أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 6 - صـ 147

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1954
(19)
القضية رقم 42 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. سبب جديد. خبير. الدفع ببطلان تقرير الخبير لمباشرته المأمورية فى غيبة الخصوم. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) نقض. طعن. سبب جديد. خبير. النعى على تقرير الخبير بمخالفة الثابت بالأوراق. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج) نقض. طعن. سبب جديد. خبير. الدفع ببطلان تقرير الخبير لعدم انتقاله إلى العين موضوع النزاع. لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - الدفع ببطلان تقرير الخبير لمباشرته المأمورية فى غيبة الخصوم هو طلب جديد لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - النعى على تقرير الخبير بمخالفته للحقيقة الثابتة بالأوراق لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض بل يتعين إبداؤه أولا إلى محكمة الموضوع.
3 - النعى على تقرير الخبير بالبطلان لعدم انتقاله إلى العين موضوع النزاع لمعاينته وضع اليد وسؤال الجيران واكتفاؤه بإجراء كتابى محض فى مكتبه هو جدل موضوعى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض دون سبق عرضه على محكمة الموضوع لتقول كلمتها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعنين والمطعون عليهما الثالث والرابع والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إنه يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أن المطعون عليها التاسعة شريفة يوسف لم تعلن لوفاتها وليس بالأوراق ما يدل على إعلان ورثتها فلذا يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لها لبطلانه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقى المطعون عليهم.
وحيث إن الوقائع تتحصل كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقى أوراق الطعن فى أنه بموجب عقد تاريخه أول يناير سنة 1937 باع المرحوم عبد الرحمن أبو السعود رضوان مورث المطعون عليهم من الثالث إلى التاسعة إلى المطعون عليهما الأولين وإلى توفيق وعبد الشافى وحسين ومحمد قصر المرحوم حسنين عبد الرحمن أبو السعود المشمولين بوصاية المطعون عليه الأول أطيانا مقدارها 11 فدانا منها 7 أفدنة و8 قراريط شائعة فى 25 فدانا و20 قيراطا و12 سهما بزمام ناحية بيت المال قبلى مركز نجع حمادى مكلفة باسم أخيه ريان أبو السعود ومنها 3 أفدنة و6 قراريط شائعة فى 6 أفدنة و19 قيراطا و16 سهما بنفس الزمام مكلفة باسم ريان أبو السعود ومحمد عبد المحسن وباقى الورثة وكان المطعون عليهم الأربعة الأخيرون وهم من أولاد ريان أبو السعود قد أقروا بملكية البائع للربع شيوعا فى الأطيان المكلفة باسم والدهم بموجب ورقة مؤرخة 13 من أكتوبر سنه 1927 وثابتة التاريخ فى 17 منه. فأقام المطعون عليهما الأولان هذه الدعوى أمام محكمة قنا الابتدائية ضد البائع لهما وضد المطعون عليهم الأربعة الأخيرين وطلبوا فى صحيفتها الحكم بإثبات البيع والإقرار سالفى الذكر وحضر البائع والمطعون عليه العاشر ولم ينازعا بشئ وتدخل الطاعنون فى الدعوى طالبين رفضها بمقولة إن البائع لا يملك شيئا فى تكليف ريان وإن كل ما كان يملكه فى التكليف الآخر هو فدانان سبق أن تصرف فيهما وإن الإقرار حصل بطريق التواطؤ إضرارا بهم فأصدرت المحكمة فى 17 من مايو سنة 1938 حكما تمهيديا قضى (أولا) بإحاله الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما الأولان وضع يدهما والبائع لهما على الأطيان المبيعة من تكليف ريان المدة الطويلة المكسبة للملكية (وثانيا) بندب الخبير الزراعى الشيخ أحمد عثمان للانتقال إلى باقى الأطيان المبيعة من التكليف الآخر والاطلاع على الكشوف الرسمية المقدمة والتى يقدمها الطرفان وبحث وبيان التصرفات التى حصلت من البائع فى التكليف المذكور وصافى حصته فيه قبل البيع وبعده - وبعد أن تم التحقيق وقدم الخبير تقريره قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف المطعون عليهما الأولان هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط بصحيفة طلبا فيها إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لهما بما تقدما به أمام محكمة أول درجة واستند فى ذلك إلى التحقيق الذى أجرته وإلى تقرير الخبير الذى ندبته واعترض الطاعنون على تقرير الخبير بأنه باشر عمله فى غيبتهم وتجاوزه
حدود مأموريته وقالوا بأن البائع للمطعون عليهما الأولين لا يملك فى تكليف ريان أبو السعود ومحمد عبد المحسن وباقى الورثة سوى فدانين اثنين وليس 3 أفدنة و6 قراريط التى باعها فى التكليف المذكور وأن المطعون عليهم الأربعة الأخيرين تصرفوا بالبيع فى أكثر من نصيبهم فى الأطيان المكلفة باسم والدهم خاصة وأنه إذا حكم للمطعون عليهما الأولين بصحة البيع الصادر لهما فى هذا التكليف لأثر ذلك على نصيب الطاعنين فى التكليف المذكور ولم يبقى به ما يفى بنصيبهم فيه واتفق الطرفان على ندب خبير لتحقيق أوجه الخلاف فأصدرت محكمة الاستئناف فى 14 من ديسمبر سنة 1940 حكما تمهيديا بندب الخبير الهندسى محمد منير سرى (أولا) لبيان مقدار نصيب البائع للمطعون عليهما الأولين فى تكليف ريان أبو السعود ومحمد عبد المحسن وباقى الورثة ومقدار ما تصرف فيه من نصيبه وما بقى منه ومن الواضع اليد عليه (وثانيا) لبيان مقدار التصرفات التى حصلت فى تكليف ريان أبو السعود خاصة بعد وفاته ومن هم المتصرفون ومقدار ما تصرف فيه كل منهم ومقدار الباقى للان من ذلك التكليف ومن الواضع اليد عليه وعلى المقادير التى حصل فيها التصرف - وقد باشر الخبير مأموريته مؤكدا ملكية البائع للمطعون عليهما الأولين لما باعه لهما من التكليفين، فاعترض الطاعنون على التقرير بأنه فيما يختص بالجزء الأول من المأمورية أجرى تقسيم التكليف دون الرجوع إلى إعلام شرعى وأنه فيما يختص بالجزء الثانى من المأمورية لم يعن ببيان واضعى اليد على المقادير التى حصل التصرف فيها فأصدرت المحكمة فى 15 من يناير سنة 1947 حكما تمهيديا ثانيا بإعادة المأمورية إلى الخبير نفسه أولا لبيان نصيب البائع فى تكليف ريان أبو السعود ومحمد عبد المحسن وباقى الورثة على ضوء الإعلامات الشرعية وكلفت المطعون عليهما الأولين بتقديمها (وثانيا) ليبين ما كان باقيا من تكليف ريان أبو السعود خاصة وقت البيع ومن تصرف فى الباقى من نصيب البائع للمطعون عليهما الأولين ومن الواضع اليد عليه وقدّم الخبير ملحقا لتقريره ولكنه لم يقم بتنفيذ الجزء الأول من المأمورية على ضوء الإعلامات الشرعية لعدم تمكن المطعون عليهما الأولين من تقديمها، أما بالنسبة للجزء الثانى من المأمورية فقد انتهى فى ملحق تقريره إلى تأكيد رأيه الأول وقال إن كل صاحب استحقاق فى هذا التكليف الذى باسم ريان أبو السعود خاصة واضع اليد على قيمة استحقاقه دون زيادة بصرف النظر عما طرأ على المكلفات من تغيير بسبب تصرفات بعض الورثة وأن البائع للمطعون عليهما الأولين كان يضع يده على الربع فى كل غيط فى أطيان هذه المكلفة وأن ما باعه للمطعون عليهما الأولين يدخل فيما يملكه - وفى 21 من أبريل سنة 1949 قضت محكمة استئناف أسيوط (أولا) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة إلى 7 أفدنة و18 قيراطا على الشيوع فى 25 فدانا و20 قيراطا و12 سهما الواضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وبإثبات التعاقد الحاصل بين المطعون عليهما الأولين والبائع لهما المرحوم عبد الرحمن أبو السعود (الذى توفى أثناء نظر الاستئناف وحل محله ورثته المطعون عليهم من الثالث إلى التاسعة) بموجب عقد البيع المؤرخ فى أول يناير سنة 1937 وإلزام الخصوم الثلث الطاعنين بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين وألف قرش أتعاب محاماة عنهما وثانيا فيما يختص بباقى طلبات المطعون عليهما الأولين بايقاف الدعوى حتى يقدما إعلامات الوراثة المشار إليها بالحكم التمهيدى الصادر فى 15 من يناير سنة 1947 - فطعن الطاعنون فى هذا الحكم فى شطره الأول.
وحيث إن الطعن بنى على خمسة أسباب حاصل أولها خلو الحكم المطعون فيه من الأسباب لعدم رده على الدفع الذى تقدم به الطاعنون أمام محكمة الاستئناف ببطلان تقرير الخبير الذى ندبته إذ باشر مأموريته فى غيبتهم ودون إخطارهم عن معظم أيام العمل التى ادعى تحديدها.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم لا إشارة فيه إلى هذا الدفع ولم يقدم الطاعنون ما يدل على أنهم أبدوه أمام محكمة الموضوع فلذا يكون هذا السبب طلبا جديدا لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن السبب الثانى يتحصل فى أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان إذ كان الأساس الوحيد الذى بنى عليه هو ذلك التقرير الباطل الذى قدمه الخبير الذى ندبته محكمة الاستئناف وأخذت به.
وحيث إن هذا السبب مردود بما ذكر ردا على السبب السابق خاصا بتقرير الخبير وبما هو ظاهر من الحكم المطعون فيه من أنه لم يبن على تقرير الخبير الذى ندبته محكمة الاستئناف فحسب بل بنى أيضا على التحقيق الذى أجرته محكمة الدرجة الأولى خاصا بوضع اليد الذى قال الحكم المطعون فيه إنه ثبت منه أن المطعون عليهما الأولين اشتريا الأطيان موضوع عقدهما من بائع تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية قانونا وأن الأطيان المبيعة وإن لم تكن مكلفة باسم البائع لهما بل باسم أخيه ريان فقد تملكها الأخوان وهما يعيشان فى روكية وكلفت باسم ريان لأرشديته واتفق الأخوان على قسمة هذه الأطيان الواردة فى تكليف ريان خاصة بينهما فخص عبد الرحمن البائع الربع فيها وخص أخاه الباقى نظير قيامه بمصاريف المضيفة إلى آخر ما جاء بالحكم المطعون فيه فى هذا الشأن فيكون هذا النعى غير منتج أيضا.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل فيما ينعاه الطاعنون من مخالفة الخبير فى تقريره للحقيقة الثانية فى الأوراق والمستندات المقدمة إذ قال فى تقريره إن ورثة ريان أبو السعود واضعو اليد على قيمة استحقاقهم دون زيادة.
وحيث إن هذا السبب مردود بأنه جدل موضوعى مما لا يجوز عرضه على محكمة النقض إلا إذا قدم الطاعنون الدليل على سبق عرضه على محكمة الموضوع مع تحديد تلك الحقيقة الثابتة التى يدعونها والأوراق والمستندات الدالة عليها والتى خالفها الخبير وجارته محكمة الموضوع فى الخطأ فى الاسناد أو فهم الواقع وهو ما لم يفعله الطاعنون.
وحيث إن السبب الرابع يتحصل فيما يعيبه الطاعنون على الخبير الذى ندبته محكمة الاستئناف من أنه لم ينتقل إلى العين موضوع النزاع لمعاينة وضع اليد وسؤال الجيران بعد أن أعيدت إليه المأمورية بل اكتفى بإجراء كتابى محض فى مكتبه بأسيوط وأصر على ما جاء بتقريره الأول من أن كل واحد من الورثة واضع يده فى الطبيعة بمقدار نصيبه.
وحيث إن هذا السبب مردود كسابقه بأنه جدل موضوعى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض دون سبق عرضه على محكمة الموضوع حتى تقول كلمتها فيه وهو ما لم يفعله الطاعنون.
وحيث إن السبب الخامس يتحصل فى خطأ الحكم المطعون فيه فى فهم الواقع فى الدعوى ومخالفة المنطق السليم فيما يصح استخلاصه من تجاوز ورثة ريان أبو السعود فى تصرفاتهم على فرض أن للبائع للمطعون عليهما الأولين الربع على الشيوع فى الأطيان.
وحيث إن هذا السبب مردود بما أورده الحكم المطعون فيه فى هذا الشأن إذ جاء به. "وإذا كان أولاد ريان الذين صدر منهم الإقرار عقب وفاة والدهم فى سنة 1927 قد تصرفوا بالبيع بعد ذلك وفى المدة ما بين سنة 1935 وسنة 1938 فيما ورثوه عن والدهم وأكثر منه متجاوزين حصتهم فى الميراث ومعتمدين على أن تكليف الأطيان باسم والدهم خاصة ومتجاهلين ما سبق أن أقروا به وهو أن عمهم عبد الرحمن (البائع للمطعون عليهما الأولين) له الربع فى التكليف فليس من شأن ذلك أن يضيع حق عمهم خصوصا وأنه وضع يده على ما اختص به بصفته مالك
ظاهرا بدون منازع مدة تزيد على خمس عشرة سنة وبباقى شروط التملك، وبديهى أن من يبيعون أكثر من ملكيتهم يتجاهلون حق شريكهم فى التكليف وليس بغريب ألا تشير عقود بيعهم إلى القسمة التى تمت بينهم وبين عمهم على أن هذه القسمة وما تلاها من وضع اليد قد شهد بها الشهود فى التحقيق وليس فى إقرار سنة 1927 ما ينفيها وهذا الإقرار إنما حل محل العقد الذى فقد والذى سبق أن حرر بين الأخوين وكانت القسمة تالية له". وهذا الذى ذكره الحكم فيه الرد السائغ الكافى على ما ينعاه الطاعنون فى هذا السبب.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس صحيح متعين الرفض.