحكوم عليه الحكم الانتهائى اختيارا لا يدل على الرضا به لأن الأحكام الانتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون فهى إن لم تنفذ اختيارا نفذت جبرا كما لا يعد قبولا للحكم المطعون فيه نزول الطاعن عن طلب وقف التنفيذ.
2 - لئن كانت المادة 330 من القانون المدنى القديم تقضى بأنه لا يكون للبائع حق فى فوائد الثمن فى حالة عدم الاتفاق عليها إلا إذا كلف المشترى بالدفع تكليفا رسميا أو كان المبيع الذى سلم ينتج ثمرات أو أرباح أخرى بما يوحى أنه ما لم يحصل هذا التكليف فإن فوائد الثمن لا تستحق للبائع إلا من تاريخ تسلم المشترى المبيع المثمر لما كانت العلة فى ربط حق البائع فى فوائد الثمن بتسليمه المبيع المثمر للمشترى هو عدم جواز جمع المشترى بين ثمرة البدلين - المبيع والثمن - وافتراض المشرع أن وسيلة المشترى إلى التمكن من الاستيلاء على الثمرات هى تسلمه المبيع فإنه فى أية حالة يتمكن فيها المشترى من الاستيلاء على هذه الثمرات ولو لم يتسلم المبيع فعلا فإنه يلزم بدفع الفوائد بالسعر القانونى حتى لا يجمع بين الثمرات والفوائد، فينتفع بالثمن والمبيع معا. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده ( المشترى) بثمرات المبيع عن مدة سابقة على تاريخ وفاء بباقى الثمن فإنه إذ رفض القضاء للطاعن (البائع) بفوائد ما لم يكن قد دفع له من الثمن وإجراء المقاصة بين هذه الفوائد وما يعادلها من الثمرات تأسيسا على أن المبيع كان تحت يده فإن الحكم يكون مخالفا للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع هذا الطعن - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 368 لسنة 1957 مدنى كلى دمنهور انتهى فيها إلى طلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ ألف جنيه قيمة ثمار الأطيان المبيعة إليه والمبينة بصحيفة الدعوى عن المدة من سنة 1948/ 1949 الزراعية حتى سنة 1956/ 1957 وقال فى بيان دعواه أنه حرر بينه وبين الطاعن عند اتفاق مؤرخ فى 8/ 4/ 1937 تضمن بيع الأخير له 5 ف 11 ط 2 س وأنه رفع الدعوى رقم 281 سنة 1948 كلى دمنهور بطلب صحة ونفاذ هذا العقد وقد قضى فيها استئنافيا بتاريخ 31 مارس سنة 1957 فى الاستئناف رقم 45 سنة 10 ق الإسكندرية بصحة ونفاذ عقد البيع المذكور مقابل الثمن وقدره 522 ج و150 م دفع منه 161 ج و200 م يوم العقد و320 ج و400 م أودع خزينة المحكمة فى 30 مايو سنة 1953 والباقى عرض عرضا حقيقيا فى 16 مارس سنة 1956 وتنفيذا لذلك الحكم تسلم الأطيان المبيعة فى 5 مايو سنة 1957 وأنه لما كان يستأجر هذه الأطيان قبل بيعها له بعقد إيجار حول من المؤجر إلى الطاعن فقد استصدر هذا الأخير ضده أحكاما بالأجرة والطرد ونفذها بالنسبة إلى 3 ف 12 ط - س فى 22 ديسمبر سنة 1948 وبالنسبة إلى 2 ف 19 ط 18 س فى 29 يناير سنة 1949 ولما كان من حقه ثمار الأطيان المبيعة من تاريخ البيع فقد رفع الدعوى بطلب الثمار المستحقة له من تاريخ رفع يده عن الأطيان المبيعة تنفيذا لأحكام الطرد إلى يوم استرداده لها بمقتضى الحكم الذى قضى له بصحة ونفاذ البيع وقد رد الطاعن على هذه الدعوى بدعوى فرعية أقامها على المطعون ضده طلب فيها ضمن ما طلب فوائد الثمن وإجراء المقاصة بينها وبين ما قد يقضى به للمطعون ضده من ثمرات. وبتاريخ 6 إبريل سنة 1958 قضت المحكمة باستحقاق المطعون ضده لثمرات الأطيان المبيعة من يوم البيع الحاصل فى 8/ 4/ 1937 وندبت خبيرا زراعيا لتقدير صافى ريعها فى المدة المطالب عنها، وقد قدم الخبير تقريرا إنتهى فيه إلى تقدير هذا الريع بمبلغ 1073 ج 826 م وبتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1958 حكمت المحكمة بالزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعى (المطعون ضده) مبلغ 1073 ج 826 م ورفضت دعوى الطاعن فاستأنف الطاعن هذا الحكم والحكم الصادر فى 6/ 4/ 1958 بالاستئناف رقم 95 سنة 15 ق الاسكندرية وطلب إلغاء الحكمين المذكورين والقضاء أصليا بعدم قبول دعوى المطعون ضده واحتياطيا برفضها. وبتاريخ 21 من فبراير سنة 1961 قضت المحكمة الاستئنافية قبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور لندب خبير زراعى لمباشرة المأمورية المبينة بالحكم المستأنف الصادر بتاريخ 6/ 4/ 1958 فى حضور طرفى الخصوم وعلى ضوء الاعتراضات التى أبداها أو سيبديها المستأنف (الطاعن) - ولندب خبير حسابى لعمل حساب الفوائد القانونية المستحقة على متأخر الثمن حتى تاريخ الإيداع أو العرض القانونى - وقد سجلت المحكمة فى حكمها هذا ما أثاره الطاعن فى استئنافه من نعى على الحكمين المستأنفين يتحصل فى أنهما بقضائهما المتقدم قد خولا المشترى المطعون ضده أن يجمع بين ثمار العين المبيعة وفوائد ما تأخر فى دفعه من الثمن وهو ما لا يجوز قانونا. ورأت المحكمة قبل الفصل فى هذا النعى ندب مكتب الخبراء لأداء المأمورية السابق بيانها وقد قدم الخبير الحسابى تقريره الذى انتهى فيه إلى أن فوائد الثمن على ما هو مبين فى المأمورية وبواقع 5 % سنويا كطلب المستأنف ضده (المطعون ضده) تقدر بمبلغ 325 ج 117 م - وبتاريخ 4 من يونيه سنة 1961 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف (الطاعن) أن يدفع للمستأنف عليه (المطعون ضده) مبلغ ألف جنيه والمصروفات المناسبة ورفضت المحكمة فى أسباب هذا الحكم القضاء المستأنف (الطاعن) بالفوائد التى طلبها فى دعواه الفرعية - وبتاريخ 3 من يوليه سنة 1961 طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن المطعون ضده دفع بعدم قبول الطعن لقبول الطاعن الحكم المطعون فيه ويقول المطعون ضده فى بيان هذا الدفع أنه بمقتضى اتفاق عقد بينه وبين الطاعن فى 14 مارس سنة 1962 تعهد الطاعن بأن يدفع له مبلغ 700 ج من المبلغ المحكوم به على أن يؤجل الباقى إلى أول نوفمبر من تلك السنة وبعد أن قام الطاعن بسداد مبلغ السبعمائة جنيه حرر بينهما عقد اتفاق نهائى تاريخه 31 أكتوبر سنة 1962 تضمن وفاء الطاعن الباقى عليه من قيمة الحكم المطعون فيه بعد خصم مبلغ 101 ج المحكوم به لصالحه على المطعون ضده فى الدعوى 98 سنة 1938 مدنى كوم حماده وقد نص فى عقد الإتفاق آنف الذكر على أنه بناء على هذا السداد أصبح هذا الحكم الأخير - والحكم المطعون فيه لاغيين كما أصبحت ذمة كل من الطرفين بريئة منهما - ويرى المطعون ضده أن هذا الذى تضمنه عقد الإتفاق المؤرخ 31 أكتوبر سنة 1962 يفيد قبول الطاعن الحكم المطعون فيه مما يجعل الطعن المرفوع منه عن هذا الحكم غير مقبول وأضاف المطعون ضده أنه مما يؤكد هذا القبول أن الطاعن تنازل عن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه فى جلسة 2 أغسطس سنة 1961 التى كانت محددة لنظر هذا الطلب.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه يشترط فى القبول المانع من الطعن فى الحكم أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق فى الطعن فيه ولما كان قيام الطاعن بتنفيذ الحكم المطعون فيه اختيارا لا يدل على الرضاء به لأن الأحكام الإنتهائية واجبة التنفيذ بحكم القانون فهى إن لم تنفذ اختيارا نفذت جبرا فإذا ما تفادى المحكوم عليه التنفيذ الجبرى بالتنفيذ الإختيارى فإن ذلك لا يدل على رضائه بالحكم المطعون فيه وتركه الحق فى الطعن فيه، وكان ما تضمنه الاتفاق المؤرخ 31 أكتوبر سنة 1962 والمقدم من المطعون ضده من أن ذمة الطاعن قد أصبحت بعد الوفاء بريئة من هذا الحكم وأن هذا الحكم أصبح لاغيا لا يدل دلالة قاطعة على رضاء الطاعن بالحكم المطعون فيه وعلى تركه الحق فى الطعن فيه لأن هذه العبارات لا تعدو أن تكون تقديرا للأثر المترتب على قيام الطاعن بالوفاء بقيمة المحكوم به لما كان ذلك وكان نزول الطاعن عن طلب وقف التنفيذ لا يدل أيضا على قبوله الحكم المطعون فيه فإن الدفع بعدم قبول الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه بنى على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون لرفضه القضاء للطاعن بفوائد ما لم يدفع له من الثمن وقت البيع ذلك أنه ما دام الحكم قد قضى للمطعون ضده المشترى بثمرات المبيع من تاريخ البيع فإن ذلك كان يقتضى الحكم للطاعن بتلك الفوائد من هذا التاريخ إذ لا يجوز أن يجمع المشترى فى يده بين ثمرة البدلين المبيع والثمن ينتفع بهما معا، ولا يمنع من القضاء للطاعن بفوائد الثمن ما قرره الحكم من أن المبيع كان تحت يده ما دام الحكم قد ألزمه بثمراته للمشترى ولقد فهم هذا الحكم خطأ من نص المادة 330 من القانون المدنى القديم، 458 من القانون القائم أن تسليم المبيع للمشترى شرط لاستحقاق البائع فوائد الثمن مع أن هذا النص لا يقصد التسليم لذاته وإنما لأنه الوسيلة الغالبة لتمكين المشترى من ثمرات المبيع وعلى ذلك فكما تمكن المشترى من الحصول على هذه الثمرات فإنه تلزمه فوائد الثمن لتحريم الجمع بينهما ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يجر المقاصة بين الثمرات الفوائد يكون مخالفا للقانون.
وحيث إن هذا النعى صحيح ذلك أن الحكم المطعون فيه مع تسجيله فى تقريراته أن المطعون ضده المشترى لم يدفع من الثمن فى 8 ابريل سنة 1937 تاريخ العقد سوى مبلغ 161 ج و200 م وأنه أودع خزانة المحكمة من باقى الثمن مبلغ 322 ج و400 م فى 30 مايو سنة 1953 ثم عرض مبلغ 68 ج و552 م عرضا قانونيا على الطاعن فى 26 مارس سنة 1956 فإن الحكم رفض القضاء للطاعن بما طلبه فى دعواه الفرعية من الحكم له بالفوائد عما لم يدفع له من الثمن من تاريخ العقد تأسيسا على قوله "وحيث أنه بالنسبة لفوائد الثمن فإنه من المسلم به عملا بالمادة 458 مدنى جديد 330 مدنى قديم أن فوائد الثمن لا تستحق البائع إلا من يوم إعذار المشترى أو تكليفه بوفاء الثمن عند حلول أجله أو من يوم تسليم المبيع إلى المشترى والثابت من أوراق الدعوى أن المستأنف (الطاعن) لم يكلف أو يعذر المستأنف عليه (المطعون ضده) بدفع باقى الثمن بل إن هذا الأخير هو الذى أودع بعضه خزانة المحكمة وعرض البعض الآخر، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الأطيان المبيعة فى الوقت الذى يطالب فيه المستأنف عليه بريعها كانت تحت يد المستأنف وهذا أمر لم يمار فيه هذا الأخير طوال تأجيل الدعوى فليس له من ثم أى فوائد عن الثمن" وهذا الذى استند إليه الحكم فى رفض القضاء للطاعن بما طلبه من فوائد ما لم يدفع له من الثمن فى تاريخ البيع غير صحيح فى القانون ذلك أنه وإن كانت المادة 330 من القانون المدنى القديم التى تحكم النزاع تقضى بأنه لا يكون للبائع حق فى فوائد الثمن فى حالة عدم الإتفاق عليها إلا إذا كلف المشترى بالدفع تكليفا رسميا أو كان المبيع الذى سلم ينتج ثمرات أو أرباح أخرى - بما يوحى أنه ما لم يحصل هذا التكليف فإن فوائد الثمن لا تستحق للبائع إلا من تاريخ تسلم المشترى المبيع المثمر إلا أنه لما كانت العلة فى ربط حق البائع فى فوائد الثمن بتسليمه المبيع المثمر للمشترى هو عدم جواز جمع المشترى بين ثمرة البدلين المبيع والثمن وإفتراض المشرع أن وسيلة المشترى إلى التمكن من الإستيلاء على ثمرات المبيع هى تسلمه المبيع فإنه فى أية حالة يتمكن فيها المشترى من الاستيلاء على هذه الثمرات ولو لم يتسلم المبيع فعلا فإنه يلتزم بدفع الفوائد بالسعر القانونى حتى لا يجمع بين الثمرات والفوائد فينتفع بالثمن والمبيع معا لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى للمطعون ضده (المشترى) بثمرات المبيع عن مدة سابقة على تاريخ وفائه بباقى الثمن فإذا رفض القضاء للطاعن (البائع) بفوائد ما لم يكن قد دفع له من الثمن وإجراء المقاصة بين هذه الفوائد وما يعادلها من الثمرات تأسيسا على أن المبيع كان تحت يده فإن الحكم يكون مخالفا للقانون بما يستوجب نقضه ذلك إنه وقد حصل المشترى (المطعون ضده) على ثمرات المبيع بالقضاء له بها فإنه تلزمه فوائد الثمن سواء كان قد تسلم المبيع فعلا أو لم يتسلمه إذ علة إشتراط التسليم فى هذه الحالة وهى تمكنه من الحصول على ثمرة المبيع قد تحققت بالقضاء له بهذه الثمرة.