مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1965 إلى آخر سبتمبر سنة 1966) - صـ 220

(فتوى رقم 420 ملف رقم 35/ 1/ 9 في 27/ 4/ 1966)
(79)
جلسة 30 من مارس سنة 1966

( أ ) حراسة عامة - فرض الحراسة على الأموال استناداً إلى قانون الأحكام العرفية ونتيجة لإعلانها - هو إجراء من إجراءات الأمن الداخلة في سلطة الضبط الإداري في اتصاله بالنشاط الفردي - صدور الحراسات بشتى أنواعها عن هذا الأساس.
(ب) حراسة عامة - ميزانية - اعتماد الحراسات العامة في تدبير مواردها على اقتطاع نسبة معينة من الأموال الموضوعة تحت الحراسة - تغطية أتعاب الحراس ومرتبات الموظفين ومصروفات الحراسة من هذه النسبة - أثر ذلك جميعه اعتبار أموال الحراسات أموالاً خاصة - عدم وجود حاجة لإعداد ميزانية تقديرية لها على غرار الميزانية العامة للدولة أو الميزانيات المستقلة أو الملحقة - الاكتفاء بإعداد حساب ختامي يتضمن الإيرادات والمصروفات.
(ج) حراسة عامة - الجهاز المركزي للمحاسبات - عدم اختصاصه بمراقبة حسابات الحراسة العامة سواء في ظل القانون رقم 230 لسنة 1960 أو القانون رقم 129 لسنة 1964 - أساس ذلك أنها ليست من الجهات المحددة بالمادة 2 من القانون الأخير ولم يعهد إليه رئيس الجمهورية أو مجلس الأمة أو رئيس الوزراء طبقاً للمادة 5 بمراجعة حساباتها أو فحصها - للجهاز مع ذلك طلب فحص السجلات والحسابات والمستندات والأوراق الموجودة لديها اللازمة لتحقيق رقابته على الجهات المختصة لرقابته - أساس ذلك من المادة 7 من القانون رقم 129 لسنة 1964.
1 - إن فرض الحراسة على الأموال استناداً إلى قانون الأحكام العرفية ونتيجة لإعلانها إنما يعتبر في الحقيقة إجراءاً من إجراءات الأمن الداخلة في سلطة الضبط الإداري في اتصاله بالنشاط الفردي سواء أصابت الحراسة أموال الأجانب أو وقعت على أموال المواطنين - وأخذاً بهذه الفكرة واستناداً إلى أحكام القانون رقم 15 لسنة 1923 في شأن الأحكام العرفية الذي ألغى واستعيض عنه بالقانون رقم 533 لسنة 1954 الذي ألغى بدوره وحل محله القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ والقانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة فرضت عدة حراسات عقب إعلان الحرب العالمية الثانية على أموال الرعايا الألمان والإيطاليين واليابانيين ورعايا البلاد المحتلة والخاضعة للرقابة، كما فرضت الحراسة بمقتضى الأمر رقم 26 لسنة 1948 على أموال المعتقلين والمراقبين وذلك عقب حرب فلسطين واستمر هذا الأمر سارياً إلى أن استبدل به الأمر رقم 4 لسنة 1956 - كذلك فرضت الحراسة على أموال الرعايا البريطانيين والفرنسيين والاستراليين بموجب الأمر رقم 5 لسنة 1956 كما فرضت حراسات أخرى على أموال الرعايا البلجيكيين وعلى بعض المنشآت والشركات وأموال بعض الأفراد.
2 - إن القاعدة السائدة في الأوامر والتشريعات المتعلقة بفرض الحراسة أن تعتمد الحراسات في تدبير مواردها على اقتطاع نسبة معينة من الأموال الموضوعة تحت الحراسة ترصد لتغطية أتعاب الحراس ومرتبات الموظفين ومصروفات الحراسة وأن يحدد الوزير المختص قيمة هذه الأتعاب والمرتبات والمصروفات وشروطها، فإن أموال هذه الحراسات تعتبر أموالاً خاصة ولا تكون ثمة حاجة - إزاء هذا التنظيم - إلى إعداد ميزانيات تقديرية لها على غرار الميزانية العامة للدولة أو الميزانيات المستقلة أو الملحقة التي لا تعتبر ميزانية الحراسات مندرجة في عدادها بل يكفي في شأنها إعداد حساب ختامي يتضمن إيراداتها مصروفاتها.
وترتيباً على ما تقدم فإن الحراسات العامة لا تعد من بين الهيئات العامة ذات الميزانيات المستقلة والملحقة إذ أن الميزانية المستقلة هي ميزانية منفصلة عن الميزانية العامة للدولة يختص بها بعض المصالح العامة ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة عن شخصية الدولة - كما أن الميزانية الملحقة هي ميزانية منفصلة عن الميزانية العامة للدولة تتضمن إيرادات ونفقات بعض المصالح العامة التي لا تتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن شخصية الدولة وكلتاهما تتناولان أموالاً عامة شأنهما في ذلك شأن الميزانية العامة للدولة بينما ليس الحال كذلك بالنسبة إلى الأموال المكونة لإيرادات الحراسات المذكورة.
3 - إن قانون ديوان المحاسبات الصادر به القانون رقم 230 لسنة 1960 قد أفرد الباب الثاني منه لبيان اختصاصات الديوان وذلك في المواد من 4 إلى 12 إذ نصت المادة 4 على أن "يختص ديوان المحاسبات بمراقبة إيرادات الدولة ومصروفاتها وتشمل رقابة الديوان حسابات الوزارات والمصالح المختلفة والهيئات ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة وحسابات المجالس الممثلة للوحدات الإدارية.
كما يختص بفحص ومراجعة حسابات كل هيئة تخرج لها الحكومة عن جزء من مال الدولة إما بطريق الإعانة أو لغرض الاستثمار وكذلك حسابات شركات المساهمة التي تشترك فيها الدولة بما لا يقل عن 25% من رأس مالها أو تضمن لها حداً أدنى من الربح أو تؤدي لها إعانات مباشرة".
ونصت المادة 5 على أن "يقوم الديوان أيضاً بفحص ومراجعة كل حساب آخر يعهد إليه بمراجعته أو بفحصه من رئيس الجمهورية أو مجلس الأمة ويبلغ رئيس الديوان ملاحظاته إلى الجهة طالبة الفحص أو المراجعة".
كما تناولت المادة 6 اختصاصات الديوان فيما يتعلق بإيرادات الدولة وبينت المادة 8 اختصاصاته فيما يتعلق بمصروفات الدولة. كذلك أوجبت المادة 10 قيام الديوان بمراجعة جميع حسابات التسوية من أمانات وعهد وحسابات جارية للتثبت من صحة العمليات الخاصة بها ومن أن أرقامها المقيدة في الحسابات مؤيدة بالمستندات القانونية وكذلك مراجعة حسابات السلف التي أجرتها للدولة وما يقتضيه ذلك من التثبت من توريدها أصلاً وفائدة لخزانة الدولة.
وظاهر من الأحكام المتقدمة أن الحراسات العامة لا تعتبر جهة من الجهات المنصوص عليها في المادة 4 سالفة الذكر كما أنه لم يصدر قرار من رئيس الجمهورية أو من مجلس الأمة يعهد إلى ديوان المحاسبات بفحص أو مراجعة حساباتها - ومن ثم فإن ديوان المحاسبات لا يختص بمراقبة حسابات الحراسات إعمالاً لحكم القانون رقم 230 لسنة 1960.
ومن جهة أخرى فإن قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر به القانون رقم 129 لسنة 1964 الذي استبدلت أحكامه بأحكام قانون ديوان المحاسبات قد خصص الفصل الأول منه لبيان أهداف هذا الجهاز واختصاصاته وذلك في المواد من 1 إلى 6 - إذ نصت المادة 2 منه على أن "يمارس الجهاز اختصاصاته بالنسبة للجهات الآتية:
( أ ) الوحدات التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة.
(ب) الهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشآت التابعة لها.
(ج) أية جهة أخرى تقوم الدولة بإعانتها أو ضمان حد أدنى للربح لها.
كما نصت المادة 2 من هذا القانون على أن "يباشر الجهاز في مجال الرقابة المالية والمحاسبية الاختصاصات التالية:
( أ ) مراقبة حسابات مختلف أجهزة الدولة في ناحيتي الإيرادات والمصروفات عن طريق قيامه بالمراجعة والتفتيش على مستندات ودفاتر وسجلات المتحصلات والمستحقات العامة والمصروفات العامة.
(ب)...
(ج)...
(د) مراجعة جميع حسابات التسوية من أمانات وعهد وحسابات جارية والتثبت من صحة العمليات الخاصة بها.
(هـ)...
(و)...
(ز)...
(ح) مراجعة الحساب الختامي لميزانية الدولة (قطاعي الخدمات والأعمال) وكذلك الحسابات الختامية لشركات ومنشآت القطاع العام للتعرف على حقيقة المركز المالي وفقاً للمبادئ الحسابية السليمة.
(ط) مراجعة تقارير مراقبي حسابات الشركات المشار إليها في هذا القانون...
كذلك نصت المادة 5 من القانون ذاته على أن "يختص الجهاز أيضاً بفحص ومراجعة كل حساب أو عمل آخر يعهد إليه بمراجعته أو فحصه من رئيس الجمهورية أو مجلس الأمة أو رئيس المجلس التنفيذي ويبلغ رئيس الجهاز ملاحظاته إلى الجهة طالبة الفحص".
ويبين من هذه النصوص أن الجهاز المركزي للمحاسبات يختص بمباشرة المحاسبة والرقابة المالية بالنسبة إلى الوحدات التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة ويقصد به طبقاً لنص المادة الأولى من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر به القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه في ديباجة القانون رقم 129 لسنة 1964 - وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية كما يشمل اختصاصه الهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشآت التابعة لها والجهات التي تقوم الدولة بإعانتها أو ضمان حد أدنى للربح لها وكذلك الجهات التي يعهد رئيس الجمهورية أو مجلس الأمة أو رئيس الوزراء إلى الجهاز بمراجعة حساباتها أو فحصها - وأن المقصود بالمؤسسات العامة والهيئات العامة الخاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات تلك الخاضعة لأحكام القانون رقم 60 لسنة 1963 بإصدار قانون المؤسسات العامة أو القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئات العامة المشار إليهما في ديباجة القانون رقم 129 لسنة 1964 آنف الذكر.
ولما كانت الحراسات المشار إليها لا تمثل وحدة من الوحدات التي يتألف منها الجهاز الإداري للدولة ولا تعتبر مؤسسة عامة أو هيئة عامة في مفهوم تطبيق أحكام قانون المؤسسات العامة أو قانون الهيئات العامة إذ لم يصدر قرار جمهوري تنفيذاً لحكم المادة 35 من القانون الأول أو المادة 18 من القانون الثاني باعتبارها مؤسسة عامة أو هيئة عامة في تطبيق أحكام أيهما، كما أنها لا تدخل ضمن الجهات التي تقوم الدولة بإعانتها أو بضمان حد أدنى للربح لها ولم يعهد رئيس الجمهورية أو مجلس الأمة أو رئيس الوزراء إلى الجهاز بمراجعة حساباتها أو فحصها، لما كان الأمر كذلك فإنه ليس للجهاز المركزي للمحاسبات أن يطلب مراجعة حساباتها الخاصة بها أو بالخاضعين لها بصفة مبتدأة لخروجها من عداد الجهات الخاضعة لرقابته.
أما إذا كانت ثمة دفاتر حسابات بما في ذلك حسابات التسوية من أمانات وعهد وحسابات جارية موجودة بإحدى الوزارات أو المصالح ومتعلقة بالحراسة واقتضت مراجعة الجهاز إياها فحص ما يتصل بها من سجلات وحسابات ومستندات وأوراق أخرى توجد لدى الحراسة فإنه يتعين على هذه الأخيرة اطلاع مندوبي الجهاز عليها تمكيناً له من أداء مهمته الرقابية ولا يجوز لها التذرع بعدم اختصاص الجهاز بمراقبة حساباتها - إذ أن الأمر في هذه الحالة لا يتعلق بمباشرة الجهاز لاختصاص رقابي أصيل على حسابات الحراسة ذاتها باعتبارها من الجهات الخاضعة لهذه الرقابة وإنما يتصل بمباشرته لاختصاصاته بالنسبة إلى إحدى الجهات الخاضعة أصلاً لرقابته تلك الاختصاصات التي لا تتحقق الغاية منها على الوجه الأكمل إلا عن طريق فحص ما لدى الحراسة من سجلات وحسابات وأوراق أخرى يراها لازمة لإجراء رقابته على تلك الجهة وهو حق كفله قانون الجهاز بمقتضى المادة 7 منه.
لذلك انتهى الرأي إلى أن الحراسات المشار إليها لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وإنما للجهاز أن يطلب فحص السجلات والحسابات والمستندات والأوراق الأخرى الموجودة لدى الحراسة التي يراها لازمة لتحقيق رقابته على الجهات الخاضعة لهذه الرقابة ويتعين على الحراسة إجابته إلى طلبه تمكيناً له من أداء مهمته.