مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 605

(86)
جلسة 18 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد الرؤوف محمد محيى الدين وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب والدكتور وليم سليمان قلادة - المستشارين.

الطعن رقم 1879 لسنة 27 القضائية

اصلاح زراعى - قرار الاستيلاء الابتدائى - اجراءات نشره - اذا جاء النشر بغير اتباع الإجراءات التى نص عليها القانون أو مفتقرا الى بعض عناصره فانه يفقد حجيته فى احداث أثره القانونى اذ يكون العلم اليقينى بالقرار ومحتوياته قد انتفى ويظل ميعاد الطعن مفتوحا - المادتان 13 مكرر من قانون الاصلاح الزراعى رقم 178 لسنة 1952 و26 من لائحته التنفيذية - المشرع حدد فى اللائحة سلسلة من الإجراءات تبدأ بتقديم المالك الخاضع للاقرار وتنتهى بأيلولة الأرض الخاضعة الاستيلاء للحكومة - كل اجراء من اجراءات اللائحة يدخل فى سلسلة تعتمد بعضها على بعض ويعتمد الاجراء الأخير على ما يسبقه من إجراءات - اذا سقط اجراء منها أو بطل يبطل الاجراء الذى يليه لاستناده عليه - اذا ثبت أن قرار الاستيلاء الابتدائى فقد فاعليته لعدم اتباع الإجراءات المنصوص عليها لنشره يفقد فاعليتة - قرار الاستيلاء النهائى المبنى عليه يكون على غير أساس سديد من القانون وغير منتج لآثاره القانونية ويعتبر كأن لم يكن - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم الثلاثاء الموافق 16/ 6/ 1981 أودع الأستاذ جاد العبد جاد المحامى بصفته وكيلا عن السيد أبو شادى عبد الحميد الكيلانى - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1879 لسنة 27 ق عليا - فى القرار الصادر من اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى بجلسة 21/ 4/ 1981 فى الاعتراض رقم/ 270 لسنة 1980 الذى قضى:
أولا: برفض الدفع بعدم قبول الاعتراض وبقبوله.
ثانيا: بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الاعتراض لصدور قرار الاستيلاء النهائى، وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير طعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه القاضى بعدم اختصاص اللجنة ولائيا بنظر الاعتراض واختصاصها بنظره وبإعادة الموضوع الى اللجنة للفصل فيه بطلبات الطاعن والاعتداد بالتصرف محل الاعتراض وبإلغاء الاستيلاء على المساحة محل الاعتراض مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام المطعون ضده بصفته بالمصاريف والأتعاب.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى انتهت فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم اختصاصها بنظر الاعتراض وباختصاصها بنظره واعادة الأوراق الى اللجان القضائية للفصل فى الاعتراض المذكور وابقاء الفصل فى المصروفات.
وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية تم نظر الطعن بدائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 17/ 3/ 1982 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 6/ 4/ 1982 - وفى هذه الجلسة وفى الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص فى أنه بموجب عقد بيع ابتدائى اشترى مورث الطاعن المرحوم عبد الحميد يوسف الكيلانى من السيدة/ انطاسيه نيقولا سيكونيس ورمبوى اليونانية الجنسية أرضا زراعية مساحتها 20 س/ 0 ط/ 1 ف بحوض الغابة رقم/ 5 قطعة / 189 بالمشاع فى مساحة 8 س/ - ط/ 2 ف - الا انه فوجئ باستيلاء الهيئة العامة للاصلاح الزراعى عليها بدعوى أنها مملوكة للبائعة الخاضعة لأحكام القانون رقم 15 لسنة 1963. الأمر الذى اضطره الى رفع الاعتراض رقم/ 270 لسنة 1980 أمام اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى طالبا الاعتداد بالتصرف المذكور طبقا للقانون رقم 50 لسنة 1979 - فتقدم الحاضر عن الاصلاح الزراعى بمذكرة طلب فيها عدم قبول الاعتراض لرفعه بعد الميعاد الذى حددته المادة/ 13 مكررا من القانون رقم/ 178 لسنة 1952 - كما دفع بعدم اختصاص اللجنة القضائية بنظر الاعتراض لصدور القرار رقم 58 فى 28/ 5/ 1966 من مجلس ادارة الهيئة بالاستيلاء النهائى على الأرض موضوع النزاع - وقدم تأييدا لذلك حافظة مستندات ضمنت:
1 - صورة طبق الأصل من قرار الهيئة رقم/ 58 المؤرخ 28/ 5/ 1966 بشأن اعتماد التسليم النهائى قبل السيدة/ انطاسيه روسوس بنت نيقولا سكونيتس طبقا للقانون رقم 15 لسنة 1963 عن مساحة 21 ط/ 13 ف ومسجل بالشهر العقارى تحت رقم 2981 فى 17/ 8/ 1967.
2 - صورة طبق الأصل من عدد الوقائع المصرية رقم/ 73 فى 20/ 9/ 1965 بالاعلان عن الاستيلاء الابتدائى على المساحة محل الاعتراض.
3 - صورة طبق الأصل من محاضر اللصق عن أرض النزاع مؤرخة 3/ 8/ 1965.
وبجلسة 21/ 4/ 1981 قررت اللجنة القضائية رفض الدفع بعدم قبول الاعتراض وبقبوله وبعدم اختصاصها ولائيا بنظر الاعتراض لصدور قرار بالاستيلاء النهائى. وبنت اللجنة قرارها برفض الدفع بعدم قبول الاعتراض على أن النشر لكى ينتج أثره القانونى يجب أن يتم بالطريقة التى رسمها القانون وأن يكون شاملا لجميع العناصر التى استلزم القانون ذكرها والتى يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانونى واذ أغفل الاعلان عن الأراضى المستولى عليها الاشارة الى أن البيان التفصيلى عن الأراضى المستولى عليها وأسماء المستولى لديهم معروض بالجهات المشار اليها بالمادة 26 من اللائحة التنفيذية فان العلم اليقينى الكامل بالقرار ومحتوياته يكون قد انتفى مما يجعل ميعاد الطعن على القرار الصادر بالاستيلاء ما زال مفتوحا ويكون الدفع بعدم قبول الاعتراض لرفعه بعد الميعاد لا أساس له من القانون - أما عن قبول الدفع بعدم الاختصاص فقد بنته اللجنة على صدور قرار بالاستيلاء النهائى على الأرض موضوع النزاع ضمن مساحة 21 ط/ 12 ف حيث تعتبر الدولة وفقا لنص المادة 23 مكررا ( أ ) من القانون رقم 178 لسنة 1952 معدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1961 - مالكة للأراضى المستولى عليها المحددة فى قرار الاستيلاء النهائى اعتبارا من التاريخ المحدد للاستيلاء عليها ويصبح العقار خالصا من جميع الحقوق العينية وكل منازعة من أولى الشأن تنتقل الى التعويض المستحق عن الأطيان المستولى عليها وتفصل فيه جهات الاختصاص.
ومن حيث انه لذلك فقد رفع الطاعن هذا الطعن وبناه أولا على مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه لأسباب:
أولا: أن اجراءات الاستيلاء الابتدائى التى بنى عليها الاستيلاء النهائى باطلة، اذ أن اجراءات النشر التى قررتها اللائحة التنفيذية للقانون لم تتم صحيحة حيث أبان القرار المطعون فيه أن الاعلان عن الأراضى المستولى عليها فى الاعتراض أغفل الاشارة الى البيان التفصيلى عن الأراضى المستولى عليها وأسماء المستولى لديهم معروض بالجهات المشار اليها بالمادة/ 26 من اللائحة التنفيذية - وبذلك تصبح الحكمة من نشر قرار الاستيلاء منتفية مع انتفاء اجراءات النشر الصحيحة مما يترتب عليه انعدام الأثر القانونى للنشر وبالتالى بطلان اجراءاته وكذا بطلان إجراءات الاستيلاء النهائى لاستنادها الى اجراءات الاستيلاء الابتدائى الباطلة.
ثانيا: تناقض القرار المطعون فيه فى أسبابه اذ بينما قرر أن الدفع المبدى من الهيئة بعدم قبول الاعتراض لرفعه بعد الميعاد لا أساس له من القانون متعينا رفضه لأن الاعلان عن الأراضى المستولى عليها أغفل الاشارة الى البيان التفصيلى عن الأراضى المستولى عليها وأسماء المستولى لديهم - عاد وانتهى الى الحكم بعدم اختصاص اللجنة القضائية بنظر الاعتراض لصدور القرار بالاستيلاء النهائى - وهو يستند الى الاستيلاء الابتدائى الذى ثبت بطلانه - ذلك ان جميع المواد أرقام 6، 7، 8، 10، 26، 27، 28 من اللائحة التنفيذية للقانون متساندة يكمل بعضها بعضا فاذا لحق البطلان أحدهما ترتب عليه بطلان الباقى.
ثالثا: انطباق أحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 على المساحة موضوع الاعتراض - لكونها أقل من خمسة أفدنة وأن التصرف بشأنها قد أثبت فى اقرار البائع باعتراضه على الاستيلاء بالمحضر المؤرخ 17/ 4/ 1963 واقرار بيعها.
ومن حيث ان الواضح من نص المادة/ 26 من اللائحة التنفيذية أن هذه اللائحة قصدت الى تنظيم وسيلة يعلم بها الكافة وصاحب الشأن بقرار الاستيلاء الابتدائى ومحتوياته بل يضمن أن يكون العلم يقينيا لا ظنيا ولا افتراضيا وأن يكون شاملا لجميع العناصر التى يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانونى بالنسبة للقرار ويستطيع أن يحدد على مقتضى ذلك طريقه فى الطعن فأوجبت أن ينشر فى الجريدة الرسمية (الوقائع المصرية) - بيان عن قرارات الاستيلاء الابتدائى متضمنا العناصر المشار اليها وأن يعرض بيان تفصيلى لكل ذلك فى كل منطقة على الباب الرئيسى لمقر العمدة ومكتب الاصلاح الزراعى ومركز البوليس على الوجه الوارد بالنص - ثم أوجبت أن يكون النشر فى الجريدة الرسمية مقرونا باعلان ذوى الشأن بأن هذا البيان التفصيلى معروض فى الجهات سالفة الذكر وبأن الالتجاء الى اللجنة القضائية لا يقبل بعد مضى خمسة عشر يوما من تاريخ النشر فى الجريدة الرسمية عن القرار محل الاعتراض أو المنازعة تطبيقا لنص المادة 13 مكررا من قانون الاصلاح الزراعى.
واذ كانت نصوص القانون رقم 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى ولائحته التنفيذية واضحة فى أن تاريخ نشر القرار فى الجريدة الرسمية هو الذى يبدأ به الموعد المعين قانونا للاعتراض أمام اللجنة القضائية دون ان يتوقف الأمر على اخطار صاحب الشأن بالقرار اذ لم تستلزم اللائحة هذا الاخطار مكتفية بالاعلان المقرون بالنشر وكانت أحكام هذه المحكمة قد استقرت استنادا الى ذلك على أنه لكى ينتج النشر أثره القانونى فى هذا الشأن يجب أن يتم بالطريق الذى يرسمه القانون وأن يكون شاملا لجميع العناصر التى استلزم القانون ذكرها والتى يمكن لصاحب الشأن على أساسها أن يتبين مركزه القانونى - وأنه اذا جاء النشر بغير اتباع الاجراءات التى نص عليها القانون أو مفتقرا الى بعض هذه العناصر فانه يفقد حجيته فى احداث أثره القانونى اذ يكون العلم اليقينى الكامل بالقرار ومحتوياته قد انتفى ويكون موعد الطعن ما زال مفتوحا.
ومن حيث أن الثابت من المستندات المقدمة من الهيئة العامة للاصلاح الزراعى أن النشر عن المساحة محل النزاع لم يتضمن التنبيه أو الاشارة الى أن البيان التفصيلى عن الأراضى المستولى عليها وأسماء المستولى لديهم سيكون معروضا فى كل منطقة على الباب الرئيسى لمقر عمدة الناحية ومكتب الاصلاح الزراعى ومركز البوليس على الوجه الوارد بالنص فان النشر لا يحدث أثره القانونى لافتقاره الى بعض العناصر الهامة اللازمة لايصال العلم اليقينى الى صاحب الشأن وبذلك يظل موعد الطعن أمام اللجنة القضائية عن قرار الاستيلاء الابتدائى مفتوحا - فاذا جاء القرار المطعون فيه برفض الدفع بعدم القبول لرفعه بعد الميعاد فانه يكون قد أصاب الحق فى ذلك.
ومن حيث انه ثابت كذلك من الأوراق أن قرارا بالاستيلاء النهائى رقم 58 قد صدر من مجلس ادارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى 28/ 5/ 1966 على المساحة محل النزاع ضمن مساحات أخرى وأنه بناء على صدور هذا القرار قضت اللجنة القضائية بعدم اختصاصها بنظر الاعتراض تحسبا لما يترتب على القرار المذكور من خروج ملكية الأرض من ذمة مالكها وانتقال حقه فيها الى التعويض وعدم وجود نزاع على الاستيلاء بالبناء على ذلك.
ومن حيث انه باستقراء أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الاصلاح الزراعى يبين أن الشارع فى هذه اللائحة قد حدد سلسلة من الاجراءات تبدأ بتقديم المالك الخاضع لأحكامه للاقرار وتنتهى بأيلولة الأرض الخاضعة للاستيلاء الى الحكومة خالية من أى حق من حقوق الغير وكل منازعة من أولى الشأن تنتقل الى التعويض وأن كل اجراء منها يدخل فى سلسلة تعتمد بعضها على بعض ويعتمد الاجراء الأخير على ما سبقه بحيث اذا سقط اجراء منها أو بطل بطل الاجراء الذى يليه لاستناده عليه - فصدور قرار الاستيلاء الابتدائى هام فى تحديد الأرض المستولى عليها ومدعاة الى بدء سريان حق ذوى الشأن فى التقاضى أمام اللجنة القضائية لاستخلاص حقوقهم - فاذا ثبت عدم قيام قرار الاستيلاء الابتدائى على النحو السابق تفصيله فان بناء قرار الاستيلاء النهائى عليه يجعل هذا القرار الأخير مبنيا على غير أساس سليم من القانون - وبالتالى يفقده هو الآخر فاعليته التى أضفاها عليه القانون - ويصبح بالتالى كأن لم يكن.
ومن حيث انه اذا كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن قرار الاستيلاء الابتدائى على الأرض محل النزاع قد فقد فاعليته على نحو ما أسلفنا فان اصدار قراره بالاستيلاء النهائى بالبناء عليه لا يكون مبنيا على أساس سديد من القانون. وبالتالى غير منتج لآثاره القانونية - وبذلك يكون قرار اللجنة فيما تضمنه من عدم الاختصاص بنظر النزاع قد قام على غير أساس سليم من القانون متعينا الحكم بالغائه - وبالتالى القضاء باختصاص اللجنة القضائية بنظر النزاع واعادة الاعتراض اليها لنظره من جديد.
ومن حيث ان من خسر الدعوى التزم بمصروفاتها وفقا لأحكام المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - فانه يتعين الحكم بالزام الهيئة العامة للاصلاح الزراعى بمصروفات هذه الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم اختصاص اللجنة بنظر الاعتراض محل الطعن وباختصاصها وباعادة الأوراق الى اللجنة للفصل فى موضوع الاعتراض وألزمت الهيئة المطعون ضدها مصروفات الطعن.