أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 17 - صـ 1979

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

(288)
الطعن رقم 64 لسنة 30 القضائية

( ا ) بيع. "التزامات البائع". "الالتزام بالتسليم". "البيعF. O. B.". نقل بحرى. تأمين بحرى.
البيع.F. O. B. أثره. التزام البائع بالتسليم على ظهر السفينة فى ميناء القيام. النقل والتأمين على عاتق المشترى.
(ب) تأمين بحرى. بيع. "التزامات المشترى". "الالتزام بدفع الثمن". "البيع ."F. O. B.تأمينات عينية "حقوق الامتياز". "الامتياز المقرر للبائع على المبيع".
البيع F. O. B. مع شرط دفع الثمن عند استلام سندات الشحن بميناء الوصول. أثره. نشوء امتياز للبائع على المبيع. التأمين الذى يعقده البائع على البضائع التى سلمها بمياه الشحن. اعتباره تأمينا بحريا إعمالا لحق الامتياز لضمان اقتضاء الثمن. قيام البائع بإحالة حقوقه إلى الشركة المؤمنة بعد هلاك البضائع. أثره. حق الشركة المؤمنة فى الرجوع على المشترى.
(جـ) نقض. "الحكم فى الطعن". حكم.
نقض الحكم. أثره. إلغاء الأحكام والأعمال المترتبة عليه.
1 - مفاد التعاقد بين البائع والمشترى على بيع البضاعةF. O. B. أن يتم تسلم البضاعة فى ميناء القيام منذ شحنها على ظهر السفينة، وأن تبرأ منذ ذلك الوقت ذمة البائع من الالتزام بالتسليم وتنتقل ملكية البضاعة إلى الشركة المشترية التى تلتزم وحدها بمخاطر الطريق، ويقع على عاتقها عبء التعاقد على نقل البضاعة من ميناء الشحن إلى ميناء الوصول والتأمين عليها، إلا أن تنيب البائع فى إبرام هذا التعاقد لمصلحتها بوصفه وكيلا عنها.
2 - إذا كان التعاقد بين البائع والمشترى قد تم على أن يكون البيع F. O. B. وعلى أن يتم دفع ثمن البضاعة عند استلام سندات الشحن بميناء الوصول، ولم يكن البائع وقت تسليم البضاعة بميناء الشحن إلى المشترى - وإلى ما بعد هذا التسليم - قد قبض ثمنها، وكان له بسبب استحقاق الثمن امتياز على الشىء المبيع، فإن مقتضى ذلك أن يعتبر التأمين الذى تعاقد عليه البائع مع شركة التأمين - على البضاعة التى قام بتسليمها فعلا إلى المشترى - تأمينا بحريا أبرمه البائع لمصلحته الشخصية إعمالا لحق الامتياز، وتتمثل هذه المصلحة فى ضمان اقتضائه قيمة البضاعة من شركة التأمين إذ ما هلكت أثناء الرحلة البحرية. وتسرى على هذا التأمين قواعد التأمين البحرى، فلا تتعدى المخاطر المؤمن عليها مخاطر الرحلة البحرية إلى مخاطر أخرى تتعلق باعسار المشترى أيا كان سبب هذا الإعسار. فاذا ما كان الثابت من عبارة الحوالة الصادرة من البائع إلى شركة التأمين أن البائع قبض من هذه الشركة قيمة البضاعة إثر غرقها نفاذا لوثيقة التأمين وأحال إلى الشركة جميع حقوقه ودعاويه لترجع بها قبل من تراه من الغير، فإنه يكون لشركة التأمين أن ترجع بموجب هذه الحوالة على المشترى بوصفه من الغير بالنسبة لوثيقة التأمين، ولأنه لم يدفع ثمن البضاعة بعد إلى البائع، ويقع على عاتقه تحمل مخاطر الطريق بوصفه مالك البضاعة.
3 - يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة له متى كان ذلك الحكم أساسا لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن شركة إيجيل ستار للتأمين التى تمثلها فى الطعن مصلحة التأمين - الطاعنة - أقامت الدعوى رقم 329 سنة 1952 تجارى كلى الاسكندرية ضد الشركة المطعون عليها الأولى تطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 8021 جنيها و500 مليم، وقالت شرحا لدعواها أنه بتاريخ 26 نوفمبر سنة 1948 باع السيد بترو بوتولو التاجر باليونان إلى الشركة المطعون عليها الأولى 333 برميلا من الزيتون بثمن قدره 8227 جنيها، واتفق على البيع F. O. B. بأن يتم تسليم البضاعة بميناء الشحن بأثينا باليونان وتقوم الشركة المشترية - المطعون عليها الأولى - بمعرفتها وعلى مسئوليتها بنقل البضاعة والتأمين عليها، كما اتفق على أن يتم دفع الثمن عند تسلم سندات الشحن من مكتب بابليوس دبترفيس بالاسكندرية. ونفاذا لهذا التعاقد قام البائع بشحن البضاعة على السفينة ديمتريوس فى 28 نوفمبر سنة 1948، غير أن السفينة غرقت أثناء رحلتها البحرية بتاريخ 6 ديسمبر سنة 1948 بما عليها من بضاعة. وإذ لم يكن البائع قد قبض بعد ثمن البضاعة فقد أمن عليها ضد أخطار البحر لدى شركة إيجل ستار للتأمين - التى تمثلها الطاعنة - بمقتضى وثيقة تأمين مؤرخة أول ديسمبر سنة 1948، وبهلاك البضاعة دفعت شركة التأمين قيمتها إلى البائع وحلت ملحه فى كافة حقوقه ودعاويه قبل هذا الشأن، وقامت بمطالبة الشركة المشترية - المطعون ضدها الأولى - بسداد قيمة البضاعة. وإذ لم تدفع هذه القيمة مع أنها ملزمة بها لأن هلاك البضاعة يقع على عاتقها فقد أقامت هذه الدعوى ضدها بطلباتها المتقدم بيانها. كما أقامت شركة التأمين - الطاعنة - الدعوى رقم 177 سنة 53 تجارى كلى اسكندرية ضد المطعون عليهما معا رددت فيها هذه الوقائع وأضافت أنه وقد أمنت الشركة المشترية - المطعون ضدها الأولى - على البضاعة لدى الشركة المطعون ضدها الثانية وامتنعت الأولى عن مباشرة حقها كمستأمنة فى مطالبة الشركة الثانية كمؤمنة بقيمة البضاعة المؤمن عليها لديها والتى غرقت فإن هذا الامتناع يخول الطاعنة الحق فى أن تباشر بنفسها حقوق مدينتها المطعون عليها الأولى قبل المطعون عليها الثانية بأن تطلب الحكم بالزام هذه الأخيرة بأن تدفع للشركة المطعون عليها الأولى قيمة التأمين عن البضاعة الغارقة وقدره 10500 جنيه. وبتاريخ 27/ 1/ 1954 قضت محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعويين لرفعهما من غير ذى صفة. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 152 سنة 11 ق تجارى الاسكندرية. ومحكمة الاستئناف قضت بتاريخ 6 نوفمبر سنة 1956 بالغاء الحكم المستأنف وبقبول الدعويين، ثم قضت بتاريخ 28/ 12/ 1956 فى موضوع الدعويين برفضهما. فطعنت الطاعنة بصفتها فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وبتاريخ 18 يناير سنة 1964 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وقدمت النيابة العامة مذكرة تكميلية أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها الأخير. وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسببين الأول والرابع الخطأ فى تطبيق القانون ومسخ عبارة الحوالة التى حررها البائع لمصلحة شركة التأمين التى تمثلها المصلحة الطاعنة. وفى بيان ذلك تقول الطاعنة ان محكمة الاستئناف أقامت قضاءها برفض الدعوى على أن التأمين الذى عقده بائع البضاعة باليونان مع شركة التأمين التى تمثلها الطاعنة إنما كان تأمينا ضد مخاطر البحر لمصلحة الشركة المشترية للبضاعة هدف به البائع إلى تعويضها عن الضرر الناتج عن هلاكها، وأن ليس لشركة التأمين - الطاعنة - بعد أن دفعت للبائع قيمة البضاعة المؤمن عليها إثر غرقها والتنازل لها من البائع عن الحق فى التعويض فى هذا الخصوص سوى أن ترجع بما دفعته على المتسبب فى الحادث البحرى، هذا فى حين أن الثابت من التعاقد أن البيع F. O. B. وأن مخاطر البحر تقع على عاتق المشترى مما يقطع بأن البائع إنما أمن على البضاعة التى باعها لمصلحته الشخصية لعدم قبضه ثمنها ولأنه من أصحاب حقوق الامتياز عليها وله مصلحة فى التأمين لاقتضاء الثمن إذا ما هلكت البضاعة أثناء الرحلة البحرية. كما أن الثابت أن الحوالة الصادرة من البائع للشركة الطاعنة لم تكن قاصرة على حق معين بالذات وإنما جاءت عبارتها مطلقة متضمنة نزول البائع للشركة الطاعنة عن كافة حقوقه ودعاويه المتعلقة بالبضاعة الفاقدة قبل الغير، ومنهم الشركة المشترية.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن التعاقد قد تم بين البائع والشركة المشترية على بيع البضاعة F. O. B.، وكان مفاد هذا التعاقد أن يتم تسليم البضاعة فى ميناء القيام منذ شحنها على ظهر السفينة، وأن تبرأ منذ ذلك الوقت ذمة البائع من الالتزام بالتسليم وتنتقل ملكية البضاعة إلى الشركة المشترية التى تلتزم وحدها بمخاطر الطريق، ويقع على عاتقها عبء التعاقد على نقل البضاعة من ميناء الشحن إلى ميناء الوصول والتأمين عليها، إلا أن تنيب البائع فى إبرام هذا التعاقد لمصلحتها بوصفه وكيلا عنها، وإذ لا خلاف بين طرفى النزاع فى أن الشركة المشترية (المطعون عليها الأولى) لم تعهد للبائع باليونان فى أن يعقد تأمينا على البضاعة بالوكالة عنها، وكان يبين من الأوراق أن المطعون عليها الأولى كانت قد تعاقدت - بوصفها مشترية F. O. B. ومالكة للبضاعة - بالتأمين عليها لدى الشركة المطعون عليها الثانية وذلك لتغطية الضرر الذى يلحق بها نتيجة هلاك البضاعة فى الطريق، لما كان ذلك وكان التعاقد بين البائع والشركة المشترية قد تضمن الاتفاق على أن يتم دفع ثمن البضاعة عند استلام سندات الشحن بالاسكندرية، وإذ لم يكن البائع وقت تسليمه البضاعة بميناء الشحن إلى الشركة المشترية وإلى ما بعد هذا التسليم وحتى التأمين عليها وغرقها قد قبض ثمنها، وكان له بسبب استحقاق الثمن امتياز على الشىء المبيع، فإن مقتضى ذلك أن يعتبر التأمين الذى تعاقد عليه البائع مع الشركة التى تمثلها الطاعنة على البضائع التى قام بتسليمها فعلا إلى الشركة المشترية - تأمينا بحريا أبرمه البائع لمصلحته الشخصية إعمالا لحق الامتياز، وتتمثل هذه المصلحة فى ضمان اقتضائه قيمة البضاعة من شركة التأمين إذا ما هلكت أثناء الرحلة البحرية، وتسرى على هذا التأمين قواعد التأمين البحرى فلا تتعدى المخاطر المؤمن عليها مخاطر الرحلة البحرية إلى مخاطر أخرى تتعلق بإعسار المشترى أيا كان سبب هذا الاعسار. لما كان ما تقدم وكان الثابت من عبارة الحوالة الصادرة من البائع إلى شركة التأمين التى تمثلها الطاعنة أن البائع قبض من هذه الشركة قيمة البضاعة إثر غرقها نفاذا لوثيقة التأمين، وأحال إلى شركة التأمين جميع حقوقه ودعاويه لترجع بها قبل من تراه من الغير، وكان للطاعنة أن ترجع بموجب هذه الحوالة على الشركة المشترية بوصفها من الغير بالنسبة لوثيقة التأمين ولأنه لم تدفع ثمن البضاعة بعد إلى البائع ويقع على عاتقها - على ما سلف بيانه - تحمل مخاطر الطريق بوصفها مالكة للبضاعة. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنة رقم 329 سنة 1954 تجارى كلى الاسكندرية استنادا إلى أن حقها بموجب الحوالة قاصر على الرجوع على الناقل البحرى المتسبب فى غرق البضاعة دون الشركة المشترية فإنه يكون قد خالف القانون ومسخ المعنى الظاهر لعبارة الحوالة المشار إليها، مما يستوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى المشار إليها.
وحيث إنه لما كان يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة له متى كان ذلك الحكم أساسا لها، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى غير المباشرة رقم 1770 سنة 1953 ق تجارى كلى الاسكندرية المقامة من الشركة الطاعنة ضد المطعون عليهما استنادا إلى رفض الدعوى رقم 329 سنة 1953 تجارى كلى الاسكندرية المقامة ضد الشركة المطعون ضدها الأولى، وإذ قضى بنقض الحكم الصادر فى هذه الدعوى فإن ذلك يستتبع نقض الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1770 سنة 53 ق تجارى كلى الاسكندرية.