أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة 28 - صـ 927

جلسة 5 من أبريل سنة 1977

برئاسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقى العصار، وزكى الصاوى صالح، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوى.

(158)
الطعن رقم 274 لسنة 43 القضائية

(1) تقادم "تقادم مسقط".
وقف تنفيذ عقوبة الغرامة بعد سداد المتهم لها. للدعوى يطلب استردادها تسقط بانقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ وقف تنفيذ العقوبة. لا محل لأعمال نص المادة 187 مدنى. علة ذلك.
(2) نقض "السبب غير المنتج". حكم "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة فى القانون. النعى عليه لخطأ ورد فى أسبابه. غير منتج.
1 - تنص المادة 187 من القانون المدنى على أن تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المبلغ المطالب برده يمثل عقوبة غرامه قضى بها على مورث المطعون عليهم، وأنه بعد أن قام بدفعه صدر قرار رئيس الجمهورية بوقف تنفيذ هذه العقوبة فيكون المورث حين دفع هذا المبلغ تنفيذا للحكم الصادر فى تلك القضية قد وفى بدين كان مستحقا عند الوفاء به، ولما كان القرار المذكور وليس من شأنه أن يزيل الحكم الجنائى الذى قضى بالغرامة بل كان من أثره أن صار للمطعون عليهم وهم ورثة المحكوم عليه الحق فى استرداد المبلغ المذكور ومن ثم فلا يصح أن يواجهوا بحكم المادة 187 من القانون المدنى سالفة الذكر، ذلك أن المبلغ المحكوم به وقت أن حصلته النيابة العامة قد حصل بحق لكن بقاءه تحت يدها أصبح بعد صدور القرار سالف الذكر بغير سند، ولذلك يصبح دينا عاديا يسقط الحق فى اقتضائه بمدة التقادم المنصوص عليها فى عليها فى المادة 374 من القانون المدنى، وإذ كان الثابت فى الدعوى أن هذه المدة وهى خمس عشرة سنة لم تكن قد اكتملت من تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية فى 24/ 9/ 1963 حتى رفع الدعوى فى 21/ 10/ 1971 بأحقية المطعون ضدهم فى صرف قيمة الغرامة المدفوعة من المورث - فإن الحق فى المبالغ المطالب برده لا يكون قد سقط بالتقادم(1).
2 - إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى الصيحه، فأن النعى عليه بالخطأ فى الأسباب التي أقام عليها قضاءه يكون غير منتج ما دام منطوقه جاء موافقا للتطبيق الصحيح للقانون على الواقعة الثابتة فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافقة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 2926 سنة 1971 مدنى الاسكندرية الابتدائية ضد وزير العدل بصفته - الطاعن - وآخرين طلبوا فيها الحكم بأحقيتهم فى مصرف مبلغ 695 جنيها و340 مليما قيمة الغرامة المدفوعة من مورثهم فى قضية الجنحة رقم 19 سنة 1962 أمن دولة المنيا والمقرر بوقف تنفيذها، وقالوا بيانا لدعواهم أن النيابة العامة اتهمت مورثهم المرحوم........ فى قضية الجنحة سالفة الذكر بأنه فى يوم 16/ 4/ 1958 استعمل العملة المفرج عنها وقدرها 437 جنيها و670 مليما فى غير الأغراض المخصصة لها بأن استورد بضائع أخرى، وبتاريخ 24/ 11/ 1962 حكمت محكمة أمن الدولة بتغريمه 695 جنيها و340 مليما والمصادره، وبعد أن قامت النيابة بتحصيل الغرامة المحكوم بها وعرضت القضية على مكتب شئون أمن الدولة للتصديق على الحكم صدر قرار رئيس الجمهورية فى 24/ 9/ 1963 بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وحذف عقوبة المصادرة، وأضاف المطعون عليهم أن مورثهم توفى فى 13/ 8/ 1963 وأدرجت مصلحة الضرائب هذا المبلغ ضمن عناصر التركة وقامت بالحجز عليه تحت يد نيابة غرب الاسكندرية غير أنها لم تورد المبلغ إلى المصلحة، فقاموا هم بتسديد الضرائب المستحقة عن التركة وحصلوا فى 28/ 9/ 1968 على شهادة بالإفراج عن المبالغ النقدية التى خلفها المورث ومن بينها مبلغ الغرامة سالف الذكر وبتاريخ 12/ 9/ 1969 قدموا طلبا لرئيس نيابة غرب الأسكندرية لصرف المبلغ فوافق على ذلك، إلا أن كاتب أول محكمة المنشية بالأسكندرية امتنع عن الصرف استنادا إلى سقوط حقهم فيه لمضى خمس سنوات على تاريخ الاستحقاق فى 24/ 9/ 1963، وإذ يستحيل عليهم المطالبة بهذا المبلغ لتوقيع الحجز من مصلحة الضرائب وهو أمر من شأنه وقف سريان التقادم إلى أن حصلوا على شهادة بالإفراج عنه، فقد أقاموا دعواهم للحكم لهم بطلباتهم. وبتاريخ 30/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بالزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليهم المبلغ موضوع الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية بالإستئناف رقم 919 سنة 28 ق مدنى طالبا إلغاءه والقضاء بسقوط حق المطعون عليهم فى استرداد المبلغ المذكور طبقا لحكم المادة 187 من القانون المدنى لمضى ثلاث سنوات من 24/ 9/ 1963 تاريخ علمهم بحقهم فى استرداده وبتاريخ 23/ 1/ 1973 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط حق المطعون عليهم فى استرداد المبلغ موضوع الدعوى بالتقادم وبأحقيتهم فى صرفه قد أخطأ فى تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق من وجهين (الأول) أنه أقام قضاءه على أن المستفاد من نص الفقرة الثانية من المادة 31 من القانون رقم 142 لسنة 1944 الخاص بفرض أيلولة على التركات والمادة 43 من لائحته التنفيذية أن أموال التركة تعتبر محبوسة من وقت الوفاة حتى يتم سداد رسم الأيلولة وضريبة التركات أو يثبت أنه غير مستحق عليها شئ من ذلك وبالتالى فلا يجوز للورثة مطالبة الغير بما فى ذمتهم من ديون للتركة بل سداد ما يكون مستحقا عليها من رسم أو ضريبة والحصول على الشهادة الدالة على ذلك، وهو ما يترتب عليه وقف سريان التقادم من تاريخ الوفاة حتى صدور تلك الشهادة وإذ لم تمض ثلاث سنوات من 28/ 9/ 1968 تاريخ شهادة الافراج عن التركة حتى رفع الدعوى فلا يكون حق المطعون عليهم فى استرداد المبلغ قد سقط بالتقادم، فى حين أن الشارع قصد بهذين النصين منع مدينى التركة من الوفاء بديونهم للورثة قبل صدور شهادة الإفراج ولم يمنع هؤلاء الأخيرين من المطالبة بحقوق التركة وصيانتها من التقادم مما مقتضاه أن التقادم لا يقف طوال الفترة من تاريخ الوفاة حتى صدور الشهادة المذكورة (والثانى) أنه مع التسليم بوقف التقادم حتى تاريخ صدور شهادة الأفراج فى 28/ 9/ 1968 فإن مدة الثلاث سنوات المنصوص عليها فى المادة 178 من القانون المدنى تكون قد انقضت من هذا التاريخ 21/ 10/ 1971 مما كان يتعين معه القضاء بسقوطها بالتقادم.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 187 من القانون المدنى على أن تسقط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه فى الاسترداد، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المبلغ المطالب برده يمثل عقوبة غرامه قضى بها على مورث المطعون عليهم فى الجنحة رقم 19 سنة 1962، أمن دولة المنيا، وأنه بعد أن قام بدفعه صدر قرار رئيس الجمهورية فى 24/ 9/ 1963 بوقف تنفيذ هذه العقوبة فيكون المورث حين دفع هذا المبلغ تنفيذا للحكم الصادر فى تلك القضية قد وفى بدين كان مستحقا عند الوفاء به ولما كان القرار المذكور وليس من شأنه أن يزيل الحكم الجنائى الذى قضى بالغرامة بل كان من أثره أن صار للمطعون عليهم وهم ورثة المحكوم عليه الحق فى استرداد المبلغ المذكور ومن ثم فلا يصح أن يواجهوا بحكم المادة 187 من القانون المدنى سالفة الذكر، ذلك أن المبلغ المحكوم به وقت أن حصلته النيابة العامة قد حصل بحق، لكن بقاءه تحت يدها أصبح بعد صدور القرار سالف الذكر بغير سند، ولذلك يصبح دينا عاديا يسقط الحق فى اقتضائه بمدة التقادم المنصوص عليها فى المادة 374 من القانون المدنى، ولما كان الثابت فى الدعوى أن هذه المدة وهى خمس عشرة سنة لم تكن قد اكتملت من تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية فى 24/ 9/ 1963 حتى رفع الدعوى فى 21/ 10/ 1971 فإن الحق فى المبالغ المطالب برده لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة وقضى بإلزام الطاعن برد المبلغ المذكور إلى المطعون عليهم، فإن النعى عليه بالخطأ فى الأسباب التى أقام عليها قضاءه يكون غير منتج ما دام منطوقه جاء موافقا للتطبيق الصحيح للقانون على الواقعة الثابتة فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 28/ 3/ 1973 مجموعة المكتب الفنى السنة 24 صـ 509