مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الثالث (من أول مايو سنة 1962 الى آخر سبتمبر سنة 1962) - صـ 1146

(106)
جلسة 30 من يونية سنة 1962

برياسة السيد/ الامام الامام الخريبى وكيل المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل اسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 1354 لسنة 6 القضائية

محال تجارية وصناعية - شرط المسافة - المادة الرابعة من القانون رقم 453 لسنة 1954، وقرار وزير الشئون البلدية والقروية رقم 6 لسنة 1955 الصادر تنفيذا لاحكامه، وقراره رقم 202 لسنة 1995 بالاشتراطات والمواصفات العامة لمستودعات الجلود الغير المدبوغة - القرار الصادر وفقا لاحكامها بالموافقة على موقع المحل - عدم ترتيبه أى مركز قانونى فيما يتعلق بشرط المسافة - وجوب توافر هذا الشرط بالموقع على الدوام والا وجب الغاء الترخيص.
انه ولئن كان يؤخذ من نص المادة الرابعة من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية أن الموافقة على موقع المحل تصدر بقرار يعلن الى طالب الترخيص الا أن الفقرة الاولى من المادة الاولى من القرار رقم 6 لسنة 1955 الصادر فى 2 من يناير سنة 1955 من وزير الشئون البلدية والقروية تنفيذا للمادة السابعة فقرة أ من القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار اليه نصت على أنه "اذا كان للصناعة شرط مسافة مقرر بالاشتراطات الخاصة بها فيجب توفر هذا الشرط بالموقع على الدوام" والفقرة الخامسة من المادة المذكورة نصت على انه "اذا قلت المسافة عما توضح فى هذه المادة من أى جهة من الجهات تعتبر الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها دون أية مسئولية على الحكومة أو موظفيها "والمادة الثانية من القرار رقم 202 لسنة 1955 الصادر من وزير الشئون البلدية والقروية بشأن الاشتراطات والمواصفات العامة لمستودعات الجلود الغير مدبوغة (الخضراء والطرية والجافة) تنفيذا للمادة السابعة فقرة أ من القانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر نصت على أنه "يجب أن يكون المستودع فى المنطقة المخصصة للصناعات القذرة والا فيجب أن يكون بعيدا عن المساكن بمقدار 250 مترا على الاقل من جميع الجهات واذا قلت المسافة عن ذلك من أى جهة تعتبر الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها وبدون أى مسئولية على الحكومة أو موظفيها ويؤخذ القياس من الحوائط الخارجية للمستودع" ومؤدى ذلك ان القرار الصادر بالموافقة على موقع المحل لا يرتب لطالب الترخيص أى مركز قانونى على الاقل فيما يتعلق بشرط المسافة ولا شبهة فى أن أحكام القرارين الوزاريين رقم 6، 202 لسنة 1955 المشار اليهما. هى الاحكام التى يعتد بها فى خصوص أعمال الرقابة القانونية على القرار الذى صدر محكوما بها وهى أحكام لا تسمح للجهة الادارية المختصة بالترخيص فى شرط المسافة وانما هى توجب عليها رفض الترخيص اذا قلت المسافة عن الحد المقرر. حتى وان كانت قد وافقت على الموقع من قبل بل هى توجب عليها الغاء الترخيص فى هذه الحالة اذا كانت الرخصة قد صرفت من قبل فالشرط المقرر للمسافة يجب توافره بالموقع على الدوام.


اجراءات الطعن

فى 30 من ابريل سنة 1960 أودعت ادارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير الشئون البلدية والقروية تقرير طعن فى الحكم الصادر بتاريخ أول مارس سنة 1960 من محكمة القضاء الادارى "هيئة منازعات الافراد والهيئات" فى الدعوى رقم 1072 لسنة 9 القضائية المقامة من السيد/ سيد أبو المجد ضد وزارة الشئون البلدية والقروية ومدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب والذى يقضى بالغاء القرار الصادر من مدير عام مركز التنظيم والتدريب برفض الترخيص للمدعى بفتح مستودع جلود بجهة القناطر الخيرية والزام المركز المذكور بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة. وطلب الطاعن للاسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى رقم 1702 لسنة 9 القضائية، مع الزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة، وأعلن تقرير الطعن الى المطعون عليه بتاريخ 12 من مايو سنة 1960، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 5 من نوفمبر سنة 1961، وابلغ الطرفان فى 23 من اكتوبر سنة 1961 بميعاد هذه الجلسة. وتداول الطعن فى الجلسات حتى جلسة 14 من ابريل سنة 1962 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة العليا. وعين لنظر الطعن امامها جلسة 9 من يونية سنة 1962 وأبلغ الطرفان فى 26 مايو سنة 1962 بميعاد هذه الجلسة وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع ايضاحات ذوى الشأن وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - فى ان المدعى أقام الدعوى رقم 1072 لسنة 9 القضائية ضد وزارة الشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الادارى فى 25 من يناير سنة 1955 بطلب الحكم بالغاء قرار رفض الترخيص للمدعى بفتح مستودع جلود بجهة القناطر الخيرية وبمنحه الترخيص. وقال بيانا للدعوى انه تقدم بطلب ترخيص بتأسيس وتشغيل محل مستودع جلود بجهة القناطر الخيرية مركز قليوب وسدد مصاريف النظر. وبتاريخ 22 من مايو سنة 1951 حرر مهندس التنظيم المختص مذكرة تضمنت انه بعد الاطلاع على خرائط الرسم المرفقة مع الطلب المذكور لا يرى مانعا من اقامة المستودع المشار اليه لتخزين الجلود مع الاحاطة بأن المستودع خارج الكردون حاليا. ثم وافق مجلس بلدى القناطر الخيرية بجلسته المنعقدة فى 23 من مايو سنة 1951 على الطلب. وبتاريخ 18 من يونيه سنة 1951 حرر مفتش الضبط مذكرة تتضمن أنه ليس لديه مانع لان المستودع خارج الكردون وبتاريخ 2 من اغسطس سنة 1951 قام مفتش صحة المديرية بالمعاينة، وأثبت بمحضر المعاينة أن المحل يبعد عن أقرب مسكن بحوالى 400 متر والمسافة المشترطة هى 250 مترا كما أثبت أن الموقع موافق صحيا وأن المحل شيد من البناء وذكر مواصفات البناء وأبدى انه لا مانع من السير فى اجراءات الترخيص. وبتاريخ 4 من فبراير سنة 1952 حرر مفتش الطرق والكبارى خطابا لمدير القليوبية يفيده بالموافقة على الترخيص بادارة المحل وبتاريخ 12 من يونيه سنة 1952 وصل المدعى خطابا من مصلحة الرخص يفيد بأن المصلحة قررت اعلان للموافقة على موقع المحل وترجو اخطارها رأسا عند اتمام الاشتراطات. وفى 28 من يولية سنة 1952 أخطر المدعى مصلحة الرخص باتمامه للاشتراطات وحصلت المعاينة وتمت الموافقة على الاشتراطات جميعها ولكن بعد مضى أكثر من سنتين فوجئ المدعى فى 26 من نوفمبر سنة 1954 بوصول اعلان برفض الترخيص وهو قرار مجحف بحقوقه لمخالفته للواقع واحكام القانون. وأجابت وزارة الشئون البلدية والقروية "الادارة العامة للوائح والرخص" على الدعوى بأن المدعى قد أعلن فى 12 من يونيه سنة 1952 بالاشتراطات اللازم توفرها فى المحل المطلوب الترخيص به حتى تصرف الرخصة. وقد جاء فى البند الاول من هذه الاشتراطات ما نصه "يجب أن يكون المحل بعيدا عن المساكن بمسافة 250 مترا من كل جهاته واذا نقضت هذه المسافة تصبح الرخصة ملغاه من تلقاء نفسها وبدون أدتى مسؤلية على الحكومة فى ذلك ويعتبر طلب الترخيص وقبوله اقرارا من المرخص اليه بقبول هذا الشرط وباعادة المعاينة فى 26 من يناير سنة 1954 بمعرفة مركز التنظيم والتدريب بقليوب وهى الجهة التى انتقل اليها الاختصاص بصرف الرخص فى منطقة قليوب بناء على قرار مجلس الوزراء - بعد أن أخطر المدعى المصلحة باتمام الاشتراطات تبين أن المسافة بين المحل والمساكن أصبحت أقل من 250 مترا وبذلك يكون الشرط الاول من الاشتراطات الواجب توافرها بالمحل لصرف الرخصة غير منفذ. ولما كان عدم توافر هذا الشرط يترتب عليه الغاء الرخصة اذا كانت قد صرفت دون اتخاذ أى اجراء آخر فمن باب أولى اذا كانت الرخصة لم تصرف يصبح رفض الموافقة على الموقع اجراء قانونيا لا غبار عليه وبصحيفة معلنة فى 7 من نوفمبر سنة 1959 أدخل المدعى فى الدعوى مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقليوب ليسمع الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الاصلية وهى الغاء قرار رفض ترخيص مستودع الجلود الخاص بالمدعى. وبجلسة أول مارس سنة 1960 قضت محكمة القضاء الادارى بالغاء القرار الصادر من مدير عام مركز التنظيم والتدريب بقلويب برفض الترخيص للمدعى بفتح مستودع جلود بجهة القناطر الخيرية والزام المركز المذكور بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأقام الحكم قضاءه على أنه يبين من نصوص القانون رقم 453 لسنة 1954 والقرار الوزارى رقم 6 لسنة 1954 والقرار الوزارى رقم 426 لسنة 1957 ان الترخيص للمحلات العامة يتم على مرحلتين منفصلتين: أولاهما خاصة بالموافقة على الموقع، فاذا ووفق عليه صدر قرار بذلك من الجهة المختصة وأخطر به طالب الترخيص ثم تبدأ بعد ذلك المرحلة الثانية بتقرير الاشتراطات الخاصة بالصحة والامن ويخطر طالب الترخيص بها لتنفيذها فاذا أتمها صرفت له الرخصة النهائية واذا لم تتم أو عجز طالب الترخيص عن اتمامها جاز للجهة الادارية المختصة رفض الترخيص أو الغاء الرخصة المؤقتة اذا كانت قد وافقت على تشغيل المحل مؤقتا حتى اتمام الاشتراطات المطلوبة. وهذه الاشتراطات يجب ألا تمت الى الموقع بصلة اذ أن الموقع قد انتهى أمره بالموافقة عليه واخطار طالب الترخيص به فالقرار الصادر بالموافقة على الموقع يعتبر قرارا اداريا نهائيا يكتسب به طالب الترخيص مركزا قانونيا لا يجوز المساس به أو العدول عنه. والعبرة بتوافر شرط المسافة التى يقررها القانون - وهى بالنسبة لمحل المدعى 250 مترا بالقرار 202 لسنة 1955 - هو وقت المعاينة للبت فى الموقع فاذا ما توافرت لا يحق للجهة الادارية أن تبحث فى هذه المسافة بعد ذلك، وقد عدل المشروع عما كان يستوجبه بالقرار رقم 6 لسنة 1954 من توافر شرط المسافة فى كل وقت والغاء الرخصة تلقائيا اذا قلت المسافة فى أى وقت فالغى القرار المذكور بالقرار رقم 426 لسنة 1957.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن القرار المطعون فيه قد صدر طبقا لاحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 والقرار الوزارى رقم 6 لسنة 1954 المنفذ له فهو يوجب توافر شرط المسافة على الدوام، وما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن الترخيص يتم على مرحلتين منفصلتين يخالف القانون ويخرج عن طبيعة التراخيص وعدول المشرع عن القرار رقم 6 لسنة 1954 أمر غير منتج فى الدعوى لان القرار المطعون فيه صدر فى ظل أحكام القرار رقم 6 لسنة 1954 وفضلا عن ذلك فان القرار رقم 426 لسنة 1957 الذى استند اليه الحكم المطعون فيه اذ ينص على التجاوز عن وجود منازل متناثرة فانه يفرق هذا التجاوز بشرط ألا ينتج عن ادارة المحل اقلاق ظاهرة أو ضرر لاقرب مسكن والتحقق من توافر هذا الشرط منوط بتقدير الجهة الادارية.
ومن حيث أنه ولئن كان يؤخذ من نص المادة الرابعة من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية أن الموافقة على موقع المحل تصدر بقرار يعلن الى طالب الترخيص الا أن الفقرة الاولى من المادة الاولى من القرار رقم 6 لسنة 1955 الصادر فى 2 من يناير سنة 1955 من وزير الشئون البلدية والقروية تنفيذا للمادة السابعة فقرة أ من القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار اليه نصت على أنه "اذا كان للصناعة شرط مسافة مقرر بالاشتراطات الخاصة بها فيجب توفر هذا الشرط بالموقع على الدوام" والفقرة الخامسة من المادة المذكورة نصت على أنه "اذا قلت المسافة عما توضح فى هذه المادة من أى جهة من الجهات تعتبر الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها دون أية مسئولية على الحكومة أو موظفيها" والمادة الثانية من القرار رقم 202 لسنة 1955 الصادر من وزير الشئون البلدية والقروية بشأن الاشتراطات والمواصفات العامة لمستودعات الجلود الغير مدبوغة "الخضراء والطرية والجافة" تنفيذا للمادة السابقة فقرة أ من القانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر نصت على أنه "يجب أن يكون المستودع فى المنطقة المخصصة للصناعات القذرة والا فيجب ان يكون بعيدا عن المساكن بمقدار 250 مترا على الاقل من جميع الجهات واذا قلت المسافة عن ذلك من أى جهة تعتبر الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها وبدون أى مسئولية على الحكومة أو موظفيها ويؤخذ القياس من الحوائط الخارجية للمستودع" "ومؤدى ذلك أن القرار الصادر بالموافقة على موقع المحل لا يرتب لطالب الترخيص أى مركز قانونى على الاقل فيما يتعلق بشرط المسافة ولا شبهة فى أن أحكام القرارين الوزاريين رقمى 6، 202 لسنة 1955 المشار اليهما. هى الاحكام التى يعتد بها فى خصوص اعمال الرقابة القانونية على القرار المطعون فيه. اذ أنه صدر محكوما بها وهى أحكام لا تسمح للجهة الادارية المختصة بالترخيص فى شرط المسافة وانما هى توجب عليها رفض الترخيص اذا قلت المسافة عن الحد المقرر. حتى وان كانت قد وافقت على الموقع من قبل بل هى توجب عليها الغاء الترخيص فى هذه الحالة اذا كانت الرخصة قد صرفت من قبل فالشرط المقرر للمسافة يجب توافره بالموقع على الدوام. ومن جهة اخرى فان الجهة الادارية المختصة اذ أعلنت المدعى بقرار الموافقة على الموقع فى 12 من يونية سنة 1952 قد أعلنته فى نفس الوقت - حسبما يبين من مطالعة الملف رقم 43/ 12/ 1399 - بالاشتراطات والمواصفات اللازمة لمستودعات الجلود وقد نص البند الاول من هذه الاشتراطات على أنه "يجب ان يكون المحل بعيدا عن المساكن بمسافة 250 مترا من كل جهاته واذا انقضت هذه المسافة تصبح الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها بدون أدنى مسئولية على الحكومة فى ذلك ويعتبر طلب الترخيص وقبوله اقرارا من المرخص اليه بقبوله هذا الشرط". ونص البند 29 على أنه "تصبح الرخصة ملغاة من تلقاء نفسها وبدون أدنى مسئولية عن الحكومة اذا نقصت المسافة بين المحل والمساكن عن 250 مترا من كل الجهات" ومؤدى ذلك أن القرار الصادر للمدعى بالموافقة على موقع المحل قد صدر بالفعل مقيدا بتوافر شروط المسافة من كل الجهات وفى كل وقت بما لا يرتب للمدعى أى مركز قانونى اذا نقصت المسافة عن الحد المقرر.
ومن حيث أنه لما كان الثابت أن المسافة بين محل المدعى وبين المساكن قد نقصت عن 250 مترا وهو الحد المقرر. فان القرار المطعون فيه يكون قد صدر - لما تقدم - مطابقا للقانون ويتعين لذلك القضاء بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات.