مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) صـ 54

(12)
جلسة 6 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف ابراهيم الشناوى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد محمد عبد المجيد والدكتور حسين توفيق وحسن حسنين على وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين

الطعن رقم 1258 لسنة 26 القضائية

نقابات مهنية - نقابات المهن التعليمية - تكييفها - قرار ادارى - منازعة ادارية، اختصاص.
المادة 172 من الدستور تنص على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المنازعات الادارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الاخرى.
- نص المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - مجلس الدولة أضحى بما عقد له ممن اختصاصات بموجب الدستور والقانون المنفذ له صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الادارية - ما ورد النص عليها صراحة فى المادة العاشرة بحسبانها من القرارات الادارية وردت على سبيل المثال دون ما يعنى ذلك خروج غيرها من القرارات الادارية من اختصاص محاكم مجلس الدولة والا انطوى ذلك على مخالفة دستورية فضلا عن مخالفة القانون.
القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية - اضفاء الشخصية الاعتبارية على النقابة وتخويلها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الادارية العامة فى مجال تنظيم مزاولة المهنة - النقابة المهنية شخص من أشخاص القانون العام والقرارات التى تصدرها بهذه الصفة هى قرارات ادارية تنبسط عليها ولاية محاكم مجلس الدولة سواء بالنسبة الى طلب الغائها أو التعويض عنها - أساس ذلك - تطبيق: طلب الغاء القرار السلبى المتمثل فى امتناع النقابة عن الاستجابة الى طلب حلول المدعى محل آخر فى منصب رئيس النقابة الفرعية - هذه الدعوى تغدو وفقا لصحيح حكم القانون من دعاوى الالغاء وفى مجال المنازعات الادارية التى تدخل فى ولاية محاكم مجلس الدولة.

اجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 22 من يونيه سنة 1980 أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الادارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1258 لسنة 26 القضائية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بجلسة 23 من ابريل سنة 1980 فى الدعوى رقم 47 لسنة 33 القضائية المقامة من السيد/ عفيفى أحمد غبور ضد:
1 - النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية.
2- نقيب المعلمين، الذى قضى بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى والزام المدعى بالمصروفات.
وطلبت الطاعنة للأسباب المبينة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بنظر الدعوى وباحالتها اليها للفصل فيها مجددا مع ابقاء الفصل فى المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن على الوجه الموضح بالأوراق وعقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى مسببا ارتأت فيه الحكم بذات الطلبات الواردة فى تقرير الطعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول فبراير سنة 1982 وفيها قررت الدائرة احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الأولى) التى عين لنظره امامها جلسة 27 من مارس 1982 وبعد تداول الطعن بالجلسات وسماع ما رأت المحكمة سماعه من ايضاحات قررت المحكمة بجلسة 2 من أكتوبر 1982 اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن فى أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية فى 14 من نوفمبر 1987 أقام السيد عفيفى أحمد غبور الدعوى رقم 47 لسنة 33 القضائية ضد النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية ونقيب المعلمين طالبا الحكم بأحقيته فى شغل مركز رئيس النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية مع ما يترتب على ذلك من آثار مع الزام المدعى عليها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
واستند فى ذلك الى انه عضو من أعضاء الجمعية العمومية للنقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية باعتباره رئيس مجلس ادارة اللجنة النقابية لقسم الرمل التعليمى وقد رشح نفسه لرئاسة النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية وكان منافسه الوحيد عوض عبد الوهاب شحاته الذى كان يعمل وكيلا للادارة التعليمية لشرق الاسكندرية فى ذلك الوقت ونظرا الى بطلان تلك الانتخابات وما شابها من عيوب فقد حصل منافسه على أغلبية جعلته يفوز بمنصب رئيس النقابة الفرعية وكان ترتيب المدعى هو التالى مباشرة. وخلال شهر سبتمبر 1978 خلا المنصب المذكور بنقل شاغله الى مديرية التربية والتعليم بمطروح مما أفقده شرطا من شروط الاستمرار فى عضوية النقابة الفرعية بشرق الاسكندرية اذ يشترط فيمن يشغل منصب رئيس اللجنة النقابية أو النقابة الفرعية طبقا لأحكام القانون رقم 79 لسنة 1969 ولائحته الداخلية ان يعمل بدائرة النقابة أو يسكن فى دائرتها ان كان قد انقطع عن مزاولة المهنة وتطبيقا للمادة 54 من هذا القانون يحق للمدعى الحلول محل المذكور فى رئاسة النقابة عن المدة الباقية من العضوية باعتباره التالى له فى عدد الأصوات فى آخر انتخابات أجريت واذ تقاعست النقابة الفرعية عن تنفيذ حكم القانون على هذا النحو فقد أقام هذه الدعوى للحكم له بالطلبات المتقدمة. وعقبت النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الإسكندرية على الدعوى وخلصت إلى عدم أحقية المدعى فى شغل منصب رئيس النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية، وبجلسة 23 من ابريل 1980 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى والزمت المدعى بالمصروفات وأقامت قضاءها على أنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية انه نص فى المادة 53 على حق عضو مجلس ادارة النقابة فى الطعن فى القرار الصادر باسقاط عضويته أمام محكمة القضاء الادارى، وفيما عدا هذا الاختصاص لم يسند القانون الى محكمة القضاء الادارى أى اختصاص فيما يتعلق بنظر الدعاوى والطعون المقامة من أعضاء النقابة، ويؤخذ من هذا أن مناط اختصاص محكمة القضاء الادارى بنظر الطعون المقدمة من أعضاء نقبة المهن التعليمية أن ينصب الطعن على قرار صادر باسقاط العضوية عن احد أعضاء النقابة فاذا لم تنطو الدعوى على منازعة فى اسقاط العضوية على هذا النحو انحسر اختصاص محكمة القضاء الادارى عن نظر الدعوى، ومن ثم فان الدعوى الماثلة وهى لا تنطوى على طعن فى قرار صادر باسقاط العضوية عن المدعى تنأى عن الاختصاص الولائى للمحكمة.
ومن حيث ان الطعن يقوم على خطأ الحكم المطعون فيه فى تطبيق القانون وتأويله وحاصل أسبابه:
أولا: ان الحكم المطعون فيه اعتبر الاختصاص المعقود للقضاء الادارى اختصاص استثنائى فى مجال المنازعات الادارية بحيث لا يسوغ لهذا القضاء أن يمتد لرقابة القرارات الادارية غير المشروعة الا فى الحالات التى نص القانون عليها صراحة، وكان يتعين على المحكمة وهى قاضى القانون العام فى المنازعات الادارية أن تبحث أولا فيما اذا كانت المنازعة تتضمن طعنا فى قرار إدارى فتشكل منازعة ادارية يختص القضاء الادارى بالفصل فيها من عدمه.
ثانيا: استقرت أحكام المحكمة الادارية العليا على ان النقابات المهنية ومن بينها نقابة المهن التعليمية هى من أشخاص القانون العام حيث تستكمل مقومات الشخص العام من حيث أداة انشائها وأهدافها ذات النفع العام، ولها من السلطات ما يضفى عليها هذا الوصف مما يقطع بأن القرارات التى تصدرها بهذه الصفة هى قرارات ادارية تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون المقدمة عنها ما للم ينص على خلاف ذلك بنص خاص وفقا للدستور واذ خلا القانون رقم 79 لسنة 1969 المشار اليه من حكم خاص ينظم الطعن فى القرارات التى تصدها نقابة المعلمين أو يخرجها من اختصاص محاكم مجلس الدولة، فان المنازعة الماثلة وهى فى حقيقتها طعن فى القرار السلبى الصادر من النقابة بالامتناع عن إحلال المدعى محل رئيس النقابة الذى نقل إلى منطقة تعليمية أخرى هذه المنازعة - تغدو متعلقة بقرار ادارى مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى دون غيره بنظر الطعن فيه.
ثالثا: ان الحكم المطعون فيه لم يحدد المحكمة المختصة بنظر الدعوى مخالفا بذلك حكم المادة 110 من قانون المرافعات التى توجب على المحكمة اذا قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تأمر باحالتها الى المحكمة المختصة.
ومن حيث ان المادة 172 من الدستور تنص على ان مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المناعات الادارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى. وإعمالا لهذا النص الدستورى نصت المادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة على ان " تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى المسائل الآتية:
أولا:.......
خامسا: الطلبات التى يقدمها الأفراد أو الهيئات بالغاء القرارات الادارية النهائية.
رابع عشر: سائر المنازعات الادارية.
ومقتضى ذلك أن مجلس الدولة اضحى بما عقد له من اختصاصات بموجب الدستور والقانون المنفذ له صاحب الولاية العامة بنظر سائر المنازعات الادارية وقاضيها الطبيعى بحيث لا تنأى منازعة ادارية عن اختصاصه الا بنص خاص فى القانون وفقا للدستور وبحسبان ان القرارات الادارية التى ورد النص عليها صراحة فى المادة العاشرة سالفة الذكر انما وردت على سبيل المثال استوت قرارات ادارية بنص القانون دون ان يعنى ذلك خروج غيرها من القرارات الادارية عن اختصاص محاكم مجلس الدولة والا انطوى ذلك على مخالفة دستورية فضلا عن مخالفة القانون.
ومن حيث انه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 79 لسنة 1969 فى شأن نقابة المهن التعليمية انه اضفى على النقابة الشخصية الاعتبارية وخولها حقوقا من نوع ما تختص به الهيئات الادارية العامة فى مجال تنظيم مزاولة المهنة وهى مرفق عام مما يدخل أصلا فى صميم اختصاص الدولة بوصفها قوامه على المصالح والمرافق العامة، ومن ثم فالنقابة المهنية شخص ادارى من أشخاص القانون العام والقرارات التى تصدرها بهذه الصفة هى قرارات ادارية تنبسط عليها ولاية محاكم مجلس الدولة سواء بالنسبة الى طلب الغائها أو التعويض عنها، ولا يؤخذ من نص الفقرة الأخيرة من المادة 53 من القانون رقم 79 لسنة 1969 المشار اليه الذى خول لعضو النقابة حق الطعن أمام محكمة القضاء الادارى فى القرار الذى يصدر باسقاط عضويته، قصر اختصاص محاكم مجلس الدولة على هذا النوع فحسب من القرارات الادارية التى تصدرها النقابة لمحاكاة ذلك التفسير لصريح نص الدستور وقانون مجلس الدولة المنفذ له وكلاهما لا حق على القانون رقم 79 لسنة 1969 وقاطع فى الدلالة على اعتبار محاكم مجلس الدولة قاضى القانون العام بالنسبة الى سائر المنازعات الادارية والتى تندرج فيها كل منازة تتعلق بقرار ادارى.
ومن حيث انه متى كان ذلك وكانت دعوى المدعى تستهدف الغاء القرار السلبى الممثل فى امتناع النقابة عن الاستجابة الى طلبه الحلول محل السيد/ عوض عبد الوهاب شحاته فى منصب رئيس النقابة الفرعية للمعلمين بشرق الاسكندرية للمدة الباقية من عضوية الأخير فان تلك الدعوى تغدو وفقا لصحيح حكم القانون من دعاوى الالغاء وفى مجال المنازعات الادارية التى تنسحب عليها ولاية محاكم مجلس الدولة، واذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فانه يكون قد أخطأ فى تأويله القانون وتطبيقه فاستحق القضاء بالغائه وباختصاص محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية بنظر الدعوى واعادتها اليها للفصل فيها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء ادارى بنظر الدعوى وباعادتها الى دائرة القضاء الادارى بالاسكندرية للفصل فى موضوعها.