أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
العدد الأول - السنة 13 - صـ 324

جلسة 21 من مارس سنة 1962

برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامى، ومحمد عبد الحميد السكرى المستشارين.

(51)
الطعن رقم 239 لسنة 27 القضائية

حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". عمل "عناصر عقد العمل".
تقرير الحكم أن الفارق بين عقدى العمل والمقاولة هو وجود حق الإدارة والإشراف فى العقد الأول وانعدامه فى العقد الثانى وأن وكيل الطاعن استغنى عن خدمات المطعون عليهما، لا يكشف بذاته عن حقيقة العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما وأنها علاقة عمل استكملت عناصرها القانونية. قصور.
متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه فى خصوص تكييف العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما على ما قرره وكيل الطاعن أمام مكتب العمل من أنه استغنى عن خدماتهما لعدم حاجة العمل إليهما وعلى أن الفارق الوحيد بين عقدى العمل والمقاولة هو وجود حق الإدارة والإشراف فى العقد الأول وانعدامه فى العقد الثانى، وكانت هذه التقريرات التى عول عليها الحكم المطعون فيه ليس فيها ما يكشف عن حقيقة العلاقة القائمة بين الطرفين وأنها علاقة عمل استكملت عناصرها القانونية مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة تطبيق القانون، فإنه يكون معيبا بالقصور بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على - ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أنه بتاريخ أول يونيه سنة 1955 قدم المطعون عليه الأول شكوى إلى مكتب العمل بالاسكندرية قال فيها إنه كان يعمل قبانيا لدى الطاعن مدة 12 سنة وفى 29 مايو سنة 1955 أخطره بالاستغناء عن خدماته بغير مبرر، وبتاريخ 2 يونيه سنة 1955 قدم المطعون عليه الثانى شكوى إلى نفس المكتب قال فيها إنه كان يعمل قبانيا لدى الطاعن مدة 30 سنة وفى أول يونيه سنة 1955 أخطره بالاستغناء عن خدماته، وطلب كل منهما إعادته إلى عمله أو إحالة النزاع إلى المحكمة، واستحال على مكتب العمل تسوية النزاع وأحاله إلى محكمة شئون العمال الجزئية حيث قيدت الشكوى الأولى بجدولها العمومى برقم 1419 سنة 1955 وقيدت الشكوى الثانية برقم 1420 سنة 1955، وفى 2/ 7/ 1955 قررت المحكمة ضم الدعوى الأولى إلى الثانية، وفى 16/ 7/ 1955 حكمت المحكمة فى الدعويين وبصفة مستعجلة بقبولهما شكلا وفى الموضوع بوقف تنفيذ قرار فصل المدعيين من عملهما مع إلزام المدعى عليه بأن يؤدى لهما أجرهما بواقع 10 جنيهات للمدعى الأول و12 جنيها للمدعى الثانى وذلك ابتداء من تاريخ الفصل الحاصل فى أول يونيه سنة 1955 لحين القضاء فى الموضوع، وبجلسة 14/ 8/ 1955 طلب المدعيان إلزام المدعى عليه بأن يدفع لكل منهما مبلغ 300 جنيه كتعويض فدفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وقبلت المحكمة الدفع وحكمت بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى محكمة الاسكندرية الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 1530 سنة 1955 وأمام هذه المحكمة عدل المدعيان طلباتهم إلى طلب الحكم بالزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى الأول مبلغ 700 جنيه وللمدعى الثانى مبلغ 1000 جنيه ودفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة، وفى 18/ 12/ 1955 قضت المحكمة (أولا) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة وبقبولها (ثانيا) وقبل الفصل فى الموضوع باحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعيان بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أنهما كانا يعملان لدى المدعى عليه بصفة مستمرة ودائمة وأن أجر المدعى الأول مبلغ 30 جنيها شهريا والمدعى الثانى 40 جنيها شهريا فى المتوسط وأنهما فصلا تعسفيا وبلا مبرر وللمدعى عليه النفى بذات الطرق وأبقت الفصل فى المصاريف، وتنفذ حكم التحقيق، وبتاريخ 25/ 3/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعى الأول أحمد صبحى محمود مبلغ 100 جنيه وللمدعى الثانى محمد صبحى محمود مبلغ 125 جنيها والمصاريف المناسبة على أن يستنزل منهما ما قد يكون قبضه كل منهما نفاذا لحكم وقف قرار الفصل الصادر فى 16/ 7/ 1955 مع إلزامه بمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ماعدا ذلك من الطلبات والزمت المدعيين بباقى المصاريف. واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الاسكندرية طالبا إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد استئنافه برقم 171 سنة 12 قضائية وكذلك استأنفه المطعون عليهما استئنافا مقابلا طالبين تعديله والحكم بالزام المستأنف عليه بأن يدفع للمستأنف الأول مبلغ 700 جنيه - وللمستأنف الثانى مبلغ 1000 جنيه والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وقيد استئنافهما برقم 48 سنة 13 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وبتاريخ 29/ 4/ 1957 حكمت المحكمة حضوريا (أولا) فى الاستئنافين رقم 171 سنة 12 ق، 48 سنة 13 ق بقبولهما شكلا (ثانيا) فى موضوع الاستئناف رقم 171 سنة 12 ق برفضه وإلزام المستأنف المصاريف الاستئنافية ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثالثا) فى موضوع الاستئناف رقم 48 سنة 13 ق بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه بأن يدفع للمستأنف الأول مبلغ 120 جنيها وللمستأنف الثانى مبلغ 160 جنيها والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة فى التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهما رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن فى الوجه الأول من السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما علاقة عمل استنادا إلى ما قرره وكيله أمام مكتب العمل من أنه استغنى عن خدماتهما لعدم حاجته إليهما وإلى أن الفرق الوحيد بين عقد العمل وعقد المقاولة أن حق الإدارة والإشراف موجود فى عقد العمل ومعدوم فى عقد المقاولة وهو قصور يشوب الحكم ويبطله لأن تقرير وكيله أمام مكتب العمل بأنه لم يعد فى حاجة إلى معاونة المطعون عليهما لا يدل بحال على أن العلاقة بينهما هى علاقة عمل وقد أنكر الطاعن إشرافه على عمل المطعون عليهما وكان يتعين على الحكم أن يحقق هذه الواقعة وأن يناقش دفاع الطاعن بشأنها وهى مسألة أساسية على مقتضاها يمكن معرفة القانون الواجب التطبيق وهل هو قانون عقد العمل الفردى أم غيره، وإذ هى لم تفعل فقد استحال على محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى.
وحيث إن هذا النعى فى محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه فى خصوص تكييف العلاقة بين الطاعن والمطعون عليهما على ما جاء فيه من أنه "لا أدل على أن علاقة المستأنف (فى الاستئناف رقم 171 سنة 12 قضائية) بالمستأنف عليهما هى علاقة مخدوم بخادمه من استغنائه عن خدماتهما اعتبارا من 1/ 6/ 1955 لعدم حاجة العمل إليهما كما قرر وكيله أمام مكتب العمل والفرق الوحيد بين عقد العمل وعقد المقاولة أن حق الإدارة والاشراف موجود فى عقد العمل ومعدوم فى عقد المقاولة أما حساب الأجر فلا قيمة له فى التمييز بين العقدين" وهذه التقريرات التى أوردها الحكم وعول عليها تنطوى على قصور من شأنه أن يعجز محكمة النقض من مراقبة تطبيق القانون إذ ليس فيها ما يكشف عن حقيقة العلاقة القائمة بين الطاعن والمطعون عليهما وأنها علاقة عمل استكملت عناصرها القانونية وإذ كان ذلك فإنه يكون متعينا نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقى الأسباب.