مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1981 الى آخر سبتمبر سنة 1982) - صـ 638

(90)
جلسة 29 من مايو سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد صلاح الدين السعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد محمد عبد المجيد ونصحى بولس فارس ومحمد عزيز أحمد على وأبو بكر دمرداش أبو بكر - المستشارين.

الطعن رقم 459 لسنة 23 القضائية

مؤسسات عامة ملغاة - عاملون مدنيون بالدولة - نقل - جزاء مقنع.
نقل أحد العاملين باحدى المؤسسات العامة الملغاة طبقا لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام وإلحاقه بوزارة الزراعة وشغله منصب وكيل الوزارة بها - صدور قرار لاحق من وزير الزراعة بعد يومين من تعيينه وزيرا للزراعة وتعديل قرار سلفه يجعل نقل المدعى الى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بدلا من وزارة الزراعة اعتباره خروجا على أحكام القانون وتجاوزا لحدوده واختصاصاته إذ ما كان يجوز له قانونا أن يسحب قرارا صحيحا بنقل المدعى الى وزارة الزراعة وأن يعدله بعد انقضاء المهلة المنصوص عليها فى القانون المذكور وبعد أن أصبح من عداد العاملين الشاغلين لاحدى وظائف الادارة العليا بها مما كان يتطلب وفقا لحكم المادتين 12، 16 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 صدور قرار من رئيس الجمهورية وليس قرار من الوزير المختص - القرار لم يستهدف إلا إيذاء المدعى والتنكيل به ويضحى بهذه المثابة جزاءا مقنعا - الغاء القرار المطعون فيه.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 30 من ابريل سنة 1977 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامى بصفته وكيلا عن السيد المهندس ........ قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 459 لسنة 23 القضائية فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الادارة العليا بجلستها المنعقدة فى 5 من مارس سنة 1977 فى الدعوى رقم 4 لسنة 10 القضائية المرفوعة من السيد/ ........ ضد السيد وزير الزراعة والرى بصفته الذى قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددا بالغاء القرار المطعون عليه مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف شاملة أتعاب المحاماة.
وبعد أن تم اعلان تقرير الطعن الى ذوى الشأن على النحو المبين فى الأوراق أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانون مسببا ارتأت فيه الحكم أصليا بعدم قبول الطعن لانتفاء شرط المصلحة واحتياطيا إلغاء الحكم المطعون فيه واحالة الدعوى لمحكمة القضاء الادارى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 10 من فبراير سنة 1982 وفى 10 من مارس سنة 1982 قررت الدائرة إحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا - الدائرة الرابعة - وحددت لنظره أمامها جلسة 27 من مارس سنة 1982 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات والمداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أنه فى 19 من ابريل سنة 1976 أقام السيد/ ........ الدعوى رقم 4 لسنة 10 القضائيه أمام المحكمة التأديبية للعاملين بمستوى الادارة العليا ضد السيد وزير الزراعة والرى بصفته طالبا الحكم بالغاء القرار الوزارى رقم 236 المؤرخ فى 21 من مارس سنة 1976 الغاء كاملا فى كافة أشطاره وما يترتب على ذلك من آثار وذكر أنه تخرج من كلية الزراعة سنة 1940 ثم التحق بخدمة الحكومة وتدرج فى وظائفها الى أن تولى فى سنة 1973 وظيفة مدير شئون الانتاج والقطاعات بالمؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضى وهى كبرى مؤسسات قطاع الزراعة ونهض بأعباء هذه الوظيفة على خير وجه ثم رقى الى الفئة العالية فى 7 من أكتوبر سنة 1974 وبمناسبة صدور القانون رقم 111 لسنة 1975 بالغاء المؤسسات العامة أصدر السيد وزير الزراعة القرار رقم 764 لسنة 1975 بنقله الى وزارة الزراعة ثم أصدر القرار رقم 121 لسنة 1976 ونص فيه على أن يتولى وظيفة وكيل وزارة الزراعة لشئون المتابعة وأتبع له الادارة العامة للمتابعة بقطاع استصلاح الأراضى وجهاز المتابعة بالادارة العامة للتخطيط بوزارة الزراعة كما أصدر قرارا آخر عهد به الى المدعى بوصفه وكيلا لوزارة الاشراف على محافظة الدقهلية من كافة النواحى الزراعية ثم فوجئ بصدور القرار الوزارى رقم 236 لسنة 1976 فى 21 من مارس سنة 1976 الذى قضى بالغاء القرار الوزارى رقم 121 لسنة 1976 المشار اليه وبأن يتولى المدعى القيام بوظيفة مدير الهيئة العامة لمشروعات التعمير للشئون الزراعية ونعى المدعى على هذا القرار مخالفته للقانون واجحافه بحقوقه وطعن عليه للأسباب الآتية:
1 - أن مركز المدعى بوظيفة وكيل وزارة الزراعة لشئون المتابعة قد استقر بمقتضى القرار الوزارى رقم 121 لسنة 1976 وعلى ذلك فلا يسوغ الغاء هذا القرار لصدوره صحيحا محددا لمركزه الوظيفى واختصاصاته.
2 - ان القرار المطعون فيه وقد تضمن الغاء القرار فقد قصد سحبه ولما كان سحب القرار الصحيح غير جائز لاكتساب المدعى مركزا قانونيا لا يجوز سحبه لذلك يكون القرار المطعون فيه قد خالف حكم القانون الصحيح.
3 - انه لا يجوز الغاء وظيفة وكيل وزارة الزراعة للمتابعة التى شغلها المدعى بهدف الغاء شغل المدعى لها.
4 - أن القصد الواضح من القرار المطعون فيه هو ايذاء المدعى والاساءة اليه بتوقيع عليه جزاء تأديبى مقنع بخفض وظيفته وإهدار مركزه القانونى المكتسب والدليل على ذلك أن وظيفة مدير هيئة التعمير للمشروعات الزراعية مشغولة بشخص ما زال بالخدمة ويزاول اختصاصاتها وأن عمل هذه الوظيفة غير محدد ولا اختصاص لها وتعد تخفيضا لمركز المدعى ووظيفته.
وبجلسة 5 من مارس سنة 1977 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واستندت فى ذلك الى أنها لم تتبين من ظروف الدعوى وملابساتها أن القرار الوزارى رقم 236 لسنة 1976 المطعون فيه قد حمل بين طياته جزاء من الجزاءات التى أوردها القانون على سبيل الحصر أو أنه قد قصد منه الاضرار بالمدعى خروجا على المصلحة العامة التى يتعين على مصدر القرار أن يتغياها لذلك فلا يجوز للمحكمة أن تتصدى بالبحث فى أركانه الشكلية أو الموضوعية وأضافت ان القرار على الوجه السابق بيانه لا يعدو أن يكون نقلا مكانيا مما لا تختص بالفصل فى الطعن فيه محكمة القضاء الإدارى أو أية محكمة أخرى، ومن ثم فقد خلصت المحكمة الى الحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك لأنه لم يستظهر طبيعة القرار المطعون فيه التأديبية فقد صدر هذا القرار بباعث ايذاء الطاعن بغية الانتقام منه والدليل على ذلك أن السيد الوزير أصدر هذا القرار قبل حلف اليمين وكان هذا القرار أول قراره يصدره، واستهدف من اصداره تصفية الخلافات القديمة التى كانت تقع بين مؤسسة التعمير التى كان يرأسها ومؤسسة الاستزراع التى كان الطاعن مديرا لها.. ويضاف الى ذلك أن القرار المطعون تضمن تنزيل الطاعن الى وظيفة أدنى ومساسا بمركزه الوظيفى الذى اكتسبه بقرار صحيح لا يجوز سحبه كما أن الوظيفة المعهود بها للطاعن لا اختصاص لها.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه وان كان قد انتهى الى القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى الا أن الثابت من حيثياته أنه استند فى ذلك الى أنه لا يبين من ظروف الدعوى وملابساتها أن القرار المطعون فيه قد حمل بين طياته جزاء من الجزاءات التأديبية التى أوردها القانون على سبيل الحصر أو انه قد قصد منه الاضرار بالمدعى خروجا على المصلحة العامة وأن القرار المذكور لا يعدو أن يكون نقلا مكانيا. ومفاد ذلك أن المحكمة فصلت فى موضوع الدعوى بقضاء كان يقضى الى رفضها وليس الى الحكم بعدم الاختصاص ويتعين بهذه المثابة حمل الحكم على هذا المعنى وتناول هذا القضاء الموضوعى بالبحث والفصل فى مدى سلامته فى الواقع والقانون.
ومن حيث ان الثابت فى الأوراق أن السيد المهندس/ ........ وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أصدر فى 7 من أكتوبر سنة 1974 القرار رقم 297/ م لسنة 1974 بتعيين السيد المهندس الزراعى/ ........ بالوظيفة ذات المربوط من 1400 الى 1800 جنيه سنويا بمستوى الادارة العليا بالفئة العالية مديرا لشؤون الانتاج والقطاعات بالمؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضى ثم أصدر القرار رقم 764 م لسنة 1975 فى 31 من ديسمبر سنة 1975 بنقل المذكور بفئته المالية الى وزارة الزراعة والحق ذلك بالقرار رقم 121 م لسنة 1976 الصادر فى 10 من فبراير سنة 1976 بأن يتولى السيد المهندس الزراعى......... وكيل الوزارة لشئون المتابعة وتتبعه الأجهزة التالية.
1 - الادارة العامة للمتابعة بقطاع استصلاح الأراضى.
2 - جهاز المتابعة بالادارة العامة للتخطيط والمتابعة والتقييم بوزارة الزراعة وفى 21 من مارس سنة 1976 أصدر السيد المهندس........ وزير الزراعة والرى القرار رقم 236 م لسنة 1976 قاضيا بأن يعدل القرار الوزارى رقم 764 م بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1975 فيما تضمنه من نقل السيد المهندس الزراعى........ من الفئة العالية من المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضى الملغاه بفئته المالية الى موازنة وزارة الزراعة بجعل نقله بفئته المالية ومميزاته الحالية الى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وذلك اعتبارا من الأول من يناير سنة 1976 وبالغاء القرار الوزارى رقم 121 م لسنة 1976 الصادر بتاريخ 10 من فبراير سنة 1976 بتولى السيد المهندس الزراعى........ شؤون المتابعة بوزارة الزراعة وأن يتولى المذكور أعمال مدير الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية للشئون الزراعية.
ومن حيث انه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 ببعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام أنه قضى بأن تلغى المؤسسات العامة التى لا تمارس نشاطا بذاتها وذلك تدريجيا خلال مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا القانون ونص فى المادة الثامنة منه على ان يستمر العاملون بهذه المؤسسات فى تقاضى مرتباتهم وأجورهم وبدلاتهم الى أن يصدر قرار من الوزير المختص بالاتفاق مع الجهات ذات الشأن بنقلهم بفئاتهم الى الشركات العامة أو جهات الحكومة أو الادارة المحلية خلال مدة لا تجاوز 31 من ديسمبر سنة 1975 وتنفيذا لأحكام هذا القانون والتزاما بالقواعد التى أقرها مجلس الوزراء بجلسة يوم 22 من أكتوبر سنة 1975 بشأن معاملة العاملين بالمؤسسات الملغاه والتصرف فى موجوداتها ومقارها، قام السيد وزير الزراعة فى 31 من ديسمبر سنة 1975 باصدار قراره رقم 764 لسنة 1975 بنقل المدعى من المؤسسة المصرية العامة لاستزراع وتنمية الأراضى بفئته المالية الى وزارة الزراعة والحقه بالقرار رقم 121 م لسنة 1976 الصادر فى 10 من فبراير سنة 1976 بتعين الادارات التى تتبع المدعى بوصفه وكيلا للوزارة لشئون المتابعة وبذلك يكون مركز المدعى الوظيفى قد تحدد بالتطبيق لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 سالف الذكر بنقله خلال المهلة المبينة بهذا القانون الى وزارة الزراعة وشغل منصب وكيل الوزارة بها ولما كان ذلك وكان السيد وزير الزراعة اللاحق قد قام بعد يومين اثنين من تعيينه وزيرا للزراعة والرى بالقرار الجمهورى رقم 275 لسنة 1976 الصادر فى 19 من مارس سنة 1976 باصدار قراره رقم 236 م لسنة 1976 فى 21 من مارس سنة 1976 بتعديل قرار سلفه رقم 764 م لسنة 1975 آنف الذكر بجعل نقل المدعى الى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بدلا من وزارة الزراعة وأن يتولى أعمال مدير الهيئة المذكورة للشئون الزراعية فانه يكون بذلك قد خرج على أحكام القانون وتجاوز حدود اختصاصاته اذ ما كان يجوز له قانونا أن يسحب قرارا صحيحا صدر بنقل المدعى الى وزارة الزراعة بالتطبيق لحكم القانون رقم 111 لسنة 1975 وأن يعدله من تاريخ العمل به فى 31 من يناير سنة 1976 وذلك بعد انقضاء المهلة المنصوص عليها فى القانون المذكور. هذا كما أن نقل المدعى من وزارة الزراعة، ان كان له ما يبرره، بعد أن استقر بها وأصبح من عداد العاملين الشاغلين لاحدى وظائف الإدارة العليا بها كان يتطلب وفقا الحكم المادتين 12، 26 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 صدور قرار من رئيس الجمهورية وليس مجرد قرار من الوزير المختص.
ومن حيث ان لهفة مصدر القرار المطعون فيه على اصدار قراره بعد يومين اثنين من تولية الوزارة متجاوزا بذلك حدوده الشرعية التى تبلغ درجة الانعدام على النحو سالف البيان تنبئ بأن هذا القرار لم يستهدف الا ايذاء المدعى والتنكيل به وتزيل مركزه الوظفى ويضحى بهذه المثابة جزاء مقنعا متعين الالغاء ويؤكد هذا الفهم ويسانده ما قال به المدعى دون أن تتقدم الحكومة بما يدحضه - من أن مصدر القرار بادر بإصدار قراره هذا عقب تولية الوزارة مباشرة مفتتحا به أعماله قبل حلف اليمين مدفوعا بالرغبة فى الانتقام منه بسبب خلافات العمل الكثيرة التى كانت تقع بين مؤسسة الاستزراع التى كان المدعى مديرا لها، ونقله الى وظيفة مشغولة فعلا وأصبح معها مسلوب الاختصاص.
ومن حيث انه لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى الى غير ذلك فانه يكون قد جانب الصواب ومن ثم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار المطعون فيه.