مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والثلاثون - العدد الثاني (من أول مارس سنة 1986 إلى آخر سبتمبر سنة 1986) - صـ 1403

(189)
جلسة 16 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبي يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد أحمد حمادة وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

الطعن رقم 433 لسنة 27 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - معاش.
المادة (176) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية الصادرة قبل 11 من مارس سنة 1963 يكون لأصحاب المعاشات الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي قبل هذا التاريخ والمستحقين عنهم طلب إعادة تسوية المعاش استناداً إلى عدم صحة قرارات فصلهم - اختصاص اللجان المشكلة وفقاً لنص المادة (176) من قانون التأمين الاجتماعي بنظر هذه المنازعات - اختصاص هذه اللجان مقصور على بيان ما إذا كانت القرارات الصادرة بفصل هؤلاء العاملين بغير الطريق التأديبي قد قامت على أسباب تتفق مع أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي من عدمه - إذا تبين لهذه اللجان أن تلك القرارات صدرت غير سليمة فإنه يتعين على الجهة المختصة بتسوية المعاش أن تعيد التسوية طبقاً لأحكام قوانين المعاشات - أثر ذلك: - لا يكون للهيئة العامة للتأمين والمعاشات أو الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أي سلطة تقديرية في هذا الشأن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق الأول من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ علاء الدين نور المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ عزمي نجيب اسكندر قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 433 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 2 من فبراير سنة 1981 في الدعوى رقم 1738 لسنة 33 القضائية المرفوعة من عزمي نجيب اسكندر ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ووزير الخارجية بصفتيهما والقاضي بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها شكلاً بالنسبة إلى المدعى عليه الأول، وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعي بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الطاعن في تسوية معاشه طبقاً لقرار اللجنة القضائية الصادر في 14 من مارس سنة 1978 مع إلزام المطعون ضدهما بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27 من مايو سنة 1985 وبجلسة 9 من ديسمبر قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية لنظره بجلسة 2 من فبراير سنة 1986، وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن قررت حجز الطعن لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 11 من يوليه سنة 1979 أقام السيد/ عزمي نجيب اسكندر الدعوى رقم 1738 لسنة 33 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات ووزير الخارجية بصفتيهما طالباً الحكم بإلغاء قرار الهيئة العامة للتأمين والمعاشات المؤرخ 21 من مارس سنة 1978 وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تسوية معاشه طبقاً لقرار اللجنة القضائية مع إلزام المدعى عليهما المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه عمل بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية اعتباراً من أول يناير سنة 1946 حتى أول مارس سنة 1953 تاريخ فصله بغير الطريق التأديبي، وبصدور القانون رقم 79 لسنة 1975 وعملاً بنص المادة 176 منه تقدم بطلب إلى اللجنة المشكلة طبقاً لهذه المادة لإعادة تسوية معاشه، وفي 14 من مارس سنة 1978 أصدرت اللجنة المشار إليها قراراً بإعادة تسوية معاشه حتى تاريخ التحاقه بشركة الكاتب المصري على أساس حساب هذه المدة بواقع 1/ 45 بدلاً من 1/ 75 قد تم إبلاغ كل من الهيئة العامة للتأمين والمعاشات والمدعي بقرار اللجنة، ولم تطعن الهيئة على هذا القرار خلال ستين يوماً، وبالرغم من ذلك أخطر في 21 من مارس سنة 1978 برفض تنفيذ قرار اللجنة وحساب المدة المشار إليها بواقع 1/ 45 وليس 1/ 75 كما ذهبت إلى ذلك اللجنة.
ويذهب المدعي إلى أن قرار اللجنة القضائية قد أنشأ له مركزاً قانونياً لا يجوز تعديله ويتعين على الهيئة العامة للمعاشات إعماله.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة تضمنت أنه طبقاً للمادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975 قامت اللجنة القضائية المختصة ببحث موضوع المدعي وانتهت إلى خصم مدة أربع سنوات وذلك من تاريخ تركه الخدمة سنة 1953 حتى سنة 1957 ولكنها أخطأت إذ قررت احتساب المدة في المعاش بواقع 1/ 45 بدلاً من 1/ 75، وبذلك تكون اللجنة قد جاوزت اختصاصها، ومن ثم انتهت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات إلى احتساب المدة من سنة 1953 تاريخ فصل المدعي حتى سنة 1957 تاريخ تعيينه في إحدى المنشآت الخاصة على أساس 1/ 75 إعمالاً لأحكام قوانين المعاشات.
وبجلسة 2 من فبراير سنة 1981 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليه الثاني لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها شكلاً بالنسبة إلى المدعى عليه الأول وفي الموضوع برفضه وألزمت المدعي المصروفات.
وقد أسست المحكمة قضاءها على أن اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 176 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 قد أصدرت في 14 من مارس سنة 1978 وبناء على طلب تقدم به المدعي قراراً بإعادة تسوية معاشه من تاريخ فصله حتى تاريخ التحاقه بشركة الكاتب المصري على أساس حساب هذه المدة بواقع 1/ 45 بدلاً من 1/ 75، وقد رفضت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات تنفيذ تسوية المعاش على هذا الأساس. ولما كانت المادة 176 المشار إليها قد حددت اختصاص اللجان المشكلة بمقتضاها ببحث حالات المفصولين بغير الطريق التأديبي من أصحاب المعاشات بإعادة تسوية معاشاتهم استناداً إلى عدم صحة قرارات فصلهم على أساس مرتب الدرجة أو الفئة الوظيفية التي كانوا سيصلون إليها لو لم يفصلوا بغير الطريق التأديبي أي احتساب مدة الفصل فلا تتعدى هذه اللجان اختصاصها إلى تعديل نسبة المعاش ومن ثم تكون اللجنة المشكلة طبقاً للمادة 176 حينما بحثت حالة المدعي وقررت احتساب معاشه على أساس 1/ 45 بدلاً من 1/ 75 قد تجاوزت اختصاصها المحدد لها قانوناً ومن ثم لا يتحصن قرارها في هذا الشأن وتكون لجنة المنازعات المشكلة بالهيئة حينما رفضت منازعة المدعي في شأن رفض الهيئة احتساب معاشه على أساس 1/ 45 بدلاً من 1/ 75 قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً. ومن ثم تكون دعوى المدعي على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تفسيره وتأويله ذلك أن قرار اللجان المشكلة في شأن إعادة تسوية معاش من فصلوا بغير الطريق التأديبي نهائية ونافذة ما لم يطعن عليها خلال ستون يوماً من تاريخ إبلاغها لذوي الشأن أمام محكمة القضاء الإداري، وبفوات هذا الميعاد تصبح تلك القرارات بمنجاة من الطعن عليها أو الإلغاء، وإذ كان الثابت أن قرار اللجنة الصادر في شأنه لم تطعن عليه الهيئة المطعون ضدها خلال المواعيد القانونية وبفرض أن هذا القرار مشوب بعيب مخالفة قواعد الاختصاص نهائياً حصيناً من السحب والإلغاء ويتعين تنفيذه.
ومن حيث إن المادة 176 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تقضي بأنه مع عدم الإخلال بالأحكام القضائية النهائية الصادرة قبل 11 من مارس سنة 1963.
يكون لأصحاب المعاشات الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي قبل هذا التاريخ والمستحقين عنهم طلب إعادة تسوية المعاش استناداً إلى عدم صحة قرارات فصلهم، ويقدم الطلب إلى الوزير المختص خلال ثلاث سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون وتحال هذه الطلبات إلى اللجنة المختصة خلال أسبوعين على الأكثر من تاريخ تقديمه.
وتشكل لجنة أو أكثر في كل وزارة للنظر في الطلبات المشار إليها بالفقرة السابقة على النحو التالي:
1 - مستشار من محاكم الاستئناف أو مجلس الدولة.
2 - رئيس محكمة أو مستشار مساعد بمجلس الدولة.
3 - أحد شاغلي وظائف الإدارة العليا بالوزارة أو بإحدى الجهات التابعة لها بندب الوزير المختص وللجنة سماع أقوال الطالب أو الجهة التي كان يعمل بها عند انتهاء خدمته أو غيرها من الجهات، وتكون قرارات اللجنة مسببة وتكون نهائية ونافذة، وتعتبر أسباب الفصل غير صحيحة إذا أثبت أنه لم يكن قد قام بصاحب المعاش عند انتهاء خدمته سبب في حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، ويجوز الطعن أمام محكمة القضاء الإداري في قرارات اللجنة المشار إليها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار ذوي الشأن بها.
كما تقضي المادة 176 المشار إليها بأن تلتزم الجهة المختصة بتسوية المعاش في حالة قبول اللجنة لطلب صاحب الشأن وفقاً لقواعد أوردتها تفصيلاً.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن المشرع ناط باللجان المشكلة طبقاً للمادة 176 من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه الفصل في الطلبات التي يقدمها أصحاب المعاشات الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي والمستحقين عنهم استناداً إلى عدم صحة القرارات الصادرة بنقلهم، ومن ثم فاختصاص هذه اللجان قاصر على بيان ما إذا كانت القرارات الصادرة بفصل هؤلاء بغير الطريق التأديبي قد قامت على أسباب تتفق مع أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي من عدمه، فإذا استبان لهذه اللجان أن تلك القرارات صدرت غير سليمة كان على الجهة المختصة بتسوية المعاش إعادة تسوية المعاش وفقاً لقواعد معينة وطبقاً لأحكام قوانين المعاشات، ولا تكون للجهة المختصة بإعادة تسوية المعاشات وهي الهيئة العامة للتأمين والمعاشات أو الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بحسب الأحوال أو أية جهة أخرى أية سلطة تقديرية في شأن القواعد التي تحكم إعادة تسوية المعاش المستحق لصاحب الشأن، إذ تضمنت قوانين المعاشات تحديد تلك القواعد بما لا يجوز الخروج على أحكامها.
ومن حيث إنه متى كان الثابت من الأوراق أنه لا خلاف بين الطاعن والهيئة المطعون ضدها على ما انتهت إليه اللجنة المشكلة بوزارة الخارجية في 14 من مارس سنة 1978 من عدم صحة القرار الصادر بفصل الطاعن بغير الطريق التأديبي، وإنما ينحصر الخلاف بما قررته تلك اللجنة من احتساب المدة التي ضمت إلى مدة خدمته على أساس 1/ 45 بدلاً من 1/ 75 إذ كانت اللجنة في هذا الشق من القرار قد خرجت على الاختصاص الذي حدده لها المشرع واغتصبت سلطة الهيئة العامة للتأمين والمعاشات التي ناط بها المشرع إعادة احتساب المعاش على أساس قواعد قانونية هي في الحالة المعروضة أحكام قانون المعاشات رقم 50 لسنة 1963 والتي تقضي بحساب المدد المضمومة في المعاش على أساس 1/ 75 إذا لم تكن قد سددت عنها اشتراكات، وبذلك يكون هذا الشق من القرار قد صدر مشوباً بعيب غصب السلطة مما يجعله معدوماً ولا يكسب الطاعن أي مركز قانوني، وتكون هيئة التأمين والمعاشات قد التفتت عن تطبيق هذا الشق وطبقت القانون تطبيقاً سليماً في حق الطاعن، قد أصابت الحق فيما انتهت إليه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد صدر سليماً ومتفقاً مع أحكام القانون ومن ثم يتعين قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.