أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الأول - السنة 23 - صـ 369

جلسة 12 من مارس سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسين سامح، ونصر الدين عزام، وسعد الدين عطيه، وطه دنانة.

(82)
الطعن رقم 118 لسنة 42 القضائية

( أ ) إثبات. "شهود". تحقيق. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعى على تصرف النيابة بسؤالها الشاهد فى غيبة المتهم والتفاتها عن سؤال آخرين. تعييب للاجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح سببا للطعن.
(ب، ج) بطلان. إجراءات المحاكمة. استجواب.
(ب) الدفع ببطلان الإجراءات المبنى على استجواب المحكمة للمتهم. سقوطه إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبد اعتراضا.
(ج) تعريف الاستجواب: هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام المساقة عليه دليلا دليلا ليسلم بها أو يدحضها.
سؤال المحكمة للمتهم عن صلته بشخص ادعى أنه ترك بجواره لفافة المخدر لا يعد استجوابا ولا يرد عليه الحظر.
(د، هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(د) استعداد المدافع عن المتهم موكول إلى تقديره. تأجيل الدعوى إلى اليوم التالى للاستعداد بناء على طلب المحامى مع حجز المتهم. ترافع المحامى فى الجلسة المؤجلة إليها الدعوى وعدم إبدائه ما يدل على عدم التمكن مع الاستعداد. لا إخلال بحق الدفاع.
(هـ) النعى على المحكمة تأجيل نظر الدعوى إلى اليوم التالى مع حجز المتهم مما فوت عليه فرصة تقديم مستند يبرر به سبب وجوده بمكان الحادث. غير مقبول. حجزها المتهم حتى الجلسة التالية. استعمال لحقها بمقتضى المادة 380 أ. ج. دفاع الطاعن بأن ظروفه لم تمكنه من تقديم الدليل على سبب وجوده بمكان الحادث. دفاع غير منتج فى الدعوى. لا تثريب على المحكمة إذا هى لم تحققه أو أغفلت الرد عليه.
(و) تفتيش. تلبس. دفوع. مواد مخدرة.
إطراح الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيسا على أن الطاعن تخلى عما كان فى يده من مخدر. سائغ. تتوافر به حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة.
(ز) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعى على الحكم بعدم إيراده لدفاع الطاعن بخلو المطواة المضبوطة معه من آثار المخدر أو الرد عليه. لا محل له. المحكمة غير ملزمة بتتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة على استقلال. الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم.
(ح) إثبات. "شهود". إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات المحاكمة.
تقرير الشاهد بجلسة المحاكمة أنه لا يذكر شيئا عن الواقعة بسبب النسيان. وسكوت الطاعن والمدافع عنه عن استجوابه. تعويل المحكمة على أقوال ذلك الشاهد فى التحقيقات الأولى. النعى على المحكمة أنها لم تلح على الشاهد حتى يدلى بشهادته. غير مقبول.
1 - منعى الطاعن على تصرف النيابة العامة من سؤالها الضابط الشاهد فى غيبته والتفاتها عن سؤال الشرطيين السريين لا يعدو أن يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة، لا يصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم.
2 - من المقرر أن حق المتهم فى الدفع ببطلان الإجراءات المبنى على أن المحكمة استجوبته يسقط وفقا للفقرة الأولى من المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبد اعتراضا عليه لأن ذلك يدل على أن مصلحته لم تتأثر بالاستجواب. وإذ كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن مناقشة المحكمة للطاعن تمت باختياره فى حضور محاميه الذى لم يعترض على هذا الإجراء فإنه لا يجوز له أن يدعى ببطلان الإجراءات.
3 - الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلا دليلا ليقول كلمته فيها تسليما بها أو دحضا لها. ولما كان البين من مناقشة المحكمة للطاعن أنها سألته عن صلته بالشخص الآخر الذى يدعى الطاعن أنه ترك بجواره اللفافة وعن اسم ذلك الشخص ولم تتصل هذه المناقشة بمركز الطاعن فى التهمة المسندة إليه، فإن هذه المناقشة لا تعد فى صحيح القانون استجوابا ولا يرد عليها الحظر ولا تحتاج إلى إقرار سكوتى فى قبولها أو اعتراض على إجرائها.
4 - استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته. وإذ كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نظرت بإحدى الجلسات وفيها حضر الطاعن ومحاميه الذى طلب التأجيل لليوم التالى تمكينا له من الاستعداد فى الدعوى فأجابته المحكمة إلى طلبه وأمرت بحجز الطاعن وبالجلسة الأخيرة حضر الطاعن ومحاميه الذى لم يبد ما يدل على أنه لم يتمكن من الاستعداد بل ترافع فى موضوع الدعوى، فإن منعاه بالإخلال بحق الدفاع يكون فى غير محله.
5 - لا تثريب على المحكمة إذا هى لم تحقق الدفاع غير المنتج فى الدعوى أو أغفلت الرد عليه. فإذا كان الطاعن ينعى على المحكمة أنها أجلت نظر الدعوى إلى اليوم التالى وأمرت بحجزه ففوت ذلك عليه فرصة تقديم مستند يبرر به سبب وجوده بمكان الحادث. وكان ما أمرت به المحكمة من حجز الطاعن حتى الجلسة التالية لنظر الدعوى إنما أجرته استعمالا لحقها المقرر بمقتضى المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية وكان ما يثيره الطاعن من أن ظروفه لم تمكنه من تقديم الدليل على سبب وجوده بمكان الحادث هو دفاع غير منتج فى الدعوى فلا تثريب على المحكمة إذا هى لم تحقق هذا الدفاع أو أغفلت الرد عليه.
6 - إذا كان الحكم قد عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحه تأسيسا على أن الواقعة واقعة إلقاء وأن الطاعن تخلى عما كان فى يده من مخدر فان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغ وتتوافر به حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة.
7 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة وبالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من عدم التعرض لدفاعه بخلو المطواة المضبوطة معه من آثار المخدر حسبما أسفرت عن نتيجة تحليلها إيرادا لهذا الدفاع أو ردا عليه لا يكون له محل.
8 - إذا كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهد قرر أنه لا يذكر شيئا عن الواقعة نظرا لمرور أكثر من سنتين على حصولها ولقيامه بضبط كثير من القضايا، فكان أن سكت الطاعن والمدافع عنه عن أن يوجها له ما يعن لهما من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون أن نلوى على شئ يتصل بقالة الشاهد بنسيان الواقعة - وكانت المحكمة قد استعملت حقها فى التعويل على أقوال الشاهد فى التحقيقات الأولى فقد بات غير مقبول من الطاعن منعاه بأن المحكمة لم تلح على الشاهد حتى يدلى بشهادته بعد أن تكشف لها أن هذا الأمر أصبح ضربا من المستحيل بسبب النسيان.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 19/ 11/ 1968 بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة: أحرز جوهرين مخدرين (أفيونا وحشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا وكان ذلك بقصد الاتجار. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 2، 37 و38، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين الأول والثانى عشر من الجدول المرفق والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن إحراز المتهم للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد شابه البطلان فى الإجراءات والخطأ فى القانون وانطوى على القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن النيابة العامة قامت بسؤال الضابط فى غيبة الطاعن ودون إعلانه، وأغفلت سؤال الشرطيين السريين المرافقين له تحقيقا لدفاع الطاعن من أن أحدهما هو الذى قام بضبطه، كما أن المحكمة إستجوبت الطاعن بغير موافقة الدفاع، فضلا عن أن المدافع عن الطاعن طلب أجلا للاستعداد فأجلت المحكمة نظر الدعوى لليوم التالى وأمرت بحجز الطاعن، فحال ذلك دون استعداد المدافع للمرافعة فى الدعوى وفوت على الطاعن فرصة تقديم مستند يبرر به سبب وجوده بمكان الحادث، يضاف إلى ما تقدم، أن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش وأطرحت المحكمة هذا الدفع بما لا يسيغ إطراحه هذا وقد أثار الدفاع فى مرافعته ما أسفرت عنه نتيجة تحليل المطواة التى ضبطت مع الطاعن من خلوها من آثار المخدر، ولم تعرض المحكمة لهذا الدفاع أو ترد عليه، ثم إن المحكمة عولت فى قضائها على أقوال الضابط فى التحقيقات على الرغم من أنه قرر فى محضر الجلسة أنه لا يذكر شيئا عن الواقعة، ولم تحاول المحكمة استدراجه حتى يدلى بشهادته، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بينما كان الضابط يمر فى محطة السكة الحديد، وجد الطاعن يجلس على إحدى الأرائك المعدة لإنتظار المسافرين، وما أن رآه الطاعن حتى هم واقفا تعروه حالة الارتباك، ألقى من يده لفافة من ورق الصحف، فالتقطها الضابط، وعثر بها على طربتين من جوهر الحشيش، فقبض عليه وفتشه وعثر على قطعة من جوهر الأفيون مخبأة فى حذائه الذى كان يرتديه، وعول الحكم فى قضائه بالإدانة على أقوال الضابط المذكور فى التحقيقات وما ثبت من نتيجة تقرير التحليل. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على تصرف النيابة العامة من سؤالها الضابط فى غيبته والتفاتها عن سؤال الشرطيين السريين مردودا بأنه لا يعدو أن يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن فى الحكم. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن مناقشة المحكمة للطاعن تمت باختياره فى حضور محاميه الذى لم يعترض على هذا الإجراء، وكان من المقرر أن حق المتهم فى الدفع ببطلان الإجراءات المبنى على أن المحكمة استجوبته يسقط وفقا للفقرة الأولى من المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبد اعترضا عليه لأن ذلك يدل على أن مصلحته لم تتأثر بالاستجواب، وبالتالى لا يجوز له أن يدعى ببطلان الإجراءات، ومن جهة أخرى فإن الاستجواب المحظور هو الذى يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التى تساق عليه دليلا دليلا ليقول كلمته فيها تسليما بها أو دحضا لها، والبين من مناقشة المحكمة للطاعن أنها سألته عن صلته بالشخص الآخر الذى يدعى الطاعن أنه ترك بجواره اللفافة، وعن اسم ذلك الشخص، ولم تتصل هذه المناقشة بمركز الطاعن فى التهمة المسندة إليه، ومن ثم فان هذه المناقشة لا تعد فى صحيح القانون استجوابا، ولا يرد عليها الحظر ولا تحتاج إلى إقرار سكوتى فى قبولها أو الاعتراض على إجرائها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدعوى نظرت بجلسة 14/ 4/ 1971 وفيها حضر الطاعن ومحاميه الذى طلب التأجيل لليوم التالى تمكينا له من الاستعداد فى الدعوى، فأجابته المحكمة إلى طلبه وأرجأت نظرها إلى جلسة 15/ 4/ 1971 وأمرت بحجز الطاعن، وفيها حضر الطاعن ومحاميه الذى لم يبد ما يدل على أنه لم يتمكن من الاستعداد، بل ترافع فى موضوع الدعوى، ولما كان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمرا موكولا إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته، وكان ما أمرت به المحكمة من حجز الطاعن حتى الجلسة التالية لنظر الدعوى إنما أجرته استعمالا لحقها المقرر بمقتضى المادة 380 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان ما يثيره الطاعن من أن ظروفه لم تمكنه من تقديم الدليل على سبب وجوده بمكان الحادث هو دفاع غير منتج فى الدعوى، فلا تثريب على المحكمة إذا هى لم تحقق هذا الدفاع أو أغفلت الرد عليه، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عرض إلى الدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه تأسيسا على أن الواقعة واقعة إلقاء وأن الطاعن تخلى عما كان فى يده من مخدر، فإن ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغ وتتوافر به حالة التلبس بجريمة إحراز المخدر لوجود مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع جريمة، ومن ثم فإن ما ينعاه فى هذا الشأن لا يكون سديدا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة وبالرد على كل شبة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن بخصوص خلو المطواه من آثار المخدر لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الضابط قرر أنه لا يذكر شيئا عن الواقعة نظرا لمرور أكثر من سنتين على حصولها، ولقيامه بضبط كثير من القضايا، فكان أن سكت الطاعن والمدافع عنه عن أن يوجها له ما يعن لهما من وجوه الاستجواب ومضت المرافعة دون أن تلوى على شئ يتصل بقالة الشاهد بنسيان الواقعة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استعملت حقها فى التعويل على أقوال الشاهد فى التحقيقات الأولى، فقد بات غير مقبول من الطاعن منعاه بأن المحكمة لم تلح على الشاهد حتى يدلى بشهادته، بعد أن تكشف لها أن هذا الأمر أصبح ضربا من المستحيل بسبب النسيان. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. متعينا رفضه موضوعا.