مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 325

(40)
جلسة 16 من يناير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد موسى وعلى محسن مصطفى وعبد الفتاح بيومى نصار ومحمد مختار العزبى المستشارين.

القضية رقم 833 لسنة 7 القضائية

موظفو المحاكم. كتبة الأقسام المدنية بالمحاكم. "ترقيتهم". تأدية الامتحان كشرط لترقية كتبة المحاكم الى درجة أعلى - مقصور على أول ترقية تصيب الكاتب بعد تعيينه بالمحاكم أول مرة - انطلاقه بعد ذلك فى الترقيات الى الدرجات الأعلى دون ما قيد من هذا القبيل - اجتياز المدعى المرحلة التى يستلزم فيها المشرع تأدية الامتحان كشرط للترقية - نقله بعد ذلك الى ديوان عام الوزارة ثم أعادته ثانية الى ذات المحكمة التى كان يعمل بها - لا يلزم له بعدئذ امتحان جديد عند الترقية.
أن نصوص المواد 53، 55، 57 الواردة فى الفصل الثانى من الباب الثانى من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء قد قامت على حكمة تشريعية أملاها الحرص على حسن سير العمل فى المحاكم مؤداها ضرورة المام كتبة الأقسام المدنية بما يتصل بعملهم من القوانين والمنشورات، وتحقيقا لهذا الغرض نظم الشارع ترقية من لا يحملون شهادات عليا من هؤلاء الكتبة تنظيما خاصا بأن جعل ترقية من يعين منهم فى الدرجة التى عين فيها الى الدرجة التى تليها رهينة بتأدية الكاتب امتحانا فى تلك المواد وفى الخط وبنجاحه فى هذا الامتحان، وجعل الترقية على أساس ترتيب درجات النجاح. وتأدية الامتحان كشرط للترقية لا يتقيد بأن يكون الكاتب قد عين فى درجة معينة، سواء أكانت أولى درجات التعيين أو الدرجة التالية لها، بل يكفى أن يكون الكاتب قد عين فى الأقسام المدنية بالمحاكم أول مرة، وتأسيسا على ذلك فان نقل المدعى من القسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية الى ديوان عام الوزارة فى 18/ 11/ 1950 بعد أن تمت ترقيته فى القسم المدنى بالمحكمة المذكورة الى الدرجة الثامنة ثم أعادته الى القسم المدنى بذات المحكمة فى أول يناير سنة 1951 بعد أن رقى الى الدرجة السابعة فى الديوان العام، لا يعد بمثابة النقل النوعى الذى يعتبر المدعى بموجبه أنه عين لأول مرة فى الأقسام المدنية بالمحاكم كما تذهب اليه الجهة الادارية خطأ - ما دام قد سبق تعيينه فعلا بهذه الأقسام فى الدرجة التاسعة منذ 16/ 4/ 1950 ثم رقى من هذه الدرجة التى عين عليها ابتداء الى الدرجة التى تليها، الأمر الذى يتحقق معه أن يكون المدعى قد اجتاز المرحلة التى يستلزم فيها المشرع تأدية الامتحان كشرط للترقية ومن ثم ينطلق فى الترقيات الى الدرجة الأعلى دون ما قيد من هذا القبيل وغنى عن البيان أن القول بغير هذا يؤدى الى تكرار مرات الامتحان فى حالة النقل من المحاكم والعودة اليها بغير مقتض من نص المادة 53 سابقة الذكر ويفضى الى الخروج على المحكمة التى تغياها الشارع من الاكتفاء بتأدية الامتحان المشار اليه عند أول ترقية تصيب الكاتب بعد تعيينه بالمحاكم أول مرة بغية التثبت من صلاحيته للترقية فى وظائفها الكتابية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن فى أن المدعى أقام دعواه طالبا الحكم بالغاء القرار الوزارى رقم 764 لسنة 1959 الصادر بتاريخ 12/ 11/ 1959 فيما تضمنه من تخطية فى الترقية الى الدرجة السادسة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال فى بيان ذلك أنه عين كاتبا بمجلس بلدى طنطا بالدرجة الثامنة اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1942 ثم عين كاتبا بالدرجة التاسعة بالقسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية بتاريخ 16/ 4/ 1950. نقلا من المجلس البلدى وفى 31/ 5/ 1950 رقى الى الدرجة الثامنة بعد أن أمضى سبع سنوات فى الدرجة التاسعة وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17/ 5/ 1950 وفى أغسطس سنة 1950 اعتبر فى الدرجة الثامنة من أول سبتمبر سنة 1942 تاريخ تعيينه بمجلس بلدى طنطا. وبتاريخ 18/ 11/ 1950 نقل الى ديوان عام وزارة العدل ورقى الى الدرجة السابعة بالأقدمية دون امتحان. وفى أول يناير سنة 1951 نقل الى محكمة طنطا الابتدائية بالقسم المدنى ثم نقل بتاريخ 21/ 7/ 1951 الى محكمة استئناف طنطا وفى 9 يناير سنة 1951 نقل الى محكمة طنطا بالقسم المدنى وهو لا يزال يعمل به وبتاريخ 12 نوفمبر سنة 1959 صدر القرار الوزارى المطعون فيه باجراء ترقيات لموظفى المحاكم الابتدائية بالقسم المدنى للدرجة السادسة الكتابية وتخطته الوزارة بحجة عدم تأديته الامتحان المنصوص عليه فى قانون نظام القضاء. فى حين أنه لا محل لتطبيق المادة 53 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 على الذين رقو من درجة التعيين الى الدرجة التى تليها حتى ولو كانوا قد رقوا الى الدرجة الأخيرة بدون امتحان اذا أن النص قاصر على درجة التعيين، ومن ثم فانه يستحق الترقية الى الدرجة السادسة دون استلزام شرط تأدية الامتحان. وفضلا عن ذلك فان الوزارة ذاتها حددت يوم 12/ 12/ 1959 لعقد هذا الامتحان للكتبة المعينين على الدرجتين التاسعة والثامنة فهى بذلك لم توجه أية دعوة لموظفى الدرجة السابعة.
وأجابت الوزارة على الدعوى بأنها تخطت المدعى فى الترقية الى الدرجة السادسة بالقرار المطعون فيه لعدم استيفائه شرط اجتياز الامتحان الذى نص عليه قانون نظام القضاء. ولا وجه لما ذهب اليه المدعى من اجتياز درجة التعيين وهى التاسعة وهو بالمحاكم حيث رقى منها الى الدرجة الثامنة بتاريخ 31/ 5/ 1950، دون أن يؤدى الامتحان المنصوص عليه قانونا اذ أن الدرجة التاسعة لم تكن تعتبر أولى درجات التعيين بالمحاكم قبل 1/ 7/ 1952 حيث كان التعيين فيها وفقا لكادر سنة 1939 مخصصا لمساعدى الكتبة. ولما كان الثابت أن المدعى نقل من الديوان العام للوزارة الى القسم المدنى بالمحاكم بدرجته السابعة فان النقل فى هذه الحالة هو نقل نوعى ولا يعدو أن يكون متعينا ابتداء بالمحاكم، ومن ثم فان ترقيته الى الدرجة السادسة موضوع الدعوى تكون مشروطة بتأدية الامتحان المذكور وبنجاحه فيه حتى تثبت صلاحيته للترقية، وعلى هذا الأساس فان الوزارة قد طبقت القانون تطبيقا سليما وطلبت لذلك رفض الدعوى.
وبجلسة 27/ 12/ 1960 قضت المحكمة بالغاء القرار الوزارى رقم 764 لسنة 1959 الصادر بتاريخ 12/ 11/ 1959 فيما تضمنه من تخطى المدعى للترقية للدرجة السادسة الكتابية وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارة العدل المصروفات ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يبين من نص المادة 53 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 أن المشرع قد اشترط الامتحان بالنسبة للكاتب عند ترقيته من الدرجة التى عين فيها للدرجة التى تليها وبمفهوم المخالفة لا يجرى امتحان للذين يرقون من الدرجات التالية لدرجة التعيين الى درجة أعلى منها ولما كانت وظائف الدرجة التاسعة تعتبر بدء الوظائف الكتابية التى تشير اليها المادة 53 سالف الذكر، وكان الثابت أن المدعى عين كاتبا فى الدرجة التاسعة بالقسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية اعتبارا من 16/ 4/ 1950 ثم رقى الى الدرجة الثامنة اعتبارا من 31/ 5/ 1950. لقضائه فى الدرجة التاسعة أكثر من سبع سنوات وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 17/ 5/ 1950 وهى ترقية جوازية عادية لجهة الادارة وليست حتمية، ومن ثم لا يجوز مناقشة مركزه القانونى الذى استقر له فى الدرجة الثامنة منذ ترقيته اليها بمقتضى القرار الصادر بها فى 31/ 5/ 1950 وعلى هذا الأساس فان المدعى وقد تخطى درجة التعيين - وهى التاسعة الى الدرجة التى تليها وهى الثامنة. ثم استقر مركزه فى هذه الدرجة، فانه لذلك يجوز ترقيته للدرجات التالية لهذه الدرجة بدون حاجة الى امتحان. وبالتالى يكون القرار المطعون فيه اذ تخطى المدعى فى الترقية من الدرجة السابعة الى الدرجة السادسة بمقولة أنه لم يؤد الامتحان الذى نص عليه فى المادة 53 المشار اليها رغم أن الثابت من الأوراق أن أقدميته تسمح له بذلك وأن التقارير السنوية المقدمة عنه سنة 1958 بدرجة جيد وسنة 1959 بدرجة ممتاز مما يدل على أنه لم يكن هناك ما يحول دون ترقيته، وبهذه المثابة يكون القرار المطعون فيه قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بالغائه ولا وجه للحجاج - فى صدد الدعوى الحالية - بحكم المحكمة الادارية العليا فى الدعوى رقم 1744 لسنة 2 ق الصادر بجلسة 27/ 4/ 1957 لأن المدعى فى تلك الدعوى كان قد عين فى الدرجة التاسعة فى مجلس النواب ورقى الى الدرجة الثامنة فى المجلس ذاته ثم نقل بعد ذلك الى وزارة العدل ومن ثم اعتبر أنه عين ابتداء فى المحاكم فى هذه الدرجة - الثامنة - ويتعين عليه أداء الامتحان المنصوص عليه فى المادة 53 من قانون نظام القضاء حتى يمكن ترقيته للدرجة التالية لهذه الدرجة وهى المعتبرة درجة التعيين، وظاهر أن هذه غير الحالة المعروضة طالما أن المدعى عين فى الدرجة التاسعة فى المحاكم لوزارة العدل ثم رقى للدرجة التى تليها ولم يعد هناك حاجة للتقيد بشرط اجتياز الامتحان عند ترقيته الى درجة أعلى.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن المدعى نقل من الديوان العام للوزارة فى أول يناير سنة 1951 الى القسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية فى وظيفة أخرى يحكمها قانون غير القانون الذى يحكم العمل السابق الذى كان يؤديه فى الديوان العام حيث يسرى قانون نظام موظفى الدولة بالنسبة لموظفى الديون العام فى حين أن قانون نظام القضاء هو القانون الواجب التطبيق فى شأن موظفى المحاكم ولا شك أن هذا النقل يعتبر نقلا نوعيا يخضع لما تقضى به المادة 53 من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء خاصة وأن نص هذه المادة مطلق يسرى على كافة الحالات سواء منها المعين تعيينا جديدا من الخارج فى أى درجة أو حالات النقل النوعى من الخارج حيث تختلف طبيعة الوظيفة السابقة عن طبيعة الوظيفة التى يحكمها قانون نظام القضاء. وفضلا عن ذلك فان الدرجة التاسعة بالقسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية لا تعتبر بدء الوظائف الكتابية التى تشير اليها المادة 53 سالفة الذكر حيث كانت هذه الدرجة طبقا لأحكام كادر سنة 1939 مخصصة لتعيين مساعدى الكتبة والوظائف الصغيرة التى تحتاج الى معلومات كتابية مثل الكتابة على الآلة الكاتبة، ولم تعتبر بذلك الدرجة التاسعة أول درجات الكادر الكتابى منذ أول يونيو سنة 1951. تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام موظفى الدولة وقد قررت هذا المبدأ المحكمة العليا فى الطعن رقم 1744 لسنة 2 القضائية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فى قضائه لما قام عليه من أسباب فيها كل العناء من حيث الرد على ما جاء فى أسباب الطعن وتضيف اليها هذه المحكمة أن نصوص المواد 53 و55 و57 الواردة فى الفصل الثانى من الباب الثانى من القانون رقم 147 لسنة 1949 الخاص بنظام القضاء قد قامت على حكمة تشريعية أملاها الحرص على حسن سير العمل فى المحاكم مؤداها ضرورة المام كتبة الأقسام المدنية بما يتصل بعملهم من القوانين والمنشورات، وتحقيقا لهذا الغرض نظم الشارع ترقية من لا يحملون شهادات عليا من هؤلاء الكتبة تنظيما خاصا بأن جعل ترقية من يعين منهم فى الدرجة التى عين فيها الى الدرجة التى تليها بتأدية الكاتب امتحانا فى تلك المواد وفى الخط وبنجاحه فى هذا الامتحان، وجعل الترقية على أساس ترتيب الدرجات. وتأدية الامتحان فيه كشرط للترقية لا يتقيد بأن يكون الكاتب قد عين فى درجة معينة، سواء أكانت أولى درجات التعيين أو الدرجة - التالية لها، بل يكفى أن يكون الكاتب قد عين فى الأقسام المدنية بالمحاكم أول مرة وتأسيسا على ذلك فان نقل المدعى من القسم المدنى بمحكمة طنطا الابتدائية الى ديوان عام الوزارة فى 18/ 11/ 1950 بعد أن تمت ترقيته فى القسم المدنى بالمحكمة المذكورة الى الدرجة الثامنة ثم أعادته الى القسم المدنى بذات المحكمة فى أول يناير سنة 1951 بعد أن رقى الى الدرجة السابعة فى الديوان العام، لا يعد بمثابة النقل النوعى الذى يعتبر المدعى بموجبه أنه عين لأول مرة فى الأقسام المدنية بالمحاكم كما تذهب اليه الجهة الادارية خطأ - ما دام قد سبق تعيينه فعلا بهذه الأقسام فى الدرجة التاسعة منذ 16/ 4/ 1950 ثم رقى من هذه الدرجة التى عين عليها ابتداء الى الدرجة التى تليها، الأمر الذى يتحقق معه أن يكون المدعى قد اجتاز المرحلة التى يستلزم فيها المشرع تأدية الامتحان كشرط للترقية ومن ثم ينطلق فى الترقيات الى الدرجة الأعلى دون ما قيد من هذا القبيل وغنى عن البيان أن القول بغير هذا يؤدى الى تكرار مرات الامتحان فى حالة النقل من المحاكم والعودة اليها بغير مقتض من نص المادة 53 سابقة الذكر ويفضى الى الخروج على المحكمة التى تغياها الشارع من الاكتفاء بتأدية الامتحان المشار اليه عند أول ترقية تصيب الكاتب بعد تعيينه بالمحاكم أول مرة بغية التثبت من صلاحيته للترقية فى وظائفها الكتابية).
ومن حيث أنه لما تقدم فان الطعن يكون غير قائم على سند صحيح من الواقع والقانون حقيقا بالرفض مع الزام الحكومة مصروفاته.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الحكومة المصروفات.