أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1747

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدى، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

(251)
الطعن رقم 229 لسنة 32 القضائية

مسئولية. "المسئولية التقصيرية". "تقدير التعويض". تعويض. عمل. "التعويض عن إصابات العمل".
القضاء بمسئولية رب العمل عن وفاة العامل تأسيسا على المسئولية التقصيرية. أثره. وجوب تقدير التعويض وفقا لأحكام القانون المدنى دون قانون إصابات العمل.
إذا لم تؤسس محكمة الموضوع قضاءها بمبلغ التعويض عن وفاة العامل أثناء عمله لدى المدعى عليه على أحكام القانون 89 لسنة 1950 الصادر فى شأن إصابات العمل، وإنما أسسته على ما ثبت لها من مسئولية المدعى عليه عن الحادث مسئولية تقصيرية، وألزمته بتعويض المدعى عن الأضرار التى لحقته نتيجة لذلك والتى رأت تقديرها بالمبلغ المقضى به، وكان القضاء بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية يرجع فيه إلى القواعد الواردة بالقانون المدنى، وإذ تركت هذه القواعد لمحكمة الموضوع أمر تقدير التعويض، فإن النعى على الحكم بمخالفة أحكام القانون 89 لسنة 1950 التى تحدد مقدار التعويض يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1178 سنة 1958 مدنى كلى القاهرة ضد الطاعن بصفته طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 500 ج على سبيل التعويض لوفاة مورثه - وهو شقيقه المرحوم عزيز فام عطيه - أثناء عمله. وقال بيانا لدعواه أن شقيقه كان يصلح أسلاك التليفونات بمطار القاهرة فسقط عليه المبنى وحدثت إصابته التى أدت إلى وفاته يوم 30/ 3/ 1956 وقيد الحادث برقم 158 سنة 56 عوارض. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 23/ 2/ 1960 برفض الدعوى. فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 703 سنة 77 ق. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 29/ 3/ 1962 بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 300 ج على سبيل التعويض. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرتين أبدت فيهما الرأى برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره إلتزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم خالف القانون رقم 89 سنة 1950 الصادر فى شأن إصابات العمل إذ قضى للمطعون ضده بتعويض قدره ثلثمائة جنيه استنادا إلى ما رأته المحكمة من أن هذا المبلغ كاف لجبر الضرر الذى أصابه بوفاة شقيقه. ووجه الخطأ فى ذلك أن القانون المشار إليه قدر التعويض المستحق فى مثل هذه الحالة فى الجداول الملحقة به وهى تقضى بأنه إذا لم يترك المتوفى سوى إخوة فإنهم يستحقون 50% من قيمة التعويض الكامل عن الوفاة. وإذ كان التعويض الكامل يقدر بالتطبيق لأحكام المادة 28 من هذا القانون بما يعادل أجر ألف يوم للعامل المتوفى وهو مبلغ 352.500 ج فإن المطعون ضده ما كان يستحق سوى مبلغ 176.250 ج يمثل قيمة ما يوازى 50% من التعويض الكامل. وإذ أعطت المحكمة لنفسها سلطة تقدير التعويض فى مقام تكفل فيه المشرع بتحديده فإنها تكون قد خالفت القانون مما ترتب عليه القضاء للمطعون ضده بأكثر مما يستحقه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد استند أمام محكمة الاستئناف فى المطالبة بالتعويض عن وفاة شقيقه إلى مسئولية الطاعن بصفته مسئولية تقصيرية طبقا للقواعد العامة فى القانون المدنى، ذلك أن الهيئة التى يمثلها الطاعن كلفت شقيقه بالصعود فوق المبنى لإصلاح أسلاك التليفونات رغم ما به من خلل فسقط المبنى وأدى ذلك إلى وفاته، وأنه كان يتعين على الهيئة إصلاح المبنى قبل أن تكلف عمالها الصعود إليه لأداء عملهم. وقد قضت محكمة الاستئناف بمبلغ 300 ج تعويضا للمطعون ضده ولم تؤسس قضاءها على أحكام القانون رقم 89 لسنة 1950 الصادر فى شأن إصابات العمل وإنما أسسته على ما ثبت لها من مسئولية الطاعن عن الحادث مسئولية تقصيرية، وألزمته بتعويض المطعون ضده عن الأضرار التى لحقته نتيجة لذلك والتى رأت تقديرها بالمبلغ المذكور - لما كان ذلك وكان القضاء بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية يرجع فيه إلى القواعد الواردة بالقانون المدنى، وإذ تركت هذه القواعد لمحكمة الموضوع أمر تقدير التعويض، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة أحكام القانون رقم 89 لسنة 1950 التى تحدد مقدار التعويض يكون على غير أساس.