مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 388

(60)
جلسة 9 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف شلبى يوسف وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة يحيى عبد الفتاح سليم البشرى وعبد الفتاح محمد ابراهيم صقر ومحمد فؤاد الشعراوى ومصطفى الفاروق الشامى - المستشارين.

الطعن رقم 39 لسنة 25 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - اعادة تعيين.
مناط الأفادة من قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 بشأن حساب مدد الفصل لمن يعادون الى الخدمة بعد صدور قرار العفو عنهم ان يكون انتهاء الخدمة بسبب الحكم عليهم فى احدى القضايا السياسية - لا تنطبق أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 على من تنتهى خدمتهم بسبب الفصل بغير الطريق التأديبى حتى ولو كانوا قد اتهموا فى قضايا سياسية وادينوا بسببها - المفصولون بغير الطريق التأديبى يطبق فى شأنهم قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 والقانون رقم 28 لسنة 1977 بشأن اعادة المفصولين بغير الطريق التأديبى الى وظائفهم - الآثر المترتب على ما تقدم من حيث استحقاق الفروق المالية - تطبيق (1).


اجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافق 29 من نوفمبر سنة 1978 أودعت ادارة قضايا الحكومة بالنيابة عن رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والاسكان بصفته قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بحدولها برقم 39 لسنة 25 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الادارى بجلسة 16 من أكتوبر سنة 1978 فى الدعوى رقم 580 لسنة 30 القضائية المقامة من فاروق على ثابت ضد الطاعن وذلك فى الشق القاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالزام الجهة الادارية ان تؤدى الى المدعى مبلغ 3219.918 جنيه والمصروفات, وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى والزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام جهة الادارة المصروفات وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/ 12/ 1981 حيث نظرته فى هذه الجلسة والجلستين التاليتين لها على النحو الموضح بالمحاضر وبجلسة 22/ 2/ 1982 حكمت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والزمت المطعون ضده مصروفات هذا الطلب وقررت احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا الدائرة الثانية حيث نظرته المحكمة على الوجه المبين بمحاضر الجلسات , ثم قررت اصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الادارى فى 14 من يناير سنة 1976 أقام فاروق على ثابت الدعوى رقم 580 لسنة 30 القضائية ضد رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة لتعاوينات البناء والاسكان طالبا الحكم بالزام الهيئة بأن تدفع له مبلغ 3219.918 جنيه بالاضافة الى الفوائد القانونية مع الزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال المدعى شرحا لدعواه انه تقدم بطلب للهيئة فى 4/ 10/ 1966 لمنحه الدرجات والترقيات التى فاتته أثناء مدة فصله باعتبار أن مدة خدمته متصلة بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 الصادر فى 14/ 9/ 1966 بشأن حساب مدد الفصل لمن يعادون للخدمة بعد صدور قرار بالعفو عنهم، وبتاريخ 22/ 1/ 1967 صدر القرار رقم 11 لسنة 1967 بتسوية حالته اعتبارا من 1/ / 1969 وعدلت وظيفته الى باحث قانونى أول من الفئة الخامسة الا انه تظلم من هذا القرار بتاريخ 18/ 3/ 1967 طالبا تسوية حالته على أساس منحه ما فاته من ترقيات أثناء مدة اعتقاله ومساواته بزميله يوسف صبرى عفيفى ومنحه المرتب الذى يستحقه بناء على ذلك، وبتاريخ 30/ 1/ 1975 تقدم بطلب آخر التمس فيه اعادة تسوية حالته بناء على فتوى صادرة من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة بتاريخ 13/ 6/ 1973 مؤداها أن احتساب مدة الخدمة المتصلة يقتضى مساواة الموظف بزملائه ومنحه الدرجات والترقيات التى فاتته أثناء مدة فصله، فأصدرت الهيئة قرارها رقم 35 لسنة 1975 بتسوية حالته وعدلت وظيفته الى مدير ادارة القضايا والعقود من الفئة الثانية 876 - 1440 جنيها ونصت المادة الثالثة من هذا القرار على ان تصرف الفروق المستحقة له نتيجة التسوية اعتبارا من 14/ 9/ 1966 تاريخ صدور القرار الجمهورى رقم 3602 لسنة 1966 مع مراعاة التقادم الخمسى اذا انطبقت شروطه على حالته وأضاف المدعى قائلا انه بالرغم من موافقة وزارة المالية على صرف المبالغ المطلوبة عن مدة التسوية والتى تتحمل بها الميزانية من 14/ 9/ 1966 وحتى 31/ 12/ 1974 وقدرها 3219.918 جنيها شاملة فروق المرتبات وحصة الحكومة فى التأمين والمعاش الا أن الهيئة لم تقم بصرف هذه الفروق المالية اليه مما دعاه الى اقامة هذه الدعوى.
وأجابت الهيئة العامة لتعاونيات البناء والاسكان على الدعوى بأن الأصل عند اعادة الموظف المفصول الى الخدمة الا تحتسب مدة الفصل فى أقدمية الدرجة، ولكن المشرع رعاية منه لحالة هؤلاء الموظفين ولاعتبارات خاصة أجاز حساب هذه المدة فى أقدميتهم، وبهذه المثابة فانها لا تعدو أن تكون مجرد خدمة اعتبارية لا يجوز الاستناد اليها للطعن فى القرارات الادارية السابقة التى وقعت صحيحة فى حينها، واذ صدر قرار الادارة رقم 35 لسنة 1975 بتسوية حالة المدعى ومنحه الترقيات التى تمت وقت فصله وهو الأثر المترتب على الطعن فى تلك القرارات، فمن ثم يكون هذا القرار قد حول حكم القرار الجمهورى رقم 3602 لسنة 1966 مما يتعين معه اهداره لأن قرار تسوية حالة المدعى يكون والحالة هذه قرارا باطلا لا ينتج الآثار القانونية المترتبة عليه، ومن ناحية أخرى وحتى مع التسليم جدلا بصحة هذا القرار ومطابقته للقانون فان حق المدعى فى المطالبة بالفروق المالية قد سقط بالتقادم لأن المدعى تقدم بتظلمات فى 4/ 10/ 1966 و 18/ 3/ 1967 و 19/ 2/ 1969 لتسوية حالته على أساس منحه ما فاته من ترقيات أثناء مدة اعتقاله ثم لم يتخذ بعد ذلك أى اجراء الا فى 30/ 1/ 1975 حيث تقدم بطلب رابع لتسوية حالته، أى بعد مضى أكثر من خمس سنوات على تظلمه الثالث.
وعقب المدعى على دفاع الجهة الادارية بأن الدين لا يخضع للتقادم الخمسى الا اذا كان ثابتا مستحق الأداء وغير متنازع فيه بمعرفة المدين وهذا ما لا يتوافر فى الحالة المعروضة الا اعتبارا من 14/ 3/ 1974 تاريخ صدور القرار رقم 35 لسنة 1975 وذلك عملا بنص المادة 381 من القانون المدنى التى نصت على أن التقادم الخمسى لا يبدأ فى السريان الا من اليوم الذى يصبح فيه الدين مستحق الاداء ومن ناحية أخرى فلا يجوز للهيئة المدعى عليها أن تستفيد من خطئها ومماطلتها فى التسوية وأن تثرى على حساب الغير بدون سبب مشروع، كما أن تطبيق حكم المادة 50 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات لا يتأتى بداهة الا حيث يكون الحل قد نشأ وتكامل فى ذمة الدولة وحينما تكون المطالبة به أمر ميسورا من جهة القانون أما اذا قام مانع قانونى تستحيل مع وجود المطالبة قانونا بهذا الحرص من صاحب الشأن فان ميعاد السقود لا ينفتح الا من التاريخ الذى يزول فيه هذا المانع والثابت من وقائع هذه الدعوى انه ما كان فى مكنته أن يطالب بهذه الفروق المالية قبل اجراء اعادة تسوية حالته أخذا بالتفسير الذى ذهبت اليه الجمعية العمومية بمجلس الدولة فى فتواها الصادرة بجلستها المنعقدة بتاريخ 13/ 6/ 1973.
وبجلسة 16 من أكتوبر سنة 1978 حكمت محكمة القضاء الادارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بالزام الجهة الادارية بأن تؤدى للمدعى مبلغ 3219.918 جنيه والمصروفات ورفضت ماعدا ذلك من طلبات، وشيدت المحكمة قضاءها على انه من حق المدعى ان ينال الترقيات التى نالها زملاؤه بالأقدمية المطلقة بشرط الا يسبق أيا منهم فى الدرجة المرقى اليها وذلك عملا بالاحكام الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 وحسبما انتهت إلى ذلك فتوى الجمعية العمومية بجلسة 13/ 6/ 1973 وأما عن سريان التقادم الخمسى فانه لا يبدأ الا من تاريخ صدور قرار الهيئة رقم 34 لسنة 1975 فى 15/ 3/ 1975 وهو التاريخ الذى أقرت فيه الهيئة بأحقية المدعى فى تسوية حالته وفى صرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية وذلك عملا بنص المادة 381 من القانون المدنى التى تنص على ألا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص الا من اليوم الذى يصبح فيه الدين مستحق الاداء، ولما كان المدعى قد أقام دعواه الماثلة فى 14/ 1/ 1976 أى قبل مضى سنة واحدة على اعتراف الهيئة بأحقيته فى الصرف فمن ثم يكون الدفع بسقوط حق المدعى فى صرف الفروق المالية بالتقادم الخمسى قائما على غير أساس سليم من القانون، أما عن طلب الفوائد القانونية فانه لما كان مناط استحقاقها أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين فى الوفاء به وكانت الهيئة المدعى عليها تنازع المدعى فى أصل الحق المدعى به فان هذا الطلب يكون قائما على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تأويله وتطبيقه لأن المدعى لا يفيد أصلا من قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 الذى صدر استنادا الى القانون رقم 176 لسنة 1960 اللذين تخاطب أحكامهما المحكوم عليهم من محكمة الشعب فى قضايا سياسية ولا تنص إلى المفصولين بغير الطريق التأديبى بقرارات صادرة من رئيس الجمهورية كما هو المحال بشأن المدعى الذى اعتقل وفصل بغير الطريق التأديبى اعتبارا من 1/ 4/ 1959 ثم حوكم فى 25/ 3/ 1963 بعد فصله من الخدمة بما يقرب من الأربع سنوات وذلك فى الجناية رقم 628 لسنة 1960 ولما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 خاصا بالمفصولين بغير الطريق التأديبى فان أحكامه هى التى تسرى على المدعى واذ أعمل الحكم المطعون فيه قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966. وأجاب المدعى الى طلباته استنادا اليه فانه يكون حريا بالالغاء.
وعقب المطعون ضده على الطعن بأن مناط النزاع فى الدعوى انما ينحصر فى مدى أحقيته فى صرف الفروق الناتجة عن التسوية ومدى انطباق قواعد التقادم الخمس على هذه الفروق حيث أن الجهة الادارية قد أقرت بحقه فى التسوية التى أجرتها له بمقتضى القرار رقم 35 لسنة 1975 المشار اليه الذى ما زال قائما كما انه أحيل الى المعاش فى 16/ 4/ 1980 وسوى معاشه على أساس المرتبات التى كان يحصل عليها تطبيقا لأحكام هذا القرار ومن ثم فلا مجال لبحث مدى مشروعية تلك التسوية مرة أخرى التى لم يتم سحبها أو الغاؤها ولم تتم المنازعة فيها ذاتها ولا وجه لاثارة أمر غير قائم وبناء عليه يكون الحكم المطعون فيه صحيحا ومطابقا للقانون، وأضاف المطعون ضده أن الطعن يقوم على سبب واحد مبناه أن أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 لا تنطبق الا على ما انتهت خدمته بسبب الحكم عليه فى احدى القضايا السياسية واذ كان المطعون ضده قد انتهت خدمته بالفصل بغير الطريق التأديبى فان أحكام القرار المذكور لا تنطبق على حالته، وهذا التفسير ضيق وغير سديد لنص المادة الأولى من هذا القرار لأن شروط الاستفادة من حكمها هى أن يتهم العامل فى قضية سياسية ويحكم عليها فيها ثم يصدر عفو عنه ويعاد الى الخدمة بعد فصله منها، أما تاريخ الفصل فسواء وقع بعد الحكم أم قبله فهذه مسألة ليست بذات أهمية طالما أن هذا الفصل قد ثم بسبب ارتكابه الجريمة السياسية التى حوكم من أجلها وهذه الشروط جميعها توافرت فى حقه الأمر الذى يحتم افادته من نص المادة المذكورة وأنه ولئن كانت أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 لا تنطبق على حالته فان أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 تكون هى الواجبة التطبيق، ولما كانت المادة الأولى من القرار الأخير تردد ذات الحكم المادة الأولى من القرار الأول فبالتالى فلا تكون للجهة الادارية مصلحة فى اقامة هذا الطعن، وخلص المطعون ضده الى طلب الحكم أصليا بعدم جواز نظر الطعن لانعدام مصلحة الطاعنة فى اقامته واحتياطيا برفضه مع الزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ومن حيث انه فى 14/ 9/ 1966 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 بشأن حساب مدة الفصل لمن يعادون للخدمة بعد صدور قرار العفو عنهم ونص فى مادته الأولى على ان "تعتبر مدة الخدمة متصلة بالنسبة للعاملين الذين صدر عفو عنهم ويعادون الى الخدمة بعد انتهائها نتيجة للحكم عليهم فى قضايا سياسية ويطبق ذلك على من سبق اعادتهم الى الخدمة قبل صدور هذا القرار" وتنص المادة الثانية عن أنه "لا يجوز الاستناد الى الأقدمية التى يرتبها هذا القرار للطعن فى القرارات الصادرة بالترقيات قبل صدوره، كما لا يترتب على حساب المدة وفقا للمادة السابقة صرف أية فروق مالية من الماضى" وفى 12/ 7/ 1971 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 بحساب متناقضات اعتبارية لبعض المعادين الى الخدمة ونص فى مادته الأولى على أن "تحسب للعاملين بوحدات الجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها الذين سبق فصلهم بغير الطريق التأديبى ثم أعيدوا الى الخدمة فى احدى هذه الجهات المدة بين تاريخ فصلهم وبين تاريخ اعادتهم الى الخدمة فى مدة خدمتهم، ويسرى هذا الحكم على من يعاد الى الخدمة بعد العمل بهذا القرار" ونص فى المادة الثانية على انه "لا يجوز الاستناد الى هذا القرار للطعن فى القرارات الصادرة بالترقيات قبل العمل به، كما لا يترتب على حساب المدة المشار اليها صرف أية فروق مالية عن الماضى" وقد نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية بتاريخ 22/ 7/ 1971.
ومن حيث أنه ولئن كان المدعى قد أقام دعواه مطالبا بالفروق المالية المترتبة على تسوية حالته طبقا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 بينما وقفت الجهة الادارية عند حد الانكار عليه فى الافادة من هذا القرار، الا أن حقيقة النزاع انما تدور حول القرار الذى يفيد منه المدعى وهل هو القرار رقم 3602 لسنة 1966 أم القرار رقم 1903 لسنة 1971، وعلى مقتضى الفصل فى هذه المطالبات تتحدد قيمة الفروق المالية، وعما اذا كانت تستحق من تاريخ العمل بالقرار الأول أو الثانى وبالتالى يكون للجهة الادارية مصلحة فى هذا الطعن ويكون الدفع المبدى من المدعى فى هذا الشأن على غير أساس من القانون متعينا رفضه.
ومن حيث ان هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 21/ 5/ 1978 فى الطعن 592/ 22 ق بأن مناط الافادة من قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 بشأن حساب مدد الفصل لمن يعادون الى الخدمة بعد صدور قرار العفو عنهم - كما يبين من استقراء نص المادة الأولى منه سالفة الذكر - هو انتهاء خدمة العامل بسبب الحكم عليه فى احدى القضايا السياسية، وبالتالى فان الأحكام الواردة بهذا القرار لا تنطبق على من تنتهى خدمتهم بسبب الفصل عن غير الطريق التأديبى حتى ولو كانوا قدا اتهموا فى قضايا سياسية وادينوا بسببها ذلك أن القواعد الواجبة التطبيق فى هذه الحالة هى ما تضمنها قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 سالف الذكر وكذا القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن اعادة المفصولين بغير الطريق التأديبى الى وظائفهم.
ومن حيث انه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعى حاصل على ليسانس الحقوق سنة 1950. وقد عين بالدرجة السادسة بوزارة الشئون الاجتماعية من 6/ 1/ 1951، ورقى الى الدرجة الخامسة الادارية بوزارة الشئون البلدية والقروية، ثم انقطع عن عمله لاعتقاله فى 27/ 3/ 1959 بتهمة الشيوعية وفى 6/ 5/ 1959 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 683 لسنة 1959 بفصله من الخدمة بغير الطريق التأديبى اعتبارا من 1/ 4/ 1959، وبتاريخ 25/ 6/ 1963 حكم عليه فى قضية الجناية رقم 628 لسنة 1960 أمن دولة عليا بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مائة جنيه، وفى 28/ 10/ 1964 صدر قرار ئيس الجمهورية رقم 358 لسنة 1964 بالعفو عن العقوبات المحكوم بها عليه وجميع الآثار المترتبة عليها، ثم صدر كتاب رئيس الوزراء رقم 268 فى 28/ 11/ 1964 الى وزير الاسكان والمرافق بإعادته الى عمله السابق بالوزارة فصدر قرار نائب وزير الاسكان والمرافق فى 10/ 4/ 1965 باعادة تعيينه بوظيفة ادارية من الدرجة السادسة بمرتب قدره 500ر27 جنيه واعتبارا من 1/ 7/ 1966 نقل للعمل بالمؤسسة المصرية التعاونية للبناء، ولما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 المشار اليه وبناء على طلب من المدعى سويت حالته طبقا لهذا القرار بالقرار رقم 35 بتاريخ 15/ 3/ 1975 فرقى الى الدرجات التى نالها زملاؤه بالأقدمية المطلقة بشرط ألا يسبق أيا منهم فى أقدمية الدرجة المرقى اليها فوصل بذلك الى الفئة الثانية 876/ 1440 اعتبارا من 31/ 12/ 1973، ونص قرار التسوية على صرف الفروق المالية المستحقة له اعتبارا من 14/ 9/ 1966 تاريخ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 ومع مراعاة التقادم الخمسى اذا انطبقت شروطه على حالته، وقد بلغت قيمة هذه الفروق 3219.918 جنيه.
ومن حيث انه لما كان المطعون ضده قد فصل من عمله بغير الطريق التأديبى اعتبارا من 1/ 4/ 1951 بقرار رئيس الجمهورية رقم 683 لسنة 1959 فمن ثم فان الأحكام الواردة فى قرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 والخاصة بمن تنتهى خدمتهم بسبب الحكم عليهم فى احدى القضايا السياسية لا تنطبق على حالته، وبالتالى تكون تسوية حالته بالقرار رقم 35 لسنة 1975 الصادر بتاريخ 15/ 3/ 1975 استنادا الى الأحكام الواردة بالقرار رقم 3602 لسنة 1966 قد جاءت باطلة ومخالفة للقانون ومن ثم لا يستحق المطعون ضده أية فروق مترتبة عليها، وانما تسرى فى شأنه القواعد الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 ولما كان يترتب على تسوية حالة العامل طبقا للاحكام الواردة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3602 لسنة 1966 استحقاقه الفروق المالية اعتبارا من تاريخ صدوره فى 14/ 1/ 1966 فى حين ان الفروق المالية المترتبة على التسوية التى تتم طبقا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 تستحق من تاريخ العمل به فى 23/ 7/ 1971 فلا يكون للمدعى الحق فى المطالبة بأى فروق مالية سابقة على هذا التاريخ واذا كان الثابت بالأوراق ان المدعى أقام دعواه ابتداء بتاريخ 14/ 1/ 1976 أى قبل مضى خمس سنوات على نشوء حقه فى تسوية حالته طبقا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 فمن ثم لا تكون الفروق المالية المستحقة له قد سقطت بالتقادم الخمسى وان كانت تقل بطبيعة الحال عن المبلغ المتنازع عليه.
ومن حيث انه لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بغير هذا النظر فانه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه، الأمر الذى يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار مع الزام الجهة الادارية بالمصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة , بقبول الطعن شكلا, وفى موضوعه, بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى تسوية حالته طبقا لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 1903 لسنة 1971, مع ما يترتب على ذلك من آثار, وصرف الفروق المالية اعتبارا من تاريخ العمل بهذا القرار, وألزمت الجهة الادارية المصروفات.


(1) يراجع الطعن رقم 592 لسنة 22 ق جلسة 21/ 5/ 1978.