مجموعة القواعد القانونية التى قررتها محكمة النقض والإبرام فى المواد الجنائية - وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الأول (عن المدة بين 8 نوفمبر سنة 1928 وبين 27 فبراير سنة 1930) - صـ 131

جلسة يوم الخميس 17 يناير سنة 1929

برآسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة. وحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

(114)
القضية رقم 304 سنة 46 قضائية (عبد الرؤوف يوسف أبو جازية ضد النيابة العامة)

الحكم الغيابى. الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن. استقلال كل منهما عن الآخر. الطعن فيهما بطريق التقض.
(المواد 132 و133 و177 و229 تحقيق جنايات)
الحكم الغيابى والحكم الصادر باعتبار المعارضة فيه كأن لم تكن هما حكمان مختلفان تمام الاختلاف فى طبيعتهما وآثارهما. فالحكم الثانى هو حكم شكلى نتيجته زوال المعارضة وأثرها وعدم إمكان إجرائها مرة أحرى. والحكم الأوّل حكم موضوعى نتيجته ثبوت التهمة على المتهم واستحقاقه نهائيا لما حكم به عليه. ولئن كانا يستويان فى إمكان الطعن فيهما بطريق النقض والإبرام لمخالفة قانونية تكون اعتورتهما إلا أن كلا منهما مستقل عن الآخر ويلزم أن يكون الطعن فى كل منهما حاصلا فى الميعاد القانونى الخاص به كما يلزم أن تكون أسباب الطعن فى أيهما متعلقة به هو دون الآخر. وإذن فلا يصح الطعن فى حكم اعتبار المعارضة كان لم تكن إذا كانت أسباب الطعن منصبة على الحكم الغيابى [(1)] [(2)] دونه.


الوقائع

اتهمت النيابة هذا الطاعن بأنه فى يوم 18 يونية سنة 1927 بناحية أبى الغر بدد أردبا من القمح محجوزا عليه قضائيا من محكمة طنطا الأهلية بصفته حارسا ومالكا له وطلبت عقابه بالمادتين 296 و297 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح كفر الزيات الجزئية الأهلية حكمت بتاريخ 20 سبتمبر سنة 1927 غيابيا وعملا بالمادتين المتقدمتين بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 10 جنيهات فاستأنفته النيابة فى 22 سبتمبر سنة 1927 وأما الطاعن فقد عارض فيه قبل إعلانه إليه وذلك فى يوم 26 سبتمبر سنة 1927 وقد فصل فى المعارضة بتاريخ 27 مارس سنة 1928 باعتبارها كأن لم تكن مع إلزامه بمصاريف المعارضة. ولكنه استأنفه فى 4 أبريل سنة 1928.
ومحكمة طنطا الابتدائية الأهلية بهيئه استئنافية قضت بتاريخ 10 سبتمبر سنة 1928 غيابيا بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
فعارض فيه الطاعن حيث قضى فى المعارضة بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1928 باعتبارها كأن لم تكن. وبعدئذ سلك ملجأه الأخير إذ قرر بالطعن حضرة الأستاذ محمد نجيب محمد المحامى نيابة عن حضرة الأستاذ مصطفى الشوربجى بك الوكيل عن الطاعن وذلك فى يوم 11 نوفمبر سنة 1928 وأردفه بتقرير عن وجوه طعنه فى نفس اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الأستاذ مصطفى بك الشوربجى المحامى الثابتة وكالته عن المتهم بمقتضى توكيل مصدق عليه من محكمة بندر طنطا فى 15 نوفمبر سنة 1928 نمرة 18 سنة 1929 قد قرّر فى الميعاد بالطعن بطريق النقض والإبرام فى حكم محكمة الجنح الاستئنافية الصادر فى 4 نوفمبر سنة 1928 باعتبار المعارضة كأن لم تكن. وكان هذا التقرير بواسطة زميل من المحامين ناب عنه فى ذلك ثم قدم تقريرا بأسباب الطعن فى الميعاد أيضا فالطعن صحيح شكلا لأن توكيله عن المتهم ثابت رسميا ونيابة زميله عنه ثابتة بتقدمه لقلم الكتاب وبيده ورقة التوكيل المذكور ثم باعتماد الشوربجى بك لهذه الإنابة بما ذكره ضمنا فى ديباجة تقرير الأسباب.
وحيث إنه بالرجوع لتقرير الأسباب وجدت موجهة على الحكم الذى كان معارضا فيه وهو الحكم الغيابى الصادر من محكمة الجنح الاستئنافية فى 10 سبتمبر سنة 1928.
وحيث إن الحكم الذى حصل التقرير بالطعن فيه هو حكم 4 نوفمبر سنة 1928 القاضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن فهو وحده الذى يسوغ لمحكمة النقض أن تنظر فى صحته أو بطلانه. وبما أن الأسباب المقدمة غير متعلقة به فهى غير جائزة القبول. وهذا الحكم باق إذن على سلامته منتج لكل آثاره وأخصها أن الحكم الاستئنافى الغيابى الصادر فى 10 سبتمبر سنة 1928 أصبح من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة فيه نهائيا غير قابل لأى معارضة أخرى لدى المحكمة الصادر هو منها. وكل ما قد يقبله هو إمكان الطعن فيه بطريق النقض والإبرام لو فرض وكان باب هذا الطعن لا زال مفتوحا لم يستغلق لفوات ميعاده.
وحيث إن المتهم بطعنه على حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن ثم بتقديمه أسبابا لا ترجع إلا للحكم الغيابى الذى كان معارضا فيه يدمج الحكمين أحدهما فى الآخر ويعتبرهما كحكم واحد مع أنهما مختلفان تمام الاختلاف فى طبيعتهما وآثارهما إذ الأوّل حكم شكلى نتيجته زوال المعارضة وأثرها وعدم إمكان إجرائها مرة أخرى والثانى حكم موضوعى نتيجته ثبوت التهمة على المتهم واستحقاقه نهائيا لما حكم به عليه، ولئن كانا يستويان فى إمكان الطعن فيهما بطريق النقض والإبرام لمخالفة قانونية تكون اعتورتهما إلا أن كلا منهما مستقل عن الآخر ويلزم أن يكون الطعن فى كل منهما حاصلا فى الميعاد القانونى الخاص به الذى يبتدئ بالنسبة للأوّل من تاريخ إعلانه لما أنه من قبيل الأحكام الغيابية الغير الجائز فيها المعارضة وبالنسبة للثانى من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة فيه. كما يلزم أيضا أن تكون أسباب الطعن فى أيهما متعلقة به دون الآخر.
وحيث إنه لذلك يتعين عدم قبول الطعن.

فبناء عليه

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبعدم قبوله موضوعا.
الحكم الصادر فى 4 مايو سنة 1912:


وقائع الدعوى

بتاريخ 16 أغسطس سنة 1909 - 30 رجب سنة 1327 رفع ورثة عطية بك الغندور المذكورون دعوى الجنحة هذه مباشرة أمام محكمة الزقازيق الجزئية على كل من جورجى أندريا وغبريال عبد السيد ومحمد حسن وأعلنوهم بالحضور أمام تلك المحكمة بجلستها المنعقدة يوم الخميس 30 سبتمبر سنة 1909 للحكم عليهم بأن يدفعوا لهم مبلغ مائتى جنيه مصرى تعويضا ومعاقبتهم بعد سماع طلبات النيابة العمومية بناء على كون المتهم الأوّل زوّر سندا على المرحوم عطية بك الغندور مورث المدّعين بالحق المدنى بمبلغ 2506 جنيها واستعمل هذا السند المزوّر أمام محكمة الزقازيق الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف الأهلية. وطريقة التزوير هى أن عطية بك الغندور كان اشترى من جورجى أندريا مصاغا بمبلغ 2506 قرشا فاستبدل القروش فى السند بالجنيهات واستمضى عطية بك على السند بمنزله بعزبته بزمام هرية رزنه يوم أوّل يناير سنة 1905، وهذا الفعل معاقب عليه بالمادة 183 من قانون العقوبات.
وكذا المتهم غبريال عبد السيد اشترك مع الأوّل فى هذا التزوير بأن ساعده على الأعمال المجهزة والمتممة له فى المكان والزمان المذكورين مع علمه بالتزوير لأنه هو المحرّر للسند. وما وقع منه معاقب عليه بالمواد 183 و40 و41 عقوبات.
وأيضا المتهم محمد حسن شهد بصحة هذا السند وبأنه كان حاضرا تحريره وكانت شهادته المزوّرة أمام حضرة القاضى المحقق بالزقازيق فى يوم 14 مايو سنة 1907. وهذا الفعل معاقب عليه بالمادة 259 عقوبات.
وأمام المحكمة الجزئية دفع المحامون عن المتهمين أوّلا بعدم قبول الدعوى من المدّعين بالحق المدنى لسبق الفصل فيها مدنيا لأن عطية بك الغندور كان ادعى فى القضية المدنية بالتزوير فى السند المرفوعة به الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف فى 30 مارس سنة 1909 بصحته فلا حق للمدعين بالحق المدنى حينئذ فى الرجوع بعد ذلك الى الطعن بالتزوير أمام المحكمة الجنائية. وثانيا بسقوط الحق فى إقامة الدعوى العمومية بناء على كون السند المدعى فيه بالتزوير مضى عليه أكثر من ثلاث سنوات لغاية رفع الدعوى فقد سقطت بمضى المدّة الطويلة.
وطلب محاميا المدعين بالحق المدنى والنيابة العمومية رفض هذين الدفعين.
ومحكمة الزقازيق الجزئية حكمت بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1909 برفض الدفع الفرعى المقدّم من وكلاء المتهمين وبجواز نظر الدعوى وقررّت بالتكلم فى الموضوع فى جلسة اليوم المذكور.
وبعد صدور هذا الحكم انسحب المتهمون ورفعوا استئنافا عنه فى 27 و28 نوفمبر سنة 1909.
ومحكمة الزقازيق الجزئية المذكورة سمعت موضوع الدعوى فى غيبة المتهمين وحكمت فى 2 ديسمبر سنة 1909، أوّلا بعدم جواز نظر دعوى التزوير الموجهة لجورجى أندريا وغبريال عبد السيد لسقوط حق النيابة فى رفع الدعوى العمومية لمضى المدّة الطويلة. وثانيا بحبس جورجى أندريا بسنتين مع الشغل نظير تهمة الاستعمال المنسوبة إليه وألزمته بأن يدفع للمدعين بالحق المدنى مائتى جنيه تعويضا ومصاريف القضية بأكملها وقدرت له كفالة خمسة آلاف قرش وبأن يدفع للمدّعين أيضا ألف قرش أتعاب محاماة. وثالثا بحبس محمد حسن النوحى ستة شهور بتشغيل نظير تهمته بأداء شهادة مزوّرة أمام المحكمة المدنية فى يوم 14 مايو سنة 1907 وأقالته من المصاريف وقدّرت له كفالة ألف قرش وطبقت الواقعتين على مادتى 183 و259 عقوبات.
فرفع المحكوم عليهما معارضة عن هذا الحكم بتقرير فى قلم كتاب المحكمة الجزئية تحرّر يوم 8 ديسمبر سنة 1909.
وبجلسة 14 منه طلب الدفاع عن المتهمين إيقاف نظر الموضوع حتى يفصل فى الاستئناف الذى حصل منهما عن حكم الدفع الفرعى.
والمحكمة المشار اليها قرّرت برفض هذا الطلب وأخيرا بجلسة 12 يناير سنة 1910 لم يحضر المتهمان وحكمت المحكمة الجزئية بسقوط المعارضة واعتبارها كأن لم تكن وألزمت المعارض بالمصاريف.
فرفع المتهمان استئنافا عن هذا الحكم بتاريخ 20 يناير سنة 1910.
ومحكمة الزقازيق الابتدائية بصفة استئنافية حكمت بتاريخ 14 مارس سنة 1910 بقبول الاستئناف المقدّم من المتهمين عن الحكم الصادر فى 24 نوفمبر سنة 1909 فى الدفع الفرعى شكلا وقرّرت فى موضوع هذا الدفع أوّلا بقبوله فيما يخص الدعوى المدنية وبعدم قبولها. وثانيا برفض الدفع الفرعى فيما يخص الدعوى العمومية وقبولها. وحدّدت يوم 21 مارس سنة 1910 للمرافعة فى الاستئناف المرفوع عن حكم الموضوع الصادر بتاريخ 12 يناير سنة 1910 وفيها حكمت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس جورجى أندريا سنة بتشغيل عن تهمة الاستعمال وحبس محمد حسن ثلاثة شهور بتشغيل عن تهمة الشهادة الزور وإلزامهما بالمصاريف الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف فيما يخص التعويض ورفض طلبات المدّعين بالحق المدنى وإلزامهم بمصاريف الدعوى المدنية.
فرفع المتهمان عن هذين الحكمين نقضا وإبراما فى الميعاد القانونى وكذا المدعون بالحق المدنى.
ومحكمة النقض والإبرام حكمت بتاريخ 4 يونيه سنة 1910 بقبول النقض والإبرام المرفوع من المتهمين والمدّعين بالحقوق المدنية وإلغاء الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة مصر الابتدائية الأهلية للحكم فيها مجدّدا.
ومحكمة مصر المشار اليها حكمت بتاريخ 27 فبراير سنة 1912 عملا بالمواد 172 و177 جنايات حضوريا: أوّلا بقبول شكل الاستئنافين المرفوعين من المتهمين عن حكمى محكمة الزقازيق الجزئية الصادر أوّلهما بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1909 وثانيهما بتاريخ 12 يناير سنة 1910، وثانيا برفض الدفعين الفرعيين المرفوعين من المتهمين وبعدم سقوط الحق فى إقامة الدعوى العمومية بمضى المدّة الطويلة وبقبول دعوى المدعية بالحق المدنى وتأييد الحكم الصادر من المحكمة الجزئية فى 24 نوفمبر سنة 1909، وثالثا بإثبات تنازل المتهمين عن الدفع الخاص ببطلان الإجراءات أمام المحكمة الجزئية بالنسبة لطلب ردّ أحد القضاة الذى كان حضر بعض الجلسات. ورابعا رفض الدفع المقدّم من النيابة أمام هذه المحكمة واعتبار الاستئناف المرفوع من المتهمين عن حكم 12 يناير سنة 1910 شاملا للحكم الغيابى الصادر فى ديسمبر سنة 1909، وخامسا فى الموضوع بإلغاء حكمى 2 ديسمبر سنة 1909 و12 يناير سنة 1910 وبراءة المتهمين مما أسند إليهما وبرفض دعوى المدّعين بالحق المدنى وإلزامهم بالمصاريف وألفى قرش أتعاب محاماة للمتهمين.
وفى يوم 16 مارس سنة 1912 قررت النيابة العمومية والمدعيان بالحق المدنى بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض والإبرام وقدم أحمد رأفت بك المحامى عن ورثة المدّعين بالحق المدنى تقريرا بأسباب طعنهم فى التاريخ المذكور وقدم سعادة النائب العمومى تقريرا بأسباب طعنه فى 16 مارس سنة 1912.


المحكمة

بعد سماع طلبات النيابة العمومية والمحامين والاطلاع على القضية والمداولة قانونا.
من حيث إن طلب النقض صحيح شكلا لتقديمه فى الميعاد القانونى.
وحيث إن الوجهين اللذين تستند عليهما النيابة العمومية فى تقريرها موضوعهما البحث فى مسألة واحدة بشكلين مختلفين. وهما يمتزجان بالوجه الأوّل من التقرير المقدّم من المدّعين بالحق المدنى وتتلخص جميعها كما يقول الدفاع فى هذه المسألة الوحيدة وهى: الاستئناف المرفوع عن حكم المعارضة القاضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن لعدم حضور المعارض يشمل أيضا الحكم الغيابى أم لا.
وحيث إن المبادئ والأحكام القضائية بعد أن تردّدت قليلا فى بادئ الأمر قد ثبتت أخيرا ونهائيا بطريقة لا تقبل الجدل فقضت بهذا المعنى وهو ان الاستئناف المرفوع عن الحكم القاضى بسقوط المعارضة يشمل حتما الحكم الأوّل الصادر غيابيا وبناء على ذلك يكون من شأن المحكمة الاستئنافية النظر فى موضوع الدعوى بأكمله (حكم نقض وإبرام فرنسا 14 يونيه سنة 1894 بانديكت سنة 1895 جزء أوّل صحيفة 415).
وحيث إن هذا الحل المطابق للعقل هو فى الوقت ذاته مطابق تماما للمبادئ القضائية. لأن الحكم بخلاف ذلك ينبنى عليه حصر مفعول الاستئناف وجعله قاصرا على حكم سقوط المعارضة فقط فلا يكون إذًا لرافعه أمام محكمة الاستئناف نفس الحالة التى كانت له أمام المحكمة الابتدائية. وهذا غير جائز القبول.
وحيث إن الوجه الثانى من تقرير المدّعين بالحق المدنى مبنى على وجود تناقض فى بيان الوقائع المكوّنة للجريمة فهذا الوجه لا تأثير له لأن الطعن مرفوع عن حكم براءة وقد استند الحكم فعلا على هذا التناقض من ضمن الأسباب التى بنى عليها البراءة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض النقض والإبرام المرفوع من النيابة العمومية والمدّعين بالحقوق المدنية والزام المدّعين بالمصاريف وستمائة قرش أتعاب محاماة.
الحكم الصادر فى 19 يناير سنة 1918:


وقائع الدعوى

رفع المدّعى بالحق المدنى هذه الدعوى مباشرة لدى محكمة أجا الجزئية على المتهم المذكور لأنه فى يوم 6 مايو سنة 1917 بناحية شبراويش سبه سبا علنا بالألفاظ المذكورة بعريضة الدعوى وطلب الحكم له على المتهم بمبلغ 300 قرش تعويضا. وطلبت النيابة معاقبته بالمادة 265 عقوبات. وحكمت المحكمة المشار إليها فى 29 مايو سنة 1917 عملا بالمادة المذكورة غيابيا بتغريم المتهم مائتى قرش وإلزامه بأن يدفع للمدّعى المدنى مبلغ 300 قرش تعويضا ومصاريف الدعوى المدنية. فعارض المتهم وحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن وإلزامه بمصاريف المعارضة فى 24 يوليه سنة 1917، فاستأنف المتهم هذا الحكم فى يوم صدوره، وحكمت محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية فى 31 أكتوبر سنة 1917 حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وإقالة المتهم من مصاريف الجنحة وفى يوم 14 نوفمبر سنة 1917 قرّر المحكوم عليه بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض والإبرام وقدّم المحامى عنه تقريرا بأسباب طعنه فى 17 منه.


المحكمة

بعد سماع طلبات النيابة العمومية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن طلب النقض صحيح شكلا.
وحيث إن الاستئناف ولو أنه لم يرفع فى الشكل إلا عن الحكم الصادر غيابيا فى 24 يوليه سنة 1917 باعتبار المعارضة كأنها لم تكن لعدم حضور المعارض إلا أنه ينصرف إلى الحكم الغيابى السابق. ولذا يطرح النزاع من جديد على المحكمة الاستئنافية كما ثبت على ذلك قضاء محكمة النقض المصرية فى 4 مايو سنة 1912 (المجموعة الرسمية سنة 1912 عدد 98) ومحكمة النقض الفرنسوية فى 4 يونيه سنة 1894 (باندكت 1895 - 1 - 415)؛
وحيث إن الحكم المطعون فيه بحجره على المستأنف أن يناقش فى موضوع التهمة ورفضه البحث فى الموضوع قد ارتكب بناء على ذلك مخالفة صريحة لنصوص القانون واشتمل على بطلان جوهرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول النقض وإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية للحكم فيها مجدّدا بصفة استئنافية من دائرة أخرى غير التى حكمت فيها أوّلا.


[(1)] هذا الحكم منصب فى الحقيقة على مسألة أسباب الطعن التى كانت هى المسألة الأصلية المطروحة أمام المحكمة. وأما مسألة ميعاد الطعن فالظاهر أن الاشارة اليها جاءت عرضا والمعوّل عليه فيها هو ما انتهت اليه محكمة التقض أخيرا بحكميها الصادرين فى 25 يناير سنة 1932 فى القضية رقم 42 سنة 1 قضائية وفى 15 فبراير سنة 1932 فى القضية رقم 532 سنة 2 قضائية فليتنبه.
[(2)] انظر عكس ذلك الحكم الصادر من محكمة النقض فى 4 مايو سنة 1912 فى القضية رقم 487 سنة 12 (طعن النيابة العمومية وآخرين ضدّ جورجى أندريا وآخر) برياسة جناب المستر بوند والحكم الصادر فى 19 يناير سنة 1918 برياسة المستر هالتون فى القضية رقم 244 سنة 35 ق (الطعن المقدّم من أحمد عبد الله خطاب ضدّ النيابة العامة وآخر).