مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 178

(21)
جلسة 20 من ديسمبر سنة 2003م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، ويحيى خضرى نوبى محمد، د. محمد ماجد محمود أحمد، وأحمد عبد الحميد حسن عبود - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ عزت عبد الشافى - مفوض الدولة
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس - سكرتير المحكمة

الطعن رقم 7809 لسنة 45 قضائية. عليا:

صيدلية - الشروط الواجب توافرها فى الصيدلية - إجراءات الترخيص.
المواد (11)، (12)، (13)، (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقوانين أرقام 253 لسنة 1955 و7 لسنة 1956 و360 لسنة 1956.
المادة (64) من القانون رقم 47 لسنة 2969 بإنشاء نقابة الصيدلة.
المشرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها فى الصيدليات، ونظم إجراءات الترخيص بها تنظيماً دقيقاً، حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقيق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون دون أن يخول هذه الجهة أى مجال للتقدير فى شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار - أوجب المشرع على صاحب الشأن أن يحرر طلب ترخيص صيدلية على النموذج الذى تعده وزارة الصحة وأن يرسله إلى الوزارة بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفقاً به كافة المستندات المنصوص عليها قانوناً، ومتى قدم طلب الترخيص بمؤسسة صيدلية متوافراً على كافة المستندات، التزمت جهة الإدارة بإدراج فى السجل المعد لذلك ويعطى طالب الترخيص إيصالاً موضحاً به رقم وتاريخ قيد الطلب فى السجل على أن يتم بحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها - المشرع اشترط لإنشاء الصيدليات نوعين من الشروط: أولهما شروط متصلة بالموقع: حيث أوجب على الجهة الإدارية بعد قيد طلب الترخيص فى السجل إجراء معاينة على الطبيعة لموقع الصيدلية وقد اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر وإخطار طالب الترخيص برأيها فى هذا الموقع فى موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه، بل إن عدم إخطار طالب الترخيص برأيها فى هذا الموقع خلال المدة سالفة الذكر يعد قانوناً فى حكم الموافقة على صلاحية الموقع شريطة عدم الإخلال بقيد المسافة المنوه عنه، وثانيهما الاشتراطات الصحية: وأناط المشرع بوزير الصحة إصدار قرار ببيان تلك الاشتراطات نفاذاً لحكم القانون وكذلك الاشتراطات التى تفرضها السلطات الصحية على طالب الترخيص - من بين ما اشترطه المشرع من الاشتراطات الخاصة الواجب توافرها فى طالب الترخيص وهو أن يكون مقيداً فى الجدول العام لنقابة الصيادلة، وكذا التسجيل فى النقابة الفرعية وأن استمرار هذا القيد شرط من شروط مزاولة مهنة الصيدلة، كما يجب أن توافق النقابة الفرعية على الاسم التجارى لكل منشأة صيدلية جديدة - الجهة الإدارية المختص لا تملك مجاوزة تلك الشروط أو التغاضى عن بعضها، إذا يتحدد موقفها فى شأنها بناء على سلطة مقيدة لا مجال فيها إلى الترخيص أو التقدير، ومن ثم يجب التأكد من توافر تلك الشروط جميعها ومجتمعة قبل منح الترخيص المطلوب - المشرع اتخذ من وسيلة معاينة على الطبيعة التى تتم بشكل علنى للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه السبيل العملى للتحقق من توافر هذه الشروط فى المقر المطلوب الترخيص فيه - يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة نزولاً على مقتضيات مبادئ وأصول الإدارة السليمة كما أنه أمر يقتضيه القانون الذى أوجب على جهة الإدارة إخطار طالب الترخيص برأى السلطة المختصة فى الموقع - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الأربعاء الموافق 18/ 8/ 1999 أودع الأستاذ/ أحمد رجب ماضى المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 7809 لسنة 45 ق. ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية "الدائرة الثالثة" فى الدعوى رقم 2605 لسنة 49 ق بجلسة 28/ 6/ 1990 والقاضى منطوقة: "بإلغاء القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات".
وطلب الطاعنون بصفاتهم - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد حدد لنظره الطعن أمام الدائرة السادسة عليا فحص الطعون جلسة 9/ 8/ 2001 وبهذه الجلسة قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالدائرة الأولى عليا للاختصاص لنظره بإحدى جلسات شهر أكتوبر سنة 2001، وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها قررت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 20/ 1/ 2003 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 5/ 4/ 2003 ونظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 18/ 10/ 2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 12/ 2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2605 لسنة 49 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتاريخ 29/ 3/ 2005 وانحصرت طلباته الختامية فيها فى طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من مديرية الشئون الصحية بالبحيرة، وبحفظ الطلب المقدم منه لاستصدار ترخيص صيدلية باسم "صيدلية نادر" بشارع صلاح سالم بملك محمد خميس حرحش - بإدكو - محافظة البحيرة وما يترتب على ذلك من آثار على سند من القول بأنه حصل على بكالوريوس الصيدلة عام 1992 ومقيد بنقابة الصيادلة تحت رقم 31293 بتاريخ 6/ 9/ 1992، ومشترك بنقابة صيادلة البحيرة بتاريخ 7/ 12/ 1994 بإيصال رقم 6315 بتاريخ 7/ 12/ 1994 تقدم إلى مديرية الشئون الصحية بالبحيرة لاستصدار ترخيص صيدلية باسم "صيدلية نادر" مرفقاً به جميع المستندات المطلوبة، وبتاريخ 28/ 1/ 1995 أجريت المعاينة للموقع وأثبت توافر جميع الاشتراطات المقررة وعند توجهه إلى مديرية الشئون الصحية بالبحيرة فوجئ برفضها إصدار الترخيص المطلوب بمقولة عدم ورود موافقة نقابة الصيادلة بالبحيرة على إصدار الترخيص رغم اشتراكه بها كعضو ناعياً على هذا القرار مخالفته لأحكام القانون لتوافر كافة الاشتراطات المقررة فى طلب الترخيص وعليه يكون امتناع الجهة الإدارية عن إصدار الترخيص المطلوب مخالفاً لأحكام المادتين (12) (30) من القانون رقم 127 لسنة 1955، وبجلسة 13/ 6/ 1996 قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية "دائرة طلبات وقف التنفيذ" فى الشق العاجل من الدعوى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفاته وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى مسبباً فى موضوعها.
وبجلسة 28/ 6/ 1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية "الدائرة الثالثة" فى الشق الموضوعى من الدعوى حكمها المطعون فيه.
وشيدت المحكمة قضاءها - بعد استعراض نصى المادتين 11 و13 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعى أرفق بطلبه المقدم منه لاستصدار ترخيص صيدلية كافة المستندات المطلوبة للترخيص وقد أثبتت المعاينة التى أجريت للموقع بتاريخ 26/ 1/ 1995 توافر كافة الاشتراطات المطلوبة باستثناء المورد المائى وهو ما قام المدعى باستكماله لاحقاً على النحو الثابت بكتاب شركة مياه الشرب بالبحيرة المؤرخ فى 29/ 1/ 1995، فضلاً عن أنه قدم للجهة الإدارية ما يفيد قيده بنقابة الصيادلة وقيامه بسداد الاشتراكات حتى نهاية عام 1994، وحيث إن الجهة الإدارية لم تحدد فى كتابها للمدعى ماهية الاشتراطات الصحية غير المستوفاة فى الصيدلية فى ضوء ما قام المدعى باستيفائه من اشتراطات وأن عدم تقديم موافقة النقابة الفرعية للصيادلة بالبحيرة على الاسم التجارى للصيدلية، لا ينهض سبباً قانونياً لقرار الجهة الإدارية بحفظ طلب الترخيص المقدم من المدعى مما يجعل هذا القرار مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز فى أنه طبقاً للثابت بالأوراق أن المطعون ضده قد تقدم فى 26/ 12/ 1994 بطلب لاستصدار ترخيص صيدلية فأخطرته جهة الإدارة بضرورة استيفاء بعض المستندات ومنها موافقة النقابة العامة للصيادلة وموافقة النقابة الفرعية على الاسم التجارى، وبتاريخ 26/ 1/ 1995 قامت اللجنة المشكلة لمعاينة المكان المطلوب ترخيص الصيدلية به، وانتهت إلى أن اشتراطات الصحية غير مستوفاة ومنحت المطعون ضده مهلة شهرين لاستيفائها وأخطر بذلك وبتاريخ 29/ 3/ 1995 تم إجراء المعاينة الثانية وجدت اللجنة أن المطعون ضده لم ينفذ الاشتراطات الصحية، كما لم يستوف الأوراق المطلوبة فمنحته مهلة أخرى قدرها شهر لذلك الغرض وأخطر بذلك ثم أجريت المعاينة الثالثة فى 26/ 6/ 1995 وتبين منها أيضاً أنه لم ينفذ الاشتراطات المطلوبة، كما لم يقدم موافقة النقابة العامة، والنقابة الفرعية على الاسم التجارى للصيدلية، الأمر الذى حدا بجهة الإدارة إلى إصدار قرارها برفض الطلب المقدم من المطعون ضده سالف الذكر.
ومن حيث إن مؤدى نصوص المواد 11 و12 و13 و30 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة المعدل بالقانون أرقام 253 لسنة 1955 و7 لسنة 1956 و360 لسنة 1956 أن المشرع تكفل بتحديد الشروط الواجب توافرها فى الصيدليات، ونظم إجراءات الترخيص بها تنظيماً دقيقاً، حدد فيه نطاق سلطة الجهة الإدارية بحيث يقف عند حد التحقيق من توافر شروط الترخيص كما رسمها القانون دون أن يخول هذه الجهة أى مجال للتقدير فى شأن منح الترخيص أو منعه خارج هذا الإطار، وبداءة أوجب المشرع على صاحب الشأن أن يحرر طلب ترخيص صيدلية على النموذج الذى تعده وزارة الصحة وأن يرسله إلى الوزارة بخطاب مسجل بعلم الوصول مرفقاً به كافة المستندات المنصوص عليها قانوناً، ومتى قدم طلب الترخيص بمؤسسة صيدلية متوافراً على كافة المستندات التزمت جهة الإدارة بإدراجه فى السجل المعد لذلك ويعطى طالب الترخيص إيصالاً موضحاً به رقم وتاريخ قيد الطلب فى السجل على أن يتم بحث هذه الطلبات وفقاً لأسبقية قيدها.
ومن حيث إن المشرع اشترط لإنشاء الصيدليات نوعين من الشروط:
أولهما شروط متصلة بالموقع: حيث أوجب المشرع على الجهة الإدارية بعد قيد طلب الترخيص فى السجل إجراء معاينة على الطبيعة لموقع الصيدلية وقد اشترط ألا تقل المسافة بين الصيدلية المطلوب الترخيص لها وأقرب صيدلية أخرى عن مائة متر وإخطار طالب الترخيص برأيها فى هذا الموقع فى موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المشار إليه، بل إن عدم إخطار طالب الترخيص برأيها فى هذا الموقع خلال المدة سالفة الذكر يعد قانوناً فى حكم الموافقة على صلاحية الموقع شريطة عدم الإخلال بقيد المسافة المنوه به.
وثانيهما الاشتراطات الصحية وأناط المشرع بوزير الصحة إصدار قرار ببيان تلك الاشتراطات نفاذاً لحكم المادة (11) من القانون رقم 127 لسنة 1955 سالف الذكر وكذلك الاشتراطات التى تفرضها السلطات الصحية على طالب الترخيص، وبتاريخ 2/ 4/ 1956 صدر قرار وزير الصحة بفرض اشتراطات صحية عامة للمؤسسات الصيدلية - والمنشور بالوقائع المصرية - العدد 41 الصادر فى 24/ 5/ 1956 - وقد حدد هذا القرار تفصيلاً جميع الاشتراطات الصحية المستديمة الواجب توافرها فى المؤسسات الصيدلية وكلها تتعلق بطريقة المبانى ونوعيتها وارتفاعاتها والدهانات الخاصة بها وأن تكون جميع المبانى والأرضيات والأجهزة وأدوات الصرف وغيرها بحالة جيدة ونظيفة على الدوام واشتراطات التهوية والإضاءة وشروط ومواصفات إقامة المخازن الملحقة بها، وأوجب أن تدهن جميع الأخشاب بالبوية الزيتية ويعاد الدهن كلما لزم الأمر وكذا تركيب حنفيات مياه داخل المحل وأن تكون الأحواض من الصينى أو الفخار وتغطية الحائط أعلى الحوض بالبلاط القيشانى الأبيض وصرف متخلفات المحل فى المجارى العمومية.
ومن حيث إنه من بين ما اشترطه المشرع من الاشتراطات الخاصة الواجب توافرها فى طالب الترخيص أن يكون مقيداً فى الجدول لنقابة الصيادلة وكذا التسجيل فى النقابة الفرعية وأن استمرار هذا القيد شرط من شروط مزاولة مهنة الصيدلة وذلك طبقاً لحكم المادة 64 من القانون رقم 47 لسنة 1969 بإنشاء نقابة الصيادلة كما يجب أن توافق النقابة الفرعية على الاسم التجارى لكل منشأة صيدلية جديدة.
ومن حيث إنه من الجدير بالذكر أن الجهة الإدارية المختص لا تملك مجاوزة تلك الشروط أو التغاضى عن بعضها، إذا يتحدد موقفها فى شأنها بناء على سلطة مقيدة لا مجال فيها إلى الترخيص أو التقدير، ومن ثَمَّ يجب التأكد من توافر تلك الشروط جميعها ومجتمعة - قبل منح الترخيص المطلوب - سواء فى الموقع وذلك لضمان صدور الترخيص صحيحاً بفتح الصيدلية فى موقع مناسب لأداء هذا العمل، وبمراعاة المنافسة الشريفة فى مهنة الصيدلة ذات الطابع المتميز لارتباطها الوثيق بصحة الجمهور وسلامة المرضى - أو فى المحال الكائنة به الصيدلية وذلك لضمان توافر شروط السلامة والأمان فيه حتى يكون مناسبًا لحفظ الأدوية المعدة للبيع للجمهور وتحضير المستحضرات الطبية.
ومن حيث إن المشرع اتخذ من وسيلة معاينة على الطبيعة التى تتم بشكل علنى للمحل المزمع إقامة الصيدلية فيه - السبيل العملى الطبيعى للتحقق من توافر هذه الشروط فى المقر المطلوب الترخيص فيه - وبغير معاينة دقيقة وموضوعية وفنية لا يتأتى التحقق من توافر هذه الشروط، كما لا يصح قانونا استخراج الترخيص دون إجراء هذه المعاينة، ولا تملك الجهة الإدارية أى تقدير فى طلب إجراء المعاينة أو عدم إجرائها بل يتعين عليها قانوناً إجراء هذه المعاينة خلال موعد لا يجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ قيد الطلب بالسجل المعد بهذا الغرض.
ومن حيث إنه وإن كان المشرع لم يوجب على جهة الإدارة إخطار طالب الترخيص بميعاد إجراء المعاينة، كما لم يحظر حضوره عند إجراء المعاينة، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه يتعين دعوة طالب الترخيص أو من ينيبه لحضور إجراءات المعاينة الخاصة بمشروع الصيدلية الذى يطلب الترخيص به، نزولاً على مقتضيات مبادئ وأصول الإدارة السليمة، كما أن ذلك أمر يقتضيه القانون الذى أوجب على جهة الإدارة إخطار طالب الترخيص برأى السلطات الطبية المختصة بالنسبة للموقع، وذلك حتى يتمكن من الإرشاد عن جوانب مشروعه وليوضح لمندوبى جهة الإدارة أية استفسارات وإحاطته بأية وثائق أو اشتراطات غير متوافرة بما يكفل استكمالها أو توفير المعلومات الصحيحة عنها وكذا لتوفير ضمانات حق طالب الترخيص فى الدفاع عن حقه فى مواجهة الإدارة ومندوبيها الذين تندبهم لإجراء المعاينة بعد وقوفه على حقيقة موقف الإدارة منه وليتمكن من اختيار أسلوب الدفاع عن حقه أمام القضاء أو بطريق التظلم لدى الجهة الرئاسية.
ومن حيث إنه يضاف إلى ذلك أن المادة (13) من القانون رقم 127 لسنة 1955 آنف الذكر أوجبت فى حالة استيفاء الشروط الصحية المقررة صرف الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ المعاينة، وفى حالة عدم توافر هذه الاشتراطات منح طالب الترخيص مهلة كافية لإتمام هذه الشروط ثم تعاد المعاينة فى نهاية هذه المدة، كما أجازت لجهة الإدارة منحه مهلة ثانية إذا لم تكفه الأولى لإنجاز الاشتراطات بحيث لا تتجاوز المهلة الثانية نصف المهلة الأولى، وعلى ذلك فإن المهلة الواجب منحها فى حالة نقص استكمال الاشتراطات توجب معرفة طالب الترخيص لأوجه النقص ويحقق ذلك وجوب حضوره المعاينة.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده قد تقدم بطلب الترخيص له بصيدلية نادر بمدينة إدكو وذلك بالبريد المسجل بعلم الوصول وأرفق به الأوراق اللازمة ورد إلى مديرية الشئون الصحية بالبحيرة بتاريخ 26/ 12/ 1994 وأدرج الطلب فى السجل المعد لذلك برقم 7581 فى 27/ 12/ 1994 وأخطرته جهة الإدارة بكتابها رقم 2 فى 4/ 1/ 1995 وطلبت منه الحضور إلى إدارة الشئون الصيدلية بالمديرية لتحديد ميعاد إجراء المعاينة للمحل المطلوب الترخيص به فى حضوره وللتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية والصيدلية وطالبته باستيفاء باقى المستندات التى نص عليها القانون ولم ترد ضمن المستندات المقدمة منه وهى:
1 - شهادة من النقابة العامة للصيادلة بأنه ما زال مقيداً بجداولها.
2 - شهادة من النقابة الفرعية للصيادلة بالبحيرة بالموافقة على الاسم التجارى للصيدلية المطلوب الترخيص بها.
وأن المديرية لا توافق مبدئياً على الترخيص بهذا المحل إلا بعد استيفاء ما تقدم، وبتاريخ 26/ 1/ 1995 قامت اللجنة المشكلة لمعاينة المؤسسات الصيدلية بمعاينة المحل المطلوب الترخيص به ولم يحضر المطعون ضده عند إجراء هذه المعاينة ورأت تلك اللجنة أن الاشتراطات الصحية غير مستوفاة ومنحت طالب الترخيص مهلة شهرين من 26/ 1/ 1995 حتى 25/ 3/ 1995 لاستيفاء الاشتراطات الصحية، وأخطرته جهة الإدارة بكتابها رقم 7727 فى 23/ 3/ 1995 - رداً على شكواه الواردة إليها فى 20/ 3/ 1995 - بنتيجة المعاينة التى أجرتها بتاريخ 26/ 1/ 1995 وطالبته باستيفاء المطلوب وهو بعض الاشتراطات الصحية غير المستوفاة واستيفاء باقى المستندات المطلوبة وهى: شهادة من النقابة الفرعية للصيادلة بالبحيرة بالموافقة على الاسم التجارى للصيادلة وأنه مقيد بجدولها حتى تاريخه لغرض ترخيص تلك الصيدلية وأعلمته بأنه تقرر إعادة المعاينة الثانية فى 29/ 3/ 1995 وضرورة وجوده بالمحل فى هذا التاريخ.
وبتاريخ 29/ 3/ 1995 قامت اللجنة المذكورة بإجراء المعاينة الثانية ولم يحضر المطعون ضده، ووجدت تلك اللجنة أن الاشتراطات الصحية غير مستوفاة، وقررت منحه مهلة ثانية لمدة شهر لاستيفائها تبدأ من 29/ 3/ 1995 إلى 29/ 4/ 1995، ثم أخطرته بكتابها المؤرخ فى 26/ 4/ 1995 - برقم صادر 8019 فى 14/ 5/ 1995 بمطالبته بسرعة حضوره لتحديد ميعاد المعاينة الأخيرة ومعه المستندات المطلوبة المنوه عنها بكتابها سالف الذكر وذلك فى خلال عشرة أيام من تاريخه وإلا ستضطر لحفظ طلبه وذلك لعدم جدية السير فى إجراءات الترخيص.
وبتاريخ 26/ 6/ 1995 قامت اللجنة المذكورة بإجراء المعانية الأخيرة بعد انتهاء المهلة الثانية وتخلف المطعون ضده عن الحضور فى تلك المعاينة رغم التنبيه عليه فى كل معاينة لحضورها ووجدت اللجنة أن الاشتراطات الصحية غير مستوفاة وكذا عدم استيفاء باقى المستندات وارتأت اللجنة حفظ الطلب، وقد أخطرت جنة الإدارة المطعون ضده بقرارها بحفظ طلبه نهائياً طبقاً للمادة (13) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955 بموجب كتابها رقم 8560 فى 1/ 7/ 1995.
ومن حيث إنه متى ثبت من مطالعة كتاب الإدارة العامة للشئون الصيدلية المؤرخ فى 22/ 9/ 1999 - والموجه إلى إدارة الشئون القانونية بمديرية الشئون الصحية بالبحيرة - والمرفق بحافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام هذه المحكمة بجلسة 3/ 6/ 2002 أن الاشتراطات الصحية التى لم يقم المطعون ضده باستيفائها بالعين المطلوب ترخيصها كصيدلية هى:
1 - أسفال الحوائط من داخل المحل غير مبطنة بالأسمنت الأملس السميك بارتفاع 1.5 متر من الأرضية وكذلك الأسفال غير مدهونة بالبوية الزيتية.
2 - جميع الأخشاب بداخل المحل غير مدهونة بالبوية الزيتية أو مادة أخرى تقوم مقامها.
3 - لم يقم بتوصيل فرع خاص من المورد العمومى للمياه المرشحة للمحل وكذلك لم تتم تغطية الحوائط أعلى الحوض والرخامة المجاورة له بالبلاط القيشانى الأبيض.... كما لم يقدم شهادة من النقابة الفرعية للصيادلة بالبحيرة تفيد أنه ما زال مقيداً بها وكذا شهادة من نفس النقابة تفيد الموافقة على الاسم التجارى للصيدلية.
ومن حيث إن الثابت من استعراض ما تقدم أن جهة الإدارة قد أصدرت قرارها المطعون فيه بحفظ الطلب المقدم من المطعون ضده لإنشاء صيدلية على سند من المعاينات التى أجرتها طبقاً لما سلف بيانه، وقد ثبت إحجام المطعون ضده عن الحضور عند إجراء تلك المعاينة ولم يقدم ثمة عذر أو مبرر لعدم حضوره رغم أن جهة الإدارة قد التزمت بإخطاره بموعد كل معاينة وقد أرفق بمذكرة دفاعه المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 30/ 3/ 1998 - صور تلك الإخطارات - كما خلت الأوراق من أى دليل على استيفاء الاشتراطات الصحية سالفة الذكر سواء بعد إجراء المعاينات أو بعد رفع الدعوى موضوع الطعن الماثل - حيث إن هذه الاشتراطات جوهرية لا يجوز التغاضى عنها.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر - طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن مشروعية القرار الإدارى توزن بمجموع الظروف والأوضاع القائمة وقت إصداره دون تلك التى تطرأ بعد ذلك وكان الثابت أن السبب الذى دفع الجهة الإدارية لإصدار قرارها الطعين فى هذا التوقيت هو واقعة عدم قيام المطعون ضده باستيفاء الاشتراطات الصحية فى المحل المطلوب الترخيص فيه وموافاتها ببعض المستندات التى طالبته بها طبقاً لما سلف بيانه، إذ ثبت ما تقدم، فإنه قرارها المطعون عليه يكون مصادفاً للتطبيق القانونى الصحيح، ويكون الطعن عليه فى غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه والحالة هذه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً برفض الدعوى.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره المطعون ضده - وسايره فيه الحكم الطعين - من أن جهة الإدارة لم توضح الاشتراطات الصحية فى المكان حتى يتمكن من استيفائها، كما أن ذات المكان المطلوب الترخيص به سبق أن تم ترخيصه صيدلية طابا على حالته التى عليها، ذلك أن الأحكام المتعلقة بالاشتراطات الصحية الخاصة بالمؤسسات الصيدلية سالف الذكر تخاطب جهة الإدارية والأفراد على السواء، وحيث إن المشرع عول فقط على إجراء المعاينة على الطبيعة بالمكان المطلوب الترخيص فيه واعتبارها الوسيلة الوحيدة المعتمدة والتى يتوقف على نتيجتها فقط الوقوف على مدى توافر الاشتراطات القانونية اللازمة للترخيص بصيدليته فيه، كما ثبت أن المطعون ضده تقاعس بغير عذر أو مبرر مشروع عن الوجود فى هذا المكان عند إجراء تلك المعاينات سواء بشخصه أو من ينوب عنه رغم إخطاره بموعدها وكذا الحضور إلى مقر مديرية الشئون الصحية بالبحيرة لمتابعة طلبه رغم الإخطارات التى أرسلتها إليه والتنبيه عليه بضرورة الحضور، والتى لم ينكرها ومن ثم فلا يلومن إلا نفسه فى عدم معرفته الشروط الصحية غير المستوفاة فضلاً عن أن المطعون ضده لم يقدم ثمة دليل يناقض نتيجة المعاينات التى أجرتها جهة الإدارة وعلى ذلك، هو وشأنه فى التقدم بطلب ترخيص جديد.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات.