مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية عشرة - (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر يونيه سنة 1966) - صـ 447

(55)
جلسة 26 من فبراير سنة 1966

برئاسة السيد الأستاذ الدكتور ضياء الدين صالح وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عادل عزيز وحسنين رفعت وعزت عبد المحسن وعبد الستار آدم المستشارين.

القضية رقم 1484 لسنة 7 القضائية

موظف. "جزاء تأديبى - سببه". قرار ادارى. القرار الادارى بتوقيع الجزاء التأديبى - وجوب قيامه كأصل عام على كامل سببه - يستثنى من ذلك أن يكون الشطر من القرار الذى لم يثبت فى حق المتهم غير ذى أهمية وكان الجزاء الموقع عليه مناسبا ومتلائما فى تقديره مع التهم الباقية. (1)
أن مناط الفصل فى النزاع هو فيما اذا كان القرار الادارى بتوقيع جزاء عن أكثر من تهمة وبأن للمحكمة بعد ذلك أن احدى هذه التهم غير مستخلصة استخلاصا سائغا من الأوراق يتعين عليها فى هذه الحالة أن تلغى القرار لعدم قيامه على كامل سببه بعد انهيار شطر منه تاركة للجهة الادارية الحق فى اصدار الجزاء بالنسبة للاشطار الأخرى الثابتة.
ولا شك فى أن القرار الادارى بتوقيع الجزاء يجب أن يقوم كأصل عام على كامل سببه حتى يكون الجزاء متلائما مع التهم المسندة الى المتهم والا اختلت الموازين وأهدرت العدالة على أن ذلك الأصل يجب ألا يطبق فى كل الحالات حتى لا تهدم جميع القرارات ويعاد النظر فيها من جديد فى ضوء ظروف أخرى قد تؤثر على هذه القرارات الأمر الذى قد يضطرب معه الجهاز الادارى وانما يتعين ألا تطلق هذه القاعدة فلا يطبق فى حالة ما اذا كان الشطر من القرار الذى لم يثبت فى حق المتهم غير ذى أهمية وكان الجزاء الموقع عليه مناسبا ومتلائما فى تقديره مع التهم الباقية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات وسماع أقوال الطرفين.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن الوقائع تتحصل فى أنه صدر بتاريخ 28 من فبراير سنة 1959 قرار من السيد مدير عام بلدية القاهرة برقم 166 يقضى بخصم عشرة أيام من راتب الدكتور.... الطبيب البيطرى بمجزر القاهرة لاعتدائه على مدير المجزر بألفاظ نابية بتاريخ 10 من نوفمبر سنة 1958 ولعدم توخية الدقة فى عمله بأن قام بختم عجل فى 26 من مارس سنة 1958 على أنه سليم فى حين أن جزءا منه كان مصابا بالدرن فتظلم الطاعن من هذا القرار ثم أقام الدعوى الحالية رقم 1184 لسنة 13 القضائية يطلب فيها الغاء القرار المذكور وبتعويض مؤقت قدره قرش صاغ واحد وقضت محكمة القضاء الادارى بالغاء القرار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات فأقامت قضاءها على أن القرار المطعون فيه قد بنى على شقين وهما واقعتا السب والاهمال وأن احديهما وهى الأولى ثابتة فى حق المطعون ضده فى حين أن الواقعة الثانية وهى عن الأهمال ليس عليها من دليل تطمئن اليه واستطردت من ذلك الى أن القرار المطعون فيه وقد بنى على شقين وأن أحدهما منهار فانه يتعين عليها الحكم بالغاء القرار جميعه على أن يكون لجهة الادارة الحق فى اصدار ما تراه بالنسبة للشق الآخر الثابت فى حق المطعون ضده.
ومن حيث أن الجهة الادارية أقامت الطعن الحالى تطلب فى موضوعه الغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع الزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين على أساس أن الواقعتين المسندتين الى المطعون ضده ثابتتان قبله وأن القرار الصادر ضده مستخلص استخلاصا سائغا من الأوراق.
ومن حيث انه تبين من الاطلاع على الأوراق أن الدكتور...... مدير مجزر القاهرة تقدم فى 10 من نوفمبر سنة 1958 بشكوى ضد الدكتور....... الطبيب بالمجزر حاصلها أنه بمناسبة اصداره تعليمات لتنظيم العمل بالمجزر تتضمن وجود نوباتجيات فى مواعيد مختلفة ومطالبة المطعون ضده بالتوقيع عليها بالعلم ثار ووجه اليه فى حجرة الأطباء ألفاظا جارحة................. وأقلع الجزمه وأدى له فوق دماغه" (2) واستشهد على حدوث هذه الواقعة بالدكتورين............... اللذين أيداه فيها كما أضاف الدكتور............... الى أقواله عند التحقيق فى هذه الواقعة بواسطة مفتش التحقيقات أن المطعون ضده غير دقيق فى عمله ولا ينفذ تعليمات المجزر الأمر الذى حدا به الى مراقبته والتفتيش عليه مما يكون قد أحفظه عليه وساق للتدليل على هذا الأمر الأخير أنه لاحظ فى تاريخ سابق أنه ختم عجلا فى 26 من مارس سنة 1958 على أنه سليم مع أنه كان مصابا بالدرن وأن ربعه قد أعدم لهذا السبب بعد ذلك. على أن هذه الواقعة الأخيرة حدث اختلاف فى موضوعها فمن قائل أن العجل المذكور كان مصابا بنوع من الفطر لا يجوز معه اعدام شىء منه ومن قائل أن الختم لم يكن من المطعون ضده الأمر الذى رأت معه بحق محكمة القضاء الادارى عدم ثبوت هذه التهمة خاصة وأن التحقيق لم يتناولها فى حينها وانها أثيرت بمناسبة واقعة السب.
ومن حيث أنه نتيجة لذلك يكون الحكم المطعون فيه صحيحا فيما ذهب اليه من ثبوت تهمة السب وعدم ثبوت التهمة الأخرى.
ومن حيث أن مناط الفصل فى هذا النزاع هو فيما اذا كان القرار الادارى بتوقيع جزاء عن أكثر من تهمة وبأن للمحكمة بعد ذلك أن احدى هذه التهم غير مستخلصة استخلاصا سائغا من الأوراق يتعين عليها فى هذه الحالة أن تلغى القرار لعدم قيامه على كامل سببه بعد أنهيار شطر منه تاركة للجهة الادارية الحق فى اصدار الجزاء ثابتة بالنسبة للاشطار الأخرى.
ولا شك فى أن القرار الادارى بتوقيع الجزاء يجب أن يقوم كأصل عام على كامل سببه حتى يكون الجزاء متلائما مع التهم المسندة الى المتهم والا اختلت الموازين وأهدرت العدالة على أن ذلك الأصل يجب ألا يطبق فى كل الحالات حتى لا تهدم جميع القرارات ويعاد النظر فيها من جديد فى ضوء ظروف أخرى قد تؤثر على هذه القرارات الأمر الذى قد يضطرب معه الجهاز الادارى. وانما يتعين الا تطلق هذه القاعدة فلا يطبق فى حالة ما اذا كان الشطر من القرار الذى لم يثبت فى حق المتهم غير ذى أهمية وكان الجزاء الموقع عليه مناسبا ومتلائما فى تقديره مع التهم الباقية.
ومن حيث أنه على ضوء ما سبق ذكره فأن التهمة المنسوبة الى المطعون ضده والثابتة فى حقه وهى تهمة السب لا يمكن القول بأن الجزاء الموقع على المتهم بسببها - على ما فيها من جسامة وألفاظ مرذولة - يجاوز فى تقديره ما يمكن أن يوقع على مثل هذا المتهم من أجل هذه التهمة خاصة اذا روعى أن التهمة الثانية لم تأت الا لتدعيم التهمة الأولى والأساسية وتكشف عن الأسباب أو الدوافع التى حدت بالمطعون ضده الى التفوه بمثل هذه الألفاظ.
ومن حيث أنه لذلك يتعين الغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعى مع الزامه بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب":

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وألزمت المدعى المصروفات.


(1) راجع الأحكام العديدة التى أصدرتها المحكمة الادارية العليا والقاضية بوجوب قيام الجزاء على كامل سببه ومن أمثلتها الأحكام الصادرة فى القضايا رقم 906 لسنة 3 القضائية بجلسة 9/ 11/ 1957 والمنشورة بمجموعة السنة الثالثة المبدأ 8 ص 66 ورقم 1642 لسنة 6 القضائية بجلسة 5/ 5/ 1962 والمنشورة بمجموعة السنة السابعة - المبدأ 75 ص 763 و470 لسنة 10 القضائية بجلسة 12/ 6/ 1965 والمنشور بمجموعة السنة العاشرة - المبدأ 148 ص 1622
(2) تضمنت العبارة المحذوفة الفاظا بذيئة رؤى عدم نشرها.