مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة السادسة والعشرون (من أول اكتوبر سنة 1971 الى آخر سبتمبر سنة 1972) - صـ 339

(فتوى رقم 458 فى 4/ 5/ 1972 ملف رقم 37/ 2/ 185)
(104)
جلسة 3 من مايو سنة 1972

رجال القضاء والنيابة العامة - مرتب - راتب طبيعة عمل - ضرائب - راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء مقرر لمواجهة ما تستلزمه الوظائف القضائية من مطالب لا تدعو اليها الحالة فى الوظائف الحكومية الأخرى وهو مخصص لمجابهة التكاليف المتعلقة بأداء هذه الوظائف شأنه فى ذلك شأن بدل التمثيل المقرر لبعض الوظائف الأخرى - أثر ذلك - لا يعد عنصرا من عناصر كسب العمل فلا يدخل فى وعاء الضريبة على كسب العمل - عدم خضوعه للضريبة على المرتبات وما فى حكمها وبالتالى لا تخضع للضريبة الاضافية للدفاع والضريبة الاضافية للأمن القومى.
أن المادة (1) من قرار رئيس الجمهورية رقم 7182 لسنة 1962 بمنح رجال القضاء راتب طبيعة عمل تنص على ان "يمنح راتب طبيعة عمل لرجال القضاء وأعضاء النيابة العامة والموظفين الذين يشغلون وظائف قضائية بديوان وزارة العدل او بمحكمة النقض او بالنيابة العامة وللأعضاء الفنيين بمجلس الدولة وادارة قضايا الحكومة والنيابة الادارية بالفئات الآتية..." وتنص المادة (2) على أنه "لا يجوز الجمع بين هذا الراتب وراتب التمثيل المقرر لبعض الوظائف القضائية.
ومن حيث أن القانون رقم 14 لسنة 1939 فى شأن الضريبة على ايرادات رؤوس الاموال المنقولة وعلى الارباح الصناعية والتجارية وعلى كسب العمل ينص فى المادة (61) على ان "تسرى ضريبة المرتبات وما فى حكمها والماهيات والمكافآت والمعاشات على:
1 - كل المرتبات وما فى حكمها والماهيات والمكافآت والاجور والمعاشات والايرادات المرتبة لمدى الحياة التى تدفعها الحكومة والمصالح العامة ومجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية الى اى شخص سواء أكان مقيما فى مصر ام فى الخارج مع مراعاة ما قضت به الاتفاقات من استثناء لهذا الحكم.
2 - .......
كما تنص المادة (62) معدلة بالقانون رقم 199 لسنة 1960 على أن: "تربط الضريبة على مجموع ما يستولى عليه صاحب الشأن من مرتبات وماهيات ومكافآت واجور ومعاشات وايرادات مرتبه مدى الحياة يضاف الى ذلك ما قد يكون ممنوحا له من المزايا نقدا او عينا وكذلك بدل التمثيل وبدل الاستقبال وبدل الحضور".
ومن حيث انه يبين من هذه النصوص انه عند تحديد وعاء الضريبة على المرتبات والأجور تجب التفرقة بين ما يؤدى لصاحب الشأن من مرتبات وأجور ومكافات للصرف منها على شئونه الخاصة، وبين تلك التى تؤدى اليه للصرف منها على شئون وظيفته. فالاولى هى التى تدخل فى وعاء الضريبة على المرتبات وما فى حكمها اما الثانية فهى خارجه عن هذا الوعاء، واساس هذه التفرقة مستمد من طبيعة هذه الضريبة فى ذاتها، فهذه الضريبة لا تفرض فى الحقيقة الا على ما يعود على صاحب الشأن من كسب نتيجة عمله، ولهذا وردت هذه الضريبة فى الكتاب الخاص بضرائب كسب العمل، وكسب العمل هو ما يحققه صاحب الشأن من مزايا خاصة به فى مقابل ما يؤديه من خدمات للجهة التى يعمل لديها أو لحسابها وتفيد منه، فيكون حقا خالصا له حصل عليه ثمنا لخدماته، الا انه بجانب ذلك فقد يحصل صاحب الشأن على مزايا اخرى ليست فى حقيقتها ثمنا لما يؤديه من أعمال، وانما هى تعويض له عما يتكبده من نفقات بسبب ما تتطلبه الوظيفة التى يشغلها من مطالب خاصة، فيكون هذا التعويض فى صورة مزية عينية او نقدية تخصص فى الاصل لمواجهة متطلبات الوظيفة، دون ان يكون الغرض منها الصرف على الشئون الخاصة لشاغل الوظيفة وبالتالى لا تعد عنصرا من عناصر كسب العمل فلا تدخل فى وعاء الضريبة على كسب العمل، مثال بدلات التمثيل المقررة لبعض الوظائف فالاصل انها لا تدخل اساسا فى وعاء الضريبة على المرتبات وما فى حكمها لعدم انطباق وصف كسب العمل عليها. وهذا ما كان يجرى عليه العمل فعلا قبل صدور القانون رقم 199 لسنة 1960 بتعديل المادة (62) من القانون رقم (14) لسنة 1939 المشار اليه، فلم يكن بدل التمثيل خاضعا لضريبة المرتبات الى ان صدر القانون رقم (199) لسنة 1960 المشار اليه مقررا صراحة خضوع هذا البدل لهذه الضريبة، ولم يكن فى الامكان اخضاع هذا البدل لهذه الضريبة طبقا لنص المادة (62) سالفة الذكر على اساس انه من المرتبات، لم يكن ذلك ممكنا الا بتشريع يقرر خضوعها صراحة لهذه الضريبة وهو ما حدث بالفعل بعد صدور القانون رقم (199) لسنة 1960 وقد عدل المشرع عن هذا الاتجاه حيث قرر عدم خضوع هذا البدل للضرائب، وبذلك يكون قد رد الامور الى نصابها وعاد الى ما كان عليه الامر قبل التعديل المشار اليه متفقا بذلك مع التفسير القانونى السليم.
ومن حيث انه متى كان الامر كذلك فان راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء لا يخرج عن كونه مزيه تمنح لطائفة معينه من العاملين بالدولة بسبب ما تتطلبه أعباء وظائفهم من التزامات غير قائمة بالنسبة الى بعض الوظائف الأخرى. فهو مقرر لمواجهة ما تستلزمه الوظائف القضائية من مطالب ومقتضيات لا تدعو اليها الحاجة فى الوظائف الحكومية الأخرى وهو مخصص لمجابهة التكاليف المتعلقة بأداء هذه الوظائف شأنه فى ذلك شأن يدل التمثيل المقرر لبعض الوظائف الأخرى. لذلك حرص القرار الجمهورى رقم 7182 لسنة 1962 على النص فى المادة الثانية منه على عدم جواز الجمع بين هذا الراتب وبين راتب التمثيل المقرر لبعض الوظائف القضائية، وما ذلك الا لأن المشرع رأى بحق أن كلا البدلين من طبيعة واحدة، وان مقتضى منحهما واحد، لأنه لو كان غير ذلك لما حظر الجمع بينهما كما هو الشأن بالنسبة الى البدلات الأخرى التى يختلف مناط منح كل منها عن الآخر، فمثلا يجوز الجمع بين راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء وبين راتب الاغتراب المقرر لمن يعمل منهم فى بعض الأماكن النائية لاختلاف سبب منح كل منهما عن الآخر. واذا كان بدل التمثيل لا يخضع للضرائب فان راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء لا يخضع أيضا للضرائب لاتحاد العلة فى كل منهما.
ومن حيث انه لا يغير من ذلك عدم خضوع بدل التمثيل المقرر بنص صريح فى قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 الأمر غير المتحقق بالنسبة الى راتب طبيعة العمل محل البحث. ذلك أنه لم يكن من الممكن اخراج بدل التمثيل من وعاء الضريبة على المرتبات والعودة به الى سابقة عهده الا بتشريع وذلك لأن خضوعه للضريبة المشار اليها كان بتشريع أيضا فلا يلغيه الا تشريع مماثل لنفس القوة أما بدل طبيعة العمل فليس ثمة تشريع يخضعه صراحة للضريبة فلا يحتاج الأمر الى تشريع مماثل لذلك اخرج بدل التمثيل من وعاء الضرائب.
ومن حيث انه مما يؤيد هذا النظر ويقطع بصحته ما جاء فى المذكرة التى رفعت الى رئيس الجمهورية فى شأن تقرير راتب طبيعة العمل لرجال القضاء من أن "عمل رجل القضاء يتميز بتفرغه طول الوقت وأن طبيعة هذا الوظيفة ونصوص قانون السلطة القضائية يرتب على رجال القضاء التزامات لا ترتبها الوظائف الاخرى وتوجب عليهم انجاز ما يعهد اليهم من عمل دون تقيد بمواعيد العمل الرسمية فضلا عما يقتضيه عملهم من توفر على مراجع البحث المختلفة مما يكبدهم نفقات اضافية. وهذا الوضع قائم ايضا بالنسبة الى زملائهم فى مجلس الدولة وادارة قضايا الحكومة والنيابة الادارية... ولهذه الاعتبارات طلبت الوزارة تقرير راتب عمل لرجال القضاء..." وليس من شك ان ما تضمنته المذكرة المشار اليها يدل دلالة واضحة على القصد الذى من اجله تقرر هذا الراتب وهو - كما سبق ايضاحه - مقرر لمواجهة ما تستلزمه الوظيفة القضائية من مطالب ومقتضيات وليس لمواجهة النفقات الشخصية لشاغل الوظيفة.
ومن حيث انه تأسيسا على ما تقدم فان الاستاذ/ .... المستشار المساعد بمجلس الدولة يكون محقا فيما يطالب به من عدم اخضاع راتب طبيعة العمل الذى يتقاضاه طبقا لاحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 7182 لسنة 1962 للضريبة على المرتبات وما فى حكمها، وبالتالى لا يخضع للضريبة الاضافية للدفاع والضريبة الاضافية للامن القومى، ومن ثم فان قيام مجلس الدولة باستقطاع الضرائب المذكورة من هذا البدل يكون قد تم بالمخالفة لاحكام القانون.
ومن حيث انه بالنسبة الى الفروق المالية المستحقة لسيادته عن المدة السابقة على تاريخ تقديم الطلب فان المادة 97 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار اليه معدلة بالقانون رقم 77 لسنة 1969 تنص فى فقرتها الثانية على سقوط حق الممول فى المطالبة برد الضرائب التى دفعت بغير حق بمضى خمس سنوات، كما تنص المادة (97) مكررا فى فقرتها الاخيرة على ان "تبدأ المدة المنصوص عليها فى الفقرة الثانية من المادة (97) من تاريخ اخطار الممول بربط الضريبة - وبديهى أن العلم بربط الضريبة على بدل طبيعة العمل محل البحث يتحقق شهرا بشهر عند تقاضى البدل مخصوما منه قيمة الضرائب ومن ثم فان الاستاذ.... لا يحق له المطالبة بما استقطع من بدل طبيعة العمل المقرر لسيادته بصفة ضرائب لمدة تزيد على خمس سنوات سابقة على تقديم طلبه المشار اليه.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى عدم خضوع راتب طبيعة العمل المقرر لرجال القضاء لضريبة المرتبات وما فى حكمها او لضريبتى الدفاع او الامن القومى، ومن ثم يحق للاستاذ/ ... استرداد ما استقطع من مرتبه بغير حق بصفة ضرائب على بدل طبيعة العمل لمدة الخمس السنوات السابقة على تاريخ تقديم طلبه.