مجلس الدولة - المكتب الفنى - المبادئ التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة والعشرون (من أول أكتوبر سنة 1982 إلى آخر سبتمبر سنة 1983) - صـ 744

(110)
جلسة 17 من مايو سنة 1983

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح صالح الدهرى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الرؤوف محمد محيى الدين وفوزى عبد القادر الميلادى وعلى السيد على السيد ومحمد كمال سليمان أيوب - المستشارين.

الطعن رقم 466 لسنة 27 القضائية

اصلاح زراعى - لجان الفصل فى المنازعات الزراعية - تشكيلها - الطعن فى قراراتها.
المواد 1، 5، 6 من القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل فى المنازعات الزراعية - المشرع خصص لجنة استئنافية بكل مركز من مراكز المحافظة لنظر التظلمات التى تقدم اليها عن قرارات لجان القرى فى المركز - هذا التخصيص هو تخصيص مكانى - المشرع خص كل لجنة منها بقاض يقوم برياستها ووجوده ضرورى ولا يكون انعقادها صحيحا الا بحضوره ويندب بقرار من وزير العدل - تشكيل اللجنة يكون بقرار من المحافظ - تخصيص القاضى لرياسة لجنة معينة بالمركز منوط بالمحافظة اذ هو الذى يملك تشكيل اللجنة - قيام القاضى برياسة لجنة استئنافية دون تخصيص من المحافظ وبدون قرار منه يعيب قرارات اللجنة ويشوبها بالبطلان - أساس ذلك: أن رياسة اللجنة وان كانت داخلة فى اختصاصه الوظيفى الا أنها ليست فى اختصاصه المكانى - الأثر المترتب على ذلك: قرارات اللجنة قرارات باطلة وليست منعدمة - يتعين لابطالها الطعن عليها خلال الميعاد المقرر قانونا - حساب ميعاد الطعن من تاريخ صدور القرار - أساس ذلك: علم صاحب الشأن يقينا بقرار اللجنة الادارية ذلك الاختصاص القضائى بصدور قرارها فى مواجهته يقوم مقام النشر أو اعلان صاحب الشأن - تطبيق.


اجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 7 من مارس سنة 1981 أودع الأستاذ/ عدلى عبد الباقى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين السيدة/ زينب كامل حسن والدكتورين طارق ويزيد على حسن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 466 لسنة 27 القضائية عليا فى الحكم الصادر بجلسة 11 من يناير سنة 1981 من محكمة القضاء الادارى بالمنصورة فى الدعوى رقم 755/ 1 ق والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لاقامتها بعد الميعاد. وطلب الطاعنون للأسباب الواردة فى تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع باختصاص محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فى الموضوع مجددا من دائرة أخرى.
وتم تحضير الطعن وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى انتهت فيه الى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا والزام الطاعنين بالمصروفات.
وبعد اتخاذ الاجراءات القانونية تم نظر الطعن بدائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 2 من فبراير سنة 1983 احالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 15 من فبراير سنة 1983 وفيها وفى الجلسات التالية سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت النطق بالحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أنه بموجب عقد ايجار مسجل بالجمعية التعاونية أجر مورث الطاعنين الى المطعون ضده الأول أمين محمد عطا الله حشيش أرضا زراعية مساحتها 16س، 4ط، 8 ف بناحية دنجواى مركز شربين بالمنصورة - ولاخلال المستأجر بالتزاماته الجوهرية فى هذا العقد وذلك باهماله فى زراعة الأرض اهمالا جسيما وقيامه بهدم الجسور وشق قنوات جديدة دون الرجوع الى الملاك والاستيلاء على المحصول دون اعطاء الملاك نصيبهم تقدم الطاعنون الى لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية بناحية دنجواى بالطلب رقم 31 لسنة 1972 دنجواى لالغاء عقد الايجار. وبتحقيق ادعاءات الطاعنين قررت اللجنة فسخ عقد الايجار - واخلاء المستأجر من العين المؤجرة - فطعن المستأجر فى هذا القرار أمام اللجنة الاستئنافية للفصل فى المنازعات الزراعية بالمركز طالبا إلغاءه - وبجلسة 5 من يونيو سنة 1973 أصدرت اللجنة الاستئنافية قرار قضى بقبول التظلم شكلا وفى الموضوع بالغاء قرار لجنة القرية واستمرار العلاقة الايجارية فأقام الطاعنون الدعوى رقم 755 لسنة 1 ق أمام محكمة القضاء الادارى بعريضة قدمت 3 من مارس سنة 1974 - طلبوا فيها الغاء القرار المذكور استنادا الى أسباب ثلاثة:
الأول: أن القرار صدر من لجنة يرأسها قاضى لم تكن له ولاية الفصل فى التظلم حيث أنه معين أصلا رئيسا للجنة الاستئنافية لمركز المنصورة وليس لمركز شربين.
الثانى: أن أحد أعضاء اللجنة وهو السيد/ جودة اشترك فى اصدار القرار رغم أنه لم يسمع المرافعة بالمخالفة لنص المادة 167 من قانون المرافعات المدنية التجارية - فصلا على وجود خصومة رسمية بينه وبين المدعين.
الثالث: أن قرار اللجنة الاستئنافية لم يكن مسببا.
وبجلسة 11 من يناير سنة 1981 حكمت محكمة القضاء الادارى بعدم قبول الدعوى. وبنت قرارها على أنه وان كان قرار اللجنة الاستئنافية المطعون فيه معيبا لصدوره ممن لا ولاية له فى اصداره فان هذا العيب لا يصل به الى درجة الانعدام بل يجعله باطلا - وبعدم قيام الطاعنين بالطعن على قرار اللجنة المذكور فى الميعاد القانونى فانه يتحصن ضد السحب والالغاء - اذ صدر القرار المطعون فيه فى الخامس من يونيو سنة 1973 بينما أقيمت الدعوى فى الثالث من مارس سنة 1974.
ومن حيث أنه لذلك فقد رفع الطاعنون الطعن الماثل طالبين قبوله شكلا وفى الموضوع اعادة القضية الى محكمة القضاء الادارى بالمنصورة للفصل فيه مجددا بدائرة أخرى. وبنوا طعنهم على أن القرار المطعون فيه لا يعتبر باطلا بل منعدما وبذلك لا يتقيد الطعن فيه بمواعيد معينة لانه صدر من قاضى لا ولاية له أصلا فى رئاسة اللجنة الاستئنافية وهى نوع من القضاء الاستثنائى. كما أنه قد اشترك فى اصداره أحد الأعضاء الذين لم يسمعوا المرافعة فضلا عن قيام خصومة بينه وبين أحد المدعين - وعدم قيام اللجنة بتسبيبه.
ومن حيث أنه واضح مما تقدم أنه لا خلاف بين الطرفين فى أن القاضى الذى أصدر قرار اللجنة الاستئنافية للفصل فى المنازعات الزراعية (المطعون فيه) كان منتدبا بقرار من وزارة العدل لرئاسة احدى اللجنان الاستئنافية بالمنصورة وقد صدر قرار من المحافظ بتعيينه رئيسا للجنة استئنافية بدائرة المحافظة. فهو بذلك صاحب ولاية فى رئاسة لجنة كان قيام هذا القاضى برئاسة لجنة أخرى غير تلك التى انتدب رئيسا لها باطلا يتعين على صاحب الشأن أن يطعن فيه فى المواعيد المقررة قانونا. أم معدوما لا وجود له ولا أثر يمكن الطعن فيه فى أى وقت.
ومن حيث أن القانون رقم 54 لسنة 1966 بشأن لجان الفصل فى المنازعات الزراعية قد نص فى المادة الأولى منه على أن تنشأ فى كل قرية لجنة تسمى "لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية" وتشكل على النحو الآتى:.... ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من المحافظ المختص.
كما نص فى المادة 5 منه على أنه "يجوز التظلم من قرارات لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ ابلاغها للطرفين بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول أمام لجنة استئنافية تشكل بدائرة كل مركز على الوجه الآتى: قاضى يندبه وزير العدل - عضو نيابة يندبه النائب العام - أحد أعضاء لجنة الاتحاد الاشتراكى العربى فى مركز تختاره اللجنة، مندوب من وزارة الزراعة يختاره مدير الزراعة بالمحافظة، اثنان من أعضاء الاتحاد الاشتراكى العربى والجمعيات التعاونية الزراعية بدائرة المركز يمثلان ملاك الأراضى ومستأجريها - يندبهما أمين الاتحاد الاشتراكى العربى بالمحافظة - معاون المالية بالمركز - ويصدر بتشكيل اللجنة الاستئنافية قرار من المحافظ المختص. ويعين المحافظ العدد الكافى من الموظفين للقيام بالأعمال الادارية والكتابية للجنة.
وتنص المادة السادسة من ذات القانون فى فقرتها الثانية على أنه لا يكون انعقاد اللجنة صحيحا الا بحضور أربعة من أعضائها على الأقل يكون من بينهم القاضى وعضو النيابة وممثل الاتحاد الاشتراكى العربى - وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة لآراء الأعضاء.
ومفاد ذلك أن الشارع خصص لجنة استئنافية بكل مركز من مراكز المحافظة لنظر التظلمات التى تقدم اليها عن قرارات لجان القرى فى المركز فهو تخصيص مكانى - كما خص كل لجنة منها بقاضى يقوم برئاستها. ووجوده ضرورى ولا يكون انعقادها صحيحا إلا بحضوره وندبه يكون بقرار من وزير العدل - أما تشكيل اللجنة فبقرار من المحافظ - ومعنى ذلك أن تخصيص القاضى لرئاسة لجنة معينة بالمركز منوط بالمحافظ اذ هو الذى يملك تشكيل اللجنة - ومن ثم فقيام القاضى برئاسة لجنة استئنافية دون تخصيص من المحافظ أو دون قرار منه يعيب قراراتها ويشوبها بالبطلان فقط لأن رئاستها وان كانت داخلة فى اختصاصه الوظيفى الا أنها ليست فى اختصاصه المكانى - وبالتالى يتعين لإبطال قراراتها الطعن فيها خلال المواعيد المقررة قانونا - وهو ما استقر عليه القضاء فى هذا الشأن.
ومن حيث أنه اذا كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه أمام محكمة القضاء الادارى قد صدر بتاريخ الخامس من يونيه سنة 1973 من اللجنة الاستئنافية بمركز شربين فى التظلم رقم 96 لسنة 1972 - برئاسة السيد الأستاذ/ صلاح الدين يوسف القاضى.
ومن حيث أنه فى هذا التاريخ كان السيد الأستاذ/ صلاح الدين يوسف رئيسا للجنة الاستئنافية بمركز دكرنس بموجب قرار السيد محافظ الدقهلية رقم 429 لسنة 1972 الصادر فى 20 من نوفمبر سنة 1972 ولم يكن رئيسا للجنة مركز شربين التى كان يرأسها آنذاك السيد الأستاذ/ يوسف محمد يوسف القاضى بصفة أصلية والسيد الأستاذ/ صلاح الدين طاهر بصفة احتياطية وذلك بموجب قرار السيد/ محافظ الدقهلية رقم 376 لسنة 1972 الصادر فى 15 من أكتوبر سنة 1972 وبذلك فانه وان كان السيد الأستاذ/ صلاح الدين يوسف القاضى قد انتدب من وزارة العدل لرئاسة لجان الفصل فى المنازعات الزراعية الاستئنافية بمحافظة الدقهلية أى أنه صاحب ولاية فى رئاسة هذه اللجان الا أنه عندما أصدر قراره المطعون فيه لم يكن قد أسند اليه رئاسة لجنة شربين - وبالتالى فان هذه المخالفة لا تنحدر بقراره الى درجة الانعدام ولكن يبقى هذا القرار باطلا يحق لذوى الشأن ابطاله فى المواعيد المقررة قانونا والا صار حصينا من الالغاء.
وبالتالى كان على الطاعنين كى يتخلصوا من هذا القرار الطعن فيه فى المواعيد المقررة قانونا أى ستون يوما من تاريخ صدره. فإذا فات هذا الميعاد دون طعن تحصن هذا القرار وأصبح نهائيا وهو ما حدث فعلا بشأنه اذ صدر فى 5 من يونيو سنة 1973 ولم يتم الطعن فيه الا فى 5 من أغسطس سنة 1973، أى بعد فوات الستين يوما التى حددها القانون. وليس بصحيح ما أثاره الطاعنون فى مذكرتهم الأخيرة من أن العلم بهذا القرار يبدأ من يوم إخطارهم بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول شأنه شأن قرارات لجان الفصل فى المنازعات الزراعية فى القرية بدعوى تساويهما فى الحكم - اذ الطعن فى قرارات اللجنة الاستئنافية وهى من اللجان ذات الاختصاص القضائى محكوم بنص الفقرة الثامنة من المادة/ 10 من قانون مجلس الدولة الصادر فيه قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة الذى يقضى بأنه تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل فى الطعون التى ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات ادارية لها اختصاص قضائى فيما عدا القرارات الصادرة من هيئات التوفيق والتحكيم فى منازعات العمل وذلك متى كان مرجع الطعن عدم الاختصاص أو عيبا فى الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو الخطأ فى تطبيقها أو تأويلها. ونص المادة 13 التى تقضى بأن تختص محكمة القضاء الادارى بالفصل فى المسائل المنصوص عليها فى المادة 10 عدا ما تختص به المحاكم الادارية والمحاكم التأديبية كما تختص بالفصل فى الطعون التى ترفع اليها عن الأحكام الصادرة من المحاكم الادارية...
ونص المادة 24 من ذات القانون التى تقضى بأن ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة (محكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية) فيما يتعلق بطلبات الالغاء ستون يوما من تاريخ نشر القرار الادارى المطعون فيه فى الجريدة الرسمية أو النشرات التى تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به - ولا شك أن علم صاحب الشأن يقينا بقرار اللجنة الادارية ذات الاختصاص القضائى بصدور قرارها فى مواجهته يقوم مقام النشر واعلان صاحب الشأن وهو ما جرت به أحكام المحاكم فى مجلس الدولة - وبذلك يتعين الالتفات عن هذا الوجه من وجود الدفاع أما ما أثاره الطاعنون فى دفاعهم من أن القرار المطعون فيه قد شأبه أوجه أخرى من وجوه الخطأ كوجود خلاف بين أعضائهم وأحد الطاعنين وعدم حضور أحد الأعضاء الذين صدر القرار بأسمائهم بجلسة المرافعة - فهذه الأمور هى بنص المادة 167 من قانون المرافعات المدنية والتجارية من أسباب بطلان الحكم وليست من أسباب انعدامه. وبذلك يتعين الالتفات عن هذا الوجه من وجوه الدفاع هو الآخر.
وترتيبا على ذلك يكون حكم محكمة القضاء الادارى المطعون فيه قد صادف وجه الحق - ويكون الطعن بذلك قد بنى على غير أساس سليم من القانون متعينا الحكم برفضه والزام الطاعنين المصروفات عملا بحكم المادة/ 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الطاعنين المصروفات.