مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة والأربعون - (من أول أكتوبر سنة 2003 إلى آخر سبتمبر سنة 2004) - صـ 365

(43)
جلسة 17 من فبراير سنة 2004م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمود إبراهيم محمود عطا الله، ومنير صدقى يوسف خليل، ومصطفى سعيد مصطفى حنفى، وحسن سلامه أحمد محمود. - نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار محمود ميزار خليفة - مفوض الدولة.
وحضور السيد/ محمد عويس عوض الله - سكرتير المحكمة.

الطعن رقم 1271 لسنة 47 قضائية عليا:

بعثات دراسية - الالتزامات بخدمة الجنة الموفدة - إلحاق الطالب بخدمة أى جهة حكومية أخرى يحول دون مطالبته بالنفقات.
المادتان (31)، (33) من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح.
عضو البعثة ملتزم بخدمة الجهة التى أوفدته إلى الخارج بعد عودته وحصوله على الدرجة العلمية أو خدمة جهة حكومية أخرى، وذلك على أساس سنتين عن كل سنة قضاها فى البعثة بحد أقصى قدره سبع سنوات - يترتب على مخالفة المبعوث لهذا الالتزام الأصلى أن يحل محله الالتزام البديل وهو قيامه وضامنه بالوفاء بنفقات البعثة وكافة ما صرفته الجهة الإدارية عليه أثناء البعثة، ويترتب على استقالة العضو من خدمة الجهة الموفدة قبل قضاء المدة المقررة مخالفته للالتزام الأصلى بخدمة الجهة الموفدة واللجوء إلى الالتزام البديل وهو سداد النفقات - إذا وافقت الجهة الموفدة على إلحاق العامل بالعمل بأى جهة حكومية أخرى ولم تعترض الإدارة العامة للبعثات فهذا يعد بمثابة اتفاق بين الجهة الموفدة والإدارة العامة للبعثات على خدمة المبعوث بجهة حكومية أخرى من ثم تضحى مطالبته بنفقات البعثة غير قائمة على سند صحيح من القانون - تطبيق.


الإجراءات

فى يوم الثلاثاء 24/ 10/ 2000 أودع وكيل الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه، فى حكم محكمة القضاء الإدارى، دائرة العقود الإدارية والتعويضات الصادر بجلسة 5/ 9/ 2000 فى الدعوى رقم 152 لسنة 51 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها مضوعًا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا له بصفته مبلغاً وقدره مائتان وستة وثلاثون ألفا وأربعمائة وثمانون جنيهًا و50 مليمًا والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد مع إلزامهما المصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً.... وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام الدائرة الثالثة فحص طعون جلسة 20/ 3/ 2002 وأجل نظره إلى جلسة 21/ 9/ 2002 وبجلسة 16/ 10/ 2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 6/ 5/ 2003، وفيها قررت المحكمة التأجير لجلسة 18/ 11/ 2003، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 8/ 10/ 1996 أقام الطاعن بصفته "المدعى بصفته" الدعوى رقم 152 لسنة 51 ق ضد المطعون ضدهما "المدعى عليهما" أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود الإدارية والتعويضات، طلب فيها بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤدى للمدعى بصفته مبلغ 236480.050 مائتين وستة وثلاثين ألفًا وأربعمائة وثمانين جنيهًا، و50 مليمًا بالإضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات.
قال المدعى شرحًا لدعواه إنه بتاريخ 15/ 9/ 1986 سافر المدعى عليه الأول جوده مصيلحى محمد البتانونى إلى انجلترا فى بعثة حكومية للحصول على درجة الدكتوراه وبتاريخ 19/ 10/ 1990 منح درجة الدكتوراه وعاد لأرض الوطن فى 13/ 11/ 1990 وتسلم العمل بالجهة الموفدة وهى جامعة المنوفية بتاريخ 15/ 11/ 1990 وقد أفادت الجهة الموفدة بأن العضو المذكور تقدم باستقالته إلى رئيس الجامعة بتاريخ 7/ 8/ 1994 وبعرض الموضوع على مجلس الجامعة فى 31/ 8/ 1994 قرر قبول استقالته وعرض الأمر على اللجنة التنفيذية للبعثات التى صدر قرار بجلسة 21/ 9/ 1994 بمطالبة العضو وضامنه بالنفقات لعدم التزامه بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانونًا مخالفًا بذلك أحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 الخاص بالبعثات والإجازات الدراسية ولما كان المدعى عليه الأول قد تعهد بالالتزام بأحكام القانون رقم 112 لسنة 1959 وقد ضمنه فى تنفيذ تلك الالتزامات المدعى عليه الثانى عملاً بنص المادة 35 من ذات القانون، وإذ لم يلتزم المدعى عليه الأول بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة قانوناً فمن ثَمَّ يكون ملتزمًا بالتضامن مع المدعى عليه الثانى بسداد جملة النفقات التى صرفت عليه أثناء البعثة وقدرها 236480.050 جنيهًا، ولما كان المبلغ المطالب به قد توافرت فيه شروط تطبيق المادة 225 مدنى فإنه يستحق عليه فوائد قانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات.
وبجلسة 5/ 9/ 2000 قضت المحكمة برفض الدعوى وشيدت قضاءها على أن جامعة المنوفية قد أرسلت كتابها المؤرخ 23/ 11/ 1995 إلى الإدارة العامة للبعثات يتضمن أنه ليس لديها مانع من تكليفه بالعمل فى أى جهة حكومية أخرى وفاءً لما التزم به من خدمة الجهة الموفدة وأن عليه البحث عن عمل آخر فى جهة حكومية فتقدم إلى جامعة حلوان للعمل بكلية الآداب بها بوظيفة مدرس وأرسلت إليه جامعة حلوان فى 18/ 1/ 1996 ما يفيد أن مجلس الجامعة وافق على تعيينه بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب إلا أن الأوراق خلت مما يفيد صدور قرار التعيين، وقد أرسلت له جماعة حلوان فى 13/ 11/ 1995 بأن مجلس كلية الآداب قد وافق على اقتراح قسم اللغة الإنجليزية بندبه لتدريس بعض المواد فى العام الجامعى 95/ 96 بواقع أربع ساعات أسبوعياً كما تم ندبه للتدريس بكلية التربية جامعة حلوان بكتاب الكلية الموجه إلى اللجنة التنفيذية للبعثات فى 1/ 6/ 1996 أى فى العام الجامعى 96/ 1997 وتم ندبه بموافقة عميد كلية الآداب جامعة الإسكندرية فى 15/ 3/ 1997 بناءً على اقتراح قسم اللغة الإنجليزية لتدريس بعض المواد فى العام الجامعى 96/ 97 ومن ثم يكون قد عمل لمدة ثلاث سنوات بجامعة حلوان وجامعة الإسكندرية ندباً خلال الأعوام 95/ 96 و96/ 97 و97/ 98 رغم عدم صدور قرار بتعيينه بأى منهما، وكانت المدة التيس قضاها بجامعة المنوفية قبل تقديم استقالته قد بلغت أربع سنوات فإنه يكون قد أوفى بخدمة الجهة الموفدة باعتبار أن مجموع الندبين بلغ سبع سنوات رغم نكول اللجنة التنفيذية للبعثات عن إلحاقه بجهة حكومية أخرى لاستيفائه الالتزام بخدمة الجهة الموفدة المدة المقررة مما تكون مطالبة المدعى بصفته للمدعى عليهما بنفقات البعثة غير قائم على سند صحيح، مما يتعين معه رفض الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن المطعون ضده الأول لم يعمل بالجهة الموفدة المدة المقررة قانونًا طبقًا للمادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959، حيث تقدم باستقالته من جامعة المنوفية وتمت الموافقة عليها قبل انقضاء المدة القانونية الأمر الذى ترتب عليه التزامه برد كافة نفقات البعثة، ولا ينال من ذلك ما قدمه المطعون ضده من صور ضوئية جحدتها الجهة الإدارية وأن قيامه بتدريس بعض المواد لبضع ساعات فى بعض الجامعات لا يعتبر تنفيذاً لالتزامه الأصيل بخدمة الجهة الموفدة، ذلك أنه منذ تقديم استقالته وقبولها يكون قد انقطع عن الخدمة فيها، حيث إنه يقوم بذلك ندبًا لبعض الوقت ومن المقرر أن الندب مؤقت بطبيعته وقد خلت الأوراق مما يفيد صدور قرار بتعيينه بإحدى الجهات الحكومية.
ومن حيث إن المادة 31 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح تنص على أن "يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التى أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى إلحاقه بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها فى البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره 7 سنوات لعضو البعثة، و5 سنوات لعضو الإجازة الدراسية....".
وتنص المادة 23 من هذا القانون على أن "للجنة التنفيذية أن تقرر إنها بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف المواد. كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التى صُرفت له فى الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادتين 25 و31".
ومما تقدم يبين أن عضو البعثة ملتزم بخدمة الجهة التى أوفدته إلى الخارج بعد عودته وحصوله على الدرجة العلمية أو خدمة جهة حكومية أخرى بالاتفاق بين الجهة الموفدة واللجنة التنفيذية للبعثات بوزارة التعليم العالى، وذلك لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها فى البعثة بحد أقصى قدره سبع سنوات، ويترتب على مخالفة المبعوث لهذا الالتزام الأصلى أن يحل محله الالتزام البديل وهو قيامه وضامنه بالوفاء بنفقات البعثة وكافة ما صرفته الجهة الإدارية عليه أثناء البعثة، ويترتب على استقالة العضو من خدمة الجهة الموفدة قبل قضاء المدة المقررة مخالفته للالتزام الأصلى بخدمة الجهة الموفدة وهو الحاصل فى الحالة الماثلة مما كان يستلزم معه - بحسب الأصل - التزامه وضامنه بالوفاء بالالتزام البديل وهو سداد نفقات البعثة إلا أن الثابت أن مدير عام الإدارة العامة للبعثات بوزارة التعليم العالى أبدى بالكتاب رقم 3686 فى 27/ 11/ 1995 المرسل إلى المبعوث أنه ورد من الجهة الموفدة وهى جامعة المنوفية ما يفيد موافقتها على تكليف المبعوث "المطعون ضده" بالعمل فى أى جهة حكومية أخرى وفاءً لما التزم به من خدمة الجهة الموفدة وطلبت هذه الإدارة منه البحث عن أى عمل فى جهة حكومية أخرى وإفادتها بذلك، وقد تعاقد المبعوث مع جامعة حلوان كلية التربية لتدريس المواد اللغوية بالإنجليزية وهى ذات تخصصه الحاصل فيه على درجة الدكتوراه وذلك لتأهيل معلمى اللغة الانجليزية وذلك عن العام الدراسى 95/ 1996 وقد أرسل عميد الكلية بتاريخ 1/ 6/ 1996 إلى مدير الإدارة العامة للبعثات كتاباً يتضمن قيام المبعوث الدكتور جودة مصيلحى محمد البتانونى بالتدريس عن العام الجامعى 95/ 1996 ولم تعترض الإدارة العامة للبعثات على ذلك وقد استمر فى التدريس فى هذه الكلية فى العوام التالية 96/ 97 و97/ 98 و98/ 99/ 2000 و2000/ 2001 و2002/ 2003 وإذ سبق للجهة الموفدة أن وافقت على إلحاقه بالعمل بأى جهة حكومية أخرى ولم تعترض الإدارة العامة للبعثات على تعاقده للعمل بجامعة حلوان كلية التربية، فإن المحكمة تعتبر ذلك فى هذه الحالة الخاصة بمثابة اتفاق بين الجهة الموفدة والإدارة العامة للبعثات على خدمة المبعوث بجهة حكومية أخرى وإذ كان المبعوث قد قضى بجهة عمله الموفدة أربع سنوات ثم قضى بجامعة حلوان كلية التربية مدة ثمانى سنوات فإنه يكون قد أوفى بالمدة المقررة قانونًا وقدرها سبع سنوات وتضحى مطالبته بنفقات البعثة غير قائمة على سند صحيح فى القانون.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى رفضه الدعوى فإنه يكون قد صدر صحيحًا مطابقًا لحكم القانون محمولاً على أسباب هذا الحكم ويضحى الطعن عليه غير قائم على أساس سليم فى القانون متعيناً الحكم برفضه.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:
حكمت المحكمة

بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.