أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الرابع - السنة 6 - صـ 1452

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة وبحضور السادة الأساتذة عبد العزيز سليمان ومحمود عياد ومحمد عبد الرحمن يوسف وأحمد قوشه المستشارين.

(195)
الطعن رقم 2 سنة 22 القضائية

طب. مسئولية. الترخيص بمزاولة مهنة طب الأسنان. وجوب بحث مؤهلات طالب الترخيص قبل تكليفه بأداء امتحان. تراخى الحكومة فى منح الترخيص بحجة وجوب أداء الامتحان دون بحث مؤهلات وشهادات طالب الترخيص. وجوب مساءلتها عن هذا الخطأ.
إنه يبين من نصوص المواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 14 لسنة 1920 الخاص بتطبيب الأسنان أنه يشترط بحث الجهة المختصة بإصدار الترخيص بمزاولة مهنة طب الأسنان فى مؤهلات طالب الترخيص للتحقق من صحة وقيمة الدبلوم المقدم منه وكفايته لنيل الرخصة، فإذا وجدت فيها مقنعا منحته الترخيص بغير تكليف بأداء امتحان وإلا كلفته بأدائه وعلى ذلك يكون من الخطأ القول بأن المشرع أوجب الامتحان اطلاقا دون اعتداد بمؤهلات طالب الترخيص التى قد تعفيه من أداء الامتحان. وإذن فمتى كان الواقع هو أن وزارة الصحة إذا تراخت فى إعطاء الترخيص لطالبه لم يكن مرجع هذا التراخى رغبتها فى بحث مؤهلاته وتقديرها وإنما صدرت فى ذلك عن فهم خاطئ للقانون وهو وجوب أداء الامتحان لكل من بيده دبلوم أجنبى ويبغى ممارسة المهنة دون تقدير لمؤهلاته فإن مسلكها يكون خاطئا وتسأل عنه قانونا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن وقائع الدعوى تتحصل حسبما تبين من مراجعة الأوراق فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1482 سنة 1949 مدنى كلى مصر الابتدائية بطلب إلزام وزارة الصحة بمبلغ 4000 جنيه بصفة تعويض عما لحقه من خسارة وما فاته من كسب من جراء تعسف وزارة الصحة معه برفضها منحه ترخيصا لمزاولة مهنة طب الأسنان مدة تقرب من سنة وخمسة شهور ونصف، فقضت المحكمة المذكورة بإلزام الوزارة بأن تدفع له مبلغ 1000 جنيه والمصاريف المدنية المناسبة و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماه، فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم، كما استأنفته الوزارة وقيد الاستئنافان برقمى 342، 352 سنة 67 قضائية استئناف القاهرة وطلب المطعون عليه تعديل الحكم الابتدائى إلى 4000 جنيه بينما طلبت الطاعنة الغاءه ورفض دعوى المطعون عليه ومحكمة الاستئناف قررت ضم الاستئناف الأخير إلى الأول وحكمت بتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1951 بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعا وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه، فقررت الوزارة بالطعن بالنقض فى هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بنى على سبب وحيد وهو مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله. ذلك أن الأمر الإدارى لكى ينتج آثاره القانونية يجب أن يتوافر فيه استيفاء الأوضاع والأشكال التى فرضها القانون وأن يكون الموظف العمومى الذى أصدره مختصا بالقيام به وركن الغاية أو الباعث، وليس للقاضى أن يبسط بحثه إلى ملاءمة التصرفات والاجراءات الإدارية للظروف التى وقعت فيها وأن السلطة الإدارية غير ملزمة بالنص على بواعث تصرفاتها إلا حيث يلزمها بذلك قانون أو لائحة، وأن المادة الرابعة من القانون رقم 14 لسنة 1920 الخاص بتعاطى مهنة طب الأسنان نصت على أن أطباء الأسنان الحائزين لدبلومات أجنبية الذين يطلبون ترخيصا بتعاطى الصناعة يجوز تكليفهم مقدما بأداء امتحان فى طب الأسنان وتؤلف لهذا الغرض لجنة مستديمة بقرار يصدر من وزير الداخلية وتبين به أيضا شروط الامتحان، وأنه بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1920 و21 من أبريل سنة 1936 أصدر وزير الصحة قرارين خاصين بنظام امتحان أطباء الأسنان الحائزين لدبلومات أجنبية ونص القراران على تشكيل لجنة لامتحان من ترى وزارة الصحة لزوم امتحانهم من هؤلاء الأطباء قبل الترخيص لهم بمزاولة مهنتهم بالقطر المصرى. وبتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1942 أصدر وزير الصحة قرارا بتأليف لجنة لتقدير قيمة الدبلومات الأجنبية وأضافت الطاعنة أن الدعوى قائمة على تعويض المطعون عليه عن التأخير فى محنه ترخيصا لمزاولة مهنة طب الأسنان من تاريخ تقديم طلبه فى 14 من أكتوبر سنة 1947 إلى تاريخ منحه إياه فى 27 من مارس سنة 1949 وأن تصرف وزارة الصحة فى منح الترخيص هو إجراء إدارى مشروط ببحث تقوم به الوزارة للتأكد من كفاية الطالب وقيمة الدبلوم، وأنها حين طلبت من المطعون عليه اداء الامتحان قبل منحه الترخيص إنما كانت تمارس حقا أجازه لها القانون، ولا محل لمساءلتها عن التأخر فى منحه.
ومن حيث إن هذا النعى فى غير محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند فى أسبابه إلى أن المطعون عليه حصل على دبلوم طب الأسنان من جامعة كينجسبرج ومن جامعة برلين وأنه عمل مساعدا لبعض الأطباء بعياداتهم من أول مارس سنة 1943 إلى أن تصرح له بفتح عيادة مستقلة فى 25 من أغسطس سنة 1945 ببرلين وهى العيادة التى ظل يباشرها حتى عاد لوطنه فى شهر سبتمبر سنة 1947، ثم تقدم لوزارة الصحة بطلب الترخيص له بتعاطى طب الأسنان فى مصر، وقدم لها المستندات المثبتة لمؤهلاته وسلوكه وذلك بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1947 إلا أن الوزارة طلبت منه اداء امتحان على أساس فهمها لنص القانون رقم 14 لسنة 1920 والذى درجت عليه من تكليف جميع طالبى الترخيص بأداء امتحان مقدما ولم تنظر فى مؤهلاته فنازعها فى تفسيرها الذى تذهب إليه ورفع دعواه أمام مجلس الدولة فمنحته الوزارة الترخيص بتاريخ 27 من مارس سنة 1949 دون أن يؤدى الامتحان، فرفع دعواه الحالية مطالبا الطاعنة بتعويض الضرر الذى أصابه من جراء تأخرها فى منحه الترخيص، وقد قضى لمصلحته تأسيسا على أن القانون رقم 14 لسنة 1920 قد اشترط لمزاولة مهنة طب الأسنان فى القطر المصرى شرطين أساسيين: أولهما - أم يكون الشخص حائز لدبلوم طب أسنان صادر من إحدى الكليات المعترف بها، والآخر - أن ينال رخصة بذلك من وزارة الداخلية، وإلى أن المستفاد من نصوص المادتين الثالثة والرابعة أن الرخصة تمنح بعد التحقق من صحة وقيمة الدبلوم المقدم من طالب الترخيص وكفايته وأنه يجوز تكليف الحاصلين على دبلومات أجنبية بأداء امتحان مقدما مما يفيد أن منح الرخصة بدون أداء امتحان هو الأصل وإلى أنه كان يتعين على الوزارة الطاعنة ألا تتسرع فى رفض طلب المطعون عليه عقب تقديمه بمقولة إن أداء الامتحان هو أمر واجب مقدما، وهذا الذى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون رقم 14 لسنة 1920 الخاص بتطبيب الأسنان، فقد نصت المادة الأولى منه على أنه لا يجوز لأى شخص أن يتعاطى طب الأسنان إلا إذا كان حائزا لدبلوم طب الأسنان من إحدى الكليات المعترف بها ونال بذلك رخصة من وزارة الداخلية كما بينت المادة الثانية كيفية تقديم الطلب، وأن يرفق به الدبلوم الصادر من كلية تعترف بها المصلحة وشهادة تدل على حسن السلوك والأخلاق صادرة من جهة الاختصاص التابع لها، وأن يبين عنوانه والجهة التى يرغب فى العمل فيها، ونصت المادة الثالثة على أن الرخصة تمنح من وزارة الداخلية بناء على طلب مصلحة الصحة العمومية بعد البحث اللازم بمعرفة هذه المصلحة إذا اقتضى الحال للتحقيق من صحة وقيمة الدبلوم المقدم من الطالب وكفايته لنيل الرخصة والتحقق من شخصيته، ونصت المادة الرابعة على أن الحائزين لدبلومات أجنبية الذين يطلبون رخصة يجوز تكليفهم مقدما بأداء امتحان فى طب الأسنان، وأن تؤلف لذلك لجنة مستديمة بقرار يصدره وزير الداخلية، وتبين فيه شروط الامتحان الذى يؤدى مقابل رسم قدره خمسة جنيهات، ويبين من النصوص المشار إليها أنه: يشترط أولا - بحث الجهة المختصة بإصدار الترخيص فى مؤهلات طالب الترخيص للتحقق من صحة وقيمة الدبلوم المقدم من الطالب وكفايته لنيل الرخصة، فإذا وجدت فيها مقنعا منحته الترخيص بغير تكليف باداء امتحان وإلا كلفته بأدائه، وعلى ذلك يكون من الخطأ القول بأن المشرع أوجب الامتحان اطلاقا دون اعتداد بمؤهلات طالب الترخيص التى قد تعفيه من أداء الامتحان.
ومن حيث إنه يبين من الوقائع الثابتة فى الدعوى أن وزارة الصحة حينما أوجبت على المطعون عليه اداء الامتحان إنما صدرت فى ذلك عن فهم خاطئ للقانون فى أنه يوجب على كل من بيده دبلوم أجنبية ويبغى ممارسة طب الأسنان أن يؤدى هذا الامتحان دون تقدير لمؤهلاته، فلم يكن مرجع تراخى الوزارة فى منح الترخيص رغبتها فى الفحص عن هذه المؤهلات وتقديرها حتى يسوغ لها التذرع بما ادعته فى سبب الطعن بملاءمة أو عدم ملاءمة صدور القرار الإدارى ممن يملكه. وآية ذلك أن المطعون عليه بعد أن رفض اداء الامتحان ورفع دعواه بصحيفة معلنة فى 19 من فبراير سنة 1949 أمام مجلس الدولة بسبب التفسير الخاطئ للقانون الذى تذرعت به الوزارة فى وجوب تأدية المطعون عليه الامتحان دون نظر أو تقدير لمؤهلاته رجعت إلى التفسير السليم للقانون واستعرضت مؤهلات المطعون عليه فلم تجد مبررا لإلزامه بتأدية الامتحان ومنحته الترخيص الذى يطلبه فى 27 من مارس سنة 1949، وعلى ذلك يتضح أن رفض الوزارة منح الترخيص للمطعون عليه حتى يؤدى امتحانا كان مسلكا خاطئا يجب أن تسأل عنه قانونا.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.