أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الثانى - السنة 6 - صـ 867

جلسة 24 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: محمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى المستشارين.

(114)
القضية رقم 29 سنة 22 القضائية

إثبات. خبير. ندب خبراء ثلاثة أو مناقشة الخبير. لا يتحتم على محكمة الموضوع إجراؤه. ندب خبراء ثلاثة أو مناقشة الخبير المقدم تقريره ليس مما يجب على محكمة الموضوع جراؤه إذ لها عملا بالمادتين 225 و243 من قانون المرافعات اتخاذ هذين الإجراءين عند الاقتضاء إن رأت حاجة لذلك، أما إذا كانت قد كونت عقيدتها من الأدلة التى اقتنعت بها بما يغنى عن اللجوء إليهما فلا تثريب عليها إن هى لم تأمر باتخاذهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامى عن المطعون عليه والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعنة أقامت على المطعون عليه الدعوى رقم 1382 لسنة 1945 مدنى عابدين وطلبت فيها إلزامه بمبلغ 125 جنيها بموجب ثلاثة سندات محولة إليها من المرحومة السيدة شمس عمر، فقدم المطعون عليه مخالصة تاريخها 8/ 10/ 1936 منسوبا صدروها إلى الدائنة المحلية، فطعنت الطاعنة فى المخالصة بالتزوير استنادا إلى أن توقيع السيدة شمس بإمضائها هو توقيع مزور بطريق التقليد، وبعد أن قضت المحكمة بوقف الدعوى أعلنت مدعية التزوير أدلتها فى 3/ 11/ 1946. وفى 18/ 10/ 1947 قضت المحكمة بقبول تلك الأدلة وندب الطبيب الشرعى بقسم أبحاث التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة بين الإمضاء الموقع بها من السيدة شمس على المخالصة وبين إمضاءيها الموقع بهما على عقدى البيع الرسميين المودعين بملف الدعوى وقدم الطبيب الشرعى تقريره المودعة صورته الرسمية ضمن أوراق الدعوى وانتهى فيه إلى أنه توجد اختلافات بين إمضاء المخالصة وإمضاءى عقدى البيع - وقررت المحكمة مناقشة الطبيب الشرعى بجلسة 24/ 4/ 1948 وعند مناقشته أجاب بأنه يرجح أن التوقيع لم يصدر من صاحبته وأنه لا يمكنه أن يبدى رأيا قاطعا فى ذلك ومن الجائز أن يكون التوقيع قد صدر ممن وقعت به. وفى 11 من مايو سنة 1948 أحالت المحكمة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى أن التوقيع على المخالصة المطعون فيها توقيع صحيح وأن صاحبته هى التى وقعت بنفسها على المخالصة. وبعد أن سمعت المحكمة أقوال الشهود قضت فى 5/ 12/ 1948 برد وبطلان المخالصة المؤرخة 28/ 10/ 1936 - استأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 369 سنة 1949 مدنى مستأنف محكمة القاهرة الابتدائية التى قضت فى 12/ 6/ 1949 بقبول الاستئناف شكلا وقبل الفصل فى الموضوع بندب الخبير يوسف المرزوقى بإجراء المضاهاة على الإمضاء المطعون فيها وعلى ما يقدمه الطرفان من أوراق رسمية أو عرفية معترف بها وقدم تقريرا ذهب فيه إلى أن توقيع السيدة شمس عمر على المخالصة هو توقيع صحيح. وفى 8/ 10/ 1950 ندبت المحكمة الخبير محمد وهبى بدلا من الخبير سعودى السابق ندبه وذلك للقيام بالمأمورية السالف ذكرها مع التصريح بالاطلاع على تقريرى الطبيب الشرعى ويوسف المرزوقى، وقدم الخبير وهبى تقريرا ذهب فيه إلى أن الإمضاء المطعون فيها هى إمضاء صحيحة وصادرة من المنسوب إليها وفى 9 من ديسمبر قضت المحكمة برفض الدفع الذى كان قد دفع به المطعون عليه بعدم وجود صفة للطاعنة فى الطعن بالتزوير، وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى التزوير وإلزام رافعتها بالغرامة والمصروفات - فقررت الطاعنة بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بنى على سببين يتحصل أولهما فى أن الحكم المطعون فيه شابه القصور - إذ لم يأخذ بتقرير الخبير الاستشارى حسن شهاب وتقرير الطبيب الشرعى اللذين أثبتا أن إمضاء المطعون فيها غير صحيحة بل أخذ بتقريرى الخبيرين يوسف المرزوقى ومحمد وهبى اللذين أثبتا أن الإمضاء صحيحة وذلك دون أن يبين الحكم أقوال الشهود الذين شهدوا بتزوير المخالصة ودون أن يتحدث عن مناقشة الطبيب الشرعى أمام محكمة أول درجة التى قضت برد وبطلان الورقة المطعون فيها استنادا إلى تقرير الطبيب الشرعى وأقوال شهود الطاعنة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن المحكمة الاستئنافية بعد أن اطلعت على تقرير الطبيب الشرعى ورأت أنه غير قاطع فى إبداء رأيه ندبت بالحكمين الصادرين فى 12/ 6/ 1949 و8/ 10/ 1950 الخبيرين يوسف المرزوقى ومحمد وهبى فقدما تقريريهما وانتهيا فيهما إلى صحة المخالصة. ثم جاء الحكم المطعون فيه وتحدث عن تقرير الطبيب الشرعى فقرر أنه لم يقطع بتزوير الإمضاء. ولم يذكر بتقريره أنها مزورة، ولذا فإن المحكمة تأخذ بتقريرى الخبيرين يوسف المرزوقى ومحمد وهبى لوضوح ما قرراه عن تزوير الإمضاء لابتنائهما على أسس فنية صحيحة بينها الحكم المطعون فيه حسبما جاء بالتقريرين السالفى الذكر، وأن أحدا من الخبراء لم يذكر فى تقريره أن الإمضاء مزورة غير الخبير الاستشارى حسن شهاب ولا ترى المحكمة الأخذ بتقريره لخطأ الأسس التى اعتمد عليها إذ أن الخبير محمد وهبى ناقشه مناقشة مستفيضة تبين منها هذا الخطأ - وهذا الذى أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه هو استخلاص موضوعى سائغ يكفى لحمله دون حاجة إلى التعرض لأقوال الشهود ويتضمن الرد على تقريرى الطبيب الشرعى والخبير حسن شهاب. ومن ثم فلا يخرج الجدل فيما أثارته الطاعنة عن كونه جدلا فى تقدير الدليل مما يستقل به قاضى الموضوع.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى فى السبب الثانى على الحكم المطعون فيه بطلانه فى الإجراءات، إذ أنه بعد أن استبعد تقريرى الخبيرين الاستشارى والطبيب الشرعى كان لزاما عليه إما أن يندب، عملا بالمادة 225 مرافعات، ثلاثة خبراء آخرين وإما أن يناقش الخبراء الأربعة فى تقاريرهم عملا بالمادة 243 مرافعات وإذ لم يفعل الحكم ذلك فقد شابه إغفال مبطل للاجراءات.
ومن حيث إن هذا النعى مردود بأن ندب خبراء ثلاثة ومناقشة الخبراء المقدمة تقاريرهم ليس مما يجب على المحكمة إجراؤه، إذ لها عملا بالمادتين 225 و243 مرافعات اتخاذ هذين الإجراءين عند الاقتضاء إن رأت حاجة لذلك، فلا على الحكم إن لم يلجأ للإجراءين المشار إليهما متى كونت المحكمة عقيدتها من الأدلة التى اقتنعت بها بما يغنى عن اللجوء إليهما.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس، ومن ثم يتعين رفضه.