مجلس الدولة - المكتب الفنى - مجموعة المبادئ القانونية التى تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
السنة الخامسة والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1970 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) - صـ 128

""فتوى رقم 47 بتاريخ 17/ 1/ 1971 - ملف رقم 37/ 1/ 179"
(43)
جلسة 6 من يناير سنة 1971

رسوم قضائية "تقدير الرسوم".
الدعوى التى يطالب فيها بفسخ العقد والتعويض - الاخلال بالتزام تعاقدى أو أكثر - هو سند طلب النسخ وكذلك طلب التعويض - تقدير الرسم فى هذه الحالة باعتبار مجموع قيمة الطلبات بالتطبيق لحكم الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية فى المواد المدنية - لا يغير مما تقدم ما يقال فى فقه القانون المدنى من أن التعويض فى حالة الفسخ يقوم على أساس المسئولية التقصرية لا العقدية استنادا الى ما يترتب على الفسخ من زوال العقد بأثر رجعى - هذا القول أن صح فى القانون المدنى فانه ليس حتما أن يستتبعه اعتبار دعوى الفسخ والتعويض من قبيل الدعاوى التى تستند فيها الطلبات الى أكثر من سبب - لكل فرع من أفرع القانون معاييره وضوابطه التى لا تنطبق بالضرورة على غيره من الأفرع الأخرى - تفصيل ذلك.
ان المادة 7 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية فى المواد المدنية تنص على أنه "اذا اشتملت الدعوى الواحدة على طلبات متعددة معلومة القيمة ناشئة عن سند واحد قدر الرسم باعتبار مجموعة الطلبات فاذا كانت ناشئة عن سندات مختلفة قدر الرسم باعتبار كل سند على حده. واذا اشتملت الدعوى على طلبات مجهولة القيمة جميعها أخذ الرسم الثابت على كل طلب منها على حده الا اذا كان بينها ارتباط يجعلها فى حكم الطلب الواحد ففى هذه الحالة يستحق بالنسبة لهذه الطلبات رسم واحد...".
وتنص المادة 157 من القانون المدنى على أنه فى العقود الملزمة للجانبين اذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الآخر بعد اعذاره المدين أن يطلب بتنفيذ العقد أو بفسخه مع التعويض فى الحالتين أن كان له مقتضى وتقضى المادة 163 منه بأن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
وقد أوردت المذكرة الايضاحية للقانون رقم 90 لسنة 1944 آنف الذكر تعليقا على حكم المادة 7 منه أنه "روعى فى وضع المادة 7 الاهتداء بأحكام المادة 30 مرافعات أهلى محافظة على حسن التنسيق بين الأحكام التشريعية وأن بقى مفهوما أن لكل من المادتين مجالها الذى تستقل به عن الأخرى. فالمادة 7 من هذا القانون خاصة بأحكام الرسوم والمادة 20 مرافعات مناطها تحديد الاختصاص النوعى. وواضح أن المقصود بالسند فى المادة 7 سبب الالتزام لا المستند".
ويبين من ذلك أنه لا اعتداد بالمستند فى مجال تحديد الرسوم وان المقصود بالسند الذى يبنى عليه تحديد الرسم هو السبب الذى يقيم عليه المدعى طلباته.
ومن حيث أن رفع الدعوى بطلب فسخ العقد انما يستند قانونا الى ما يكون قد وقع من المدعى عليه - وهو الطرف الآخر فى العقد - من اخلال بالتزام أو أكثر من الالتزامات الملقاة على عاتقه بمقتضى العقد. وهذا الاخلال هو ما يستند اليه المدعى أيضا فى طلب التعويض عن الضرر الذى لحقه من جرائه.
ومن حيث أنه متى كان ذلك، فانه يمكن القول بأن طلبى الفسخ والتعويض يقومان على ذات السند ومن ثم يقدر الرسم على الدعوى باعتبار مجموع قيمة الطلبين بالتطبيق لحكم الفقرة الأولى من المادة السابعة المشار اليها.
ولا يغير مما تقدم القول بأن فقه القانون المدنى يرى أن التعويض فى حالة فسخ العقد يقوم على أساس المسئولية التقصيرية لا العقدية استنادا الى ما يترتب على فسخ العقد من زواله بأثر رجعى مما يستحيل معه اسناد المسئولية فى هذه الحالة الى العلاقة التعاقدية الأمر الذى ينبنى عليه اعتبار كل من طلبى الفسخ والتعويض قائمين على سندين مختلفين - ذلك أن هذا النظر انما أملته اعتبارات التوفيق بين فكرة الأثر الرجعى للفسخ والحق فى التعويض عن الاخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد، وهذا القول إن صح فى فقه القانون المدنى فليس حتما أن يستتبعه اعتبار دعوى الفسخ والتعويض من قبيل الدعاوى التى تستند الطلبات فيها الى سببين مستقلين فى مفهوم قانون الرسوم القضائية فلكل فرع من فروع القانون معاييره وضوابطه وتعاريفه التى لا تنطبق بالضرورة بالنسبة الى غيره، فتعريف الموظف العام والمال العام مثلا فى القانون الادارى لا يتطابق حتما مع هذا التعريف فى مجال القانون الجنائى.
وعلى ذلك فاذا جاز لفقه القانون المدنى أن يمعن فى تطبيق المنطق النظرى البحث، فليس حتما ان تؤخذ تعاريفه بتفاصيلها النظرية وأسسها الفلسفية لكى تطبق فى مجال قانون آخر يعتمد على الواقع العملى أكثر من اعتماده على المنطق النظرى كما هو الشأن فى مجال الرسوم القضائية التى ينبغى أن يكون تطبيقها قائما على أسس عملية واضحة ومبسطة يسهل تفهمها وتنفيذها.
وفى ضوء ما تقدم يتعين النظر الى كل من طلبى الفسخ والتعويض باعتبارهما ناشئين عن سبب واحد هو فى النهاية اخلال المدعى عليه بالالتزامات التى يلقيها عليه العقد. فهذا الاخلال هو الذى يستند اليه المدعى فى طلب فسخ العقد، وهو أيضا سنده فى طلب التعويض عما لحقه من ضرر. ولا اعتراض على ذلك بأن هذا القول لا يتفق ومفهوم فكرة السبب فى القانون المدنى، فليس ثمة تلازم حتمى بين مفهوم السبب فى القانون المدنى وبين ما ينبغى أن تحمل عليه فكرة السبب فى مفهوم قانون الرسوم.
ومما يؤكد هذا النظر، أن اعتبار طلبى الفسخ والتعويض قائمين على سندين مختلفين من شأنه أن يؤدى الى اختلاف مقدار الرسم بين طلبات ذات طبيعة واحدة تأسيسا على فكرة نظرية بحته لا تنهض مبررا كافيا للمفارقه فى تقدير الرسوم. ويظهر ذلك بجلاء بالنسبة الى عقود المدة، وهى عقود لا تنطبق عليها فكرة الأثر الرجعى للفسخ لأن ما انقضى ونفذ منها ينطوى على الزمن ولا يمكن اعادته أو اعتباره كان لم يكن ومن ثم يقال أن العقد فى هذه الحالة ينتهى بالنسبة للمستقبل. وعلى ذلك فان دعوى التعويض هنا تقوم على أساس المسئولية العقدية طالما أن العقد لم ينته بأثر رجعى وانما هو قائم فى الماضى ومنتج لأثاره.
وهكذا بينما يقال بتحصيل الرسم فى دعوى الفسخ مع التعويض على أساس قيمة كل طلب على حده، يستأدى الرسم باعتبار مجموع قيمة الطلبين بالنسبة الى الدعاوى التى يطلب فيها انهاء عقد من عقود المدة مع التعويض، وتلك نتيجة غير مقبولة تنطوى على اختلاف، فى تقدير الرسوم بين طلبات من طبيعة واحدة.
لهذا انتهى رأى الجمعية العمومية الى أن الدعاوى التى يطلب فيها المدعى الحكم بفسخ العقد مع التعويض تعتبر مشتملة على طلبين قائمين على سند واحد هو العقد ومن ثم يكون تقدير قيمة الدعوى باعتبار مجموع الطلبين.